نشرة توجيهية

قائد الجيش: سنقوم بالخطوات الإستباقية كلها وسنضرب بيد من حديد

حذر من أي محاولة يائسة للإيقاع بالعسكريين والنيل من مناعتهم الوطنية

 

حذّر قائد الجيش العماد جان قهوجي في «نشرة توجيهية» صدرت في التاسع من آذار المنصرم، من أي محاولة للإيقاع بالعسكريين والنيل من مناعتهم الوطنية عن طريق إثارة الغرائز الدينية والمذهبية لدى بعضهم لحمله على سلوك خيارات فئوية لا تخدم مصلحة الجيش واللبنانيين جميعًا.
وأكد العماد قهوجي أن الجيش لن يتراجع قيد أنملة عن مسلّماته الوطنية، وأنه سيقوم بالخطوات الاستباقية كلها، وسيضرب بيد من حديد أي محاولة لاختراقه أو للنيل من تماسك جنوده.
في ما يأتي نص النشرة التي جاءت تحت عنوان: «الحفاظ على مسيرة السلم الأهلي وتحصين الوطن من الأخطار».


تستمر التطورات الإقليمية والدولية في التفاعل على خلفية عدة ملفات، بدءًا من الملف النووي الإيراني والتهديد بمعالجته عسكريًا، وصولاً إلى الحراك الذي يشهده الشارع العربي، وتحديدًا الجار الأقرب إلى لبنان أي سوريا، وانتهاءً بالاستحقاقات السياسية والانتخابية التي يتوقع أن يشهدها العالم هذا العام.
لم يكن لبنان يومًا بمنأى عن التطورات التي كانت تحصل في المنطقة، فهو بحكم تنوعه السياسي والثقافي، كان ولا يزال يشكل واحة تعبير ديمقراطي قلّ نظيرها. وإذا كانت التطورات الأخيرة قد أظهرت بوضوح مدى اتساع الخيارات لدى اللبنانيين ونظرتهم إلى ما يجري حولهم، فإن السياسة التي اتبعتها الحكومة اللبنانية حيال التطورات الأخيرة إنما تنبع من إدراكها حجم التحديات الطائفية والمذهبية التي باتت تحرك الشارع العربي ومن ضمنه لبنان، مما ينذر بعواقب وخيمة فيما لو استفحل هذا الأمر، وتطور إلى صراع مذهبي.
وبموازاة سياسة الحكومة كان الرهان عليكم وما زال، في منع وصول هذه التداعيات إلى الشارع اللبناني، وقد بذلتم أقصى ما تملكون من رباطة جأش وصبر وطول أناة في معالجة الحوادث التي كانت تفرّخ هنا وهناك على وقع التطورات الإقليمية. فسقط منكم شهداء، وجرح آخرون، ولم تلن عزيمتكم لأنكم تعرفون بأن العودة إلى الوراء هي انتحار للجميع، وأن التضحيات التي تبذلونها، مهما عظمت، تظل أرخص من التفريط بالوطن وضياعه ووقوعه في براثن الفوضى.
في أكثر من منطقة كانت تواجهكم تحديات وضغوطات لثنيكم عن متابعة أداء رسالتكم، مرة من خلال الحملات السياسية التي حاولت التقليل من حجم إصراركم على حماية ساحتكم الداخلية من ارتدادات الخارج، ومرة من خلال محاولة الإيقاع بالعسكريين والنيل من مناعتهم الوطنية عن طريق إثارة الغرائز الدينية والمذهبية لدى بعضهم لحمله على سلوك خيارات فئوية لا تخدم مصلحة الجيش واللبنانيين جميعًا. وهذه المحاولات اليائسة مهما بلغت نتائجها فهي ساقطة حتمًا إلى غير رجعة، كما ضحاياها، ويبقى الجيش الذي لن يتهاون في حماية بنيانه حفاظًا على أرواح الشهداء وآمال المواطنين.
ومن التحديات التي تواجهكم أيضًا افتعال حوادث أمنية هنا وهناك لاستنزاف قدرتكم على تحمل الصعاب، وعلى فرض الأمن وحماية المواطنين، وآخر التحديات تمثل في التظاهرات التي شهدتها العاصمة الأحد في 4 آذار الحالي، والتي أثبتم فيها أنكم كما كنتم دائمًا، قادرون على حماية انتقال المتظاهرين، وأماكن تجمعهم، والحؤول دون وقوع أي احتكاك في ما بينهم.
أمام هذه الأخطار والتحديات يعاهد الجيش أبناء الوطن أنه لن يتراجع قيد أنملة عن مسلماته الوطنية ودوره الجامع، وأنه سيقوم بالخطوات الاستباقية كلّها، وسيضرب بيد من حديد أي محاولة لاختراقه أو للنيل من تماسك جنوده وولائهم، وسيتابع بحزم وقوة ملاحقة العابثين بالأمن وبصيغة العيش المشترك بين اللبنانيين، أينما وجدوا، وإلى أي جهة انتموا، وذلك حرصًا على مصلحة الوطن والمواطنين في هذه الظروف الحرجة التي تمرّ بها البلاد.
وفي مواجهة التطورات المحتملة في المنطقة، يراهن اللبنانيون على استمراركم في أداء الدور الذي تضطلعون به، سواء على الحدود في مواجهة العدو الإسرائيلي، أو في الداخل لمنع الفتنة وحفظ الأمن وإغاثة المواطنين، وهم على ثقة أنه بوعيكم وتماسككم وتضحياتكم سيتجاوز الوطن استحقاقاته الصعبة، وأن الأيام القادمة ستظهر للجميع أن ما تقوم به مؤسستكم هو المدخل الوحيد لبقاء الوطن والدولة ولنجاح اللبنانيين في الحفاظ على أرضهم ووحدتهم الوطنية.