جندي الغد

قصّة وعبرة
إعداد: ريما سليم ضوميط

شهامة جندي

دخلت الممرّضة غرفة العجوز المريض الذي يرقد في المستشفى بين الموت والحياة، وقالت له: سيّدي، لقد جاء ابنك ليراك.
فتح العجوز عينيه بصعوبة وابتسم للجندي الشاب الذي وقف بجانب سريره يمسك يده بحنان، فيما هو يتأمّله بعطف وتشجيع.
أحضرت الممرّضة كرسيًّا للجندي الذي بقي ساهرًا إلى جانب مريضه طوال الليل يشجّعه ويقوّي عزيمته. وكانت تدخل بين الحين والآخر، وتطلب منه أن يأخذ قسطًا من الراحة، لكنّه لم يقبل. وعند طلوع الفجر، فارق الرجل العجوز الحياة وهو يمسك بيد ابنه. وإذ جاءت الممرّضة لتقوم بواجبها الطبّي، راحت تقدّم التعازي للجندي وتبدي أسفها لموت والده. وكم كانت دهشتها عظيمة عندما أخبرها أن الرجل العجوز لم يكن والده، وهو لم يره في حياته من قبل. فسألته باستغراب: كيف ذلك؟
وأجابها: جئت إلى المستشفى لزيارة مريض، وأخطأت في رقم الغرفة. وعندما سمعتك تقولين للرجل العجوز أنني ابنه الذي ينتظره، لم أشأ أن أخذله، لا سيمّا وأنّه لم يكن قادرًا على التمييز بيني وبين ابنه الحقيقي. وقد قرّرت البقاء إلى جانبه لأمدّه بالعطف والتشجيع اللذين يحتاجهما في مرضه، وهكذا كان!
ابتسمت الممرّضة لشهامة الجندي، وقالت له: صحيح أن الجنديّة مبدأ ورسالة. بارك اللّه وطنًا يسهر جنوده ويضحّون لينعم المواطنون بالراحة!