كلمة الوزير

في رسالة وجهها الى العسكريين في ظل المستجدات

وزير الدفاع:
إنّه لشرف للجيش أن تكلّل تضحياته بالتوافق على المؤسسة وقائدها لأعلى منصب في الدولة تقديراً لماضيه وثقة بحاضره واطمئناناً لمستقبله

 

«أخاطبكم من القلب الى القلب، متحسّساً صدق مشاعركم، وعمق معاناتكم، مثمناً غالياً تضحياتكم، مقدراً وعيكم وانتصاركم للحق والوطن في كل امتحان وتحد، وما أكثر الامتحانات والتحديات في هذا الوطن، وما أبلغ الدروس والعبر.


أيها العسكريون
ثلاث سنوات أمضيتها معكم، لم تزدني إلا إيماناً بأن الجيش هو الخلاص للوطن وأن وطناً يزخر بأبناء شرفاء مثلكم، هو وطن لا يموت ولا يركع، مهما اشتدت عليه المحن.
ثلاث سنوات من المواجهات والانقسامات، ما كان أي بلد في العالم قادراً على الصمود في تخطيها، وما كان أي جيش في العالم مؤهلاً للتصدي لها والبقاء قوياً، موحداً، متماسكاً كما أنتم، وكما مؤسستكم، وكما قيادتكم الحكيمة العاقلة الرشيدة.
ثلاث سنوات جاهدنا سوياً مع قائد الجيش لتحصين الجيش من الارتدادات السياسية، وما أكثرها وأضناها.
ثلاث سنوات تعرّضنا خلالها لضغوط بلغت حد محاولة اغتيالي بتفجير ارهابي.
ثلاث سنوات سعينا خلالها الى تحسين وضع الجيش وتجهيزه، وتمكنّا في الحد الادنى، نتيجة الظروف الصعبة، من تأمين بعض المساعدات العسكرية من دول صديقة عربية وأجنبية.
في 8 آذار 2005 حميتم حشود المعارضة.
في 14 آذار 2005 حميتم ثورة الارز.
وفي تموز وآب 2006 حميتم ظهر المقاومة وتصديتم للعدوان الإسرائيلي ودفعتم ضريبة الدم ونفّذتم بدقة متناهية قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بالتعاون مع قوات اليونيفيل، حفاظاً على الجنوب وأهلكم في الجنوب.
ولم تترددوا في إطلاق النار على العدو الإسرائيلي عندما حاول خرق القرار 1701 واختراق الخط الازرق، وأبرزها في 7 شباط 2007 في مارون الراس.
في 23 و25 كانون الثاني 2007 نجحتم في وأد الفتنة بتدخلكم المدروس في منع أهلكم من التقاتل في الشارع.
وفي 27 شباط 2007 حميتم جماهير المتظاهرين.
ثم كانت لكم وقفة العز والبطولة في معركة نهر البارد، يوم انتصرتم على الارهاب، وزرعتم الشهداء ودماء الجرحى لتحصدوا انتصار لبنان، وتذودوا عن أمنه واستقراره، وحرية وكرامة شعبه.
وخلال كل هذه الفترة، كان الجيش يطارد خلايا الارهابيين ويفكك شبكاتهم ويعتقلهم ويسوقهم الى العدالة.
وها انتم بالأمس القريب، تجنّبتم فخ الانجرار الى قتال شوارع بين أهلكم، وحميتم وحدتكم كي تحافظوا على وحدة الوطن. لم تبقوا على الحياد لكن لم تستعملوا المدفع لحفظ السلم الأهلي. جعلتم من أجسادكم دروعاً حميتم بها لبنان. وأنا أعلم أن 40 ألف جندي و10 آلاف مجنّد ممددة خدماتهم لا يمكنهم تنفيذ المهمات المطلوبة في هذا البلد كافة.
استعدتم زمام المبادرة. وما بادرتم الا لردم الهوة وإخماد الفتنة وتوفير الظروف الممكنة للعودة الى العقل, من خلال الكتاب - الحل الذي أرسله قائد الجيش الينا والقاضي باقتراح إلغاء قراري مجلس الوزراء ووضعهما في عهدة الجيش حفاظاً على المصلحة الوطنية العليا, فتبنيناه على الفور بالكامل وحوّلناه الى مجلس الوزراء, فكان الحل واستئناف المبادرة العربية الأخوية لإطلاق الحوار انقاذاً للبنان.
في كل هذه المحطات كان كل فريق يمنّي النفس بأن يكون الجيش الى جانبه. إلا أن الجيش كان الى جانب الوطن وليس لفريق، ولا على فريق، لأنه يدرك أن أي انحياز مع هذا أو ذاك قد يخل بالتوازن الوطني ويعرّض المؤسسة العسكرية في وحدتها وتماسكها. وإذا لا سمح الله انقسم الجيش كما في الماضي انقسم الوطن وانتهى لبنان.
الجيش كما الوطن هو الثابت والضامن للجميع، أما السياسة فلا تحالفات فيها الى الأبد ولا خصومات الى الأبد.


أيها العسكريون
تتجه الأنظار نحو القادة السياسيين على طاولة الحوار في دولة قطر الشقيقة، وتعقد الآمال على عودتهم بالحل مكللاً بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية بإجماع لبناني ودعم عربي ودولي.
انه لشرف للجيش أن تكلل تضحياته بالتوافق على المؤسسة وقائدها لأعلى منصب في الدولة تقديراً لماضيه وثقة بحاضره واطمئناناً لمستقبله.
غداً تؤلف حكومة اتحاد وطني ليعود بعدها كل الى قواعده استعداداً للانتخابات النيابية المقبلة، حيث تبنى تحالفات جديدة وموازين قوى جديدة تحت حمايتكم ورعايتكم.
وحده الجيش يبقى على عقيدته ونهجه ومبادئه. لا يتأثر بالتغيرات إن حصلت ولا بموازين القوى إن تبدلت.
الجيش كان ويبقى على مسافة واحدة من الجميع. لا يرفع بندقيته إلا في مواجهة العدو الإسرائيلي والإرهاب، يسهر على الأمن والاستقرار. يضمن الحرية ويحمي الديمقراطية. يتعالى على الجراح. يفي بالقَسَم. يضحي للوطن. يؤدي واجبه بشرف.


أيها العسكريون
قد تكون هذه كلمتي الأخيرة لكم، لكنها بالتأكيد لن تكون محطتي الأخيرة الى جانبكم من أي موقع أكون فيه.
السياسي يحل محله سياسي. والحكومة تحل محلها حكومة. وزير يذهب ووزير يأتي. أما الجيش فيبقى، ليبقى لبنان.


من القلب الى القلب، خاطبهم، متحسساً صدق مشاعرهم، مثمّناً غالياً تضحياتهم، مقدّراً وعيهم وانتصارهم للحق والوطن.
هي رسالة وجهها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني الأستاذ الياس المر الى العسكريين، مرجّحاً أن تكون هذه كلمته الأخيرة لهم، معتبراً إن السياسي يحل محله سياسي، والحكومة تحل محلها حكومة...
أما الجيش فيبقى، ليبقى لبنان.
مرحلة امتدت على مدى ثلاث سنوات، اختصرها وزير الدفاع بكلمة عدّد فيها إنجازات المؤسسة العسكرية في غير استحقاق وفي أكثر من مناسبة.


وزير الدفاع الوطني يستقبل قائد القيادة المركزية العسكرية الأميركية

استقبل وزير الدفاع الوطني الياس المرّ، قائد القيادة المركزية العسكرية الأميركية بالوكالة الجنرال مارتن ديمبسي، بحضور القائمة بالأعمال في السفارة الأميركية السيدة ميشيل سيسون. وجرى التداول في موضوع المساعدات المتواصلة الى الجيش اللبناني، لكي يتمكن من الحفاظ على السّلم والاستقرار وحماية الشعب اللبناني.