معًا من أجل السلام

قطاع جنوب الليطاني واحة أمن
إعداد: العميد الركن روبير العلم

قائد قطاع جنوب الليطاني مقال منشور في مجلة «الجنوب» التي تصدرها قوّات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان

 

قطاع جنوب الليطاني هو المنطقة الأكثر أمنًا، كلمات قليلة تعبّر عن الحال الذي وصلت إليه هذه البقعة العزيزة من أرض الوطن، فما هي الأسباب التي حوّلت الفتيل الصاعق في جسد الوطن إلى صمام أمام لكل لبنان؟ هل هي «المظلة الدولية» أم وجود جيش يتمتع بعقيدة قتالية راسخة وواضحة تحدّد له العدو، وهو العدو الإسرائيلي الذي لا يزال يحتل جزءًا عزيزًا من لبنان في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. جيش يرابط على تخوم ما سمي بالخط الأزرق للدفاع عن كلّ شبر من أرض الوطن، أم أنه الشعب المتشبث بأرضه والذي يقف خلف جيشه؟ المؤكد صحة ذلك كله، وأن العلاقة بين الجيش والمواطنين وقوات اليونيفيل، والتي تعمّدت في أكثر من مناسبة بالدم والعرق هي التي جعلت من قطاع جنوب الليطاني درعًا للوطن وواحة أمان واستقرار.

 

لمحة تاريخية عن قدوم اليونيفل إلى لبنان
في 17 آذار 1978، تقدّمت الحكومة اللبنانية بطلب دعوة مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد، فانعقد في اليوم نفسه، وجاءت الإشارة الأولى إلى احتمال إرسال قوات دولية إلى جنوب لبنان في تصريح للسفير غسان تويني مندوب لبنان لدى مجلس الأمن آنذاك، وفي آذار 1978 تبنى مجلس الأمن الدولي القرارين 425، 426.
بموجب القرار 425، قرّر مجلس الأمن الدولي أن ينشئ فورًا تحت سلطته المباشرة قوات دولية مؤقتة في لبنان (اليونيفيل) على أن تتألف من عناصر تابعة للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، وأناط بالأمين العام للأمم المتحدة مهمة وضع تقرير حول تطبيق القرار المذكور. حدّدت الفقرة الثالثة من هذا القرار لقوات اليونيفيل في لبنان المهمّات الآتي ذكرها:
1- التحقّق من انسحاب القوات الإسرائيلية.
2- إعادة السلام والأمن الدوليين.
3- مساعدة حكومة لبنان على تأمين عودة سلطتها الفاعلة إلى المنطقة.
على أثر العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006، وبموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1701 المؤرخ في 11 آب 2006، رحّب مجلس الأمن بقرار الحكومة اللبنانية في 7 آب القاضي بنشر 15,000 جندي من القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان، كما مدّد ولاية اليونيفيل حتى نهاية آب 2007، وقرّر زيادة عديدها إلى حد يبلغ أقصاه 15,000 جندي. ووفق هذا القرار تتولى اليونيفيل بالإضافة إلى مهمتها الأصلية بموجب قراري مجلس الأمن 425 و426، مهمة رصد الأعمال القتالية، مرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية أثناء انتشارها في جميع أرجاء الجنوب، وتقديم المساعدة لها، لضمان وصول المعونات الإنسانية إلى السكان المدنيين والعودة الطوعية والآمنة للنازحين.
وبموجب قرار مجلس الوزراء اللبناني الرقم 1 تاريخ 16-8-2006، تقرّر انتشار الجيش في منطقتي جنوب الليطاني والعرقوب، وقضاءي حاصبيا ومرجعيون على طول الخط الأزرق بمشاركة اليونيفيل. بدأ الجيش انتشاره في المناطق التي كانت تنسحب منها قوات العدو الإسرائيلي، إلى جانب ذلك تمّ نشر العناصر الأولى من القوة الدولية المعززة بسرعة قياسية مقارنة مع أيّ عملية لحفظ السلام بهذا التعقيد، حيث ضمّت وحدات من فرنسا، إيطاليا وإسبانيا وصلت جميعها إلى منطقة العمليات بحلول 15 أيلول 2006، لتنضم إلى الوحدات الموجودة على الأرض من غانا والهند، ثم أرسلت عدّة دول وحدات عسكرية للمشاركة في هذه المهمة.
 
 

النشاطات المشتركة بين الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة
• النشاطات العملانية وأبرزها:

- دوريات محمولة، دوريات راجلة، دوريات على الخط الأزرق، حواجز ثابتة وظرفية، نقاط مراقبة، أعمال هندسية (نزع ألغام، تفكيك عبوات، تعطيل أجسام مشبوهة وذخائر غير منفجرة)، مواكبة قوافل قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان داخل القطاع، وخارجه، دوريات لمنع إطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإعادة تعليم الخط الأزرق.
- تبلغ نسبة النشاطات العملانية المشتركة نحو 30% من مجمل نشاطات قوة الجيش في قطاع جنوب الليطاني.

 

• النشاطات التدريبية والثقافية والرياضية:
- دورات تدريبية مختلفة (قتال في الأماكن الآهلة، هندسة، قتال متقارب، إسعافات أولية،...).
- دورات لغات.
- تمارين عملية (العاصفة الفولاذية، تمارين إخلاء...).
- مباريات رياضية، سباقات، وألعاب أولمبيـة (شدّ الحبل، سحب الشاحنة،...).
والجدير بالذكر أنّ المجموعات المتدرّبة، تنتمي إلى قطاع جنوب الليطاني ووحدات أخرى. وقد بلغت الدورات التدريبية في العالم 2016، 72 دورة، وعدد المتدربين 821، وفي العام 2017 بلغت 89 دورة وعدد المتدربين 1061.

 

الهبات المقدّمة من قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان للجيش اللبناني
تقوم الوحدات التابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان بتقديم هبات متنوعة للجيش اللبناني، تشمل مختلف المجالات العسكرية والمدنية، بحيث تساعد وحدات الجيش المنتشرة في قطاع جنوب الليطاني وخارجه على تنفيذ مهماتها بحرفية عالية، وتشمل هذه الهبات:
- تأهيل مبانٍ عسكرية، تركيب أعمدة إنارة ومنظومة كهربائية تعمل على الطاقة الشمسية، مولدات كهربائية، أبراج إنارة، آليات عسكرية ومدنية، شبكة اتصالات مايكروويف، قاعة إدارة الأزمات وقاعة محاضرات في قطاع جنوب الليطاني، منشآت مسبقة الصنع، أدوات كهربائية مختلفة، خزّانات مازوت ومياه، أجهزة كمبيوتر وتوابعها...
ختامًا، نستطيع القول وبكل ثقة إنّ الإنجاز الذي قدمناه معًا في الجنوب، يشكّل أنموذجًا دوليًا رائدًا في التعامل مع مناطق النزاعات، وإحلال السلام والاستقرار فيها.