حديث القائد

قائد الجيش العماد ميشال سليمان يؤكد أن التمسك بالثوابت الوطنية من المقدّسات

مستقرئاً أبعاد ما يجري على الساحتين الدولية والإقليمية

 

من الحرب المحتملة على العراق والمواقف من هذه الحرب، الى الخطر الإسرائيلي المستمر، مروراً بعملية إعادة إنتشار القوات العربية السورية الشقيقة في منطقة الشمال، وصولاً الى جهوزية قوى الجيش والوحدة الوطنية والموقف الوطني الواحد تجاه مجمل التحديات الراهنة. مواضيع تناولها قائد الجيش العماد ميشال سليمان في حديثه الى مجلة "الجيش". مستقرئاً أبعاد ما يجري على الساحتين الدولية والإقليمية وتداعياته على المنطقة ولبنان.

 

رأى العماد سليمان أن احتمالات شن حرب على العراق كبيرة جداً, وأن الولايات المتحدة وبعض حلفائها مصممون على ضرب العراق, وإلاّ لماذا تحشد مئات الآلاف من الجنود المدججين بأضخم ترسانة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط, ومزودة بأسلحة هي آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا العصر من فعالية ودقة عالية؟ لماذا لا تكترث الولايات المتحدة لكل ما يستجيب له العراق في شأن تطبيق القرار 1441, ولا تهتم بما يتحدث عنه المفتشون الدوليون أنفسهم من إيجابيات كبيرة في تعاون العراق معهم؟ ولماذا تم تكليف هؤلاء المفتشين أصلاً بمهمة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل من دون أن يكون لتقاريرهم وآرائهم أي تأثير؟ لماذا لا تأخذ الولايات المتحدة بمواقف دول كبيرة مثل فرنسا وروسيا وغيرها, المناهضة للحرب والمطالبة بإعطاء المفتشين الوقت الكافي للتحقق من وجود هذه الأسلحة, ولا تأخذ أيضاً بالمظاهرات والإحتجاجات الشعبية التي عمّت مختلف دول العالم حتى في أميركا ذاتها, ومواقف قداسة البابا ومجلس الكنائس العالمي والكنائس الإرسالية في العالم ومجلس الشرق الأوسط, الرافضين والمنددين بهذه الحرب التي وصفوها بأنها لا أخلاقية؟


وعن أهداف هذه الحرب قال قائد الجيش:
إن أحداً لا يصدق أن هدف هذه الحرب هو نزع أسلحة الدمار الشامل, التي شكك في وجودها أصلاً بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 وتلاشي قدرة العراق على صناعة وتطوير هكذا أسلحة, في حين أن دولة كوريا الشمالية مثلاً تتحدث علناً عن امتلاكها للأسلحة النووية وهي قامت بطرد المفتشين الدوليين من أرضها؛ فأيهما أولى إذاً, المُحقَّق أم المفترَض؟ كما أن أحداً لا يصدق أن أهداف هذه الحرب هو إسقاط النظام العراقي, فلو مارست أميركا ربع الضغط الذي تمارسه على العرب, على إسرائيل لتطبيق القرارات الدولية, لكانت حققت أهدافها في العراق سياسياً.

أما عن وجود علاقة ما بين العراق وتنظيم القاعدة, فاستبعد القائد هذا الأمر لعدم وجود أي دليل ملموس من جهة, ونظراً لطبيعة وإيديولوجية النظام العراقي من جهة ثانية, التي لا تلتقي مع عقيدة وإيديولوجية الجماعات الأصولية.
وأوضح العماد سليمان أن هناك أهدافاً أخرى للحرب, هي حماية إسرائيل وفرض سلام في المنطقة بالقوّة العسكرية, بما يريح إسرائيل ويتناسب مع شروطها.


وعن الخطر الذي تمثله إسرائيل في هذه المرحلة, أكد العماد سليمان:
إن إسرائيل شرعت بتنفيذ مخططاتها مستغلة إنشغال العالم بالحرب المتوقعة على العراق, من خلال قمعها وبطشها بالشعب الفلسطيني, مستعملة أقصى درجات القوة العسكرية معه بهدف تيئيسه وإخضاعه وحمله على الإستسلام. وإن إسرائيل ستعمد بلا شك الى استغلال الحرب لاحقاً بهدف تهجير أكبر قسم من الشعب الفلسطيني الى خارج أرضه, وحتى من أراضي عام 1948, لتحقق بذلك أهدافها التاريخية في الوصول الى ديموغرافيا يهودية خالصة على أرض فلسطين, وفي أفضل الأحوال تجميع الفلسطينيين في أجزاء مقطعة الأوصال في مناطق الضفة الغربية وغزة من المستحيل أن تشكّل كياناً أو دولة قابلة للحياة.


وأضاف قائد الجيش:
إن إسرائيل لا تنفك تمارس التهديدات ضد لبنان ومقاومته وسوريا الشقيقة. فتارة تتذرع بمسألة المياه وأخرى بدعم الإرهاب, متجاهلة استمرار احتلالها لمزارع شبعا والجولان, ومحاولة التفلّت والإنتقام من عقدة هزيمتها واندحارها عن أرض لبنان في أيار من عام 2000.
وعن مواجهة هذه التهديدات, أكد القائد أن لبنان متمسك بحق المقاومة المشروعة حتى تحرير آخر شبر من الأراضي اللبنانية المحتلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم, وإحلال السلام العادل والشامل في المنطقة. وفي هذا السياق اتخذت القوى الأمنية في الجنوب التدابير كافة الآيلة لمنع أي ترحيل محتمل باتجاه الأراضي اللبنانية. من جهة أخرى, فإن الجيش يتمتع بجهوزية عالية ويعمل بالتنسيق مع الجيش العربي السوري والمقاومة الوطنية لصد أي عدوان إسرائيلي محتمل, دفاعاً عن الشعب والأرض بالإمكانيات والوسائل المتوافرة, مهما بلغت الصعوبات والتضحيات.


وحول عملية إعادة إنتشار القوات العربية السورية الشقيقة, أوضح العماد سليمان:
إن العملية هذه حصلت بناءً لتوجيهات رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشّار الأسد ورئيس الجمهورية اللبنانية العماد إميل لحود, وفي إطار معاهدة الأخوّة والتنسيق والتعاون بين البلدين الشقيقين, واستناداً للإحتياجات والمتطلبات الأمنية والدفاعية في لبنان وانسجاماً مع إتفاق الطائف. وثمّن القائد التضحيات التي بذلتها سوريا وجيشها الشقيق في سبيل تعزيز وحدة لبنان وسيادته ودعم أمنه واستقراره ومقاومته, مؤكداً استمرار التنسيق والتعاون بين البلدين والجيشين الشقيقين في مختلف المجالات والإستحقاقات, وعلى رأسها التهديدات الإسرائيلية.


وحول مسألة الوحدة الوطنية والموقف الوطني الواحد تجاه الأوضاع الراهنة, قال قائد الجيش:
على الرغم من كل التلاوين والتباينات السياسية الداخلية, فاللبنانيون بمختلف طوائفهم ومذاهبهم وفئاتهم مجمعون على مبدأ العيش المشترك الذي هو ميزة لبنان ونموذج رائع يحتذى به أمام العالم, وهو مصدر ثروته وتألقه. من هنا نرى أن التفاف جميع اللبنانيين حول جيشهم ومقاومتهم في وجه العدو الإسرائيلي, الذي يريد الإنتقام أيضاً من هذه الصيغة الفريدة المناقضة لكيانه العنصري, قد أثمـر في تحرير القسم الأكـبر من الأرض وأجبـره على التراجـع الى ما بعد الخـط الأزرق.
وأكد العمـاد سليـمان أن الجيـش هو حامي هذه الوحدة ومهمته التصدي لأي محاولة للعبث بالأمن والإستقرار الداخلي, وهو جاهز لذلك ولن يدع أحداً يستغل أو يستقوي بالخارج للعبث بالأمن. وأشار القائد في هذا الإطار, الى أن رهانات البعض على حصول تغيرات داخلية تترافق مع الحرب المحتملة على العراق خاسرة سلفاً وهي في غير محلّها على الإطلاق. فالشعب اللبناني خبر ويلات الفتن والإقتتال العبثي ودفع ثمنها عشرات آلاف الضحايا الأبرياء, من أجل أفكار مضللة تتبدل بين ليلة وضحاها.


وأضاف القائد:
إن التمسّك بالثوابت الوطنية هو من المقدسات, ولا يمكن أن يتغير هذا النهج مهما قست الظروف وتبدلت, وهذا قدر المخلصين الأوفياء لأوطانهم في أوقات السلم كما في الشدائد.
وختم العماد سليمان بالتركيز على أهمية التعايش المسيحي الإسلامي, فالمسلمون ليسوا إرهابيين والمسيحيون الشرقيون ليسوا امتداداً للحملات العدوانية, فهم عرب أصيلون كانوا وسيبقون في طليعة حركات التحرر العربية.