رفاق السلاح

قائد الجيش في عشاء دورة 1982: أبعدنا كرة النّار عن لبنان والوضع الداخلي تحت السيطرة
إعداد: نينا عقل خليل

أقام ضبّاط دورة «الملازم أول الشهيد عفيف معيقل» عشاءً ساهرًا في نادي الضباط- جونيه، حضره قائد الجيش العماد جان قهوجي، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، المدير لعام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار، رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان، أعضاء المجلس العسكري، مدير المخابرات العميد الركن كميل ضاهر، وضباط من الدورة مع عقيلاتهم.

 

قائد الجيش: أبعدنا كرة النّار عن لبنان
اعتبر العماد قهوجي في كلمته أن دورة 1982 هي من دورات النخبة في الجيش، وقال: أنا فخور بلقائكم، ضباط دورة الــ1982 دورة الملازم أول عفيف معيقل، رحمه الله، فهو إبن دورتنا (دورة 1976)، وهذا ما أوجد رابطًا آخر بينها وبين دورتكم. لقد كنت دائمًا أصرّ على اللقاءات العائلية الجميلة، بين ضبّاط الدورات والوحدات والقطع وأفراد عائلاتهم، إذ يهمّنا أن تستمرّ العلاقات بينها متينة ومتواصلة. وأضاف: أريد أن أقول كلمة من القلب، أعتقد أنّ دورة الــ82 من أفضل دورات الجيش، فمعظم المراكز الحسّاسة في الجيش والأجهزة الأمنية يشغلها ضباط من هذه الدورة... وإذ نوّه بأن الجيش قد رفد معظم الأجهزة الأمنيّة بضباط مجلّين، ورحّب بمدير عام قوى الأمن الداخلي، ومدير عام الأمن العام، ومدير عام الدفاع المدني، كما رحّب أيضًا بأعضاء المجلس العسكري.
وفي نظرة إلى شؤون الأمن في لبنان والمنطقة، قال: تعرفون أنّ المنطقة تحترق، ولا يمكن التكهّن بمستقبلها وبما ستؤول إليه الحروب المشتعلة فيها، لكنّ الأهمّ بالنسبة إلينا أننا تمكنّا من إبعاد كرة النار عن لبنان بفضل جهودكم وجهود جميع الضبّاط والعسكريين. وأؤكّد لكم أن الوضع الداخلي تحت السيطرة، ويشاركني في ذلك حتمًا قادة الأجهزة الأمنيّة. نحن نسيطر على الوضع ولسنا خائفين من أي شي، وهذا لا يعني أن الحرب انتهت لأن الجرح السوري ما زال ينزف وتداعياته تؤثّر علينا، لكني أعود وأطمئنكم بأنّ الوضع ممسوك إلى حدٍ كبير. وبالإمكان القول إننا من أفضل دول العالم في مواجهة الإرهاب، وذلك باعتراف الدول الأجنبية والصديقة التي تواجهه وتتعاون معنا. أطمئن الجميع أيضًا أن وضع الجيش والأجهزة الأمنيّة ممتاز، بعد أن حقّقت إنجازات كبيرة في مكافحة الإرهاب، ما جعلها موضع ثقة الدول الصديقة التي سارعت إلى تقديم المساعدات لنا.
وقال قائد الجيش إنّ معظم دول العالم منشغلة بمشاكلها الداخلية ولا تعير انتباهًا إلى وطننا الصغير، لذلك يجب أن نعتمد بالدرجة الأولى على أنفسنا في الدفاع عن بلدنا، وأنا أدعو جميع الضباط إلى المزيد من العمل والتضحية لأن الطريق ما زالت طويلة. لقد مررنا بالكثير من الصعوبات، إلّا أنّني مقتنع بأننا قادرون على تخطّي المشاكل والصعاب المقبلة. وتابع قائلًا: إنني سعيد بوجود الضباط وعائلاتهم، ونحن نقدّر جهود من هم في الخدمة الفعلية منكم كما من أحيلوا على التقاعد، فالتقاعد ليس نهاية المسيرة، لا بل بداية مرحلة جديدة، لذلك نسعى إلى تحسين مستوى التقديمات في النوادي... فالمتقاعد هو جزء أساسي من المجتمع اللبناني ومن المجتمع العسكري. وختم قائلًا: من خلال تجربتي الشخصية، أعي جيدًا معنى الإلفة ضمن الجيش، فالضابط يمضي أكثر من نصف حياته في هذه المؤسسة، وبالتالي من غير الممكن خروجه من جو الحياة العسكرية، وقد وُجدت من أجل ذلك كما تعلمون رابطة قدماء القوى المسلحة ومكتب المتقاعدين.
أخيرًا، أهنّئكم على حسن تنظيم هذا اللقاء العائلي الذي أعاد إلى ذاكرتي مشاهد وصورًا جميلة من مرحلة الشباب. هذا هو جيشنا، وهذه هي تقاليده العريقة التي نفتخر بها ونحرص على إحيائها.


اللواء ابراهيم: الخبز والملح والإيمان بالوطن
بدوره، ألقى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم كلمة قال فيها: أقسم بالله العظيم، أن أقوم بواجبي كاملًا، حفاظًا على علم بلادي وذودًا عن وطني لبنان.
قَسم يتردد في ذهن كل واحد منّا وفي قلبه، عند كل إشراقة شمس تسطع على وطننا الحبيب لبنان. رفاقي قد تفلح يد الزمن في المباعدة بيننا ظرفيًا، لكنها تعجز عن محو الذكريات التي تجمعنا، مهما تباعدت المسافات وتعدّلت المواقع وتنوّعت الاهتمامات وتكاثرت الهموم ومشاغل الحياة. تعود بي عقارب الأيام إلى ستة وثلاثين عامًا عندما دخلنا معًا إلى الكليّة الحربيّة، وحواجز المسلّحين تقطّع أوصال الوطن وتقسّم عاصمته إلى شطرين، يحدونا إيمانٌ وطيد بأنّ هذه المظاهر على قساوتها وفجاعتها عارضة وغابرة، ولا بدّ من قيام الدولة، لتعيد إلى الوطن وحدته وقوّته، وأنّ هذه القيامة لا تتحقّق إلّا بجيشٍ متماسك ذي عقيدة وطنية تحدّد العدو وتصنّف الأخطار التي تتربّص بالكيان، وتقضي على منطق الدويلة التي لا تقلّ عن إسرائيل عبثًا بمقومات السيادة والاستقلال.
وتابع: في تلك الحقبة كان الإيمان بهذه المسلّمات غير مألوف لدى غالبية المواطنين الذين بلغ بهم اليأس حدّ الاستسلام لفكرة زوال الدولة والذهاب إلى الفوضى الشاملة والتفكّك. اتخذنا الخيار، غامرنا، وكسبنا لأنّ إيماننا كبير وعظيم بقدرة لبنان على النهوض من كبوته، وأصالة شعبه الذي يرفض السير في مشروعات عبثية، عانى كثيرًا من مقدماتها ونتائجها. هؤلاء المجتمعون هنا حول مائدة الخبز والملح، كانوا الخميرة التي استدار بها ومعها رغيف الوطن في المواقع التي عُهدت إليهم، والمناصب التي تقلّدوها، والمهمّات التي أدّوها... وإن ننسى، لا ننسى من سقط شهيدًا من أبناء دورتنا، ومن أصيب حاملًا جرحه وسامًا مخطوطًا بالدم، فذكراهم حيّة في قلوبنا ومحفورةٌ في ضمائرنا، وأمانةٌ في أعناقنا ما حيينا. إنّ دورة الشهيد عفيف المعيقل، هي دورة مميّزة بما خرّجت من نخبٍ وطاقات، ضباطها ساهموا مع رفاقهم في الحفاظ على الشرعية بكل مؤسساتها لتكون المرجع والملاذ لكل اللبنانيين، واليوم هناك من بيننا من لا يزال يحمل المشعل ومن ينتظر تقاعده من الخدمة، ومن تقاعد عمليًا، لكنّي على يقين بأن أحدًا منّا لم ولن يتقاعد عن الولاء للوطن أو الإحجام عن نصرته...
وختم قائلًا: رفاق الدورة الأعزّاء، سعادتي كبيرة أن أكون بينكم في هذه الأمسية، نستعيد معًا ذكريات البارحة، بيننا أواصر الأخوّة والمحبّة للّه والوطن. نجدّد العهد والوعد للوطن، سنبقى على ما تعاهدنا عليه، أوفياء للقسم، أمناء للعلم، عائلة واحدة، وثقوا بأنّ دورتنا هذه تركت وستترك بصماتها على لبنان لما قدّمته من أثمانٍ غالية وخدمات جليلة ليبقى هذا الوطن ويستمرّ.
 

كلمة الدورة
طليع الدورة العميد الركن المتقاعد غابي القاعي ألقى كلمة رحّب فيها بالحضور، شاكرًا قائد الجيش والقادة الزملاء على مشاركتهم في إحياء هذا اللقاء.
وقال: ثلاثة عقود ونصف من عمر الزمن، مرّت على ثلّة من الشبان، وطأت أقدامهم عتبة الكلّية الحربية في مثل هــذه الأيــام، لتمهر بالدم صكّ رهــن حياتهــا فــداءً للبنــان.
ففي مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، يوم كان البيت يتقوّض، والمجتمع يتمزّق، والأحداث تعصف، نادانا الوطن، وفتـح لنا ذراعيه، فأخذنا على عاتقنا واجب الدفاع عنه... تجـذّرنا في ترابه، وتجـذّر بنـا. نادانا فلبيّنا، واخترنا الجندية دعوة وميدان عطاء... وانخـرطنا في مدرسـة الرجولة، يحدونا أمل واعد بمستقبل لبنان.
وأضاف: في الكلّية الحربية التي على ملاعبها درجنا... تميّزت دورتنا بقصر مدّة التدريب، مقابل جودة نوعيّته وقدرتنا العالية على الاستيعاب. منها تخرّجنا رجال سيف وقلم، وانطلقنا في مسيرتنا مستعملين العقل في صياغة أهدافنا، والحزم في اتّخاذ قراراتنا والعمل لتنمية شخصياتنا وإبراز مواهبنا. وتابعنا متمسكين بما نشأنا عليه من قيم ومبادئ... فكانت لنا محطّات بارزة في كلّ تجربة عشناها، وبصمات ظاهرة في كلّ وظيفة تولّيناها، ليأتي سجل حياة كلّ منا مفعمًا بالصفحات المشرقة والأعمال المشرّفة...
وقال ختامًا: نحن يا رفاقي كنّا وسنبقى أبناء هذه المؤسسة، التي تشكّل الملاذ الوحيد والخلاص الأكيد للبنان وشعبه...