مرافق وخدمات

قائد الجيش من رأس بعلبك: لن يحبطونا
إعداد: ريما سليم ضومط

مَن أطلق المواقف المساندة لنا خلال المعارك، ليعود وينسحب عند المساس بحقوق العسكريين وعائلاتهم لن يُحبطنا. بهذه النبرة الحاسمة تحدّث قائد الجيش العماد جوزاف عون، متعهّدًا الحفاظ على الإنجازات المعمّدة بالدماء، بقدر الحرص على الحقوق، وهي جزء يسير يحاولون سلب العسكريين إياه.

 

كلام القائد جاء خلال افتتاح مستوصف الملازم أول الشهيد جورج بو صعب في بلدة رأس بعلبك، في حضور شخصيات رسمية وأمنية وروحية وفعاليات من المنطقة، إلى جانب عائلة الملازم الأول الشهيد وعدد من الضباط.

 

تراب الأرض وروح القيادة
القائد الذي يعرف رجاله، ويعرف الأرض التي ما زال ترابها ملتصقًا ببزّته، يعرف حاجات العسكريين وعائلاتهم، خصوصًا أبناء المناطق البعيدة الذين يكابدون المشقات للحصول على خدمات أساسية وفي طليعتها الطبابة. وهو كان قد سمع مناشدة في هذا الخصوص من أبناء رأس بعلبك خلال زيارته ما قبل الأخيرة لها. وعلى الرغم من ضرورات التقشّــف, فقــد حــرص على متابعة الأمر وإنشاء المستوصف، فــالإدارة الجيــدة للإمكانــات القليلــة، تصنــع الكثيــر.
بعد إزاحة الستار عن لوحةٍ تذكارية للمستوصف، تحدث القائد مشيرًا إلى «الظروف الاقتصادية التي يعيشها وطننا، والتي تنبّهت لها المؤسسة العسكرية منذ سنتين، فتبنّت سياسة تقشّف مدروسة تراعي الحاجات ولا تعيق أداء المهمات الموكلة للوحدات العسكرية».

 

دلالات ورسائل
وأضاف: «هذه المنطقة العزيزة علينا جميعًا والتي لم تغب عن اهتمامنا يومًا، لطالما رفدت المؤسسة العسكرية بخيرة أبنائها الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الوطن، ومن بينهم الملازم الأول الشهيد. من هنا واجبنا تجاه ما قدّمته هذه المنطقة أن نكون أوفياء لأبنائها العسكريين وعائلاتهم، سواء كانوا في الخدمة الفعلية أم متقاعدين، فكان هذا المستوصف». واعتبر أنّ الطبابة العسكرية توازي بأهميتها وحدات الجيش الأخرى، فهي ضمانة للعسكري ولعائلته خلال خدمته الفعلية وحتى بعد تقاعده. فالجندي الرابض على الحدود يوازي دورُه دور رفيقه الموجود في الداخل للمحافظة على الأمن، شأنُهما شأن من يعمل في الوحدات اللوجستية والإدارية، فتكتمل بذلك المنظومة العسكرية».

 

...وغابت عنهم أشياء
وفيما أثنى العماد على مناقبية العسكريين «الفخورين بشرف القسم الذي من خلاله أعلنوا الوفاء لوطنهم والتضحية من أجله»، أوضح أنّه «طالما الواجب يقتضي ذلك فهم جاهزون ومستعدون لبذل الدماء، اقتناعًا وإصرارًا لا منّةً وواجبًا». ولكنّه أكد في المقابل أنّ الأصوات التي تعلو بين الحين والآخر مستهدفة عزيمتهم تحت عناوين مختلفة لا تنال من معنوياتهم. وأضاف: «ربما غاب عن بال البعض أنّ الاستثمار في الأمن هو استثمار في الاقتصاد، لذلك أؤكد لكم اليوم أنّه لن تثنينا ادّعاءات واتّهامات من هنا وهناك عن حفظ كرامة وطننا وأهلنا. كما أننا لن نُحْبَط ممن أطلق المواقف المساندة لنا خلال المعارك، ليعود وينسحب عند المساس بحقوق العسكريين وعائلاتهم. منكم ومنا كل الوفاء والتقدير، وعهدٌ بالحفاظ على كل الإنجازات المعمّدة بالدماء، بقدر الحرص على الحقوق كجزءٍ يسير يحاولون سلبنا إياه اليوم».

 

أدقّ التفاصيل
في الختام، جال العماد عون في المستوصف مطّلعًا على تجهيزاته الحديثة وأقسامه التي تشمل العيادات والأشعة والمختبر والصيدلية العسكرية والطوارئ، مستقصيًا أدقّ التفاصيل المتعلقة بالتجهيزات والمعدات الطبية انطلاقًا من حرصه على صحة العسكريين وعائلاتهم. وإذ أثنى على حداثة المعدات الطبية وجودتها من الناحية التقنية، أبدى إعجابه بالتجهيزات المكتبية، وبسعة غرف الانتظار ونظافتها وترتيبها. في هذا الإطار، أوضح أحد الضباط المسؤولين أنّ المكاتب الخشبية الموجودة في العيادات تم تصنيعها في مشاغل اللواء اللوجستي في كفرشيما، ما أسهم في تخفيض كلفة إنتاجها إلى الحد الأدنى.
وفي إطار جولته، تفقّد القائد أوضاع العسكريين والموظفين المدنيين في المستوصف، واطّلع على احتياجاتهم، وكان من اللافت مدى الانضباط والجدية التي يتصف بهما طاقم العمل، بالإضافة إلى تميّزهم بهندامٍ موحّد ذي لونٍ أبيض يضفي عليهم طابع الاحتراف والجدية في العمل.
جدير بالذكر أنّ المستوصف الذي تمّ إنشاؤه بمساهمةٍ من مديرية التعاون العسكري- المدني CIMIC ووحدة التعاون العسكري - المدني في السفارة الأميركية في لبنان، إنّما يؤكد التعاون المستمر بين أهل الوطن وجيشه والتلاحم الدائم بينهما، وهو ما دعم خطّة التقشّف التي تعتمدها قيادة الجيش، حيث تمّ تأمين المبنى من دون تكبيد المؤسسة العسكرية مصاريف إنشائه.
كذلك، فإنّ المستوصف الذي أُنشىء بناءً على خطة الجيش لتطوير الطبابة العسكرية في مختلف المناطق، والهادفة إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية للعسكريين وعائلاتهم، يتمتع بأهمية خاصة لوجوده في منطقة نائية، إذ يسهم في التخفيف من مشقّة انتقال العسكريين وأفراد عائلاتهم من البقاع الشرقي إلى الطبابة في أبلح، أو إلى بيروت، وفق ما أوضحه رئيس الطبابة في منطقة البقاع العقيد طبيب الأسنان زياد بو مخايل في أثناء حفل الافتتاح.