مناسبات

قائد الجيش: الاستراتيجيات العسكرية لا تستقيم من دون احترام حقوق الإنسان
إعداد: ندين البلعة

أعمال المؤتمر الإقليمي الثاني حول الشرق الأوسط في كتاب

 

أصدر مركز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية في الجيش اللبناني كتابًا يتضمّن أعمال المؤتمر الإقليمي الثاني حول التحولات الجيوسياسيّة والاقتصادية في الشرق الأوسط ما بعد العام 2011، والذي عقد في لبنان خلال العام المنصرم. وبرعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي وفي حضوره، أقيم حفل تخلّله تسليم نسخ من الكتاب إلى المشاركين في المؤتمر وعدد من الشخصيات.

الحضور
أقيم الحفل في النادي العسكري المركزي - المنارة، وحضره عدد من الوزراء والنواب ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وقائد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان الجنرال باولو سييرّا، وعدد كبير من الشخصيات الرسمية والاقتصادية والنقابية والملحقين العسكريين، وممثلين عن وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث والمنظمات غير الحكومية والجهات الراعية للمؤتمر.

 

«رمزية جديدة للجيش...»
راعي الاحتفال قائد الجيش كانت له كلمة توجّه في مستهلّها إلى الحضور بالقول: «نلتقي اليوم مع بداية سنة جديدة، على قاعدة الحوار والنقاشات التي انطلق منها الباحثون والمفكرون الذين شاركوا في أعمال المؤتمرين الإقليميين، الأول والثاني، للبحث في التحولات الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية لمنطقة الشرق الأوسط.
ولعلّها انطلاقة جيّدة لنا في لبنان وفي منطقة الشرق الأوسط التي تغلي بالأحداث الكبرى، أن يكون الحوار وحده، والنقاشات العلمية والفكرية حول الملفات الكبرى، منطلقًا وسبيلاً إلى تقدّم مجتمعاتنا واستقرارها. فنحن في لبنان نعيش في منطقة يتردد فيها صدى الأزمات الاقتصادية العالمية، وقد انعكست عليها تداعيات الحروب المتتالية من أفغانستان إلى العراق. وها نحن اليوم، نعيش ارتدادات الثورات العربية والمتغيرات التي أنتجت أنظمة جديدة لاتزال تتلمس بداية طريقها نحو الحرية والعدالة والاستقرار».
وأضاف قائلاً: «نحن الذين اختبرنا أعوام الحرب الطويلة، وعشنا مفاعيل الصراع العربي- الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، والحروب الإسرائيلية المتكررة على لبنان، أدركنا بعد طول مخاض أن لا سبيل إلى خلاص وطننا سوى بتعزيز ثقافة الحوار ونشر الديموقراطية فيه. ولعل هذه الخلاصة التي لانزال نؤمن بها، تساعد الشعوب العربية في فهم حاجاتها والتركيز على متطلباتها الحيوية في منطقة تتداخل فيها الأفكار، وتتعدّد فيها الهويات السياسية والطائفية، وتكثر فيها التحديات المصيرية والمشاكل الأمنية والاجتماعية.
وإذا كان بعض الأنظمة قد أعطى انطباعات خاطئة عن دور العسكر في حياة المجتمعات العربية، فإننا في لبنان حريصون على تقديم رمزية جديدة لجيش يواكب التحديات ويقف بالمرصاد لمن يريد العبث بأمن الوطن ويسهر في الوقت نفسه على تأمين مثل الحرية والعدالة والمساواة للبنانيين. فالاستراتيجيات العسكرية لا تستقيم من دون احترام حقوق الإنسان، وحق الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن سيادتها».

 

حوار مفتوح حول مستقبل الشرق الأوسط
رئيس اللجنة العامة المنظمة للمؤتمر الإقليمي الثاني، العميد الركن خالد حماده رحّب بالحضور وتناول أهمية الكتاب في إضافة «خطوة جديدة إلى مسار حداثي اختطّته قيادة الجيش منذ العام 2011 في مجال البحث الاستراتيجي حول قضايا تطال الأمن والإقتصاد والإجتماع السياسي في الشرق الأوسط».
وتابع: «إنّ تجربتنا المشتركة مع مجموعة من الباحثين والأكاديميين من الدول العربية الشقيقة، والولايات المتحدة الأميركية، والدول الصديقة، واكبت المتغيّرات الإقليمية منذ انطلاقتها العام 2010. لقد نجحنا في إطلاق المؤتمر الإقليمي الأول، كما استطعنا من خلال المؤتمر الثاني تحقيق مزيد من الإنتقال من العام إلى الخاص بعد تبلور مجموعة من القضايا المتصلة بصعود مسائل سياسية حساسة، ودور الجامعة العربية والمنظمات الدولية في حماية المدنيين والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، إلى جانب مناقشة تصوّرات لأشكال الحوكمة في مجتمعات تعدّدية انطلاقًا من التجربة اللبنانية».
وقال: «لقد راكمنا وإياكم، كباحثين معاصرين، وجهات نظر – ربما متناقضة – حول جملة من الإشكاليّات، بطريقة حرّة ومتجدّدة بعيدًا من أي كلاسيكيّة معهودة يعتمدها صانعو القرار عادة في تسجيل المواقف في المجال العام. إنّ الإضاءات في مجال التّنوير الفكري لا تأتي إلاّ ممّن تكوّنت لديهم وجهات نظر تستند إلى ما اعتُبر أحداثًا حاكمة، أو ممّن يرغبون أو يستطيعون أن يتحدّثوا بحرية».
ثمّ أضاف قائلاً: «لقد أضحى العالم الأول خلال القرن الحادي والعشرين عاجزًا عن كسب الحروب بمعنى عدم القدرة على استعمار الشعوب التي كانت ما أن تتعرّض للغزو حتى تستكين لإرادة حُفنة من المحتلّين.
إنّ انسداد الأفق في المجتمعات العربيّة والمرتبط مباشرة بالمشاعر الشعبيّة الغامرة، بل اليائسة، أدّى إلى مثل هذا الزخم السّياسي في ظلّ عجز الدولة والمؤسسات. إنّ الإحتجاجات الدينيّة – السياسيّة في العالم العربي والتعطّش إلى بلورة هويّة آمنة ونظام إجتماعي مضمون في عالم مشرذم، يشكّلان كلاهما المهد الذي تترعرع فيه وتتعاظم، القوى الفاعلة، وقد تطيح أنظمة الحكم وتحل محلّها. وقد يُصاغ جزء من العالم العربي على أيدي أولئك الذين يشكّلون الفريق الرابح ويُمسي الجزء الخاسر خارج التّاريخ والحياة الفكرية. تلك هي إحدى عقوبات العيش في قرن الحروب الدينيّة».
واختتم معلنًا أنّنا «اضطلعنا في الجيش بمسؤولية تنظيم مؤتمر سنوي، ولقاؤنا القادم سيكون في العاشر من نيسان 2013 لإطلاق المؤتمر الإقليمي الثالث بعنوان: «العالم العربي 2013: ديناميات التغيير، التحديات في الأمن والإقتصاد والإدارة السياسية»، لإبقاء الحوار مفتوحًا حول مستقبل الشرق الأوسط العابر بين أزمة وأخرى، ربما إلى مستقبل مجهول وإشكاليّ. إنّ ذلك لا ينذر بالضرورة بنهاية العالم رغمًا عن المؤرّخين الذين يرغبون بذلك، التاريخ سيمضي قدمًا طالما بقي الجنس البشري حيًّا».
في الختام، شارك الجميع بكوكتيل للمناسبة.