جندي الغد

قصّة وعبرة
إعداد: ريما سليم ضوميط

الثروة الحقيقيّة
يُحكى أنَّ رجلاً عجوزًا، اشتدَّ به المرضُ، فدعا ولديه، وقال لهما :يا ولدَّيَّ. لقد تركتُ لكما أرضًا، وهذا الكيسَ من الذهبِ، فَلْيخترْ كلٌّ منكما ما يشاء.
قالَ الإبن الأصغر: أنا آخذ الذهب. وقالَ الإبن الأكبر :وأنا آخذُ الأرض .
بعد أيّامٍ ماتَ الأبُ، فَحَزِن الولدان كثيرًا، ثم أخذ كلُّ منهما نصيبه من ثروة أبيه، وبدأ الإبن الأكبر، يعملُ في الأرض، يبذرُ في ترابها القمح، فتعطيه كلُّ حبّةٍ سنبلةً، وكلِّ سنبلةٍ مئةُ حبة. وكان كلّما يحصد القمحَ، يزرعُ موسمًا آخر، وثروته تزدادُ يوماً بعد يوم.
أمّا الإبن الأصغر، فقد أخذَ ينفقُ من الذهب، شيئاً بعد شيء، والذهبُ ينقصُ يوماً بعد يوم، وذاتَ مرّةٍ، فتحَ الكيسَ، فوجدهُ فارغاً!
عندئذٍ ذهب إلى أخيه، وقال له بحزنٍ: لقد نفدَ الذهبُ الذي أخذتهُ.
فردّ أخوه: أمَّا ما أخذتُهً أنا فلا ينفدُ أبداً.
سأل الأخ الأصغر أخاه مستغربًا: وهل أخذْتَ غيرَ أرضٍ مملوءةٍ بالتراب؟!
أخرجَ الأخُ الأكبرُ، كيساً من الذهب، وقال :ترابُ الأرضِ، أعطاني هذا الذهب.
ردّ الأخُ الأصغر بدهشةٍ: وهل يعطي الترابُ ذهبًا؟!
فابتسم أخوه ،وقال: الخبزُ الذي تأكُلهُ، من تراب الأرض، والثوبُ الذي تلبسُهُ، من تراب الأرض، والثمارُ الحلوةُ، من ترابِ الأرض.
قال الأخ الأصغر: ما أشدَّ غبائي وجهلي! لقد فضّلت الذهب على الأرض ولم أدرك أن الأرض هي الثروة الحقيقيّة للإنسان.
أمسك الأخ الأكبر بيد أخيه وطمأنه قائلًا: لا تحزن يا أخي !إذا ضاع الذهبُ، فالأرضُ باقية. هيّا بنا نزرعها ونحصد غلّاتها، ونطعم أولادنا من خيراتها.