تسلح وتكنولوجيا

قاذفـة مكـوكية أميـركية لحرب الفضاء
إعداد: مال مساعد

تدرس وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إمكانية تحويل مكوك الفضاء الأميركي الى قاذفة قنابل إستراتيجية, بوسعها إطلاق صواريخ موجهة ذات دقة فائقة في إصابة الهدف على الأرض, ومن إرتفاع يصل الى 60 ميلاً.
وهـذا المشروع الطمـوح هو إحدى الأفكـار المطروحـة للبحث في إطار برنامج يستهدف إبتكار نظم أسلحة للقرن الحادي والعشرين قادرة على توجيه ضربات سريعة في أنحاء العالم كافة, ما يتيح لـ”قاذفـة القنابـل الفضائيـة” أن تنـطلق بسرعـة تفـوق 15 مرة سرعة قاذفة القنابل الإستراتيجـية الحالية وتطـير على إرتفـاع يفـوق 10 مرّات الإرتـفاع الذي تطير عليه هذه القاذفة, وسيـكون بوسـع “قاذفـة القـنابل الفضائية” ضـرب أهـداف في الجانـب الآخـر من العالـم خـلال 30 دقيـقـة فـقط.

 

القاذفة الفضائية

أكد الأدميرال كريغ كيغلي, المتحدث باسم البنتاغون, أن المشروع الطموح سيخضع لدراسة متأنية, لأنه إذا نشبت أزمة ما, لن يكون بوسع الجيش الأميركي إرسال أي قاذفة قنابل الى منطقة القتال أسرع من هذه القاذفة الفضائية, التي ستثبت جدواها في جميع السيناريوات المحتملة لأي مواجهة عسكرية مستقبلاً. فخلال الغارات الجوية لحلف شمالي الأطلسي (ناتو) على يوغوسلافيا عام 1999, كانت قاذفات القنابل الأميركية “بي 2” تنطلق من قاعدة في ميسوري بالولايات المتحدة, ما جعل رحلتها تستغرق 24 ساعة كاملة.
وقد كشفت صحيفة تايمز اللـندنية في وثيـقة للبـنتاغون, أن فـكرة وضع قاذفـة قنابل فضائية مطروحـة للنقـاش منـذ الثلاثينات, وأن إنتاج طائرة تطير حول الكـرة الأرضية في مـدار فضائي, تبدو خيالاً علمياً أكثر منها حقيقة عسكرية, حيث من المرجـح أن يعيد “البنتاغون” النظر في برنامج تخلت عنه الإدارة الأميركية. إلا أن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ظلت تعمل طوال خمس سنوات على تطوير مكوك فضاء تجريبي قابل للإستخدام مرات عدة يطـلق عليه إسم “اكس 33 فنتيار ستار”. لكـن المشاكـل التقنية والمخاوف بشأن التكلـفة عرقلت جهود وكالة الفضاء الأميركية التي تقدر أن مدار الأرض الفضائي المنخفض يقوم على إرتفاع 320 كلم الى 800 كلم, وهو بات يحتوي الآن على ما يزيد على 100 ألـف من الأجزاء المتناثرة التي يصل حجمها من 1 الى 10 سنتـيمترات والتي تولـدت من انفجارات الصواريخ والقذائف, ولا شـك أن نشـر محطـات تعقـب صاروخية في الفضاء أو عـبر الليـزر سوف يؤدي الى زيادة هذا النشاط. وتخطط وكالة الدفاع الصاروخي للبـدء بإختبارات عدة في المدار الأرضي الفضائي حتى عـام 2006 وعـام 2012. وعلى الرغم من أن هذه الإختـبارات سينشأ عنها حطـام وأجزاء متـناثرة, إلا أن وصولها الى الأرض وعدم بقائها في مدارها سيعتمد كـثيراً على المسار الذي ستتخذه هذه الأجزاء. من أهم أهداف عسـكرة الفضاء هو إطـلاق متنقلات فضائية (مكوك فضائي) لأغراض عسكرية بحتـة. والعملية مشروع ريادي سوف تشارك فيه مجموعة ضبـاط من سلاح الجو الأميركي كانت اللبنة الأولى في قوة الفضاء العسكرية, التي ستـتوسع بانضمـام عسكريـين جدد اليها يجري اختيارهم حالياً من بـين أفـراد الأسلحة الممتازة, ويتوقع أن تتزايد قـوة رجال الفضاء العسكريـين في النمـو بحيـث يشهـد القـرن المقـبـل جيـوشـاً من رواد الفـضاء.
سيشرف رواد الفضاء العسكريون, الذين تطلق عليهم وزارة الدفاع الأميركية وصف (الشحنة المتفجرة من المتخصصين) على الرحلات الفضائية المكوكية, وكل متخصص من هؤلاء يجري تدريبه على إجراء تجارب عسكرية في الفضاء وإدارة شؤون الأقمار الصناعية السرية الخاصة بالأمن القومي الأميركي.

 

المراقب الفضائي

من المعتقد إن تكنولوجيا الفضاء ستوفر مراقبة فضائية متطورة (تلسكوب) ليصبح بالإمكان التقاط تتبع الأهداف المعادية بدرجة عالية جداً من الوضوح والدقة. وذلك بفضل المرايا العاكسة للأشعة ما تحت الحمراء, ما يؤمن حماية المرقب والأجهزة العلمية الموجودة فيه من الإشعاعات الكونية ذات الطاقة العالية. ويبلغ طول المرقب 43 قدماً وقطره 14 قدماً ووزنه 12 طناً. ويؤكد العلماء أن هذا المرقب الفضائي العملاق سوف يرى حتى حافة الكون ليساعد على إستجلاء الغموض الذي يحيط بالعديد من الأسرار الكونية التي ما زالت تحيّر العلماء حتى اليوم.
الى ذلك, أعلنت وزارة الدفاع أنها تنفق مليارات الدولارات من موازنة البحث العلمي على أبحاث اللايزر الفائقة الطاقة وأنظمة الميكروويف وأجهزة متقدمة أخرى مصممة للفوز في حروب القرن الحادي والعشرين, بطريقة أسرع وأكثر حسماً مما كان عليه الأمر من قبل. وأبلغ مسؤولون في الوزارة الى الكونغرس أن هذه النوعية المتقدمة للغاية من الأسلحة ومنها أنظمة لم يحددوها للإستخدام براً وجواً بحراً وتحت السماء وفي الفضاء, هدفها التصدي لطائفة عريضة من التهديدات التي نشأت خلال العقد الماضي. وعليه فإن الأخطار غير التقليدية التي يخشى أن تتعرض لها الولايات المتحدة, تشمل هجمات بالصواريخ الذاتية الدفع المزودة رؤوساً نووية أو كيميائية أو بيولوجية, وأعمال قرصنة إرهابية الكترونية على الأقمار الإصطناعية العسكرية الأميركية. واستمعت لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب لعروض من مختلف وكالات القوات المسلحة وفروعها لنتائج بحوثها العلمية, وكان بينها عرض لجهاز في حجم قبعة مزود مجسات, يمكنه التحليق جواً لرصد القوات المعادية عوض جنود الإستطلاع.
وأكـد العـلماء أنه يجـري العمـل من أجل ابتـكار تكنولوجيا جديـدة “لمزيـد من الهيمـنة على الفضاء”, إذ تعكف الجهات المعنية على صنـع أنظمة طاقة طويلـة الأجل وتكـنولوجيا استطـلاع لمراقبة الفضاء وحماية المصالح الأميركية فيه. ومن الحاجات المطلوب تحقيقها أيضاً, أنظمة لشبكات إتصال متطورة للغاية. إضافة الى أن الإدارة تسعى وراء تكنولوجيا لاصطياد الصواريخ الذاتية الدفع في جميع أطوار تشغيلها, وأن أسلحة “الطاقة المباشرة” مثل اللايزر يمكنها اسقاط الصواريخ الذاتية الدفع وضرب الصواريخ الفائقة السرعة المضادة للسفن والصواريخ المضادة للطائرات. إلا أن قاذفة القنابل الفضائية تعتبر بمثابة خطوة لتسليح الفضـاء, وهي مسـألة تثـير جدلاً عنـيفاً في أوساط الإدارة الأميركية.

 

المراجع:
­-  صحيفة التايمز اللندنية-­ أول كانون الثاني 2002.
- ­ وكالة رويترز-­ وثيقة البنتاغون 28 / 5 /  2002.
- ­ نشرة العالم الجديد 19 / 4 / 2002 .
-  حرب النجوم-­ اللواء الركن المتقاعد عبدالله سيد أحمد-­ المكتبة العالمية بغداد 2000.