نحن والقانون

قوانين مكافحة الفساد في لبنان
إعداد: د. نادر شافي - محامٍ بالاستئناف

الفساد هو استغلال الموظف للسلطة أو الوظيفة أو العمل بهدف تحقيق مكاسب أو منافع غير متوجبة قانونًا. ويعاني لبنان آفة الفساد التي تنخر كل مؤسساته في القطاعين العام والخاص...
وقد احتلّ المرتبة 143 في مؤشر مدركات الفساد للعام 2017 من بين 180 دولة، ليُسجّل بذلك تراجعًا عن العام 2016، إذ كان يحتلّ المرتبة 136 من أصل 176 دولة، بحسب «الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية» (لا فساد) وهي الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية.


يُشكل الفساد عائقًا أمام تقدّم الوطن ونهوضه إذ إنّه يُسبّب الفقر وينتهك حقوق الإنسان والقيَم الأخلاقية والعدالة ويُقوّض الديموقراطية ويعوّق النمو الاقتصادي ويلحق الضرر بالبيئة والصحة العامة، ويُعرّض التنمية المستدامة وسيادة القانون للخطر، وهو يُعتبر إحدى أدوات الجريمة المنظَّمة. ولمكافحة الفساد يجب أولًا كشفه وإثبات حصوله وتوفير أدلَّة تُمكّن من إلقاء القبض على الفاسدين والتحقيق معهم ومُعاقبتهم، إلّا أنّ كثيرًا من الأشخاص يحجمون عن الإبلاغ عن فساد ما خوفًا من أضرار مادية أو معنوية قد تصيبهم في حال قيامهم بالإبلاغ عن أي فساد أو فاسد.. لهذا كان لا بدَّ من وضع تشريعات تُعاقب على الفساد من ناحية أولى، وتحمي كاشفيه من ناحية ثانية، فضلًا عن وضع آلية مُحكمة للاستقصاء عنه والتحقيق فيه وإثباته ومتابعة إجراءات المحاكمة والحكم والعقاب...


مكافحة الفساد والمعاقبة عليه

الرشوة في قانون العقوبات اللبناني في القطاع العام:
إنّ كل موظف وكل شخص منتَدَبٍ إلى خدمة عامة، سواء بالانتخاب أو بالتعيين، وكل امرئ كُلِّفَ بمهمة رسمية، التمس أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعدًا أو أي منفعة أخرى ليقوم بعمل شرعي من أعمال وظيفته، يُعاقَب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلّها ضعفا قيمة ما أخذه أو قبل به. ويُعاقَب الراشي أيضًا كالمرتشي بالعقوبات ذاتها لكنه يعفى من هذه العقوبات إذا باح بالأمر للسلطات ذات الصلاحية أو اعترف به قبل إحالة القضية إلى المحكمة (المادتان 351 و353 عقوبات).
وكل شخص من الأشخاص السابق ذكرهم التمس أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعدًا أو أي منفعة أخرى ليعمل عملًا منافيًا لوظيفته أو يدَّعي أنّه داخل في وظيفته أو ليهمل أو يؤخر ما كان عمله واجبًا عليه، يُعاقَب أيضًا بالأشغال الشاقّة المؤقتة وبغرامة لا تنقص عن ثلاثة أضعاف قيمة ما أخذه أو قبل به. ويُقضَى بالعقوبة نفسها على المحامي إذا ارتكب هذه الأفعال، وعلى الراشي أيضًا إلّا أنّه يعفى من هذه العقوبات إذا باح بالأمر للسلطات ذات الصلاحية، أو اعترف به قبل إحالة القضية إلى المحكمة (المادتان 352 و353 عقوبات).
ومن عرض على شخص من الأشخاص الوارد ذكرهم أعلاه هدية أو أي منفعة أخرى أو وعده بها على سبيل أجر غير واجب، ليعمل أو لا يعمل عملًا تقتضيه وظيفته أو ليؤخّر تنفيذه، عُوقِبَ إذا لم يُلاقِ العرض أو الوعد قبولًا بالحبس ثلاثة أشهر على الأقل وبغرامة لا تنقص عن ضعفَي قيمة الشيء المعروض أو الموعود به (المادة 355 عقوبات).
وكل موظف وكل شخص منتدَبٍ إلى خدمة عامة، على النحو المذكور أعلاه، يقبل بأجر غير واجب عن عمل قد سبق إجراؤه من أعمال وظيفته أو مهمته، يُعاقَب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة أقلّها ضعفا قيمة ما قبل به (المادة 356 عقوبات).
ومن أخذ أو التمس أجرًا غير واجب أو قَبِل الوعد به، سواء كان لنفسه أو لغيره بقصد إنالة آخرين أو السعي لإنالتهم وظيفة أو عملًا أو مقاولات أو مشاريع أو أرباحًا غيرها أو منحًا من الدولة أو إحدى الإدارات العامة، أو بقصد التأثير في مسلك السلطات بأي طريقة كانت، عُوقِبَ بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة أقلّها ضعفا قيمة ما أخذ أو قبل به (المادة 357 عقوبات).


- في القطاع الخاص:
إنّ كل عامل في القطاع الخاص، مستخدمًا كان أم خبيرًا أو مستشارًا، وكل من ارتبط مع صاحب عمل بعقد استخدام لقاء أجر، التمس أو قبل لنفسه أو لغيره، هدية أو وعدًا أو أي منفعة أخرى، لكشف أسرار أو معلومات تسيء إلى العمل أو للقيام بعمل أو الامتناع عنه، بقصد إلحاق الضرر المادي أو المعنوي بصاحب العمل أو بمصلحته، يُعاقَب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبالغرامة من مئة ألف إلى مئتي ألف ليرة. وتُنزَل العقوبة نفسها بالراشي؛ كالمرتشي (المادة 354 عقوبات). وإذا اقترف الفعل محامٍ عُوقِبَ بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات ومُنع من ممارسة مهنته مدى الحياة (المادة 358 عقوبات).

 

قوانين أخرى
ثمة قوانين أخرى تتعلق بمكافحة الفساد بعضها تبناه لبنان عبر مصادقته على اتفاقيات دولية وبعضها الآخر تمّ إقراره، وفي ما يأتي لمحة عن هذه القوانين وفق تاريخ المصادقة عليها أو إقرارها.

 

• اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية (20 / 12 /1988):
انضم إليها لبنان بالقانون رقم 426/1995، وركَّزت في مقدمتها على خطورة الإتجار غير المشروع الذي يدرّ أرباحًا وثروات طائلة تمكّن المنظمات الإجرامية غير الوطنية من اختراق وتلويث وإفساد هياكل الحكومات والمؤسسات التجارية والمالية المشروعة والمجتمع على مستوياته جميعًا.

 

• اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المُنظَّمة عبر الوطنية (18 / 12 /2001):
انضم إليها لبنان بالقانون رقم 680/2005، وأقرَّت تجريم الفساد في المادتين ٨ و٩ منها، إذ نصت على أنه يتعين على كل دولة طرف، اتخاذ ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم وعد موظف عمومي بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها، أو التماسه أو قبوله لها، بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء كانت لمصلحته أو لمصلحة شخص آخر أو هيئة أخرى، وسواء اقتضت أن يقوم ذلك الموظف بفعلٍ ما أو يمتنع عن القيام بفعلٍ ما ضمن نطاق ممارسته مهماته الرسمية... واعتماد ما قد يلزم من تدابير لتجريم أشكال الفساد الأخرى جنائيًا، ولتعزيز نزاهة الموظفين العموميين ومنع فسادهم وكشفهم ومعاقبتهم.

 

• اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (31 / 10 /2003):
انضم لبنان إلى هذه الاتفاقية بالقانون رقم 33/2008 وأقرَّت تسمية يوم 9 كانون الأول يومًا عالميًا لمكافحة الفساد، ومن أهم ما جاء فيها:
ترويج وتدعيم التدابير الرامية إلى منع الفساد ومكافحته والتحري عنه وملاحقة مرتكبيه، وتجميد العائدات المتأتية من الأفعال المُجرَّمة وحجزها وإرجاعها، ووضع سياسات وممارسات مكافحة الفساد الوقائية، وإيجاد هيئة متخصّصة أو هيئات مكافحة الفساد الوقائية، أو أشخاص متخصّصين في مكافحة الفساد، واعتماد وترسيخ وتدعيم نظم لتوظيف المستخدمين المدنيين والموظفين العموميين وتدريبهم على أساس مبادئ الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعية، ومراقبة المشتريات العمومية وإدارة الأموال العمومية، ووضع تدابير متعلقة بالجهاز القضائي وأجهزة النيابة العامة لتعزيز استقلالية القضاء ومكافحة الفساد...
إلى ذلك تمّ توسيع صلاحية «هيئة التحقيق الخاصة» بمكافحة تبييض الأموال في لبنان للإجراءات المتعلقة بمكافحة الفساد بموجب القانون رقم 32/2008. وتضمّن قانون الموارد البترولية في المياه البحرية رقم 132/2010 الصادر بالمرسوم 10289/2013 أحكامًا خاصة لمنع الفساد في الأنشطة البترولية. كما تمّ توقيع اتفاق إنشاء الأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد IACA وإبرامه بالمرسوم رقم 2301 /2015، وذلك من أجل تعزيز العمل على منع الفساد ومكافحته بفعالية واقتدار، وتوفير التعليم والتدريب المهني والأبحاث وتقديم المساعدات التقنية وتشجيع التعاون الدولي والترابط الشبكي.
إلى ذلك تمّ توسيع صلاحيات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في لبنان بموجب قانون الحق في الوصول إلى المعلومات رقم 28/ 2017. وقد باتت تشمل تسلّم الشكاوى والتحقيق فيها وإصدار قرارات بشأنها، وإبداء المشورة للسلطات المختصة، ووضع تقرير سنوي عن صعوبات وصول الأشخاص إلى المعلومات والمشاركة في تثقيف المواطن وبلورة وعيه، والإسهام في تدريب الموظفين والمسؤولين في الإدارة على كيفية وأهمية تمكين الأفراد من الحصول على المعلومات...
كما توسّعت صلاحيات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في لبنان بموجب قانون دعم الشفافية في قطاع البترول رقم 84/ 2018، لتشمل ما هو مذكور أعلاه في مجال دعم الشفافية في قطاع البترول، ومعاقبة كل من يقدم للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد معلومات كاذبة، بالعقوبة المنصوص عنها في المادتين 461 و٤٦2 من قانون العقوبات.
وفي الآونة الأخيرة (19 /12 /2018) أقرت لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني مشروع قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية. يتضمن المشروع 28 مادة ويركّز على رفع السرية المصرفية ورفع الحصانات عن الرؤساء والوزراء والنواب والضباط والإداريين. ويُنتظر إقراره نهائيًا في الهيئة العامة لمجلس النواب، وتشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، لتكتمل المنظومة التشريعية لمكافحة الفساد في القطاع العام.

 

حماية كاشفي الفساد
تناول قانون حماية كاشفي الفساد رقم 83/ 2018 الصادر في 10 /10/ 2018 أي شخص يشغل منصبًا تشريعيًا أو قضائيًا أو تنفيذيًا أو إداريًا أو عسكريًا أو أمنيًا أو استشاريًا، سواء أكان معيّنًا أم منتخبًا، دائمًا أم مؤقتًا، مدفوع الأجر أم غير مدفوع الأجر، وأي شخص يؤدي وظيفة عامة... واعتبر أنّ قيام شخص بكشف الفساد لا يشكل خرقًا لموجب السرية المهنية، وهو يُشكّل بذلك استثناء على قاعدة تجريم إفشاء الأسرار سندًا للمادة ٥٧٩ عقوبات.


• الحماية والحوافز:
يستفيد منها الشخص الذي يقوم بكشف معلومات عن عمل أو امتناع عن عمل، حصل أو يحصل أو قد يحصل، ويعتقد بأنّها تتعلق أو تدل أو تساعد في إثبات الفساد، على أن يقدم كشفه أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد حصرًا وفق الأصول القانونية. وتتمثل صلاحيات هذه الهيئة بحماية كاشفي الفساد وظيفيًا وجسديًا، وتقرير المكافآت والمساعدات لهم، والتقدم بشكوى إلى السلطة التأديبية أو القضائية المختصة بحق أي شخص ألحق بالكاشف ضررًا وظيفيًا أو غير وظيفي، أو بحق أي شخص أو رئيس جهة محقّقة يرفض الاستجابة لطلب الهيئة.


• أصول تقديم الكشف:
على الكاشف التقدّم بكشفه بواسطة أي وسيلة معتبرة قانونًا وأن يطلب الاستفادة من أحكام هذا القانون عفوًا أو بعد لفت نظره من قبل الجهة التي تسلّمت الكشف. أمّا المعلومات التي يجب أن يتضمنها الكشف فهي الاسم الكامل للكاشف ونشاطه المهني وعنوانه وعنوان عمله ورقم هاتفه، وطبيعة الفساد موضوع الكشف، واسم الشخص أو الأشخاص المعنيين بالكشف، والمكان والزمان اللذان حصل أو يحصل أو قد يحصل فيهما الفساد. ويرفق بالطلب أي وسيلة أخرى من الوسائل المتاحة لتعزيز الكشف في حال توافرها (كالمستندات، وأسماء الشهود وعناوينهم، والتسجيلات الصوتية، وسواها).
 

• سرية اسم وهوية كاشف الفساد:
يُحظَّر على الهيئة وعلى أي عضو من أعضائها أو من العاملين فيها أو أي شخص آخر الإفصاح عن اسم الكاشف وهويته بصفته هذه من دون موافقته المسبقة، أو ما لم يكن هذا الكشف في إطار الإجراءات الآيلة إلى حمايته وفي حدود ما تقتضيه هذه الحماية. ويبقى هذا الحظر قائمًا حتى بعد إحالة القضية إلى الهيئات القضائية أو التأديبية المختصة. إلّا أنّه يعود للهيئة إدراج اسم الكاشف بصفة شاهد في قائمة الشهود المحالة إلى الهيئات المختصة في حال موافقته.

 

• تعريف الضرر بكاشف الفساد الضرر في الإطار الوظيفي:
يُقصد بالضرر أي من الإجراءات التي تسبب ضررًا وظيفيًا للكاشف، والمتخذة بسبب الكشف، ومنها على سبيل المثال: الإجراءات التأديبية الصريحة أو المقنّعة، الصرف من الخدمة أو إنهاؤها أو وقفها مؤقتًا أو تعليق ممارستها، أو تخفيض الرتبة أو الراتب، أو الترهيب أو التمييز، أو رفض الترقية أو رفض إعطاء إفادة عمل، أو إعطاء الكاشف إفادة تلحق به ضررًا، أو فرض شروط من شأنها تعديل شروط العمل بما يضرّ بمصلحته أو فسخ تعاقده أو عدم تجديد عقده أو تسريحه من الخدمة، وأي عمل، أو امتناع، أو تهديد بأي من الإجراءات المذكورة سابقًا، يؤثر سلبًا على وظيفة الكاشف أو عمله، بما فيه كل ما يتعلق بفرص التوظيف وسلامة العمل.

 

- الضرر خارج الإطار الوظيفي:
التعرّض للكاشف أو لأحد أفراد عائلته أو لأحد العاملين لديه بسبب تقدّمه بالكشف، بواسطة أي من الأفعال الآتية: الضغوطات أو الإجراءات الثأرية أو التهديدات، والتعرض لضرر جسدي أو معنوي أو التعرض لضرر مادي بالأملاك أو الأموال الشخصية.

 

• النظر في طلب الحماية:
يتخذ قرار الحماية عفوًا من قبل الهيئة، أو بناء على طلب كاشف الفساد، ويسري اعتبارًا من تاريخ تقديم طلب الكشف. وتقوم الهيئة بالاستقصاء المناسب للتحقّق من وجود الرابطة السببية بين الضرر الوظيفي الحاصل والكشف، حيث تنشأ أمام الهيئة قرينة لمصلحة الكاشف بأنّ الضرر الوظيفي ناجم عن الكشف الذي قام به، وينتقل عبء إثبات العكس على الإدارة حيث يعمل الكاشف. وللهيئة أن تستدعي الأشخاص ذوي العلاقة وتستمع إليهم، وعليهم المثول أمامها والتجاوب مع طلباتها.
إذا كان طالب الحماية أجيرًا في القطاع الخاص ووجدت الهيئة أنّ طلب الحماية الوظيفية محق، تصدر تقريرًا بناء على طلب المتضرر يبيّن العلاقة السببية بين الضرر الوظيفي وقيام الشاكي بكشف فساد، وتقترح له تعويضًا عن هذا الضرر يقدر في حالات الصرف التعسفي براتب ما بين اثني عشر شهرًا وأربعة وعشرين شهرًا.
إذا كان طالب الحماية موظفًا، على الهيئة أن توجه طلبها في تصحيح الوضع وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه إلى مجلس الخدمة المدنية أو إلى الإدارة المختصة. وعلى الإدارة المعنية النظر بالطلب بالأولوية وإفادة الهيئة عن النتيجة التي اقترن بها هذا الطلب خلال مهلة شهر من تاريخ وروده إليها.
في كلتا الحالتين، للكاشف حق مراجعة القضاء المختص بمهلة شهرين من تاريخ تبلّغه قرار الهيئة حول العلاقة السببية بين الضرر الوظيفي الحاصل وقيامه بكشف الفساد.
ولا يمكن الرجوع عن قرار الحماية المتخذ إلّا إذا تبين لهيئة مكافحة الفساد المعنية انتفاء الرابطة السببية مع الإبقاء على السرية. أمّا إذا كان طلب الحماية قد تمّ افتراء أو عن طريق الغش أو باختلاق مستندات أو وقائع فيسقط مفعول هذه السرية.

 

• الحماية الشخصية للكاشف:
للهيئة عفوًا أو بناء على طلب كل ذي مصلحة أن تطلب من النيابة العامة المختصة أو القوى الأمنية المختصة اتخاذ الإجراءات الأمنية المناسبة لحماية الكاشف وأفراد عائلته والعاملين لديه أو الخبراء والشهود، إذا تبيّن لها أنّهم بحاجة إلى حماية شخصية من ضغوط أو أعمال ثأرية حصلت أو يخشى حصولها. وعلى النيابة العامة والقوى الأمنية الاستجابة للطلب فور استلامه بالوسائل المتاحة.

 

• في الأعذار المُحلَّة والمُخفّفة:
مع مراعاة أحكام القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، يستفيد الكاشف الذي يؤدي كشفه إلى تبيان حالة فساد قام بها أو شارك فيها مباشرة أو غير مباشرة، من عذر محلّ ولا تُفرض عليه أي عقوبة قضائية أو مسلكية، بعد استرداد الدولة حقوقها، شرط أن يكون قد بادر قبل مباشرة الهيئة أو القضاء، أو أي جهة إدارية بأي تدابير استقصاء أو تحقيق مسلكية أو قضائية أو أي عمل من أعمال الملاحقة والمحاكمة. ويُكتفى بالعذر المُخفّف إذا تم الكشف بعد بدء أي من الإجراءات المشار إليها أعلاه، وقبل صدور أي حكم أو قرار قضائي أو تأديبي.

 

• عقوبة إلحاق الضرر بكاشفي الفساد:
كل من ألحق ضررًا في الإطار الوظيفي بكاشف الفساد أو بأحد الأشخاص المذكورين أعلاه، يُعاقَب بغرامة تراوح ما بين عشرة ملايين ومئة مليون ليرة لبنانية، مع مراعاة حق الموظف المتضرر بالتعويض وفق الأصول وبإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الكشف. وإذا كان الضرر خارج الإطار الوظيفي، تُطبَّق عليه الأحكام الجزائية والقوانين النافذة مشددة.

 

• المكافآت والمساعدات:
للهيئة اتخاذ القرار بمنح المكافأة و/أو المساعدة لكاشف الفساد إذا أدى الكشف إلى حصول الإدارة على مبالغ أو مكاسب مادية، مثل تحصيل الغرامات واستعادة الأموال، أو إلى تجنيبها خسارة أو ضررًا ماديًا. ولا يمكن أن تتعدَّى قيمة المكافأة و/أو المساعدة خمسة بالمائة من قيمة المبالغ المحصلة أو المكاسب المادية التي حقَّقتها الإدارة كحد أقصى أو الخسارة أو الضرر المادي الذي جنَّبه الكشف للإدارة. وإذا لم يكن بالإمكان تقييم مردود الكشف، فللهيئة أن تتخذ قرارًا بمنح المكافأة و/أو المساعدة بمبلغ يتناسب مع أهمية الكشف الحاصل، شرط ألا يتعدى خمسين ضعــف الحــد الأدنــى للأجــور.
وللهيئة أن تقرر مساعدة الكاشف المتضرر ماديًا أو جسديًا نتيجة كشفه عبر منحه وبناء على طلبه، مساعدة قانونية أو مادية متناسبة مع الحالة. وللدولة حق الرجوع على مسبّب الضرر أو أي جهة ضامنة لاستعادة قيمة المساعدات المُسدَّدة، كما يبقى للكاشف حق ملاحقة مسبّب الضرر بما له من حقوق. ولا يستفيد من المكافآت و/أو المساعدات كاشفو الفساد المشاركون بأي وسيلة في الفساد المكشوف عنه.