جندي الغد

قصّة وعبرة
إعداد: ريما سليم ضوميط
رسومات: غدير صبح

لماذا أتعلّم؟
نهض يوسف من فراشه بكسلٍ، وتوجّه إلى المطبخ عاقد الحاجبين كعادته صباح كلّ اثنين. استقبلته أمّه بابتسامة تشجيعٍ وقدّمت له طعام الفطور. لم يتمكّن الولد من ردّ الابتسامة بالمثل لأن مزاجه كان سيئًا للغاية، فهو لم يفهم حتّى الآن لماذا عليه أن يستيقظ باكرًا صباح كلّ يوم وأن يذهب إلى المدرسة كي يتعلّم الّلغات والعلوم والرياضيّات وكلّ تلك المواد المتعبة! وراح يتساءل في نفسه ماذا سيفيده العلم، أليس النوم والّلعب أفضل له؟
فجأةً، خطرت في باله فكرةٌ نفّذها على الفور. نادى والدته وتظاهر أمامها بالمرض، وأقنعها بعدم قدرته على الذّهاب إلى المدرسة. «أنا اليوم حرٌّ» فكّر في نفسه. «سألعب وأنام وأفعل كلّ ما يحلو لي». خرج إلى الحديقة يركض في أرجائها، فلفت سمعه طنين نحلٍ كان يحوم حول الأزهار الملوّنة. حينئذٍ، تذكّر ما تعلّمه في المدرسة حول تلك الحشرة الطنّانة التي تعمل ضمن مجتمع منظّم، فتجمع رحيق الأزهار وتصنع العسل الّذي تخزّنه في بيتٍ تصنعه بنفسها ويسمّى «خليّة النّحل». قرّر يوسف أن يلعب بعيدًا من النحل كي لا يلسعه، وإذ اختار بقعةً أخرى وجلس فيها يتأمّل الطبيعة، شاهد بالقرب منه نملةً صغيرة تحمل حبّة حنطة تفوقها حجمًا ووزنًا، وتسير بها بنشاطٍ وعزمٍ لإيصالها إلى قرية النّمل. هنا أيضًا، تذكّر يوسف ما تعلّمه عن تلك الحشرة النشيطة التي تعمل ضمن مجموعةٍ من دون كللٍ أو ملل كي تخزن خلال الصيف مؤونة الشتاء.
وفيما هو يتأمّل الطبيعة وحشراتها النّشيطة، فهم يوسف لماذا عليه أن يذهب إلى المدرسة كلّ يوم. لقد أيقن أنّ لكلّ مخلوقٍ حيّ دورًا مهمًّا ضمن المجموعة التي ينتمي إليها، فإذا لم يقم به كما يجب، سوف يؤدّي ذلك إلى خللٍ في عمل المجموعة. وفهم أيضًا أن دوره في هذه المرحلة أن يكون تلميذًا نشيطًا ومجتهدًا، وأن يكتسب العلم والثقافة، كي ينال الشهادة العلميّة التي ستؤهّله، حينما يكبر، إلى ممارسة دورٍ ناجحٍ في المجتمع، يساهم من خلاله في بناء وطنه وإنمائه.