جندي الغد

قصّة وعبرة
إعداد: ريما سليم ضوميط
رسومات: غدير صبح

المنزل الأخير
يحكى أنّ نجّارًا كان يعمل في بناء المنازل الخشبيّة، وكان مشهورًا ببراعته واتّقانه لعمله. وحين تقدّم به العمر، قرّر أن يترك العمل ويرتاح في منزله مع عائلته، إلّا أن ربّ العمل عارض الأمر وطلب منه البقاء لقاء زيادة فى الأجر، فلم يوافق النجّار. عندئذٍ قال له رب العمل: سأقبل استقالتك ولكن بشرطٍ واحدٍ، وهو أن تبني لي منزلًا جميلًا قبل أن تغادرنا، فوافق النجّار على مضضٍ، وباشر عمله على الفور. ولعلمه أن هذا البيت هو الأخير، أسرع في إنجازه من دون أن يُحسِن صنعه، فاستخدم خشبًا رديئًا، ولم يؤدِّ العمل بما يتلاءم مع خبرته الطويلة وجودة عمله المعهودة. وعندما انتهى النجار العجوز من البناء، سلّم ربّ العمل مفاتيح المنزل الجديد، وهمّ بالرحيل، لكن ربّ العمل استوقفه، وقال له: «دع المفتاح معك، فهذا المنزل هدية منّي إليك لقاء السنوات التي عملت فيها بيننا بإخلاصٍ وتفانٍ». صعق النجار لهذا النبأ، وشعر بأسفٍ لا يوصف، لأنه كان يعلم أن المنزل الذي بناه غير صالحٍ للسكن ولن يصمد أمام رياح الشتاء وعواصفه، فندم أشدّ ندمٍ على استهتاره وعدم إخلاصه في العمل.