كلمتي

في مواجهة الإرهاب:جميعاً
إعداد: العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه

ليس من قبيل رصف الكلمات القول بأن المؤسسة العسكرية، وباقي المؤسسات الأمنية، عيون ساهرة على أمن البلاد وسلامة أبنائها وكرامة شعارها الوطني: العلم بألوانه ومعانيه السامية التي لا تحدها كتب ولا تنالها أقلام. إن الوعد في العُرف الفردي دَين، فكيف به لدى مؤسسة الشرف والتضحية والوفاء؟ إنه واجب، وإنه حجر كبير في أساس البنيان، وإنه معقل دروس وعِبَر تكتبها الأجيال على ألواح وصاياها.
من الواضح لدى الجميع أن في أولى مهماتنا مواجهة العدوان الإسرائيلي على بلادنا في حدودها الإقليمية المعترف بها دولياً، وقد ثبت ذلك، خصوصاً في تموز 2006، وفي ثانيتها التصدي للإرهاب كائنة ما كانت التضحيات، وقد ثبت ذلك أيضاً في أكثر من موقعة خصوصاً في صيف 2007، وفي ثالثتها ضرب كل فتنة في المهد حفاظاً على الوحدة الوطنية، وهذا واجب يومي لا جدال فيه ولا تهاون.

في العودة الى الإرهاب، لعلّ جهود قوانا الأمنية، مجتمعة، قد نالت منه المنال بعد أن ضربت شبكاته التخريبية في أكثر من مكان شمالاً وجنوباً، ولعلّه بات من الواضح لدى شياطينه ومجرميه أنّ قيادتنا قد عزمت على وضع حدّ له، وأنّ جنودنا قد شمّروا عن سواعدهم لمنازلته وضرب شوكته، وأنّ مواطنينا قد هبّوا للمؤازرة والمشاركة والمساعدة في الكشف عن مخابئه والإعلان عن كلّ عِلم بوسائله الجهنمية. لقد تيقّظ المواطنون الى ضرورة سدّ المنافذ التي كان ذئاب الإرهاب يتسللون منها، وتتمثل تلك المنافذ أكثر ما تتمثل في الخلافات التي تتعدى حدود الاختلاف السياسي والتنوع الفكري والعقائدي، اللذين يجب أن لا يؤثّرا في جوهر الإنتماء الوطني والمسؤولية في المحافظة على الوحدة الوطنية وحماية الإرث الحضاري والانطلاق به الى المستقبل بناءً وعطاءً وتطويراً وتعاوناً في الداخل، يليه انفتاح على الخارج في عصر تعارفت فيه الشعوب وتقاربت وتشاورت وتحاورت، واقتنعت بأنه يجب ألاّ يسمح للاختلاف بين اتجاهات بنيها وآرائهم أن يؤدّي الى خرابهم، والى خراب العالم بأسره.

لقد استبشر المواطنون خيراً بما حقّقته قوانا الأمنية، وازداد اقتناعهم بأن الإرهاب غريب عن بلادهم سواء كان مجرموه من هذه البلاد ولادةً ونشوءاً، أو كانوا من خارجها. إنه جسم غريب، ينكره الجميع، ولا يعترف مواطن صالح بانتماء عائلي أو إنساني اليه. مشاهد السيارات التي تمّ تفجيرها في المدن وبين المباني وعند المفترقات، لا تزال في الوجدان. ومشاهد الأكف التي حملت جثامين شهداء الجيش من جراء التفجيرات الإرهابية، وصعدت بها الى القرى الجاثمة فوق التلال، باقية في الذاكرة الوطنية، الشعبية منها والرسمية، وباقية في عمق الضمير المتمدن في كل مكان، فالضمير المتمدن ذاك، يشعر معنا بالاطمئنان ونحن نصفع الإرهاب صفعة وصفعتين، قبل أن يشتدّ عوده ويستعدّ للضرب في الداخل وفي الخارج، وهنا نقول للضمير المتمدن: لا تدعنا نواجه الخطر بمفردنا، وإلا حدثته النوايا عن القفز اليك من نافذة أو من باب. إننا حين نحمي شعبنا فإنما نحمي جزءاً من العالم، وإن العالم حين يساعدنا فإنما يساعد نفسه، ونحن جزء من نفسه.