تربية وطفولة

في زمن الضغوطات والخوف: أخطاء تربوية تدمّر شخصية أولادنا
إعداد: ريما سليم ضوميط

الضغوط النفسية التي تخضع لها العائلات في مجتمعنا المعاصر والتي ازدادت مؤخرًا بفعل جائحة كورونا وما رافقها من حجر صحي إلزامي، تؤثّر سلبًا في تربية الأولاد، وقد بدأت انعكاساتها بالظهور عبر أخطاء تربوية يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة على صعيد النمو العاطفي والاجتماعي للأولاد والمراهقين.


تؤكد الاختصاصية في علم النفس العيادي السيدة إنغريد سعادة أنّ الأخطاء التربوية أمر شائع في مختلف المجتمعات، وإن ازدادت مؤخرًا بفعل حالة التوتر التي تسيطر على الأهالي والمربّين بفعل جائحة كورونا أو بفعل الأزمة الاقتصادية. وهي توضح أنّ الأهل ليسوا مثاليين، وبالتالي فإنّ عملية التربية التي يتولّونها لن تكون مثالية، خصوصًا وأنّه يستحيل عليهم معرفة الطرق كافة التي تقودهم إلى تربية خالية من الأخطاء. لكنّها تشير في المقابل إلى أنّه يمكن على الأقل تفادي بعض السلوكيات الخاطئة التي قد تؤدي إلى تدمير شخصية الولد وإعاقة نموّه العاطفي والاجتماعي.

 

في ما يأتي أبرز الأخطاء التربوية التي ينبغي أن يتجنّب الأهل الوقوع فيها:

• الحماية المفرطة: لا تتمادوا في حماية أولادكم وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالواجبات المدرسية كي لا تأتي النتائج معاكسة لآمالكم. فالولد يجب أن يختبر النجاح والفشل كي يتعلّم من أخطائه، وعليه أن يعتمد على نفسه وعلى قدراته الخاصة ليتمكن من بناء شخصية مستقلة وامتلاك قدر كافٍ من الثقة بالنفس.
 

• التساهل في تطبيق النظام: لا تتهاونوا في فرض النظام لأي سبب كان. صحيح أنّكم تجتازون مرحلة صعبة تولّد لديكم شعورًا بالتعب والحاجة إلى الراحة، لكنّ ذلك لا يعفيكم من تأدية دوركم في تأديب أولادكم ووضع حدود لهم لا يجوز تخطّيها.
 

• الاستخفاف بمشاعر الولد ومخاوفه: لا تقلّلوا من أهمية مشاعر الولد، خصوصًا في هذه الفترة العصيبة. يجب أن يعلم الأولاد أنّ التعبير عن مشاعرهم والتحدث عنها هو أمر صحي.
 

• الإفراط في التدليل: لا تعكسوا خوفكم على أولادكم إفراطًا في تدليلهم. مما لا شك فيه أنّ جائحة كورونا ضاعفت قلق الأهالي على صحة أولادهم الجسدية والنفسية، وعلى مستقبلهم العلمي وحياتهم الاجتماعية، وما زاد الطين بلة في لبنان، الأزمة الاقتصادية والانفجار في مرفأ بيروت. على الرغم من كل ذلك، عليكم عدم الاستسلام لعواطفكم والإفراط في تدليل أولادكم بإعطائهم كل ما يتمنّونه بكل بساطة، لأنّهم بذلك يفقدون المهارات المتعلقة بالانضباط الذاتي.
 

• المقارنة بالغير: لا تقعوا في فخ المقارنة بين الأولاد، وإياكم واستخدام عبارات مؤذية تحطم ثقة الولد بنفسه: «لماذا لا تستطيع حفظ درس التاريخ بسرعةٍ مثل أخيك؟» أو «لماذا لا تحاول أن تكون خلّاقًا مثل زميلك فلان؟»، فلكل ولد قدراته الخاصة ومواهبه المختلفة.
 

• الحد من قدرتهم على التطوّر: لا تشجعوا أولادكم على الاحتماء في المحيط الذي يؤمّن لهم الراحة Comfort Zone لأنّ ذلك يحدّ من قدرتهم على التطور الفكري والاجتماعي. إنّ تقبّل مواقف غير مريحة يعزز القوة الذهنية ويشجع الولد على اكتشاف قدراته الشخصية.


أخيرًا، ينبغي أن ندرك أنّ المرحلة الصعبة التي نعيشها يمكن أن تتحوّل إلى فرصة للتواصل مع أولادنا ومساعدتهم على النمو عاطفيًا واجتماعيًا، فالتجارب الصعبة تزوّدهم وسائل مهمة لمواجهة المشكلات التي قد تعترضهم مستقبلًا، وتسهم في بناء حس المسؤولية لديهم، وفي تعزيز ثقتهم بأنفسهم.