جندي الغد

قصّة وعبرة
إعداد: ريما سليم ضومط
رسومات: غدير صبح

النملة الشقيّة

يُحكى أن ثلاثة ملوك اجتمعوا يومًا بشيخٍ حكيمٍ وسألوه كيف يمكنهم أن يحكموا إلى الأبد. فردّ الشيخ أنّه لا يمكن للإنسان أن يعيش إلى الأبد، لكنّه يستطيع أن يقوم بعملٍ يخلّد ذكراه. وحين عادوا إلى ممالكهم أخذ كلٌّ منهم يُفكّر في عملٍ فريدٍ لتخليد ذكراه.
بعد مدّةٍ قصيرة، بنى الملك الأول بناءً مرتفعًا علّق على قمّته سراجًا كبيرًا، يُنير الطريق في الليل للمسافرين، فصار حديث القوافل والسيّاح، الذين كانوا يسيرون في هديه ويحلّون في ضيافة الملك، فيأكلون ويشربون، وقد أوصى الملك أن يظل هذا السراج مشتعلًا حتى بعد مماته فظلّ عمله هذا حديثًا للناس يذكرونه من خلاله بالخير.
أما الملك الثاني فقصد أرضًا مُقفرة تلتقي فيها قوافل المسافرين، وكان كثيرٌ من الناس يموتون عطشًا فيها، فأمر بحفر بئرٍ، وصار الجميع يرتوون منه ويجتمعون لأخذ استراحة قربه، فأصبح المكان يعجّ بالحياة والفرح. ومنذ ذلك الحين، باتت سيرة الملك الحسنة على كلّ لسان.
أما الملك الثالث فقد كان جشعًا وطمّاعًا، وفكّر أن يخلّد اسمه كأغنى ملكٍ في التاريخ، فراح يزيد الضرائب على المواطنين ويقسو عليهم في تحصيلها، وصار المواطنون يشكون الفقر والعوز، حتى أن بعضهم مات من الجوع، فيما هرب كثيرون إلى ممالك مجاورة، فذاع صيته كملكٍ ظالمٍ مستبدٍّ، ولم يبق له سوى ذكرى ظلمه وإيذائه للناس!