جندي الغد

قصّة وعبرة
إعداد: ريما سليم ضوميط
رسومات: غدير صبح

قصّة المَلِك

يحكى أنّه في قديم الزمان، كان هناك ملكٌ يوزّع الخبز على الفقراء صباح كلّ يومٍ. وكان هؤلاء يجتمعون في باحة القصر، حيث يتقدّم كلٌّ منهم لأخذ رغيفٍ من السلال الكبيرة المُوَزّعة في أرجاء الباحة. في كلِّ يومٍ، كانت هناك فتاةٌ مسكينة تنتظر بعيدًا بصمتٍ ، فيما يتدافع الآخرون لاختيار أكبر عددٍ من الأرغفة الكبيرة. وعند تفرّق الجموع، كانت الفتاة تتقدّم بهدوء لأخذ ما تبقّى لها، وهو غالبًا ما يكون رغيفًا صغيرًا بالكاد يكفيها لسدّ جوعها، فتأكله شاكرةً للرَّبّ نِعَمِه وللملك كَرَمِه.
استمرّ الوضع على هذه الحال طوال أشهرٍ. وفي أحد الأيام، وبعد أن أخذت الفتاة رغيفها الصغير، راحت تلتهمه بالقرب من بوّابة القصر، وكم كانت دهشتها كبيرة عندما وجدت في داخل الرغيف ليرةً ذهبيّةً. أسرعت الفتاة إلى داخل القصر وأخبرت الحرّاس بأن هناك ليرةً ذهبيّةً وقعت عن طريق الخطأ داخل الرغيف، فما كان من هؤلاء إِلَّا أن أخبروا الملك بذلك. عندئذٍ استدعى الملك الفتاة وقال لها: «هذه الّليرة لم تقع في الرغيف صدفةً، بل أنا من وضعها، لأنني كنت أشاهد من شرفتي ما يحدث كلّ يومٍ في باحة القصر، وقد لاحظت أنَّك فتاةٌ طيّبةٌ، ترضين بالقليل وتشكرين الرَّبّ عليه، فيما الآخرون يتعاملون مع بعضهم البعض بأنانيّةٍ وطمعً»! ثم فتح كيسًا من القماش، وأخرج منه ليرةً ذهبيّةً أعطاها للفتاة قائلًا: لقد منحتك الّليرة الأولى لطيبتك وقناعتك، وهذه ليرةٌ أخرى أمنحك إيّاها عربون تقديرٍ لأمانتكِ وصدقك!