رئاسيات

قراءة في خطابات القسم
إعداد: جورج علم

بلاغة أدبيّة وسيرة واقع الحال في وطن يسكن «عين العواصف»

 

كتب الكتاب، وزفّت الجمهوريّة الى الوطن، واحتفي بالعروسين في العام 1943، لكن منذ ذلك التاريخ لم يهنأ البال، ولا توافر رغد العيش... وطن يستلقي عند فقش الموج، يلتحف التحديات، ينام قرير العين على وقع الأحداث والتطورات، يسند رأسه إلى وسادة المفاجآت والصدمات. قدره أنه دائمًا في عين العواصف، ولد في كنفها، لا هي شابت، ولا هو شاب، وفي كلّ مرّة تشتد من حوله النوائب، يخرج كالمارد متمرّدًا مستقويًا بوحدته الوطنية، وتضحيات جنوده البواسل.
يبلله حينًا رذاذ الموج المتهالك عند أقدامه، ويلفح وجهه أحيانًا لهيب صيف تيزّر بكوفية المفاجآت الصاخبة. إنه جبل المفارقات الكبرى التي دوّنها رؤساء جمهورية الاستقلال من بشارة الخوري، إلى العماد ميشال عون، على صفحة الوجدان الوطني، من خلال «خطاب القسم».
كان الرؤساء مؤرّخين محترفين، حمل كلّ منهم خطابه إلى المجلس النيابي ليعرض ما فيه، ويفلفش أوراقه، حيث الحبر معاناة، والكلمات سيرة ذاتية لواقع حال الوطن والمواطنين.

 

بشارة الخوري
وصل الرئيس بشارة الخوري إلى القصر الجمهوري على دويّ الحرب العالميّة الثانية، فدوّن في خطاب القسم : «إن الواجبات الملقاة على عاتقنا خطيرة، ومتعددة، وتطور الحرب هذا التطوّر الواضح لكل ذي عينين، يملي علينا خطة سياسيّة مناسبة مرسومة لنا بجلاء. ولقد جعلتنا تقلبات هذه الحرب العالمية الشاملة نتلّمس الدور الخطير الذي لعبته بلادنا الصغيرة، والأهميّة التي كانت لبلادنا، ولا تزال في أعين الدول العظمى».
وإذ يشير بوضوح إلى اعتماد لبنان على الدول الكبرى لدعم استقراره، يؤكّد: «إننا مدينون للحلفاء بجميل لا ينسى، فهم الذين جنّبوا بلادنا ويلات الحرب، وحالوا بينها وبين أن تصبح ساحة قتال يسودها الخراب، والدمار، وهم الذين يحاربون في سبيل الحق والعدالة وقوى الروح»... ويقول: «بيننا، وبين الحلفاء في الغد، كما كان بيننا وبينهم في الأمس، تعاون يقودنا شيئًا فشيئًا إلى الاتصال بجميع الهيئات السياسية في العالم، إذ ليس من عزلة ممكنة بعد اليوم لدولة من دول الأرض... فإلى فرنسا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأميركيّة، وإلى باقي الدول الحليفة، أطيب تمنياتنا بنصر رائع قريب».
وانعطف خطاب القسم ليحدد دور لبنان «الذي كان على كرة العصور معقلًا من معاقل الحريّة الأساسيّة، والثقافة الخالصة، ولكل لبناني أن يعتز اليوم بأنه يكمل هذه السلسلة المجيدة، وبأن أبناء لبنان الضاربين في أنحاء المعمورة يمثلونه خير تمثيل، فإلى جميع اللبنانين الغائبين، وإلى مهاجرينا الأعزّاء، أوجّه باسم الأمّة اللبنانية تحيّة لبنان وعاطفة تعلّقه الدائم الذي لا تنفصم عراه».

 

كميل شمعون
انتهى عهد الشيخ بشارة الخوري على وقع التظاهرات الصاخبة، الرافضة للتمديد، ليبدأ عهد الرئيس كميل شمعون منطلقًا من خطاب القسم، والإشارة إلى ثورة الأيام الثلاثة «التي قوّضت محاولات تمديد ولاية الرئيس بشارة الخوري».
ذكّر بأنه: «في مثل هذه الأيام وما يليها، من العام 1943، هبّ شعب لبنان ثائرًا، يعلن إرادته ويؤكد عزمه، أن يعيش حرًّا مستقلاًّ، فكان نضاله في سبيل هدفه نضالًا رائعًا، موفقًا، وكان له ما أراد. وبالأمس هبّ شعب لبنان ذاته ثائرًا، يعلن إرادته ويؤكد عزمه، أن يعيش حياة صالحة لائقة بمواهبه وفضائله، فكان نضاله في سبيل هدفه نضالًا رائعًا موفقًا، وسيكون له ما يريد.
وإذا كانت ثورة لبنان الأولى اصطبغت بدماء الشهداء الزكيّة، فإن ثورة لبنان الثانية تميّزت في أيامها الثلاثة التاريخيّة، بأنها لم تُرَق فيها نقطة واحدة من دماء الشعب».
وحدد شمعون نظرته إلى رئاسة الجمهورية، فقال: «إني أشعر أنه يتوجب عليّ منذ الساعة، أن أعلن لكم ولشعب لبنان، ما أراه في رئاسة الجمهوريّة، وما أنويه.
إن هذه الرئاسة تكليف وخدمة، ليست مكافأة ولا رتبة، فهي تحمّل متولّيها واجبات وأعباء، ولا تدرّ عليه منافع أو تمنحه امتيازات.
إن رئيس الجمهورية لن يسمى رئيس البلاد، ولا بالأحرى سيّد البلاد، فأمثال هذه الألقاب تنافي أسس الجمهورية والديموقراطية، وتحطّ من كرامة الشعب، الذي لا سيّد سواه.
إن رئيس الجمهورية لن يحاط بمظاهر العظمة والفخفخة، فهذه المظاهر لا تنافي أسس الجمهورية والديموقراطية فقط، بل هي أيضًا تكلّف الشعب نفقات ليس ملزمًا بها، ولا هو قادر عليها، بينما يشكو الكثيرون من أبنائه البطالة والفاقة.
إن رئيس الجمهورية لن يستفيد من أي إعفاءات جمركيّة أو ماليّة أو سواها، بل سأسعى لإلغاء هذه الامتيازات المجحفة بحقوق الخزينة، والتي لا مبرر معقولًا لها.
إن رئيس الجمهورية لن يضع يديه على أموال سريّة تنفق بدون رقابة.
إن رئيس الجمهورية لن يحتمي بنصوص القانون ضد حريّة الفكر والنشر، فالحماية والحصانة الضروريتان لرئاسة الجمهورية، يجب أن تقوما على مسلك وأعمال متولّيها، فيكفلهما حسن التقدير والرضى، لا خوف العقاب».
كذلك قال: «إن للشعب أهدافًا ثار من أجلها، وهو يتوقع من العهد الجديد تحقيقها. إن الشعب يطلب القضاء سريعًا... على الفساد والفوضى...
إن الشعب يطلب الخلاص من النعرات والأحقاد التي غذّتها سياسة التمييز والاضطهاد... إن الشعب يطلب أن تصان حرمة القضاء... فيبقى منزّهًا مرفّعًا عن كل تأثير، يتساوى أمامه المحكوم والحاكم، الضعيف والقوي... إن الشعب يطلب إدارة داخلية تمتاز بالبساطة والاستقامة والكفاءة، تخدمه بإخلاص وسرعة، وبلا محاباة...
إن الشعب يطلب قانونًا انتخابيًّا تنبثق عنه سلطة تشريعيّة تماشي نهضة البلاد وروح العصر، وتمثّله تمثيلًا لا يفسح مجالًا للطعن في صحّته...
إن الشعب يطلب التشريع الإصلاحي التوجيهي السريع... يطلب العدالة الاجتماعية في كل معانيها، ونواحيها، يطلب الحماية من الفقر والبطالة والعجز والمرض، يطلب سياسة مالية مقتصدة، وسياسة اقتصادية بعيدة النظر... وسياسة تربوية تخلق من النشء نساءً ورجالًا منتجين...
إن الشعب يطلب أن يسود الإخلاص في الأخاء والتعاون علاقات لبنان بالدول العربية كلها...».

 

فؤاد شهاب
إذا كانت ولاية الرئيس بشارة الخوري قد انتهت بثورة بيضاء، فإن ولاية الرئيس شمعون قد انتهت بثورة حمراء، ثورة 1958، التي أسهمت بوصول قائد الجيش الأمير اللواء فؤاد شهاب إلى رئاسة الجمهوريّة.
شدد الرئيس في خطاب القسم على «تصفية آثار الأزمة، وحلّ المعضلات الناشئة عنها، وبناء وطن حر متقدم، ومستقبل مستقر مجيد، وعلى التمسّك بالوحدة الوطنيّة».
أثار شهاب موضوع الميثاقيّة، ودعا إلى الحرص على الدستور غير المكتوب : «في الساعة التي أقسم فيها يمين المحافظة على الدستور اللبناني، أعاهدكم، وأطالبكم بعهدكم على الوفاء للدستور غير المكتوب ميثاقنا الوطني. فهو الذي جمعنا ويجمعنا على الإيمان بلبنان وطنًا عزيزًا مستقلًا، سيدًا حرًّا متعاونًا بإخلاص وصدق مع شقيقاته الدول العربية إلى اقصى حدود التعاون لما فيه خيره وخيرها جميعًا، فيما علاقاته مع العالم أجمع على أساس الصداقة والكرامة والتعامل المتكافىء الحر».
سعى شهاب إلى بناء الدولة الحديثة وفي هذا السياق قال: «لم يبق مناص من إقامة الدولة على أسس، وقواعد، ومقاييس مستمدة من تصميم النخبة، ومصلحة الشعب، وطموح الوطن. ولكي يثق المواطن بالدولة، يجب أن يسري فيها روح الجدّ ويسيّرها، الجدّ في المسؤولية عن الواجب وفي الحساب، والجدّ في جعل الدولة للمواطن، وللكل على السواء، والجدّ في النظرة إلى الغد والتصميم له. ولا بدّ من أن يطمئن المواطن إلى تجرّد الحاكم، وعدل القاضي، وأمانة الموظف. ولا بد من أن يكون للحكم فيها كل هيبته، وللقانون كل سلطته، ولحق الفرد والجماعة كل حرمته. وعلى الدولة أن تتجاوز مهمة تأمين العدل والمساواة والنظام إلى تعزيز الفضيلة، ورعاية التقدم، والعمل على ازدهار العلم، وتوفير أسباب النمو الاقتصادي، وكفالة الرزق للفرد، ومستوى العيش الكريم».
وخصّ شهاب الجيش بكلمة مؤثرة: «لقد رافقت جيشنا الحبيب ينشأ، ويترعرع، ويزهو، وعملت في سبيله ما استطعت. فمن حقّه علي أن أخصّه، الآن، في هذه اللحظة الخطيرة، بعاطفة ملؤها الحنو. لقد رأيته متحليًّا بوطنيّته وتفهّمه للواجب. وكان له الفضل الأكبر في سلامة الكيان والمحافظة على معاني الدولة، واستمرار الحياة على أساس الديموقراطيّة والحريّة والمحبة، فله مني الثناء والشكر، وليعلم أنه أبدًا موضع ثقتي ليقيني أنه خليق بمجابهة كل المواقف بروح الاتحاد والانضباط».

 

شارل حلو
رفض الرئيس شهاب تجديد الولاية، وانتخب الرئيس شارل حلو الذي فاجأ السادة النواب بخطاب قصير، لكن على أدب وبلاغة، استهلّه قائلًا: «إن ثقتكم الغالية التي رفعتني إلى سدّة الرئاسة ملأت قلبي شعورًا بالفضل، وإدراكًا للمسؤوليّة. وهي إذ تجعل منيّ ابًا لمجموع الأسرة اللبنانية وتسلخني عن صلة الدم والقربى، إنما تلاشي عندي ما تجمعه الأيام والأحوال في نفس كل بشر من رواسب التباين أو التفضيل، وتهيب بي في جميع الظروف، إلى التقيد بما يفرضه الواجب في مجالات الدفاع عن استقلال البلد وسيادتها ودستورها وصيانة الحقوق، والبرّ بالعهود، وليس لي في هذا منّة أو فضل، إنه وليد ما عليّ للأمة واقتفاء للقدوة السامية الماثلة أمام أعين اللبنانيين في شخص الرئيس فؤاد شهاب الذي جاء تجرّده الشخصي عنوانًا لأروع الأمثولات في وقف كل طاقات الإنسان على خدمة الوطن، وإسعاد الشعب».
وكرر حلو ما سبق وجاءت على ذكره كل خطابات القسم السابقة لجهة بناء الدولة والمؤسسات، وتحقيق العدالة...

 

سليمان فرنجيّة
انتهى عهد الرئيس حلو تاركًا للبنانيين «اتفاق القاهرة»، والانقسام الوطني العمودي حول مضامينه وخياراته، وانتخب الرئيس سليمان فرنجيّة بفارق صوت واحد، وأكد في خطاب القسم «على أن لبنان سيكون في كل ظرف وحال سيدًا حرًّا مستقلًا حريصًا على سلامة أرضه ودستوره».
وأكدّ إيمانه «بقدسية العمل الفدائي الملتزم غايته السامية، والملتزم معها أيضًا واجب احترام قواعد السلامة والسيادة الوطنيّة». ومذكّرًا بأن «لا فضل للبناني على آخر إلاّ بنسبــة إخلاصــه للبنــان».

 

الياس سركيس
ترك الرئيس فرنجيّة سدّة الرئاسة والبلاد تتخبط في حروب طاحنة وانتخب الرئيس إلياس سركيس الذي ألقى خطابًا تطلعيًّا أكدّ فيه «أن الشرط الأساسي الذي بدونه لا يبقى أي مجال للتخطيط ولرسم السياسة المستقبلية، هو إنهاء الاقتتال، بغية سلوك الطريق المؤدي إلى الحوار، ذلك الحوار الذي أعلنت إيماني به تكرارًا، حفاظًا على جوهر لبنان».
وشدد على «أن المقدّسات التي لا يجوز المساس بها» هي «سيادة لبنان، ووحدة أرضه، ووحدة شعبه».
وأكد «أن علاقة لبنان مع المقاومة الفلسطينيّة، وما نتج عنها من تقاتل وأحداث، ما تزال تتفاعل على أرض هذا الوطن، يجب أن تعالج على أسس من الصحة، ومن الصراحة والثقة، تحترم معها سيادة الدولة، وسلامة المواثيق والاتفاقات، لتحول في المستقبل دون أي تجاوز، فتصان مصلحة لبنان، وتسلم القضية الفلسطينية من كل أذى».
 
أمين الجميل
حاول الرئيس سركيس جاهدًا إسكات المدافع، لكن التدخلات الخارجية بلغت مبلغًا خطيرًا، وحوّلت الوطن إلى ساحة لتسديد الحسابات الإقليميّة، والدوليّة، وانتخب الشيخ بشير الجميل رئيسًا، فيما أجزاء واسعة من العاصمة بيروت، والوطن تحت وطأة الإحتلال الإسرائيلي، ولعبت الأقدار لعبتها فاغتيل قبل أن يؤدي القسم الدستوري، وانتخب شقيقه الشيخ أمين الجميل الذي قال في خطاب القسم: «إنني أتسلّم الرئاسة والوطن في حال من العناء والعياء، وحدته حقيقة في الضمائر، وواقعه تمزّق على الأرض، وتشتّت تتجاذبه الأطماع، وتتقاذفه الأهواء، وتعصف به الأحقاد، وتقوم الحواجز بين أبنائه. والدولة تتنازعها مصالح الدول والدويلات، معطلة المؤسسات، منهوبة الموارد، مغتصبة المرافق، بيروت العاصمة المشطورة بين غرب وشرق مثخنة بالجراح، تعاني آثار الدمار، الجبل قلق من تفكك الأواصر بين قراه، وكثرة الفواصل بين أهله، الشمال أصابته العاصفة التي اجتاحت لبنان، فباعدت بين جزء غالٍ من الوطن وسائر أجزائه. البقاع مصدر الخصب والعطاء في أرضنا الطيبة، تحول إلى ميدان تتصارع فيه القوى الخارجية، وتشكّل تهديدًا مباشرًا عليه وعلى لبنان. أمّا الجنوب، ففي تطلع دائم إلى الوطن والدولة، متشبّث بهويته اللبنانية، وانتمائه العضوي إلى الأرض الموحّدة».

 

رينيه معوض
ترك الرئيس أمين الجميل في ختام ولايته قصر بعبدا مسلّمًا الأمانة إلى قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون الذي شكّل حكومة عسكريّة انتقالية. وتوافقت الإرادات الخارجيّة مع الداخليّة على اتفاق الطائف، وانتخب رينيه معوض أول رئيس للجمهورية بعد الطائف، وأقسم اليمين الدستورية في السرايا الحكومي المؤقت في الصنائع، وعند خروجه من المكان اغتيل قبل أن يصل إلى الجهة التي كان يقصدها. وكان سبق له أن دعا في خطاب القسم «جميع القادة، والزعماء، والفاعليات، وأصحاب المواقع والمواقف، لأن يستوحوا مصلحة الوطن العليا، ويستلهموا ضمائرهم، فيضعوا أيديهم في يدي، وأكتافهم إلى كتفي، لأن الحصاد كثير، والفعلة قليلون، مهما كثروا. وابتهل من الأعماق إلى رب الحصاد لكي يرسل فعلَة لحصاده، وليعلم كل واحد منّا أنه سيظل ناقصًا إذا أصرّ على البقاء وحده، ورفض أخاه، وتنكّر له، وأنكر عليه دوره في الخدمة. ففي صدر الوطن، وأحضانه مكان للجميع».
 
الياس الهراوي
مع الغياب المفجع للرئيس معوض انتخب الياس الهراوي رئيسًا في ظلّ وجود العماد عون في قصر بعبدا، وسيطرة الجيش السوري على مفاصل الأمن، وسائر المقدرات...
وقد أكّد الرئيس الهراوي في خطاب القسم (في ثكنة أبلح العسكريّة) على أن «خيار اللبنانيين بناء دولة المؤسسات الحديثة، ذات الصلاحيات الواضحة، والمسؤوليات الناتجة عنها بحيث يطال القانون كل اللبنانيين».
وقال: «إن الظرف عصيب، ولبنان اليوم مهدد، أكثر من أي يوم مضى، بعظيم الأخطار، واللبنانيون قلقون على المصير، حائرون يتلمسون الخلاص حينًا، وتخيب آمالهم أحيانًا... إلاّ أنه للمرة الأولى، منذ اندلاع شرارة الأحداث في لبنان تتاح لهم فرصة سلام حقيقية متمثلة بوثيقة الوفاق الوطني، التي أجمع العالم بأسره على دعمها، وأقرّها مجلسكم الكريم... إنها مشروع متكامل للإنقاذ، ولوضع حد نهائي، وجذري للآلام والدموع...».

 

إميل لحود
مُدّدت ولاية الرئيس الهراوي ثلاث سنوات، ليخلفه الرئيس العماد إميل لحود الذي أكّد أنه سيكون تحت القانون،
وأفرد في خطابه حيّزًا للشباب: «الناس، ولاسيما جيل الشباب منهم، يريدون اهتمامًا بالقضايا التربوية والاجتماعية والصحية والإنسانية والبيئية. فلا يجوز أن يكون الفقر مانعًا للعلم. ولا يجوز أن يكون الفقر مانعًا للصحة. ولا يجوز أن يكون الفقر مانعًا للعمل. ولا يجوز أن يستمر الإجرام البيئي. ولا يجوز أن يبقى مهجّر خارج أرضه. ولا يجوز أن ينسى المهاجر الوطن. ولا يجوز رهن السياسة بالطائفيّة».
وقال: «أنا لا أدّعي أن لديّ عصًا سحريّة تلبي الآمال بين ليلة وضحاها، ولكن لدي النيّة والإرادة، ويدي ممدودة للجميع في كل ما هو خير وصواب وعدل».

 

ميشال سليمان
شهدت ولاية الرئيس لحود الممدّدة لثلاث سنوات، أحداثًا جسيمة، اغتيل الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، وانسحب الجيش السوري من لبنان في نهاية شهر نيسان 2005، وانتخب قائد الجيش العماد ميشال سليمان عقب الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف اللبنانية في الدوحة (21 أيار 2008) بعد 18 شهرًا من الأزمة السياسية الداخليّة، والتي شهدت بعض أعمال العنف.
دعا الرئيس سليمان إلى التزام مشروع وطني «نلتقي عليه بذهنية متقدّمة، لنصل إلى ما يخدم الوطن ومصلحته كأولوية على مصالحنا الفئوية والطائفيّة، ومصالح الآخرين».
ورأى «أن الاستقرار السياسي المنشود، يفرض علينا تفعيل المؤسسات الدستورية، حيث وجب احتضان الأفكار السياسية وتبايناتها، وصولًا إلى قواسم مشتركة، تؤمّن مصلحة الوطن وأبنائه». ووعد الرئيس سليمان في خطاب القسم «الشابات والشباب ببناء وطن يفتخرون بالانتمــاء إليـه».
من بعده كان الفراغ الــذي امتــدّ من 25 أيــار 2014 لغايــة 31 تشريــن الأول 2016 يوم انتخــاب العمــاد ميشــال عــون رئيسًــا للجمهوريــة.
كتب الكتاب. وزفّت الجمهورية إلى الوطن، وسكنا معًا 73 عامًا في بيت الاستقلال، وأمل اللبنانيين أن يكون العهد الجديد، عهد الدولة القوية، القادرة، والعادلة، والمنتجة.