جندي الغد

قصّة وعبرة
إعداد: ريما سليم ضوميط
رسومات: غدير صبح

البقرات الثلاث

في أحد المراعي الخضراء، كان هناك ثلاث بقرات، واحدة سوداء الّلون، وأخرى بنّية، والثالثة بيضاء. كانت هذه البقرات ترعى معًا كلّ يومٍ وتساعد كلٌ منها الأخرى. في أحد الأيام، جاء أسدٌ بنيّ الّلون من الغابة المجاورة يبحث عن طريدةٍ له، فاتّحدت البقرات الثلاث واستعدّت لمواجهته. تقدّم منها الأسد يطلب التفاوض معها، فقال: أنا ملك الغابة وقد أتيت لأعرض خدماتي. سوف أدافع عنك في الغابة شرط أن نكون أصدقاء. وافقت البقرات الثلاث بعد أن اتفقت في ما بينها أن تظل متّحدة ضدّ الزائر الغريب. بعد مضي أيّامٍ، أتى الأسد إلى البقرتين الحمراء والسوداء فقال لهما: أنا لا أستطيع أن أحمي ثلاث بقرات، والبقرة البيضاء لونها واضح في الليل والنهار وتسبّب لنا المتاعب، أما أنتما فلونكما داكن ولا خوف عليكما، فما رأيكما في التخلص منها ليسهل عليّ الدفاع عنكما؟ اقتنعت البقرتان بفكرة الأسد ووافقتا عليها، فابتعدتا عن صديقتهما كي يتمكّن الزائر الغدّار من افتراسها. وفي اليوم التالي، ذهب الأسد إلى البقرة البنيّة وقال لها: لونك مثل لوني، أي أننا ننتمي إلى جذورٍ متشابهة، أما البقرة السوداء فتختلف عنّا وقد تسبّب لنا المتاعب، فما رأيك في التخلّص منها؟ وافقت البقرة البنيّة، فقام الأسد بافتراس رفيقتها السوداء. وفي اليوم الثالث، جاء الأسد إلى البقرة البنيّة قائلًا: استعدّي فقد حان دورك لتكوني وجبةً دسمة لي. ذهلت المسكينة وبكت قائلةً: ألم تقل لي أنّنا ننتمي إلى الجذور نفسها؟ لقد ظننت أنّنا أصدقاء، فما الّذي حصل؟ أجاب الأسد ضاحكًا: أنتِ لستِ صديقتي، أنتِ فريستي، وقد حكمتِ على نفسكِ بالموت منذ الّلحظة التي تخلّيتِ فيها عن رفيقتيكِ! ولو أنكِ بقيتِ متّحدة معهما، لما كنت استطعت النيل منكِ. قال ذلك، والتهم البقرة البنيّة ثمّ غادر المرعى بحثًا عن فريسةٍ أخرى.