جندي الغد

قصّة وعبرة
إعداد: ريما سليم ضوميط
رسومات: غدير صبح

الجسر المعلّق
في العام 1860، راود الألماني جون رويبلينغ حلم بناء جسرٍ طويل يربط ولاية نيويورك الأميركية بجزيرة لونغ أيلاند. وكان جون مهندس جسور بارع وقد هاجر الى الولايات المتحدة الأميركية وأقام فيها بعد أن أنجز عدّة مشاريع هندسيّة ناجحة في بلده.
عندما سمع الخبراء بفكرة جون، سخروا منه ونصحوه بتجاهل الموضوع، إذ أنّه من المستحيل بناء جسر معلّق بهذا الطول، لكن جون كان مصممًا على موقفه، وقد تمكّن من إقناع إبنه واشنطن رويبلينغ بمساعدته في تنفيذ الفكرة بالتعاون مع مهندس أميركي صاعد.
من خلال تعاونهما معًا، قام الأب وابنه بتوظيف طاقم العمل وباشرا بناء جسر الأحلام. كان المشروع يسير بشكلٍ جيّد وفق الخطّة المرسومة، إلى أن تعرّض جون رويبلينغ لحادثٍ في العمل أدّى إلى وفاته،  فتولّى ابنه واشنطن مسؤولية المشروع، لكنّه أصيب بدوره بشللٍ جعله غير قادر على الكلام أو الحركة، فتوقف البناء إذ لم يكن هناك من يستطيع إدارة المشروع سواه.
كان واشنطن مستلقيًا على سريره في غرفة المستشفى وهو يفكّر أن المرض قد سلبه الحركة لكنّه لم يسلبه العزم والإرادة، وقرّر حينها أن يجد طريقة لإكمال العمل. وبما أن المرض لم يترك له سوى إصبع واحد يستطيع تحريكه، فقد أوجد المهندس وسيلة للتواصل مع زوجته إميلي عن طريق النقر على ذراعها. وعلى الرغم من أنّه لم يتمكن من الإشراف المباشر على البناء، فقد كان بإمكانه نقل التعليمات الهامّة للمهندسين عبر زوجته.
طوال ثلاثة عشر عامًا، ظلّت إميلي تترجم تعليمات زوجها، إلى أن تم إنجاز الجسر بنجاح. كانت إميلي رويبلينغ أول شخص يعبر الجسر مع الرئيس الأميركي آنذاك تشيستر آرثر. وقد عبر من بعدهما في ذلك اليوم، حوالى ألفي سيارة وأكثر من 150 ألف شخص مجتازين الممر البرّي الوحيد بين مانهاتن وبروكلين وسط أنغام الموسيقى والألعاب النارية.