ملف العدد

قضية الغش في زيت الزيتون
إعداد: ريما سليم ضوميط

هل من إجراءات رادعة؟

وزارة الزراعة تعمل على برنامج للمكافحة ومديرية حماية المستهلك بالمرصاد للمخالفين

زيت الزيتون سيد المائدة اللبنانية،  والواقي الطبيعي من أمراض القلب، باتت سمعته في خطر بعد أن ثبت خلطه بزيوت مضرّة بالصحة، من بينها زيت جفت الزيتون، وبيعه في الأسواق اللبنانية على أنّه زيت بكر ممتاز! وقد أثارت قضيّة زيت الزيتون المغشوش ضجّة إعلامية كبيرة في الأشهر الأخيرة بعد أن ظهرت نتائج التحاليل المخبرية التي أجرتها مديرية حماية المستهلك على عيّنات من الزيت المتداول في السوق اللبناني، والتي تبيّن بنتيجتها أن 56 في المئة من العبوات التي تم فحصها مغشوشة، كونها غير مطابقة للمواصفات، إما لوجود صبغات صناعية فيها، أو لوجود نسبة عالية من الحمض.

 

وزير الزراعة: نعمل على برنامج لمكافحة أي غش أو تزوير
في ختام شهر آذار الماضي، دُقّ ناقوس الخطر في وزارة الزراعة ما دفع وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن الى عقد مؤتمر صحافي، صرّح خلاله أن «الوزارة بصدد إصدار قرارات هامة تتعلق بمعاصر الزيتون والرقابة عليها والمعايير والمواصفات المحددة لها وتسجيلها في وزارة الزراعة». وأشار إلى «مشروعين هامين يتم العمل على تنفيذهما حالياً بالتعاون مع مؤسسة «سيام باري» وبتمويل من مكتب التعاون الايطالي لجهة تدريب المزارعين وارشادهم إلى كيفية الوصول إلى انتاج سنوي ثابت لشجرة الزيتون».
كذلك، أعلن عن «قرب إصدار القرارات التي تحدد مواصفات العصر وأوعية التعبئة» مشيرًا إلى أن الأوعية البلاستيكية غير مناسبة. وشدد على أهمية وضع الملصقات على عبوة زيت الزيتون التي تحدد مكان زراعة الزيتون، المعصرة، تاريخ الانتاج، تاريخ الصلاحية، اسم المزارع، الحجم، الوزن، وشهادة التحليل. وقال «إن وزارة الزراعة تعمل على برنامج لفحوصات زيت الزيتون مع مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية وفق آلية ستصدر قريباً، على أن يستفيد منها المزارع الذي سجل في الاحصاء الزراعي، والمعاصر المسجلة والمستوفية الشروط والمعايير التي ستصدرها وزارة الزراعة، والمصانع المسجلة». وأضاف: «كل من لم يسارع الى التسجيل سنعتبر معصرته غير شرعية ومصنعه غير شرعي، وهذا الأمر من ضمن سلّة قرارات ستعتمد لتفعيل الرقابة ومكافحة اي غش او تزوير».

 

مديرية حماية المستهلك: نشر أسماء المخالفين بعد صدور الأحكام
أكد رئيس مديرية حماية المستهلك الأستاذ فؤاد فليفل في حديث لمجلة «الجيش»، أن وزارتي الزراعة والإقتصاد والتجارة تتعاونان لإيقاف عمليات الغش في زيت الزيتون، مشيرًا إلى أن مديرية حماية المستهلك لا تستطيع نشر أسماء المخالفين في وسائل الإعلام قبل صدور أحكام قضائية بحقهم.


• تشير تقارير لمديرية حماية المستهلك إلى أن 56 في المئة من الزيت المتداول في السوق اللبناني مغشوش، ما يشكّل خطرًا أكيدًا على صحّة المواطنين. ما الإجراءات التي اتخذتها المديرية بحق مرتكبي هذا الغش؟
- أود أولاً أن أوضح أن نسبة الـ56 في المئة تشمل زيوتًا مغشوشة من حيث عدم تطابق التسمية مع المواصفات، لكنها لا تحتوي على مواد ضارة بالصحّة العامة. بمعنى أن بعض التجار وضعوا على الملصق الخارجي للعبوة «زيت زيتون صافي مئة في المئة» أو «زيت زيتون ممتاز»، في حين أن المواصفة التي وضعتها «ليبنور» تسمح بتسميات «زيت زيتون، أو زيت زيتون بكر، أو زيت بكر ممتاز». فالغش هنا لا يشمل أخطارًا على الصحّة العامة ولكنّه غش يهدف إلى رفع سعر الزيت أو زيادة نسبة البيع.


• ولكن البعض مغشوش بالفعل بمعنى أته يحتوي موادًا ضارة، فهل تم سحبه من السوق؟
- بعد الفحص وجدنا في بعض العينات نسبة أسيد تبلغ 2,7 في المئة، وهذا يشكّل خطرًا على الصحّة. مرتكبو هذا الغش تم تحويلهم إلى النيابة العامة وننتظر صدور أحكام قضائية بحقّهم. وهنا أود الإشارة إلى أنه في العام الماضي قمنا أيضًا بتسطير محاضر ضبط بحق مخالفين بعد أن بيّنت التحاليل وجود عدم تطابق للمواصفات في 13 عينة، وقد تمّت إحالة المخالفين إلى القضاء.


• لماذا لم يتم نشر الأسماء تطبيقًا للقانون 45 من قانون مديرية حماية المستهلك؟
- القانون يمنعنا من نشر الأسماء قبل أن تظهر نتائج الأحكام القضائية.


• هل ما زالت الماركات التجارية التي ثبت وجود غش فيها معروضة في السوق اللبناني؟
- للتجار الحق في عرض أصنافهم في السوق وقد أخذنا منهم تعهّدًا بعدم الغش, ونحن نراقب العينات ونفحصها للتأكد من جودتها.


• وزارة الإقتصاد والتجارة تسمح باستيراد الزيوت المكرّرة في الخارج من دون الحاجة إلى إعادة تكريرها. هل من مراقبة للتأكد من سلامة هذه الزيوت؟
- عملية تكرير الزيت مكلفة، لذلك أصدر الوزير القرار بأن الزيوت التي تستورد في عبوات من «الستاينلس ستيل» أو في أنواع خاصة من البلاستيك التي لا تزيد الأكسدة، والتي تخزّن بطريقة صحيحة، لا ضرورة لتكريرها. والزيوت تأتي إما عن طريق البواخر أو عبر الحدود حيث يتم تحليل عينات منها قبل تفريغها. فإذا كانت مطابقة للمواصفة اللبنانية يتم قبولها. أما العبوات التي تأتينا بغير الأوعية التي أشرنا اليها سابقًا، فيتم تكريرها قبل سحب العينات وتحليلها.


• ما الإجراءات التي اتخذتها وزارة الإقتصاد لمعالجة عمليات الغش في الزيت؟
- هناك تعاون بين وزارتي التجارة والزراعة ومؤسسة المقاييس اللبنانية «ليبنور» لحل الأزمة. وقد باشرنا الخطوة الأولى باجتماع للعمل على تعديل المواصفة في «ليبنور». كما تم الإتفاق على مراقبة القطاع كل في ما خصّه: وزارة الزراعة لضبط قطاع الإنتاج والعصر، ووزارة الإقتصاد لمراقبة السوق وعمليات الإستيراد. ونقوم في هذا الإطار، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية على الحدود وخصوصًا مخابرات الجيش والجمارك.
من جهة أخرى، نقوم بدراسة  أنواع التحاليل اللازمة للكشف عن الغش في الزيت، لنرى ما إذا كنا بحاجة إلى إضافة أي منها لتحاليلنا حفاظًا على الصحة العامة.

 

زيت الزيتون اللبناني ما بين الإنتاج والإستهلاك
قدرت المساحات المزروعة بالزيتون في لبنان خلال العام 2006 بحوالى 59.1 ألف هكتار (21% من مجمل المساحة المزروعة) بزيادة سنوية تقدّر بـ2.5 %. ويحتل الشمال 41% من مجمل هذه المساحة، تليه النبطيه21%، فالجنوب وجبل لبنان 17% لكل منهما، والبقاع 4%.
بلغت كمية الإنتاج خلال سنة 2006 حوالى 177.3 ألف طن بقيمة 283.7 مليار ل.ل .
وبلغت نسبة الصادرات 22 طنًّا بقيمة 54 مليون ل.ل. أما نسبة الواردات فبلغت 2137 طنًّا بقيمة 1.7 مليار ل.ل.


• إنتاج زيت الزيتون واستهلاكه:
تستخدم نسبة 30% من إنتاج الزيتون كزيتون مائدة، ونسبة 70% تحوّل إلى زيت زيتون.
يقدّر معدّل استهلاك زيت الزيتون في لبنان بـ16 ألف طن سنويًا.


• صلاحية زيت الزيتون:
تختلف مدة صلاحية زيت الزيتون وفق نوعية الزيتون، نسبة النضوج عند العصر وطرق الاستخلاص والتصفية. يُفضل استهلاك زيت الزيتون في أول سنتين من إنتاجه أو استخلاصه.
يحفظ زيت الزيتون في الاماكن الباردة والمظلمة بعيداً عن الحرارة والضوء والهواء.

 

كيف تتم عمليات الغش في زيت الزيتون ومن المسؤول عنها؟
لجمعية المستهلك رأيها في قضية زيت الزيتون المغشوش والطرق الواجب اعتمادها لمواجهة الغش. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون.
قالت المهندسة ندى نعمي مسؤولة قسم مراقبة وسلامة الغذاء وعضو الهيئة الإدارية في جمعية المستهلك - لبنان في حديث لمجلة «الجيش»، إن الزيت المغشوش هو الذي يتم التلاعب بمكوناته او خلطه وبيعه بعد رفع سعره على أنه زيت زيتون بكر او بكر ممتاز.وهو يباع تحت إسم زيت زيتون لبناني في حين أنه قد يكون من الزيوت المستوردة.
وأضافت: تتم عمليات الغش بواسطة الخلط بزيوت أخرى ضارة صحيًّا كزيت جفت الزيتون او الزيوت النباتية الاخرى واستعمال الصبغات، وغيرها من الاساليب التي يعمد إليها بعض التجار المحترفين والجشعين. وأوضحت أنه من خلال الجولات التي قامت بها الجمعية تبين ان بعض المحّال يبيع الزيت بالتجزئة من دون معرفة هوية الزيت ونوعيته. وهذا ما يزيد من خطورة الأمر، إلى جانب مسألة تضليل المواطن نتيجة تعريف الزيت المخلوط على أنه زيت زيتون صاف وبيعه بسعر زيت الزيتون الذي يجنيه المزارعون ويعصرونه بالمعاصر في الموسم، الأمر الذي يؤثر سلبًا على المزارع اللبناني وهوية الزيت اللبناني.
المسؤول عن الغش بحسب نعمي هو المراقبة الغائبة والمواصفة اللبنانية لزيت الزيتون التي تعمل جمعية المستهلك على تغييرها من خلال اللجنة الفنية في مؤسسة المقاييس والمواصفات.
وهناك مسؤولية أيضًا على وجود مرسوم باستيراد الزيوت المكررة وفتح باب الإستيراد امام الزيوت الغريبة مع العلم بأننا ننتج من زيت الزيتون ما يكفي للإستهلاك المحلي.
وتحدثت نعمي عن مسؤولية الجهات الرسمية المعنية في مواجهة عمليات الغش في الزيت وأولها مديرية حماية المستهلك مطالبة إياها بكشف مرتكبي المخالفات وسحب منتجاتهم من الاسواق والكشف عن أسمائهم.
كما أشارت نعمي إلى مسؤولية وزارة الزراعة من حيث تنظيم القطاع ودعم الزراعة وتنظيم عمل المعاصر، وتعزيز دور تعاونيات الانتاج ودور التعاونيات الزراعية.
وطالبت الجهات الرسمية المعنية باتخاذ خطوات عملية لمكافحة الغش، من بينها منع إستيراد زيت الجفت إلى حين تنظيم إستيراده لصناعة الصابون فقط وغلق الأبواب أمام خلطه مع زيت الزيتون. كما أشارت إلى ضرورة تنظيم عمل المعاصر وفحص الزيوت المستخرجة لمراقبة نوعيتها، وتفعيل عمل المختبرات لكي تغطي كل التحاليل اللازمة لكشف الغش.
وعن الحلول المقترحة لمعالجة الأزمة أكّدت نعمي ضرورة إجراء دراسة واقعية وعلمية لقطاع زيت الزيتون لتحديد مشاكله وسبل حلها، وتطوير زراعة الزيتون وتطوير عمل المعاصر وتوضيب الزيت بشكل علمي والصاق لائحة البيانات على العبوات، ومنع استيراد زيت جفت الزيتون وزيت الزيتون بشكل عام من الخارج، وتعزيز المراقبة على الزيت المحلّي، إضافة إلى دعم مزارعي الزيتون وتحسين زراعتهم عبر إعطائهم كل الإرشادات اللازمة.
كما اقترحت إقامة معارض داخلية وخارجية للتعريف بالزيت اللبناني ونوعيته وفوائده؛ وأكّدت ضرورة العمل على تفعيل المجلس الوطني لحماية المستهلك، وإطلاق محكمة المستهلك التي هي جزء أساسي في قانون حماية المستهلك.
وأضافت: إننا كجمعية حماية المستهلك وانطلاقاً من دورنا كسلطة رأي عام، نعمل بالتعاون مع الإعلام  لإعلام المستهلكين عن الأمور التي تضر بسلامتهم وصحتهم من خلال برامج التوعية التي نقوم بها.
وطالبت بتعزيز العلاقة بين المزارع والمستهلك وشراء الزيت مباشرة من المزارع والعمل على تسريع إصدار قانون سلامة الغذاء. وقالت إن الجمعية سوف تعمل على إجراء فحوصات للزيوت الموجودة في الأسواق إذا توافر الدعم لإجراء هذه الفحوصات، وسوف نعمل على نشر أسماء المخالفين وهذا حق من حقوقنا التي أعطانا إياه قانون حماية المستهلك.
وعن المغالطات التي تتضمنها المواصفة اللبنانية لزيت الزيتون الموضوعة من قبل مؤسسة «ليبنور» قالت نعمي: المواصفة اللبنانية التي يجب تغييرها تتضمن تعريفات خاطئة منها:
زيت الزيتون: هو زيت مكون من خليط زيت زيتون مكرر وزيت زيتون بكر صالح للإستهلاك.
والتعديل المقترح هو:
-خليط زيت زيتون (زيت مكرر وزيت زيتون بكر)، او مزيج زيت زيتون (زيت مكرر وزيت زيتون بكر)   ويكتب على العبوة منعاً للتضليل وهذا موضع صراع في اللجنة ونعمل بإصرار على التغيير.

 

تعديل المواصفة اللبنانية لزيت الزيتون بين أخذ ورد
في الرابع من أيار عقدت لجنة الزيوت اجتماعًا في «ليبنور» لإعادة النظر في المواصفة اللبنانية رقم 567 الخاصة «بزيوت الزيتون وزيوت تفل الزيتون». شارك في الإجتماع ممثلون عن 29 جهة معنية من بينهم ممثلون عن كل من وزارة الزراعة والإقتصاد والدفاع، إلى ممثلين عن الهيئات الأهلية، والجامعة اللبنانية، وتجار الزيوت، وغيرهم.
البارز في هذا اللقاء، توافق الحضور بالإجماع على أن يضاف إلى الفقرات الخاصة بزيت جفت الزيتون عبارة «غير صالح للإستهلاك البشري ويخصص فقط لصناعة الصابون والصناعات الأخرى غير الغذائية». أما بالنسبة إلى تسمية زيت الزيتون فما زالت عالقة ولم يتم التصويت عليها. وقد ورد إلى مؤسسة ليبنور كتابان رسميان من وزيري الزراعة والإقتصاد، حيث أشار الأول في كتابه إلى موافقة الوزارة على تعديل مواصفة زيوت الزيتون وزيوت تفل الزيتون بأن يضاف الى البطاقة البيانية الخاصة بالصنف «زيت الزيتون» في مكان المكونات العبارة الآتية: زيت مكوّن من خليط زيت الزيتون، المكرر وزيت الزيتون البكر. أما وزير الإقتصاد فقد اقترح في كتابه تعديل فئة زيت الزيتون (الفقرة3-1-3) لعرض المعلومات البيانية، على أن تتبع التسمية عبارة «مكوّن من زيت الزيتون المكرّر وزيت الزيتون البكر، بكتابة واضحة».

 

تجمّع الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون
لاقت نتائج اجتماع «ليبنور» ردود فعل سلبية لدى تجمّع الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون حيث أصدرت الأخيرة بيانًا استنكرت فيه أن تقوم مؤسسة» ليبنور» بالتنكر لمحضر الإجتماع الذي عقد في 22 آذار 2011 والذي صوّت فيه بأغلبية الحضور على تعديل البند 3-1-3 (زيت الزيتون)، وأكدوا على ضرورة تسميته «زيت زيتون خليط». كما أن وزير الزراعة قد أعلن في مؤتمره الصحافي ضرورة تسميته «زيت زيتون خليط». وقد أوردت ليبنور في محضر الإجتماع الأخير كتابًا قديمًا لوزارة الزراعة على الرغم من أن موقف الوزير واضح وقد عبّر عنه في مؤتمره الصحافي. كما أن رئيس لجنة الزيتون المهندس غسان حمادة، أكّد على ضرورة تسمية هذا البند «زيت زيتون خليط» أو مزيج.. يضاف إلى ذلك أن مواصفات هيئة التقييس لدول التعاون الخليجي تسمي هذا البند «زيت زيتون خليط». علمًا أننا نفضّل إلغاء هذا البند نهائيًا لأن تجار الزيت يحققون أرباحًا فاحشة عبر خلط الزيت المكرّر مع زيت الزيتون وبيعه تحت إسم زيت الزيتون بموجب هذا البند.
وجاء في البيان أيضًا: إن على مؤسسة ليبنور أن تلتزم محضر إجتماع 22/3/2011، وإن المزارعين يتابعون بدقة موضوع تعديل المواصفات، علمًا أن المواصفات التجارية للمجلس الدولي لزيت الزيتون لا تلزمنا بدليل أن هذا المجلس أوضح أن لكل بلد الحق في إصدار المواصفات والتسميات الأكثر دقة، ونحن في لبنان ننتج الزيت الطبيعي ولسنا بحاجة إلى الزيوت المصنعة أو المخلوطة. لقد آن الأوان أن تبدأ الشعوب العربية بتغيير مواصفات زيت الزيتون لمصلحة المستهلك والمزارع وإلغاء البنود التي تضر بالإنتاج الوطني وبالصحة القومية.
كما أعلنت الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون أن معظم إنتاج الموسم الماضي ما زال مخزناً لدى المزارعين ولم يتمكنوا من بيعه بسبب إغراق التجار لأسواق لبنان بالزيوت المستوردة وبسبب المواصفات التي تشرّع الغشّ.
ودعت المواطنين إلى شراء الزيت من المزارع مباشرة واعدة بالعمل على وصل المزارع بالمستهلك مباشرة في المستقبل القريب.
كما دعت إلى استثناء زيت الزيتون من جميع اتفاقيات التبادل التجاري، وخصوصًا إتفاقية التيسير العربية وتطبيق الروزنامة الزراعية على زيت الزيتون ومنع استيراده لمدة ستة أشهر من تاريخ بدء القطاف، تماماً كما تفعل الدول الحريصة على إنتاجها.
كما وجهت الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون إخبارًا إلى النيابة العامة الإستئنافية بأن عشرات التجار يكتبون على عبوات الزيت المستورد والزيت المخلوط أنه من زيت الكورة، كما يستعملون إسم الكورة على زيوت أجنبية. «وإننا حفاظًا على إسم زيتنا اللبناني الطبيعي الشريف، وعلى إسم مزارعنا، نطلب مقاضاة أصحاب هذه الماركات حتى يكونوا عبرة لمن تسوّل له نفسه التطاول على أسماء مناطقنا الزراعية المنتجة واستعمال اسمها على زيوت مغشوشة أو مستوردة. وسنزود النيابة العامة الإستئنافية بلائحة بهؤلاء الشركات والتجار».

 

الدكتور زيدان كرم: زيت الزيتون لحماية الأوعية الدموية
 تؤكد الدراسات الحديثة التأثيرات المفيدة لزيت الزيتون في أمراض شرايين القلب، وتؤكد فوائده بالنسبة إلى مرضى السكري والمصابين بارتفاع ضغط الدم. وتشير الأبحاث إلى أن سكان جزيرة كريت في البحر المتوسط هم أقل الناس إصابة بأمراض القلب والسرطان في العالم أجمع. ومردّ ذلك الى أن أهالي هذه الجزيرة يستهلكون زيت الزيتون أكثر من أي شعب آخر، فحوالى 33% من السعرات الحرارية التي يتناولونها يومياً تأتي من زيت الزيتون.
عن ميزات زيت الزيتون وخصائصه تحدث إلى مجلة «الجيش» الدكتور زيدان كرم، فأوضح أن الحامض الزيتي هو المكوّن الأساسي لزيت الزيتون (أوميغا-9). وينتمي هذا الحامض الدهني إلى عائلة الدهون الأحادية غير المشبعة (mono-insaturés). وفي المقابل، يفتقر زيت الزيتون إلى الحوامض الدهنية المشبعة. أضف إلى ذلك أنه يحتوي على نسبة محدودة من الحوامض الدهنية المركبة غير المشبعة كفاية (poly-insaturés)، مقارنة بسائر الزيوت النباتية. وعليه، يتمتع زيت الزيتون بفوائد مميّزة في مجال تصحيح الشوائب الدهنية وحماية الأوعية الدموية بفضل غناه بالحامض الزيتي أوميغا-9.
وأضاف: يتمتّع زيت الزيتون بتعدّد وجهات استعماله: تتبيل السلطات والخضار، الصلصات، المقالي، الطبخ والشوي. ويتميّز هذا الزيت بمقاومته الحرارة إذ يحتمل حرارة قد تصل إلى 200 درجة مئوية، وما فوق بفضل حامضه الدهني الشديد المقاومة (للأوكسجين والأشعة ما دون البنفسجية)، مما يعكس الخصائص الفيزيولوجية لشجرة الزيتون المتحدّية عوامل الطقس والطبيعة.
وعن دواعي تكرير زيت الزيتون قال: عندما تُقطف حبوب الزيتون الناضجة وتعالج بالشكل المناسب، يمكن تناول الزيت المستخرج منها كما هو، ذلك أنّ نسبة الحموضة فيها لا تتجاوز 2% مما يعفي من عملية تكريره. غير أن بعض زيوت الزيتون الخام لا يصلح للإستهلاك بسبب حموضته المرتفعة أو نكهته القوية. وفي الواقع، تأتي هذه الزيوت من ثمار زيتون تمّ التأخّر في قطافها مما يؤدّي إلى إنتاج زيت تتجاوز نسبة الحموضة فيه 2%. لذلك لا بدّ من تكرير هذه الزيوت لتصبح صالحة للإستهلاك بعد تخليصها من الحموضة. غير أن عملية التكرير هذه تتسبّب في الوقت نفسه في تلف جزء من مضادات التأكسد المتوافرة في الزيت. والجدير بالذكر أن الزيوت التي تنتج من البذور كافة (الذرة، دوار الشمس، الكولزا، الفول السوداني، الصويا...) تخضع لعملية التكرير قبل تسليمها للمستهلك وإلاّ فإنها لا تصلح للإستهلاك.

 

الغش إساءة للوطن والمواطن
إن استمرار عمليات الغش في زيت الزيتون مسألة بالغة الخطورة؛ فهي أولاً تمسّ بصحة المواطنين وتعرِّض حياتهم للخطر، كما أنها تشوِّه سمعة الزيت اللبناني، وتسيء إلى زراعة الزيتون التي تعتبر العنصر الأساسي في الزراعات اللبنانية.
من هنا، فإن مسألة مكافحة هذا الغش باتت من القضايا الملحَّة التي لا تقبل التأجيل. وتقع المسؤولية في هذه العملية على عاتق وزارتي الزراعة والصناعة، إضافة إلى دور «ليبنور» في تغيير المواصفة اللبنانية التي لا تخدم زيت الزيتون بقدر ما تساعد التجّار على زيادة أرباحهم عن طريق الغش.

 

التحاليل التي تقوم بها مديرية حماية المستهلك لفحص زيت الزيتون
ملاحظة: أعلن تجمّع الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون بأن المختبرات المعتمدة في لبنان لفحص زيت الزيتون لا تقوم بفحص الشموع والستيغماستاديين، وبالتالي لا يمكن الكشف عن عدد من الزيوت المزورة المصنعة بطرق حديثة والتي بيعت على نطاق واسع في السنوات الماضية مخلوطة بزيت الزيتون.


خلط زيت الزيتون بـ«الجفت» يسبب السرطان
إن الحرارة الشديدة المستعملة في استخراج زيت الجفت تؤدي إلى تكوّن مادة البنزوبيرين المسبب الأساسي لسرطان المعدة والرئة والجلد ولتدمير الخلايا وتشويه تركيبة البنية الوراثية DNA، كما أنها تحدث تشوهات خطيرة لدى الأطفال الحديثي الولادة. ويؤدي ارتفاع الحرارة إلى تفكك الزيت، وتكوّن مادة سامة أخرى هي مادة الأكرولين التي تؤدي إلى تسمم وسرطان الكبد، إضافة إلى أن تكرير زيت الجفت يتم بطرق كيميائية معقدة تترك آثاراً سرطانية.