- En
- Fr
- عربي
في ثكناتنا
مرة جديدة يثبت فوج الأشغال المستقل تميزه وتألقه وفخره بالقدرات التي يحققها، خصوصًا بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020. وهذه المرة فتح أبوابه أمام المجتمع العسكري الدولي الممثل بجمعية الملحقين العسكريين العرب والأجانب في لبنان ومساعديهم، والذين كانت لهم زيارة إلى مشاغل الفوج، أبدوا خلالها دهشتهم وإعجابهم بقدراته وجهوده لتأمين الاستدامة الذاتية للمؤسسة العسكرية والوطن، ووعدوا بالتعاون المشترك معه.
قائد الفوج العقيد الركن يوسف حيدر استقبل زواره بشرحٍ مفصلٍ عن مهمات الفوج وخصوصًا في ما يتعلق بالاستجابة لتداعيات انفجار المرفأ وعملية الإنقاذ ورفع الأنقاض. أطلعهم على قدرات الفوج في مجال حماية الممتلكات الثقافية والاستجابة للطوارئ في حال حدوث نزاع أو كوارث طبيعية. وكان أكثر ما لفت الزوار، جولة ميدانية قاموا بها على مشاغل الفوج للاطّلاع على إمكاناته وطريقة استفادته من إعادة التدوير لتأمين المواد الأولية اللازمة لتنفيذ مختلف الأعمال الهندسية المكلّف بها.
تركت هذه الزيارة صدى إيجابيًّا لدى كل الملحقين العسكريين الزائرين، وقد أبدوا إعجابهم بفريق عمل الفوج وجودة منتجاته، مشددين على ضرورة التعاون بين الجيش اللبناني وباقي الجيوش العربية والأجنبية التي يمثّلونها للاستفادة من إنجاز الفوج وكيفية تحويله الأزمة إلى فرصة. وعبّروا عن إعجابهم بمركز تدريب حماية الممتلكات الثقافية والاستجابة للطوارئ المستحدث في الفوج وغرفة المحاكاة، لما لهما من أهمية في مجال تمرّس المتدربين عمليًّا على تنفيذ مهمات مستقبلية ذات صلة.
فوج مبدع
الملحق العسكري الألماني المقدم Heino Matzken، الذي تمت الزيارة بناءً على طلبه، تحدّث بحماسةٍ عمّا عاينه خلال الجولة في أرجاء الفوج: «تأثرنا كملحقين عسكريين بأنه حقًا فوج مميز ومبدع، يستخدم مواد من لبنان ويعيد تدويرها لكي يعود ويبني البنى التحتية للجيش». وأضاف قائلًا: «يختلف هذا الجيش عن جيوشنا بالمهمة التي يؤدّيها والجهود التي يبذلها لحماية الإرث الثقافي. لقد كان ناشطًا جدًّا بعد انفجار مرفأ بيروت لحماية عدد من المنازل التراثية القديمة، والمباني التاريخية، والتي نجت بفضل دعم الفوج وجهوده، بالتعاون طبعًا مع عدة جمعيات غير حكومية. وهذه تعتبر إحدى المسائل والمهمات غير المألوفة لدى أفواج مماثلة في مختلف الجيوش الأوروبية والعالمية».
كذلك، أبدى الملحق الألماني تقديره لاحتراف الفوج وكفاءته، فعسكريوه مدربون بشكلٍ محترف ومتخصص لتنفيذ المهمات الملقاة على عاتقهم، خصوصًا أنّهم يحاولون تعزيز القدرات والبنى التحتية في وحداتهم وفي المجتمع. «كلنا متفقون على أن الجيش هو العمود الفقري للاستقرار في لبنان، ونحن معًا لدعم هذا الجيش في تعزيز قدراته ومعنوياته أيضًا، لأنّ ذلك مهم جدًا ليستمر العسكريون في التضحية من أجل وطنهم ومجتمعهم، وللسلام في المنطقة».
الاستدامة الذاتية
بدوره قال الملحق العسكري البريطاني المقدم Lee Saunders: «من المثير دائمًا للاهتمام زيارة أفواج ووحدات مختلفة من الجيش اللبناني. واليوم تعرّفنا على قدرةٍ لدى الجيش لم نكن نعرف عنها من قبل. ومن المدهش كيف أنّ جزءًا متخصصًا جدًّا ومميزًا من الجيش يستطيع تقديم قدرة مماثلة رائعة من إنشاء المباني، والتزام الاعتناء بالإرث الثقافي للبلاد. أعجبت جدًّا بالمشاغل التي يملكها الفوج، والتي تميزه بقدرة الاستدامة الذاتية الضرورية في الظروف الحالية، والأساسية للاستمرار والتطور في المستقبل».
وأشار إلى أنّ بريطانيا تعمل إلى جانب الجيش اللبناني في عدة مجالات، ومن المؤسف ألا يكون فوج الأشغال أحد هذه المجالات للتعاون. ولكنّنا بكل تأكيد «سنستمر بدعم الجيش في المستقبل المنظور، وهذا الأمر مهم بالنسبة إلينا نظرًا إلى الدور الحيوي الذي يؤديه في تأمين الاستقرار من خلال ضمان الأمن والأمان في البلاد. ومن المهم أن يعرف كل الضباط والعسكريين في الجيش أنّنا ندرك الوضع الصعب والدقيق الذي يواجهونه، وسنستمر بالوقوف إلى جانبهم وتأمين الدعم لهم لكي تستمر كل الوحدات في العمل المذهل الذي تقوم به».
وتبقى الرسالة الثابتة التي يحملها معه كل أجنبي حين يتعرف عن قرب إلى وحداتنا وعسكريينا وقدراتهم وإرادتهم الصلبة: إنّ هذا الجيش يثبت يومًا بعد يوم أنّه الصامت والصامد الأعظم، وسنستمر في دعمنا له لأنّه مصدر الأمن والأمان الوحيد في هذا البلد الذي ترهقه الأزمات!
مركز تدريب حماية الممتلكات الثقافية والاستجابة للطوارئ
سعيًا لتسهيل التدريب على حماية الممتلكات الثقافية والاستجابة للطوارئ، وبالتالي تأمين التطبيق العملي لكل الدروس التي يتابعها المتدربون في هذا المجال، استحدث فوج الأشغال المستقل، بقدراته وموارده الخاصة وبدعم من جمعية «بلادي»، مركزًا للتدريب على حماية الممتلكات الثقافية والاستجابة في حالات الطوارئ يضمّ غرفة محاكاة Simulation Room. في هذه الغرفة نجد نسخات مطابقة عن مجسمات وأوانٍ وصمديات (Replica) تشبه تلك الأثرية أو التراثية التي قد يصادفها المتدرب على أرض الواقع عند تنفيذ أي مهمة، فيطبّق التلميذ ما تعلّمه من الدروس النظرية حول كيفية معالجتها وترقيمها وتوضيبها ونقلها إلى مكان آمن باستخدام حقائب مخصصة لهذه المهمة.
لن يكتفي الفوج بالتدريب العملي داخل هذه الغرفة، بل يمكن خلال تنفيذ سيناريو محدد تحضير مجسمات خارج غرفة المحاكاة للتدريب العملي، كل ذلك لخدمة التدريب وتحقيق أعلى مستويات الاحتراف. حتى أنّ الموضوع العام الذي بات يميّز فوج الأشغال في ديكوراته، يتمحور حول القطع التراثية العريقة التي تزيّن كل أرجائه فتجعله رمزًا للثروة التراثية الثقافية (Well Themed Regiment) التي أخذ على عاتقه حمايتها.
ويلفت قائد الفوج العقيد الركن يوسف حيدر إلى أنّ الدورة الأولى LEVEL 1 التي سيتم تخريجها من هذا المركز على أربع دفعات، ستضم 100 عسكري من الفوج إضافة إلى 100 طالب من مختلف جامعات لبنان من كليات الهندسة، والآثار، والمتاحف والمكتبات. ستتمحور الدورة حول مبدأ حماية المواقع والمتاحف في بيروت والمناطق الأخرى ضمن برنامج تدريب مؤلف من 14 ساعة يمتد على مدى أسبوع لكل دفعة.
تتزامن هذه الدورة مع أخرى LEVEL 2 لمدة 100 ساعة تمتد على ثلاثة أشهر يشارك فيها الضباط الذين تابعوا سابقًا الدورة المتقدمة في المواقع الأثرية ذات الصلة ويُمنحون الشعار الخاص بالدورة، إضافة إلى 70 اختصاصيًّا من المديرية العامة للآثار والدفاع المدني والجمعيات التي تعنى بالآثار وتعمل على وضع خطط الطوارئ وتنفيذها لحماية المواقع والمتاحف في بيروت والمناطق الأخرى. من بين هؤلاء، يتم اختيار ضباط مدرّبين يتابعون دورة مدرب TOT PROGRAM ومدتها 60 ساعة لمدة ثلاثة أشهر، يُمنحون الشعار الخاص بدورة مدرب، ويشكّلون النواة لفريق تدريب متحرك يزور مختلف الوحدات للتوعية حول حماية الممتلكات الثقافية، تمهيدًا لإدخال هذه المادة يومًا ما في المناهج التعليمية بهدف التوعية.