كلمة القائد

قائد الجيش العماد جوزاف عون: المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

والتحيّة لكم أيّها الجنود الأبطال

 

حين أتحدّث عن عملية «فجر الجرود» فلا بدّ للكلمات المفعمة بالعاطفة والفخر، أن تتّجه أولًا إلى الشهداء والجرحى الأبطال، والجنود الشجعان الذين صنعوا الانتصار على الإرهاب بدمائهم الزكيّة وبطولاتهم الباهرة. هذا الانتصار الذي ترجم بتحرير الأرض، وباستعادة جثامين رفاق أعزّاء لنا من براثن الإرهاب المجرم، وبارتفاع راية السيادة الوطنية فوق حدودنا الشرقية كاملة، قد شكّل محطّة مضيئة في مسيرة الجيش، وصفحة مشرقة في كتابنا الوطنيّ الكبير، نعود إليها لاستقاء العبر من دروسها، كلّما لاحت في أفق الوطن غيوم سوداء، وعصفت بجنباته رياح الخطر والعدوان.
لقد تساءل البعض، كيف لجيشنا بعديده القليل وسلاحه المتواضع، أن يحقّق انتصارًا حاسمًا على الإرهاب خلال أيام معدودة، في حين لا تزال جيوش كبيرة تعاني هذا الخطر، ولم تنته بعد من إلحاق الهزيمة به بشكلٍ كامل.
وتوضيحًا لهذا التساؤل أقول: إننا كنّا ندرك حتميّة الانتصار منذ اللحظة الأولى لانطلاق المعركة، لأنّ ثقتي راسخة بالتزام الجيش قدسيّة واجبه الدفاعي، وتحلّي ضباطه ورتبائه وأفراده بالروح المعنوية العالية، وتمسّكهم بشرف المهمّة الموكلة إليهم. ومعرفتي لا يساورها أيّ شكّ بكفاءة الوحدات العسكرية واحترافها القتالي، وقدرتها على التكيّف مع مختلف ظروف المعارك. وفي مقابل ذلك كلّه، لدي ملء الثقة باللبنانيين على تنوّع مكوّناتهم وأطيافهم، والذين ما انفكّوا يلتفّون حول الجيش، اعتزازًا به ودعمًا له، ورفضًا للإرهاب المجرم، الغريب عن تاريخهم وحضارتهم وعن رسالة الإنسانية الخلّاقة.
وعلى الرغم من هذا الانتصار، لا يزال خطر الإرهاب قائمًا، كون الأخير سيحاول الانتقام من هزيمته، سواء باستهداف الجيش أو باستهداف المواطنين، وبالتالي على مؤسستنا أن تبقى في سباقٍ دائم مع التضحية والإنجازات لدرء هذا الخطر، والمطلوب من جميع الوحدات العسكريــة، المزيـــد من السهر واليقظة، ومواصلة العمليات الاستباقية ضدّ الشبكات والخلايا الإرهابيّة النائمة للقـضـــــاء عليهـــا في مهدها، كما حصل في الإنجاز النّوعي الذي حقّقته مديريــة المخابــرات مــؤخــرًا بإلقائهـــا القبض على أفراد شبكة إرهابيّة كبيرة، كانت تعدّ لتنفيذ تفجيرات في عددٍ من المناطق.
أمّا على الحدود الجنوبية، فالمطلوب من الوحدات المنتشرة في هذه المنطقة البقاء في حال جهوزية دائمة، وبالمرصاد للعدوّ الإسرائيلي، وقد تـمّ تعزيزهــا بأحـد الأفواج المقاتلة، تحسّبًا لما يبيّته هذا العدوّ من مخططات تستهدف وحدة لبنان وسيادتـه، ومن أطماع تاريخية بأرضه ومياهه وثرواته الطبيعية.
المجد والخلود للشهداء الأبرار، والتحيّة لكم أيّها الجنود الأبطال أينما كنتم تدافعون عن الأرض وتزرعون أغراس الإيمان بلبنان.
التحيّة للشعب اللبناني الوفيّ الذي نعاهده بألّا ندّخر جهدًا أو تضحية دفاعًا عن أمنه وسلامته، وإسهامًا في بناء وطنٍ يكون على صورة أحلامه وتطلّعاته.
معركة «فجر الجرود» سيحفظها تاريخنا الوطنيّ بأحرف من نور، وستبقى مآثرها البطولية ماثلة في ذاكرة أجيال المؤسسة والوطن.