هو وهي

قبول الآخر قاعدة التفاهم والزواج الناجح
إعداد: ريما سليم ضومط

عندما يقول الزوجان «نعم» أمام اللّه والمجتمع، فهما يتعهّدان بقبول أحدهما الآخر بجميع اختلافاته، إضافة إلى احترام فكره وسلوكه، والتكيّف مع طبعه، وتقبّل الخلفيّة الاجتماعيّة التي ينتمي إليها، وقبول عيوبه قبل حسناته. هذه القاعدة يجب أن يضعها المقبلون على الزواج أمام أعينهم لتحقيق زواج ناجح يوفّر لهما السعادة والهناء.

 

الاختلاف والأرضيّة المشتركة
قبول الشريك في الزواج هو احترام ما هو عليه، وعدم محاولة قولبته بما يرضي الطرف الآخر. هو أيضًا تقبّل سلوكه وآرائه وأسلوبه في معالجة الأمور من دون أن يعني ذلك الموافقة على كل ما يقوم به، فالاختلاف في الآراء والأطباع أمر طبيعي ولا يمنع الطرفين من التوصّل إلى أرضيّة مشتركة من خلال تقديم بعض التنازلات أو تعديل سلوكيّات واتجاهات تعوقهما عن التفاهم والتلاقي.
يؤكّد الخبراء في العلاقات الزوجيّة أن قبول الآخر على ما هو عليه يؤدّي إلى زواج ناجح مبني على الثقة والاحترام، في حين أن رفضه أو محاولة تعديله ليصبح نسخة عن شريكه، يؤدّي حتمًا إلى إحداث شرخٍ في العلاقة ويكون بالتالي مقدّمة لفشل الزواج. لذلك ينصح الخبراء الأزواج باعتماد سياسة الانفتاح والقبول بدءًا من اللحظة الأولى لحياتهما المشتركة ويقدّمون بعض النصائح التي تساعد في تحقيق هذه الغاية.

 

قبول عادات الآخر
غالبًا ما يتذمّر المتزوّجون من عادات الشريك المختلفة عن عاداتهم، وقد يقضي البعض سنوات طوال في محاولات فاشلة لإقناع شريكه في تبديل عاداته «غير السليمة» وتبنّي العادات «المفيدة». فالسيدة ناديا مثلًا قضت الأشهر الأولى من زواجها في جدلٍ عقيم مع زوجها بهدف إنهاء السهر مع أصدقائه خارج المنزل، إلّا أن النتيجة جاءت عكس ما كانت تتوقّعه حيث أن زوجها بدأ يكثر من خروجه مع الأصحاب، بعد أن كان ذلك يقتصر على مرّة واحدة في الأسبوع. في هذا الإطار يشير الخبراء إلى أن محاولة أحد الزوجين إلزام شريكه بوجهة نظر معيّنة، تؤدّي في غالبيّة الأحيان إلى نتيجة معاكسة، حيث أن الشريك يستاء من «معركة الإلغاء» التي يشنّها الزوج ضدّه، وهذا ما يزيده تمسّكًا بآرائه، حتى وإن اقتنع ضمنًا برأي الآخر. لذلك ينصح الخبراء بإدخال التغييرات الضروريّة بشكل تدريجي واعتماد أسلوب الإقناع اللطيف الذي يجذب الآخر بدلًا من أسلوب الوعظ المتعالي الذي ينفّره ويجرح مشاعره. وهم يؤكدون في الوقت نفسه أنّه من الأفضل قبول عادات الآخر والتأقلم معها ما لم تكن مضرّة أو مؤذية لأحد الطرفين، أو من شأنها التأثير سلبًا على زواجهما.

 

عدم الانتقاد والذمّ
يلجأ بعض الأزواج إلى نقد الشريك عند قيامه بخطأ ما، أو عند تكرار خطأ معيّن، وهم يهدفون بذلك إلى إصلاح الأخطاء وعدم تكرارها، ولكنّهم يجهلون أن النقد هو رسالة سلبيّة لا يفهم منها الشريك سوى رفض الآخر له، وغالبًا ما يؤدّي إلى ضعف ثقة الشريك بنفسه وبشريكه. لذلك ينصح الخبراء باعتماد التلميح بدلًا من التجريح في معالجة الأمور، كأن يقول الرجل لزوجته: هذا الثوب جميل، لكنّني أجدك أكثر تألّقًا في الألوان الفاتحة، بدلًا من أن يقول لها أن الألوان الداكنة لا تليق بها! فمن خلال الكلام اللطيف، يوصل الزوج رسالته من دون جرح مشاعر زوجته، لا بل على العكس، سوف تشعر باهتمامه بها وحرصه عليها.

 

احترام طبع الآخر وأسلوبه في معالجة الأمور
 تختلف أطباع البشر وأنماط سلوكهم، فقد يكون أحد الطرفين رومانسيًّا يحبّ التعبير من خلال الأشعار والورود، بينما يكون الآخر عمليًّا ويفضّل التعبير عبر العمل المجدي، وقد يكون أحدهما هادىء الطبع والآخر عصبــيّ. هذه الاختلافات وغيرها قد لا تبدو مهمّة، لكنها من العوامل الأساسيّة المسبّبة للخلافات الزوجيّة. لذلك يجب على الشريكين تفهّم أطباع بعضهما البعض، ومحاولة التأقلم معها لإنجاح زواجهما. فلا بأس في أن يفاجىء الزوج العملي زوجته الرومانسيّة بباقة وردٍ، ولا بأس في أن تترك الزوجة أطفالها في عهدة أمّها إرضاءً لزوجها الذي يرغب بقضاء سهرةٍ خارج المنزل مع الأصدقاء.

 

التركيز على إيجابيّات الشريك
 لكل إنسان نقاط قوّة ونقاط ضعف، لكن البعض يميلون إلى ملاحظة العيوب والسلبيّات لدى الطرف الآخر، متجاهلين المزايا الإيجابية التي يتمتّع بها، ما يؤدّي إلى نفور بين الطرفين. لذا ينصح الخبراء بالتركيز على إيجابيّات الآخر وإبراز نقاط القوة لديه بغية تحقيق الانسجام المطلوب لإنجاح الحياة الزوجيّة. فبدلًا من أن تظهر المرأة استيائها مثلًا من أن زوجها مبذّر، من الأفضل أن تركّز على أنه شديد الاهتمام بعائلته ولا يتجاهل أيًّا من طلباتهم أو حاجاتهم.
وأخيرًا ينصح الخبراء المتزوّجين بالنظر إلى الاختلاف بينهما كفرصة لاكتساب خبرات إضافيّة والتطلّع إلى آفاق جديدة. فالزوج المعتاد على نمط عيش هادىء ضمن مجتمع ضيّق، قد يجد في انفتاح شريكه على الآخرين نافذة لكسب صداقات جديدة مثمرة. أما الشريك العصبي المزاج الذي يجد صعوبة في التفاهم برويّة مع الآخرين، فيكتسب من زوجه الهادىء الطبع، أصول الحوار المتّزن الهادىء.