زيارة رسمية

قائد الجيش في أستراليا
إعداد: إلهام نصر تابت

اللقاءات الرسمية: نقدّر حرفية جيشكم وندعمه
لبنانيو أستراليا: نحن بتصرّف جيشنا

 

هي أكثر من زيارة رسمية يقوم بها قائد جيش إلى دولة صديقة ويجري محادثات مع المسؤولين فيها. زيارة العماد عون إلى أستراليا كانت زيارة استثنائية. فإلى اللقاءات الرسمية مع كبار المسؤولين، كانت لقائد الجيش اللبناني لقاءات مؤثرة بأبناء وطنه. فقد احتفت الجالية اللبنانية في أستراليا بالعماد عون بفرح يوازي الحنين إلى لبنان، والتفت حوله أجيال من المهاجرين والمتحدرين. أولئك الذين هاجروا في أمس غير بعيد وأولئك الذين لا يعرفون لبنان إلّا من حكايات أهلهم، وصور ما زالوا يحتفظون بها أيقونات تشدّهم إلى جذورهم، كانوا حول قائد الجيش اللبناني معلنين وضع طاقاتهـم بتصـرف جيـش بلادهم.


في الشق الرسمي للزيارة يُشار إلى أنها الزيارة الرسمية الأولى لقائد جيش لبناني إلى أستراليا، وقد اجتمع خلالها بالعديد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين الذين عبروا عن تقديرهم للحرفية العالية التي أظهرها الجيش اللبناني في حربه ضد الإرهاب، وأعلنوا الاستعداد لدعمه.
أمّا الشق الثاني فتمثّل باللقاءات التي جمعت أبناء الجالية اللبنانية حول العماد عون في الولايات الثلاث التي زارها: من العاصمة إلى سيدني معقل اللبنانيين الأستراليين، فمالبورن المحطة الأخيرة، وحيث عدد اللبنانيين والمتحدرين من أصل لبناني كبير أيضًا.
كانت للزيارة نتائج إيجابية على صعيد تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين الجيشين اللبناني والأسترالي، أمّا على الصعيد الوطني فلم تكن نتائجها أقل أهمية.

 

الاستقبال واللقاءات الرسمية
وصل قائد الجيش العماد جوزاف عون والوفد المرافق إلى أستراليا، في الواحد والعشرين من أيار المنصرم، وكان في استقباله في المطار عدد من الضباط الكبار في القوات المسلحة الأسترالية والملحق العسكري الأسترالي لدى لبنان والأردن ومصر العقيد الركن كريستوفر بوكستون.
وقد أقيم في وزارة الدفاع الأسترالية احتفال تخلله تقديم التشريفات العسكرية للعماد عون، إذ رحب به قائد القوات المسلحة الماريشال مارك بانسكين، وأدّت له ثلة من الحرس الملكي التحية العسكرية، كما استعرض سرية من قوات الدفاع الأسترالية.
وعقد العماد عون اجتماعًا مع الماريشال بانسكين للبحث في العلاقات بين الجيشين، وزار المتحف الحربي ومقر إحياء ذكرى شهداء أستراليا، حيث رحبت به مسؤولة التشريفات ساره هايتشمن، ثمّ جال في المقرّ مطلعًا على العتاد العسكري الذي استخدم في المعارك التي خاضها الجيش الأسترالي في الحربين العالميتين الأولى والثانية. ووضع العماد عون والماريشال بانسكين إكليلًا من الزهر على ضريح الجندي المجهول في احتفال استُهلّ بالنشيد الوطني الأسترالي الذي أداه طلاب من مختلف ولايات البلاد.
ومساء، أقام الماريشال بانسكين عشاء على شرف العماد عون وعقيلته والوفد المرافق، في حضور السفير اللبناني في أستراليا ميلاد رعد وعقيلته، وعدد من كبار القيادات العسكرية الأسترالية.
في اليوم الثاني من زيارته إلى أستراليا، التقى العماد عون وزير التصنيع الحربي كريستوفر باين، الذي أقام على شرفه حفل استقبال في مبنى البرلمان الفيدرالي في العاصمة كانبيرا، في حضور قائد القوات المسلحة الماريشال مارك بانسكين وعدد من كبار القادة في الجيش الأسترالي، والسفير اللبناني ميلاد رعد بالإضافة إلى فاعليات من الجالية اللبنانية. وقد أثنى الوزير باين على العلاقات المتينة بين لبنان وأستراليا معلنًا تقديم عدد من الآليات كجزء من المساعدات الأسترالية للجيش اللبناني.
كما التقى العماد عون مدير جهاز المخابرات الأسترالية دانكن لويز وعددًا من كبار القادة العسكريين في وزارة الدفاع، ثمّ لبّى دعوة السفير اللبناني ميلاد رعد في مبنى السفارة، حيث كان في استقباله إلى جانب السفير عدد من فاعليات الجالية اللبنانية. ورحّب السفير اللبناني بالعماد عون، لافتًا إلى أنَ هذه الزيارة تعكس اهتمام لبنان وأستراليا بتطوير العلاقات العسكرية بينهما على أمل أن تفتح أبوابًا جديدة في مجال الدعم العسكري للبنان.
من جهته، أكّد العماد عون خلال هذه اللقاءات أنّ هدف زيارته إلى أستراليا هو تطوير علاقات التعاون بين جيشي البلدين، ولقاء الجالية اللبنانية، معتبرًا أنّ محبة الناس للجيش هي أقوى سلاح، ومستشهدًا بدعم المواطنين المقيمين والمغتربين للجيش خلال معركة «فجر الجرود». كما قدّم درعًا تقديريًا إلى كل من الوزير باين والسفير رعد.

 

لكم علينا حق إعلامكم بوضع جيشكم
انتقل قائد الجيش العماد جوزاف عون والوفد المرافق من مدينة كانبيرا إلى مدينة سيدني، حيث أقام القنصل اللبناني شربل معكرون غداء على شرفه في دار القنصلية اللبنانية في أستراليا، في حضور السفير رعد ورئيس المجلس التشريعي جان عجاقة، والنواب توماس جورج وشوكت مسلماني وجهاد ديب، وجميعهم من أصل لبناني، بالإضافة إلى حشد من فاعليات الجالية اللبنانية.
وقد ألقى القنصل معكرون كلمة ترحيبية نوّه فيها بدور الجيش اللبناني، ثمّ كانت كلمة للعماد عون، شكر فيها الجالية اللبنانية على حسن الاستقبال والاهتمام، مشيرًا إلى أن محبة اللبنانيين سواء كانوا مقيمين أو مغتربين هي رصيد للجيش، وذكّر بأنّ الدعم المعنوي والمادي الذي منحه الشعب اللبناني للجيش خلال معركة «فجر الجرود» كان عاملًا أساسيًا في الانتصار. وأوضح أنّ المساعدات المادية ساهمت بشراء آليات نوع UTV التي استعملت في أرض المعركة. ومما قاله: «أود أن أشكر سعادة السفير على اهتمامه، إنّ لكم علينا حقًا في أن نُعْلِمكم بوضع جيشكم. لقد تحضّرنا للمعركة وقمنا بتأمين 20 آلية UTV وسددنا ثمنها نصف مليون دولار في غضون 48 ساعة، وركزنا عليها صواريخ ورشاشات، ثم استعملناها في ميدان المعركة، حيث كان لها دور أساسي. لقد تمّ تأمين مبلغ النصف مليون دولار من المحبين أمثالكم، وقد منحني ذلك أملًا كبيرًا. وما شاهدتُه في عيونكم ولمسته في قلوبكم، جعل مسؤوليتنا تجاهكم أكبر. شكرًا على محبتكم...».

 

لقاء وطني جامع وتحية لروح الشهيد
زار قائد الجيش العماد جوزاف عون راعي الأبرشية المارونية في أستراليا المطران أنطوان شربل طربيه في «بيت مارون»، في حضور رجال دين لبنانيين من مختلف الطوائف، وبعد كلمة ترحيبية لرئيس تحرير صحيفة «النهار» الأسترالية الإعلامي أنور حرب، ذكَّر المطران طربيه بأنها الزيارة الأولى لقائد جيش لبناني إلى أستراليا، مشيدًا بتضحيات عناصر المؤسسة العسكرية.
من جهته، قال العماد عون إنَّ هذا اللقاء الوطني الجامع يعطي صورة حقيقية عن القيم اللبنانية، واعتبر أن الإرهاب يستخدم الدين شعارًا له رغم أنّه براء منه، مشيرًا إلى أنّ الجيش اللبناني انتصر عليه بفضل إيمانه بقضيته واحترافه ومحبة الشعب له، واستطاع بذلك أن يكسب احترام أقوى جيوش العالم. وإذ هنأ المسلمين بالشهر الفضيل، طمأن إلى أنّ الأمن مستتب في لبنان، ودعا أبناء الجالية إلى زيارة بلدهم وعدم التأثر بالشائعات الكاذبة، لافتًا إلى أن وطننا ورغم الوضع المتفجّر في المنطقة، لا يزال الأفضل أمنيًا نتيجة سهر المؤسسة العسكرية وباقي القوى الأمنية وجهوزيتهم الدائمة للحفاظ على الأمن. كما وجه العماد عون تحية إكبار وإجلال لروح المجند الشهيد علي حسن مصطفى الذي سقط في طرابلس في أثناء قيامه بواجبه، مفتديًا بدمائه أرض الوطن.
وكانت كلمات لكل من الشيخ مالك زيدان من دار الفتوى، ورئيس جمعية المبرات الخيرية الإسلامية الشيخ يوسف نبها، ورئيس الرابطة المارونية أنطوني هاشم، وقد أجمعوا فيها على أهمية دور الجيش في حماية لبنان واللبنانيين، وأثنوا على مناقبية العماد عون ومسيرته العسكرية الناصعة. وفي الختام، قدم العماد عون درعًا تقديريًا للمطران طربية، ودرع معركة «فجر الجرود» للأستاذ حرب.

 

مؤازرة اللبنانيين لنا هي سلاحنا الأساسي
من ناحية أخرى، كرّمت الجالية اللبنانية في مدينة سيدني العماد عون والوفد المرافق باحتفال حاشد أقامته المؤسسة الإعلامية للشرق الأوسط برئاسة والي وهبه ورعاه قنصل لبنان العام في سيدني شربل معكرون، وشارك فيه السفير اللبناني السيد ميلاد رعد وحشد من النواب والشخصيات السياسية، وممثلون عن الطوائف الروحية، بالإضافة إلى رؤساء وأعضاء بلديات وممثلي أحزاب وجمعيات ورجال أعمال ووسائل إعلام وأكثر من 800 شخص من أبناء الجالية.
بدأ الحفل بالنشيدين اللبناني والأسترالي، ثمّ وقف الحضور دقيقة صمت عن أرواح شهداء الجيش اللبناني، وآخرهم الشهيد علي حسن مصطفى الذي سقط في طرابلس.
وألقى العماد عون كلمة، شكر فيها القنصل معكرون ورئيس المؤسسة الإعلامية للشرق الأوسط والي وهبه على تنظيم الاحتفال، والجالية اللبنانية على حفاوة الاستقبال ووقوفها الدائم إلى جانب الجيش، كما جميع اللبنانيين في لبنان وبلاد الانتشار، ونوه بالدور الفاعل لهذه الجالية في المجتمع الأسترالي. وأكد العماد عون أن الأمن مستتب في لبنان، داعيًا اللبنانيين إلى زيارة بلدهم شاكرًا الجميع على مساعدتهم المؤسسة العسكرية ودعم إنشاء المستشفيات العسكرية في جميع المناطق اللبنانية، مشددًا على أن سلاح الجيش الأساسي هو مؤازرة اللبنانيين له في معاركه كلها. كما أعرب عن فخره واعتزازه بضباط الجيش اللبناني ورتبائه وأفراده، مؤكدًا أنه تلقى اتصالات من عدة جهات أجنبية، تثني على طريقة إدارة معركة «فجر الجرود».
وحيَّا قائد الجيش فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مشيرًا إلى أن الأمور في لبنان مستقرة بفضل وعي اللبنانيين ودعمهم لوطنهم وجيشهم في المواجهات التي يخوضها. كما ألقيت عدة كلمات خلال الاحتفال الذي قدمه رئيس تحرير جريدة «التلغراف» أنطوان قزي ملقيًا قصيدة في المناسبة. وتحدث على التوالي كل من: المدير العام للمؤسسة الإعلامية للشرق الأوسط والي وهبه، القنصل شربل معكرون، ممثل زعيم المعارضة جايسن كلير، صاحب شركة هولد مارك سركيس ناصيف الداعم الأساسي للاحتفال، رئيس تحرير «النهار» الأسترالية الإعلامي أنور حرب، مدير مكتب الوكالة الوطنية للإعلام الإعلامي سايد مخايل الذي ألقى أيضًا قصيدة حيّا فيها الجيش وقائده، ممثل دار الفتوى الشيخ مالك زيدان، ممثل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ كمال مسلماني، وراعي الأبرشية المارونية المطران انطوان شربل طربيه.
تخلّل الاحتفال فقرات فنية شاركت في تقديمها فرقة دير الأحمر الفولكلورية والفنانان كلود كاشي وخالد الأمير، كما تمَّ عرض فيلم عن الجيش من إعداد مديرية التوجيه. وفي الختام، قدّم العماد عون درع الجيش إلى مدير عام المؤسسة الإعلامية للشرق الأوسط الرائد المتقاعد ريمي وهبه، والإعلامي سايد مخايل تقديراً للجهود التي بذلاها في تنظيم الاحتفال والزيارة.

 

فليكن لبنان أيقونة في وجدانكم
المحطة الأخيرة في جولة قائد الجيش العماد جوزاف عون الأسترالية كانت مدينة ملبورن حيث كرمته الجالية اللبنانية في احتفال حاشد نظمه رئيس غرفة تجارة وصناعة لبنان في ولاية فيكتوريا الأسترالية المحامي فادي الزوقي ورعاه القنصل اللبناني في فيكتوريا زياد عيتاني.
حضر المناسبة السفير اللبناني وعدد من ممثلي الطوائف والأحزاب والمؤسسات والجمعيات اللبنانية.
افتتح الاحتفال بالنشيدين اللبناني والأسترالي، فدقيقة صمت عن أرواح شهداء جيشي البلدين. قدم المناسبة كل من الإعلامي طوني شربل وبرناديت خوري، ثم ألقى الزوقي كلمة رحب فيها «بضيف الجالية الكبير والمميز العماد جوزاف عون في ملبورن في إطار زيارته التاريخية إلى أستراليا»، وأكد دعمه لمؤسسة الجيش التي يلتقي حولها اللبنانيون المقيمون والمنتشرون.
وتعاقب على الكلام كل من القنصل زياد عيتاني وفواز سنكري ممثلاً بنك سيدني، فالنائب السابق فيليب رادوك، ثم رئيس تحرير «النهار» الأسترالية أنور حرب والعميد المتقاعد فارس خوري. وأثنى المتكلمون على مناقبية والعماد عون وحكمته في قيادة الجيش.
وقدّم الزوقي درع غرفة تجارة وصناعة لبنان في فيكتوريا إلى العماد عون، فيما قدم قائد الجيش دروعًا تقديرية إلى كل من القنصل عيتاني والزوقي والعميد خوري، وقدمت السيدات في الغرفة نفسها شهادة تقديرية إلى السيدة نعمت جوزف عون.
وألقى العماد جوزاف عون كلمة شكر فيها أبناء الجالية اللبنانية في أستراليا على مساعدتهم للمؤسسة العسكرية، وتوجّه إليهم قائلًا: «لبنان هو الأصالة والإيمان والطوائف وليس الطائفية والمذهبية، ولبنان الوطن ليس جغرافية وتاريخ بل لبنان هو الأرز، لبنان الموقف والإيمان. لبنان لن ينساكم فليكن أيقونة في وجدانكم».

 

نواب وأطباء ومتقاعدون وطلاب في لقاءات اليوم الأخير
اختتم قائد الجيش العماد جوزاف عون والوفد المرافق زيارته إلى أستراليا بجولة في المتحف الحربي للشهداء في ملبورن، حيث كان في استقباله المدير العام للمتحف دين لي. ووضع العماد عون إكليلاً من الزهر على ضريح الجندي المجهول في حضور السفير رعد، والقنصل عيتاني، والمحامي الزوقي.
ولبّى العماد عون دعوة لزيارة برلمان فيكتوريا حيث كان في استقباله الوزيرة مارلين كيروز والنائبان سيزار ملحم ونزيه الأسمر وجميعهم من أصل لبناني. وانضم رئيس المجلس التشريعي بروس أتكنسون إلى الاجتماع الذيجرى خلاله عرض للعلاقات اللبنانية الأسترالية وسبل تعزيزها، لا سيما كيفية دعم الجيش اللبناني.
بعد ذلك التقى العماد عون جمعية الأطباء اللبنانية - الأسترالية برئاسة الدكتور وليد الأحمر الذي أعرب عن استعداد الجمعية لدعم المستشفى العسكري بمعدات طبية. كما التقى وفد الجمعية اللبنانية - الأسترالية برئاسة بشارة طوق، وعددًا من أفراد المؤسسة العسكرية المتقاعدين، وقدّم درعًا للسيد ميلاد الحلبي.
ثم انتقل العماد عون إلى مدرسة الراهبات الأنطونيات حيث كانت في استقباله الأم دعد قزي والأساتذة والطلاب الذين استقبلوه مرتدين بزات الجيش اللبناني، وأنشدوا النشيدين اللبناني والأسترالي.
وبعد كلمة ترحيبية للأم قزي تحدث العماد عون إلى الطلاب ودعاهم إلى زيارة لبنان، ثم أجاب عن أسئلتهم قبل أن يغادر محاطًا بالتكريم ودموع التأثر والفرح.