كلمة القائد

قائد الجيش في حديث إلى «برنامج الجندي»

سنقطع يد الإرهاب

في مناسبة عيد الجيش، أجرى «برنامج الجندي» حديثًا مع قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي طمأن اللبنانيين إلى أن الجيش ممسك بالوضع، وضرباته الموجعة للإرهابيين تحدّ كثيرًا من قدرتهم على التحرّك. في ما يأتي نص المقابلة.

 

خطر الإرهاب في لبنان يتقلص
• حضرة العماد، بعد كل العمليات النوعية التي نفّذها الجيش ضد الإرهابيين، هل خطر الإرهاب ما زال يهدد لبنان؟ وكيف تطمئنون اللبنانيين؟
- في البداية، أود أن أطمئن الجميع إلى أن خطر الإرهاب قد تدنّت نسبته بفضل العمليات الاستباقية التي نفّذها الجيش، وبفضل سهره الدائم ويقظته المستمرة. فلا مساكنة مع الإرهاب، ونحن مستمرون في مواجهته للقضاء عليه. صحيح أن الإرهابيين استطاعوا أن ينفّذوا بعض العمليات المتفرقة، ولكن الأكيد أن شوكتهم انكسرت، خصوصًا في الجرود وعلى امتداد الحدود الشرقية. هنا، لا بدّ من التنويه بالعمليات الهجومية التي نفّذتها وحدات الجيش خلف خطوط العدو في جرود رأس بعلبك في آذار الماضي، وفي جرود عرسال في نيسان المنصرم. أما في الداخل، فالعمليات الأمنية مستمرة لتفكيك الخلايا النائمة وملاحقة عناصرها ولإلقاء القبض على المطلوبين الخطرين. والجيش سيقطع يد الإرهاب أينما كان وإلى أي جهة امتدت. في معادلة بسيطة أقول: إذا كان عدّونا قويًا ونحن ننتصر عليه في أكثر من مكان، فهذا يعني أننا أقوى منه بإرادتنا، وبحقنا في أرضنا، وبالتفاف كل الشعب اللبناني حول الجيش.

 

• في الفترة الأخيرة ضرب الإرهاب بلدة القاع البقاعية. كيف تقيّمون عمل الجيش في مكافحة الإرهاب خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا أنه مرتبط بأحداث المنطقة؟
- صحيح أن هناك ارتباطًا بين ما يجري في لبنان وبين أحداث المنطقة، لكننا لن نسمح لحروب المنطقة أن تمتد إلى الداخل اللبناني. لذا عملنا، في السنوات الخمس الأخيرة على ضبط الحدود بشكل أكثر من ممتاز، والوضع الأمني تحت السيطرة، وضرب الإرهاب بيد من حديد لن يتوقف. فخبرة الجيش في مواجهة الإرهاب تنطلق من مواجهات الضنيه في العام 2000، امتدادًا إلى معركة نهر البارد في العام 2007، وصولاً إلى معركة عبرا في العام 2013، وغيرها من المواجهات الأمنية والعسكرية. في النهاية، نحن جزء من منظومة دولية تكافح الإرهاب. في هذا المجال نعمل وفق خطة معينة خاصة بنا، من دون إغفال تبادل المعلومات والتنسيق الأمني مع أجهزة الدول الصديقة التي تساعدنا في استباق الأمور من خلال الاستعداد الدائم. أعود وأكرر: فليطمئن جميع اللبنانيين إلى أن أعداد الإرهابيين في الجرود تتقلص بفعل ضربات الجيش اليومية الموجعة، والتي تمنعهم حتى من التحرك بحرية. كل ذلك بفضل زنود العسكريين وبنادقهم التي تقف حاجزًا بين الإرهاب وأرض الوطن. ومن خلال تجربتنا الطويلة بتنا نعرف الإرهاب جيدًا، ونعرف كيف نتعامل مع حربه النفسية. نحن واعون لكل التفاصيل. لكن يجب أن نعلم أن استراتيجية الحرب على الإرهاب تتطلب الصبر و«النفس الطويل» والدقة والتضحيات الكبيرة. وهذا ما نفعله، فالجيش لم يبخل يومًا في الذود عن أرضه وشعبه.

 

ثقة اللبنانيين أهم أسلحتنا
• كيف يتم التنسيق مع الدول الصديقة في مجال تسليح الجيش، وتدريبه وتطويره؟ وكيف تلخص جهوزية الجيش القتالية في الوقت الحاضر؟
- إن الجيش اللبناني من أقوى الجيوش وأكثرها شجاعة على الرغم من ضعف إمكاناته. ففي الجيش ضباط أكفاء لا يستهان بهم، وعناصر مستعدون للتضحية في كل لحظة. ويسود هذا الانطباع لدى كل دول العالم بعدما شاهدوا بأم العين المعارك التي خاضها الجيش والنجاحات التي حققها. هذه التجربة دفعت بدول العالم إلى الاستثمار في الجيش اللبناني لأنه برهن عن قدرات قتالية عالية. من هنا بدأت المساعدات تصل إلى الجيش على أكثر من صعيد (سلاح، عتاد، صيانة وتدريب)، ومن أكثر من جهة، وخصوصًا من الجانب الأميركي من دون إغفال الدول الصديقة. ولكن أهم سلاح حصل عليه الجيش هو ثقة المواطنين به، ووقوفهم الدائم إلى جانبه.

• إلى جانب المهمات الأساسية، شهد لبنان انتخابات بلدية واختيارية في شهر أيار المنصرم، وقد تولّى الجيش حفظ أمنها. ألا تشكّل هذه المهمات الأمنية في الداخل، عبئًا على أداء الجيش ودوره؟
- أبدًا. الجيش جاهز لتنفيذ كل المهمات سواء على الحدود الجنوبية، أو في الجرود، أو على الحدود الشمالية أو حتى في الداخل، من دون تلكؤ. وقد أثبتت الانتخابات الأخيرة، مرة جديدة، أن المؤسسة العسكرية هي التي تحفظ الكيان اللبناني ومؤسساته من خلال المحافظة على النظام الديمقراطي. كما أثبت العسكريون خلال تنفيذ هذه المهمة مناقبية عالية وتجرّدًا في طريقة تعاطيهم مع الناخبين. وفي حال حصول الاستحقاقات الدستورية المقبلة، أؤكد أن الجيش في جهوزية كاملة لحفظ أمنها.

 

هم سيف الوطن
• للمرة الثالثة على التوالي، تغيب احتفالات تقليد السيوف للضباط المتخرجين من الكلية الحربية بسبب الفراغ الرئاسي. هل يؤثر هذا الأمر سلبًا على معنويات الضباط المتخرّجين؟
- عندما يتسلّم الضباط المتخرّجون السيوف من رئيس الجمهورية، فلهذا رمزية كبيرة. ولكن عدم حصول ذلك لا يعني أن الضابط المتخرّج سيتخلّف عن أداء مهمته في الدفاع عن الوطن. في هذا المجال أودّ أن أشيد بنوعية الضباط المتخرّجين ومناقبيتهم التي تؤهلهم للقيام بكل أنواع المهمات المطلوبة، فهم السيف الذي يحمي الوطن.

 

• كيف يتعامل الجيش مع الخطر الناجم عن وجود أعداد هائلة من النازحين السوريين في لبنان؟
- هذا الموضوع حساس وخطير. فوجود هذا العدد الكبير من النازحين وعشوائية انتشارهم في كل المناطق اللبنانية، يشكّل ثغرات أمنية من الممكن أن يستغلها الإرهابيون. والجيش يراقب المخيمات التي تحوي نازحين ويرصد التحركات المريبة فيها ويداهمها عند اللزوم. ونحن نطلب من كل مواطن أن يكون العين الساهرة إلى جانب الجيش، وأن يبلّغ القوى الأمنية في حال اشتباهه بأي تحرّك أو أي نشاط مريب.

 

• وماذا عن التنسيق والتعاون بين الجيش وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان الذي يشهد تطورًا دائمًا؟
- بفضل وجود القوات الدولية تنعم منطقة الجنوب بالاستقرار والهدوء. أما على صعيد التعاون والتنسيق مع هذه القوات فهو قائم على أعلى المستويات. وإن تطبيق القرار 1701، والسهر على أمن الحدود الجنوبية ومنع حصول خروقات، يتم من خلال عمليات مشتركة مع الإشارة إلى أن الدور الأول والأمرة هما للجيش اللبناني. هذه المهمة أرست بيننا علاقات صداقة ومودة. ولقد قدّموا الكثير للجيش وللأهالي وعلاقتهم مع المواطنين ممتازة، على أمل أن يأتي اليوم الذي يبسط فيه الجيش وحده السلطة على كامل أرض الوطن، والحوار الاستراتيجي قائم بين الجهتين للوصول إلى هذا الهدف المنشود.

 

كلمة أخيرة
• في مناسبة عيد شهداء الجيش الذي يسبق عيد الجيش، ماذا تقول لأهاليهم وأفراد عائلاتهم؟
- إن دماء الشهداء التي روت تراب الوطن هي سبب استمراريته. ودماؤهم ما زالت تجري في عروق أهلهم من بعدهم، وفي خطوات رفاق السلاح. في عيدهم، أتمنى ألا تزيد أعدادهم، ولكن التضحية في سبيل الوطن اتخذناها شعارًا في حياتنا العسكرية. أما في ما خص أهالي العسكريين المختطفين، فأقول لهم إن قضيتهم هي شغلنا الشاغل على أمل أن تصل إلى خواتيمها السعيدة.
ليطمئن الجميع إلى أن لبنان باقٍ طالما يحميه جيشه القوي. وكل عيد وأنتم بخير.

 

•أجرى المقابلة الجندي أمير هليّل وأعدّت النص للـ«الجيش» جان دارك أبي ياغي.