جندي الغد

قصّة وعبرة
إعداد: ريما سليم ضوميط
رسومات: غدير صبح

في الاتّحاد قوّة

 

كان رجل أعرج يعيش في إحدى القرى، وكان يعاني المشقّات كلّما اضطرّ إلى التنقل من قريةٍ إلى أخرى. وبينما كان يسير يومًا عبر طريقٍ وعرة، رأى رجلًا ضريرًا يجلس قرب شجرةٍ فسأله عن وجهة سيره، وعلم من جوابه أنهما يقصدان المكان نفسه. عندئذٍ قال الأعرج: «أنت ضريرٌ وأنا أعرج، أنت لا تستطيع رؤية طريقك وأنا أعاني في أثناء سيري، فما رأيك لو تحملني وأنا أرشدك إلى الطريق؟»
وافق الأعمى وحمل الأعرج على كتفيه، فأصبحا منذ ذلك الحين صديقين يترافقان باستمرار. وذات مرّة،  في أثناء سيرهما إلى السوق، قال الأعرج لرفيقه: «توقّف، إنّي أرى كيسًا هناك». ثم نزل عن كتفي صاحبه وفتح الكيس فوجده مليئًا بالذهب والمجوهرات. وحين علم الأعمى بمحتواه قال لصديقه:»أنا أحقّ بهذا الكنز، فلم تكن لتجده لو أنّك مشيت وحدك ببطء، ولكان شخصٌ آخر عثر عليه قبلك». لكنّ الأعرج جادله قائلًا: «أنا من رأى الكيس ولم تكن لتراه من دوني». تشاجر الرجلان ولم يتوقّفا إلا حين أقبل رجلٌ من بعيد وحاول فضّ الخلاف فاستمع إلى الطرفين. ثم قال لهما:» لماذا لا تتقاسمان الكنز، فقد وجدتماه معًا، وما كان أيّ منكما ليعثر عليه وحده». لكنهما لم يصغيا إلى كلامه، وواصلا الشجار. وفيما هما يتناقشان بحدّةٍ، جاء رجل أخر، فأخبراه القصة، وما كان منه إلّا أن حمل الكيس وجرى بعيدًا، صارخًا بصوتٍ عالٍ :«من استطاع منكما الإمساك بي فليأخذ الكنز».
اختفى السارق في لحظات، فأيقن الرجلان عندئذٍ أنهما كانا يشكّلان فريقًا قويًّا في اتحادهما، وأن خلافهما أضعفهما وأصابهما بخسارة كبيرة.