تكريم وذكرى

قيادة الجيش تكرّم الرئيس شهاب وتطلق اسمه على كلية القيادة والأركان

كلمات في رجل الدولة أخلاقاً ومناقبيةً وترفّعاً

شهاب الأب المؤسس للجيش الذي آمن بالوحدة الوطنية والديموقراطية وتفانى في خدمة المصلحة العامة

 

بادرة لافتة ومميزة أطلقتها قيادة الجيش هذا العام، ضمن برنامج سنوي لتكريم «رجالات وطنية»؛ فبمناسبة عيد الإستقلال أقيم إحتفال لتكريم الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب،
برعاية وحضور قائد الجيش العماد ميشال سليمان، وذلك في قاعة العماد نجيم في اليرزة.
وقد تمّ خلال الاحتفال إطلاق إسم الرئيس اللواء شهاب على كلية القيادة والأركان.

وحضر الى العماد سليمان عدد من الوزراء والنواب، وقادة الجيش السابقون، وممثلون عن الأجهزة الأمنية وعدد كبير من الضباط ورجال الفكر والسياسة، واعلاميون وذوو الرئيس شهاب.

بعد النشيد الوطني اللبناني، القى عرّيف الإحتفال المقدم دانيال حداد من مديرية التوجيه كلمة تناول فيها اللواء شهاب «القائد الأول للجيش ما بعد الاستقلال، والذي كان له الفضل الكبير في بنائه على أسس ومبادئ وطنية سامية وقيم وفضائل انسانية وأخلاقية نبيلة.

ولعلها كانت من العوامل الرئيسية التي مكّنت الجيش من مواجهة انعكاسات الأحداث الداخلية، التي مرت بها البلاد حتى يومنا هذا، وأبقته مؤسسة مميزة بين مؤسسات الدولة».
وقال المقدم حداد إن مرحلة رئاسة شهاب هي «محطة بارزة في مسيرة الحياة السياسية والوطنية اللبنانية التي شهدت بناء مؤسسات الدولة،
وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإطلاق عجلة النهوض والتطور بالوطن على المستويات كافة».

وتوالى على الكلام في الراحل الكبير، قائد الكلية بتسميتها الجديدة العميد الركن الياس فرحات، ثم اللواء الركن المتقاعد السفير احمد الحاج، وتلاه الامير حارس شهاب ملقياً كلمة العائلة، وختاماً كلمة الوزير السابق فؤاد بطرس.


العميد الركن فرحات:
رجل الوحدة الوطنية وصاحب الارث العظيم


قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان العميد الركن الياس فرحات، وهو من عداد دورة 1973التي حملت اسم الرئيس اللواء فؤاد شهاب، تناول جوانب مهمة في شخصية
الرجل الذي اعتبره مدرسة عسكرية ومدرسة في السياسة وصاحب ارث عظيم في الجيش والمؤسسات.
وجاء في كلمته:

ولد فؤاد شهاب ونشأ في غزير كسروان داخل متصرفية جبل لبنان، التي فصلها العثمانيون والدول الأوروبية عن ولاية بيروت.
وفي ريعان شبابه نشبت الحرب العالمية الأولى، ومعها بدأ تاريخ جديد للمنطقة يعيشه فؤاد شهاب ويسهم مع نخب من رجال الوطن في كتابته، رجال غلبت عليهم النزعة الوطنية
التحررية من أجل الخلاص من الوضع الممزق والسيطرة العثمانية، ونشط هؤلاء الرجال مع دعاة الإستقلال في الوطن وفي المهجر الأوروبي والأميركي والمصري
تلاقيهم الثورة العربية الكبرى من الحجاز من أجل التحرر من الإحتلال العثماني وتحقيق الإستقلال الوطني، وانخرط فؤاد شهاب والكثيرون في فرقة الشرق وانضووا في صفوف الحلفاء طامحين إلى طرد العثمانيين وبناء السلطة الوطنية. وتحقق لهم ما أرادوا وتراجع العثمانيون إلى داخل تركيا ودخلت فرنسا وبريطانيا إلى المشرق العربي. وكان فؤاد شهاب يخدم في مدينة الحسكة في الجزيرة يوم أعلن لبنان الكبير في حدوده الحالية عام 1920، وجاء هذا الإعلان بمثابة حافز على نشوء حالة لبنانية داخل فرقة الشرق. لا هي ثورة ولا هي تمرد ولا انشقاق، إنها حالة تجمع كل الضباط والعسكريين اللبنانيين داخل فرقة الشرق التابعة للقيادة الفرنسية. ومن هذه الحالة، بدأ فؤاد شهاب يلعب دور المؤسس للمؤسسة التي قدر لها أن تكون عموداً فقرياً للوطن اللبناني وصمام الأمان لوحدته واستقراره والداعم الدائم لإنمائه وتطوره.
تبلورت معه أثناء التأسيس مبادئ الوحدة الوطنية الموجودة أصلاً في وجدان كل لبناني، فأخذ عن الفرنسيين عسكريتهم ونظامهم وانضباطهم الصارم، وأسبغه على عسكريي وحدته التي تولى قيادتها وهي اللواء الخامس، عظيم فرقة الشرق ونواة الجيش اللبناني.

وأخذ من اللبنانيين إخلاصهم واندفاعهم الوطني ونتج عن ذلك جيش قوي صلب سرعان ما حاز على ثقة شعبه.
ومن منا لا يتذكر صورة العسكري في أذهان الناس، ذلك المكافح المضحي بالغالي والنفيس للذود عن الوطن، ذلك المنضبط المميز والفاعل في مجتمعه، ذلك المتقدم والمسهم في تطوير محيطه.
كان العسكريون دائماً طليعة أبناء الوطن، ومن منا لا يتذكر كيف اقترن اسم العسكري بإسم الوطن، وغالباً ما سمعنا وما نسمع أجمل لقب للعسكري «يا وطن».


أضفى فؤاد شهاب على جنوده صفة فريدة يصعب تحليلها وتفصيــل مزايــــاها، إنها المناقبية.
إنها صفة تكاد لا تسمعها إلا على عناصر الجيش، هذه المناقبية قُدر أن يكون لهـــــا دور كبير، لا بــل الأكبر، في الحفــاظ على وحدة المؤسسة وتالياً وحدة الوطن في مراحل حرجـــة مـــرت بهــــا البلاد، وكانـــت المحـــرك والباعث للوحدة الســــريعة بين أبناء المؤســـــسة والتي غالباً ما فاقت توقعات جميع المراقبين.
منذ نشأته، أدرك فؤاد شهاب الأخطار المحدقة بالوطن. لقد رسمت هذه الأخطار في أدائه، وما أن نال لبنان استقلاله عام 1943في ظل أبهى صور الوحدة الوطنية التي رافقت اعتقال رجالات الإستقلال، حتى كان فؤاد شهاب مع رفاقه التواقين للإستقلال والحرية من موقّعي الوثيقة الدستورية التي يتعهد فيها نخبة ضباط الجيش بعدم تنفيذ أي أوامر سوى أوامر الحكومة الوطنية اللبنانية. وبدأت نزعة الإستقلال والتحرر هذه تأخذ مداها، فكان الأول من آب 1945حين أضحى الجيش اللبناني تحت ظل حكومته الوطنية، ورفعت الأعلام اللبنانية على جميع المؤسسات الحكومية اللبنانية، وعيّن فؤاد شهاب قائداً للجيش.
في مطلع الأربعينيات، تعاظم خطر الصهيونية في فلسطين وكان فؤاد شهاب من القلائل الذين تنبهوا لهذا الخطر، ولا يزال كبار السن في الجنوب يتذكرونه في عام 1948وهو يتابع المعارك في حرب فلسطين حيث أشرف على إدارة العمليات العسكرية التي حقق فيها الجيش اللبناني انتصار المالكية منقذاً الآلاف من جيش الإنقاذ المحاصَرين.
حارب فؤاد شهاب الطائفية، وأوجد المثال في المؤسسة العسكرية، فكان الدمج عماد تركيبة الجيش منذ كان في سدة المسؤولية، هذا الدمج حقق نجاحاً عالياً ما زلنا نحصد ثماره في أداء مميز خلال الملمات، وقد افتقرت اليه أمم عانت من حروب كبيرة ليس آخرها أفغانستان والعراق، حيث أسمح لنفسي بالتذكير بما عبّر عنه الأخضر الإبراهيمي المبعوث الدولي في أفغانستان أثناء زيارته إلى لبنان من اعجاب ببناء الجيش اللبناني ودمج العسكريين من مختلف المناطق والطوائف، فنجح لبنان وتجاوز الأزمة وشهد استقراراً ونمواً، فيما لم تنجح المعالجات في أفغانستان لعدم التوصل إلى بناء جيش واحد. إنه فخر للمؤسسة وفخر للوطن وإرث جميل من المؤسس فؤاد شهاب.
جعل فؤاد شهاب من المشاركة الفاعلة في التصدي لعدوان إسرائيل عقيدة للجيش ثابر عليها في معارك السبعينيات في سوق الخان والسلطانية وبئر السلاسل وصف الهوا وغيرها، وتركزت في ما بعد: عام 1993، عملية «تصفية الحسابات»، وعام 1996، عملية «عناقيد الغضب»، وغيرها.

وما تزال هذه العقيدة قائمة ومتجذرة في أذهان العسكريين ونفوسهم.
لقد كان فؤاد شهاب رجل وحدة وطنية بعيداً عن الطائفية، وامتد هذا الإرث وتجذر داخل المؤسسة التي لمس الجميع، وخصوصاً في الأمس القريب، بُعدها الكبير عن التفكير الطائفي.
إنه إرث نعتز به ونفاخر.
عودة إلى المناقبية، فقد مرت على لبنان محن  وأحداث جسيمة، وليس سراً ان الجيش تعرّض خلالها لهزات كبيرة بسبب الأوضاع السياسية الطاغية.
 لكن المناقبية، سرعان ما جمعت بين العسكريين الذين اكتشفوا هذا السر الكبير داخل شخصية كل منهم، وهو النزوع الكبير إلى الوحدة، وأضحوا دائماً على مستوى تطلعات وآمال شعبهم.
عام 1952، مرت البلاد في أزمة سياسية حادة كان الجيش وقائده فؤاد شهاب المعبر الآمن لتجاوزها، وعام 1958وبعد أزمة كبيرة كان فؤاد شهاب هو الحل، وما أن استلم مسؤولية الرئاسة حتى بادر إلى تحديث الإدارة اللبنانية، فكانت مجموعة المراسيم الإشتراعية، الصادر معظمها عام 1959، الناظم الأساسي لإدارة لبنانية تمكنت من مواجهة الصعوبات البالغة في مختلف المراحل وحفظت بنية الدولة ومؤسساتها.

فؤاد شهاب مدرسة عسكرية ومدرسة سياسية.
أرسى عام 1958علاقة ممتازة مع سوريا في عهد الرئيس عبدالناصر،واليوم مثلما تتمسك الدولة اللبنانية بالعلاقات الأخوية والمميزة مع سوريا والمنصوص عنها في وثيقة الوفاق الوطني، يحرص الجيش على هذه العلاقة مهما كانت الظروف،

وسوف يبقى يثمن عالياً الدعم  العربي السوري في اعادة بنائه وتجهيزه، ذلك أن  المصالح الأخوية المشتركة تعلو دائماً على ما سواها من أمور.

إذا كنا قد سمعنا يوماً عن شهابية وعن نادي 22 تشرين وعن مؤسسات الدولة، فإن فؤاد شهاب حقاً هو من أرسى هذه المفاهيم والقيم العالية في الحياة السياسية والثقافية اللبنانية.

نكرّم اليوم فؤاد شهاب الرجل الأول في المؤسسة العسكرية، وهذا التكريم هو باكورة تكريمات قررت قيادة الجيش اقامتها غداة كل عيد استقلال، إنه تكريم من المؤسسة للمؤسس وحفظ لإرثه الغني، لا سيما أنه بهدوئه وصمته أعطى صفة الصامت الأكبر للجيش في بلاد يكثر فيها الضجيج.


إن احتفالنا هو أكثر من التفاتة، إنه تعبير عن وفاء لهذا الرجل الكبير الذي عاش حياة التقشف، ورحل زاهداً عن الدنيا، لكنه ثري بمبادئه وانجازاته وذكره الحسن...
الأمم تحيا بتكريم رجالها العظام، وتحيا بتكريم مؤسساتها والحفاظ عليها، والمؤسسة العسكرية اليوم يسرّها أن تكرّم هذا الرجل الكبير آملة استنهاض مبادئه واضفاءها على أداء كل المؤسسات اللبنانية، إذ ان من ليس له ماضٍ ليس له مستقبل...

 

 

اللواء الركن الحاج:
المؤسس المؤمن بالوحدة الوطنية والديموقراطية

كلمة مؤسسة فؤاد شهاب ألقاها اللواء الركن المتقاعد السفير احمد الحاج، الذي شكر باسمه وباسم المؤسسة العماد قائد الجيش على المبادرة الكريمة باطلاق اسم الرئيس شهاب
 على مبنى كلية القيادة والأركان وقال: ... مَن أجدر من الرئيس شهاب كي يحمل هذا الصرح العلمي والقيادي اسمه؟
فهو الأب المؤسس للجيش الذي كان عديده لدى تسلمه قيادته في تموز 1945دون الخمسة آلاف، ويفتقر الى التجهيز والتدريب والسلاح.
وبكل صبر وأناة، وبموارد وإمكانات محدودة، تمكّن من بناء قطعاته ووحداته، كتيبة بعد كتيبة، حتى أصبح لدينا جيش قوامه الأسلحة على مختلف صنوفها واختصاصاتها: فقد وفر للمشاة أسلحة الدعم من مدرعات ومدفعية وهندسة وبحرية ونقل وإشارة وطيران...

والى جانب ذلك أنشئت مدارس ومراكز التدريب، كما توافرت الادارة الكفوءة لتأمين الحاجات اللوجستية والخدمات الاجتماعية والصحية لجميع الثكنات والمواقع المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية.
وهذا الجيش الطري العود الصغير بحجمه والكبير بمعنوياته، هو الذي حقق انتصاراً على العدو الاسرائيلي باحتلاله المالكية في الجليل في فلسطين، وكانت هذه أول معمودية قتالية وطنية للدولة اللبنانية المستقلة، المتضامنة في المصير العربي المشترك.

وكما أولى الرئيس شهاب البناء المادي للجيش الاهتمام الذي يستحقه، فإنه أولى أيضاً بناءه المعنوي عناية خاصة، رسّخ في نفوس الضباط والرتباء والأفراد الروح الوطنية الصافية والمناقبية المميزة، فقد علّمهم ان الولاء للبنان هو فوق كل اعتبار، فلا مكان للطائفية في صفوفه ولا دور للمحسوبية أو الاستزلام في إدارة شؤونه. وحدها الكفاءة كانت المعيار في تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، لا فضل لجندي على آخر إلاّ بمقدار تفانيه وعطائه في سبيل الوطن.
وتنشئة جيشنا على هذه المبادئ السامية، وحمايته من تدخل السياسيين وشرور الطائفية وزبانيتها، جعلت اللبنانيين يمحضونه وقائده الاحترام والثقة، ويلجأون اليه في الملمات والأزمات.
في العام 1952نشبت أزمة سياسية حادة أدّت الى استقالة الرئيس الشيخ بشارة الخوري، فاختار اللواء شهاب وعيّنه رئيساً لحكومة انتقالية، مهمتها تأمين انتخاب رئيس جديد للبلاد. وبالرغم من تمنّي الرئيس الخوري وكبار قادة البلاد عليه كي يكون هو الرئيس العتيد عبّر لهم عن شكره واعتذر قائلاً: «أرجو أن يتمّ سريعاً انتخاب من ترون، وانني كجندي سأعود الى مركزي في قيادة الجيش، فبين القصر والثكنة إنني أفضل الثكنة».
غير ان الأحداث الدامية التي عصفت بالبلاد عام 1958، اضطرته لتلبية نداء الواجب، وتبوّأ سدّة الرئاسة لإنقاذ الوطن من المحنة التي كان يتخبط فيها.
بالإضافة إلى صفاته القيادية المميزة، التي أكسبته ثقة الجميع كي يقع الاختيار عليه كرئيس للدولة، فإنه كان ديموقراطياً في نشأته وممارسته لمسؤولياته. لم يرَ يوماً أنّ الجيش في لبنان هو الحلّ، فهو من طينة القادة العظام أمثال ديغول وأيزنهاور، الذين كانوا يؤمنون ايماناً راسخاً بالديموقراطية. كان يعي تماماً بأن تركيبة النسيج الديموغرافي في لبنان، وتعدّد الطوائف فيه، لا يمكن أن يصلح له إلاّ النظام الديموقراطي الحر. ومن هنا كانت قناعته الراسخة بأن الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، كانت ولا تزال السلاح الأمضى في مواجهة أي خطر يتهدد أمن الوطن واستقراره واستقلاله. والتاريخ علّمنا بأن تشرذم صفوفنا واستغلال الغير لنزاعاتنا للتفرقة في ما بيننا لم يؤدِّ بنا إلاّ الى الخراب والدمار، ولنا في أحداث 1958وحرب 1975التي اتسمت بطابع طائفي حاد خير درس وعبرة.
وكما بنى الجيش على أسس وطنية سليمة راسخة، فإنه قد بنى فعلاً لا قولاً دولة القانون والمؤسسات. فهو من أنشأ المصرف المركزي لحماية النقد الوطني، ومجلس الخدمة المدنية لتأمين الموظف الكفؤ وحمايته من أي تأثير أو تدخل، وديوان المحاسبة ومجلسي التأديب والتفتيش للرقابة والمساءلة، وغيرها من المؤسسات الانمائية والاجتماعية.

والآن بعد مرور اثنين وثلاثين عاماً على وفاته، وفي كل أزمة يواجهها لبنان، يتذكره اللبنانيون ويتذكرون تجرده وحكمته، وترفّعه وبعد نظره، وزهده،
إذ لم تغرِهِ سلطة ولم يستهوِهِ منصب.
وبما اننا لا نزال في أجواء عيد الاستقلال، أودّ الاستشهاد بفقرات من خطابه في ذكرى الاستقلال عام 1960يرشد فيها اللبنانيين الى كيفية بناء هذا الاستقلال، ويبيّن لهم أهمية التمسك بالوحدة الوطنية للحفاظ على الوطن:
«في ذكرى الاستقلال الذي قيل فيه انه يؤخذ ولا يعطى، ما أراني إلاّ معبّراً عن تجارب لبنان حين أقول ان الاستقلال الحق لا يؤخذ ولا يعطى - إن الاستقلال يبنى. ليس في اللبنانية تمييز ولا امتياز، وليس للبناني على لبنان فضل إلاّ بالعمل الصادق، فليكن حبكم للبنان واخلاصكم له، وحرصكم على استقلاله، عملاً وعملاً لا يكلّ، ان استقلالكم هو عمل كل يوم»...
واللبنانيون اليوم هم على ثقة تامة بأن جيشنا الأبي، الذي قال عنه قائده المؤسس عام 1964(وكأنها وصيته في آخر خطاب له قبل مغادرته الرئاسة): «وجيشنا الذي هو مدرسة الوحدة الوطنية بالتفكير والممارسة يحياها ويحميها، يعرف ان الديموقراطية في لبنان هي شرط من شروط بقاء لبنان لأنها صورة الوحدة الوطنية والتعبير العملي الحي عنها».


هذا الجيش سيبقى بفضل قيادتكم الحكيمة، حضرة العماد، وتربيته الوطنية، أميناً على الرسالة وسيسير على خطى الشهابي الكبير وسيبقى الدرع الواقية والحصن المنيع للوطن، مهما اشتدّت عليه العواصف، من قريب أو بعيد...

 

الأمير حارس شهاب:
الأمير التعب رحل تاركاً صمته البليغ يتكلم

كلمة العائلة ألقاها الأمير حارس شهاب مركزاً على مزايا «رجل الكتاب» الزاهد، المترفع والساعي أبداً إلى مصلحة الوطن وترسيخ العيش المشترك بين أبنائه،
وقال:إستشرف بثاقب رؤياه هول الكارثة التي تنتظر لبنان. حزن، حذّر، عانى، فاعتصره الألم حتى انفجر خافقُه.

نزل عن صهوة دنياه، ذلك الأمير التعب من حصاد زرعه، يشقع سنابله أغماراً على بيادر العطاء، لتستدير مواسم الجهاد أرغفة وعد وحلم.
رحل تاركاً لصمته المقرون بمداميك العمل أن يتكلم ليفحم إعجاز البلغاء.
فما أبلغ صمت هذا الأشفّ، قبل أن تصبح الشفافية شعاراً ومعياراً.

أنّى لي أن أتكلم، من منطلق عائلي، عمن تيقن الفصل بين العام والخاص، فلم يحدث مرة أن خلط بين أمور الجمهورية وأمور عائلته التي أبعدها عن الأضواء، ولم يترجم مرة تعلقه بها وعطفه تجاهها منافع شخصية.
لفرط تجرّده، قسا على نفسه قبل الآخرين، ورغب دائماً أن يعطي السياسة معناها السامي في السعي لتحقيق الخير العام.

أراد السلطة السياسية مرتكزة على روح الخدمة، مقرونة بالكفاءة والفعالية وخصوصاً النزاهة ونظافة الكف كي تتغلب على الإغراءات.
رأى أن المرشح لتولي الأحكام يجب أن تكون سيرته ناصعة البياض، شأن الرومان القدامى، إذ كان يلبس المرشحون برانس بيضاء يطوفون بها شوارع روما فمن وصل
وما زال برنسه أبيض، لم يتلطّخ بوحل رماه الشعب استحق الحكم.
أعطى الدليل أن السياسة لا تعرّض أربابها بالضرورة لانهيار الأخلاق.
ترفّع عن المطامع الشخصية وأراد تبديل المفهوم الخاطئ للحكم وصولاً إلى لبنان جديد يحلم به المواطن.
تقيّد بالكتاب، وكان الدستور عنده أمر عمليات يومياً جعله رئيساً لشعب واحد. هكذا يكون الرجال الذين تليق بهم قيادة الأوطان.

فؤاد شهاب لا تحتكره عائلته، فقامته تمتد على مساحة الوطن، ولكن لا أحد يمكنه أن ينكر أنها رفدته بتراث تاريخي عمره أربعة عشر قرناً، كان له عنده الأثر العميق.
لازمته الامارة في كل مراحل حياته، لا لقباً يفاخر به بل كمّاً من الصفات القيادية التي عرف كيف يثمّرها ويضعها في خدمة شعبه.
وكذلك لازمته رمزية العيش المشترك المسيحي الإسلامي الذي تتغنى به العائلة الشهابية من حيث جذورها الإسلامية والذي عمل الرئيس الأمير على تعميمه على مساحة الوطن.
بعض الغلاة من منتقديه كان يحلو لهم أن يسموه «فؤاد عبدالله حسن» للدلالة على جذوره التي تعود إلى الصحابي الحارث بن هشام، سيد بني مخزوم في الجاهلية والإسلام، وكأنّي بهم أرادوا التشكيك بانتمائه المسيحي فكان ردّه من خلال حياة مسيحية مثالية أشبه ما هي بعيش النساك وإيمانهم.
بقي يعتز بتاريخ عائلته الأصيل عروبة وإسلاماً، وكل عمله الدؤوب هدف الى توسيع المساحات المشتركة بين المسيحيين والمسلمين، وما أكثرها، على أرض لبنان السمحة المعطاء، من خلال وفاق وطني يوصل إلى وحدة وطنية جامعة شاخصة دائماً نصب عينيه والتي لولاها لما تحقّق لنا استقلال.
...
نظرته الى المؤسسة العسكرية، نظرة أصيلة مُحصنة بالحكمة وبُعد النظر، مع ما يلزم من الحزم، مما يبقي جيشنا العين الساهرة، والضمير اليقظ، والدرع الواقي للبنان مؤتمناً على الرسالة التي عُهدت إليه والتي يختصرها ثالوثه المعبّر: شرف تضحية وفاء.

وختم الامير حارس شهاب بفقرة من كلمة للرئيس اللواء فؤاد شهاب إلى العسكريين في ذكرى الاستقلال عام 1959 قال فيها:
 «أيها الضباط، أيها الجنود إنكم سياج الأمة وعنوان كرامتها، لا لأنكم تحمون الحدود وتمثلون القوة فقط، وإنما لأنكم تجسدون في الأمة المعاني الرفيعة والقيم العليا التي بها تكبر الأوطان مهما صغرت، ويصان بها تراث الأمة الروحي والخلقي جيلاً بعد جيل.
لقد كنتم وما زلتم وستظلون حفظة القوة الوطنية الحقيقية المتمثلة في رابطة الأخوّة الصحيحة التي تشد اللبنانيين بعضهم إلى بعض وتجعل منهم شعباً واحداً وبنياناً واحداً مرصوصاً».

 

الوزير فؤاد بطرس:
رجل الدولة الذي احترم استقلال القضاء

الكلمة الأخيرة كانت لوزير الخارجية الأسبق فؤاد بطرس الذي قال «إن المشاركة في تكريم الرئيس الأمير فؤاد شهاب أعزّ ما يكون على قلبي، لأن الرئيس شهاب قدوة في السياسة اللبنانية، إن من حيث نهجه وإنجازاته أو من حيث ترفعه الاخلاقي، فضلاً عن وطنيته الصافية والواعية».
وجاء في كلمته:
بادئ بدء، إن فؤاد شهاب يستحق لقب رجل دولة بكل ما تعنيه هذه الكلمة وفقاً للتعريف الحديث، إذ زاوج في رؤياه وتصرفاته، بين الواقع والحلم في سبيل تأمين
مصلحة الأجيال التالية، مميزاً نفسه عن رجل السياسة بمعناه المألوف الذي يولي اهتمامه للانتخابات اللاحقة.
وإليكم بعض الأدلة على صوابية هذا التصنيف للرئيس شهاب.
يوم دعاني في إحدى الليالي من أواخر أيلول 1959إلى منزله في جونيه، ليبلّغني أنه قرر توسيع الحكومة الرباعية إلى 8 وزراء، وأنه اختارني وزيراً عن الطائفة الأرثوذكسية لتولي وزارتي التربية الوطنية والتصميم، استهل حديثه معي بالقول الآتي:

«إن لبنان لم يستطع أن يرتقي إلى مرتبة الوطن كما أنه لم يتمكن من بناء دولة بالمعنى الصحيح، لذا قررت أن أتولى هذه المهمة الأخيرة إنطلاقاً من الواقع، وأن أستعين بوزراء شباب أكفياء لوضع أسس للدولة بالمعنى الحديث، حتى إذا ما وفّقنا في ذلك قد نتمكن من العبور إلى الوطن المنيع».

فهل من تزاوج أكثر وضوحاً بين الواقع والحلم وبين الحاضر والمستقبل؟
وإليكم واقعة أخرى تصبّ في الاتجاه ذاته:
في بحر تموز 1960، وعلى أثر انصراف النواب الذين هرعوا بأكثريتهم الساحقة إلى منزله مطالبينه بالرجوع عن استقالته من الرئاسة، تلك الاستقالة التي قدمها فور إنجاز العملية الانتخابية، نظر إلى مدير غرفة الرئاسة الأستاذ الياس سركيس آنذاك وقال له: «ألحّوا عليّ بالبقاء وأكّدوا ثقتهم بي، ولكني أعلم أنهم لن يدعوني أنفذ ما أريد».

وبالرغم من ذلك، لم يألُ جهداً في تنفيذ ما خطط له، محققاً نجاحاً ملموساً في أكثر من حقل وإن لم يحقق أمانيه كلها.

أليس في هذا المسلك دليل ساطع على أنه كان يعمل في سبيل الأجيال القادمة، مزاوجاً بين الواقع والحلم، معتمداً التخطيط في شتى الحقول لا سيما الاجتماعية والاقتصادية، بدليل استعانته بمؤسسة الأب Lebret الشهيرة، مما حدا بالبعض أن يقول بأن فؤاد شهاب هو الذي أدخل الهمّ الاجتماعي والتخطيط إلى السراي الحكومي وقد كانا غريبين عنها.

أما مسك الختام في صدد صحة تصنيفه في مرتبة رجل الدولة، فهو في ذلك البيان المأثور بالعزوف عن الترشح للرئاسة الذي أصدره في أيلول 1970رداً على إلحاح كتلة النهج على ترشيحه.
إن ردة الفعل هذه، وقد جاءت تتويجاً لسلسلة من المبادرات والمواقف، ما هي إلا تكريس لمكانته المميزة في الحقل العام.

وبالانتقال إلى نهجه في السياسة الخارجية، يمكن القول باقتضاب بأن هذا النهج تميّز بالحكمة والاعتدال وبعد النظر وعدم الانحياز، وبالحرص على ألا تطغى العلاقات الوثيقة مع بعض الأخوّة على سيادة لبنان وكرامته.
لقد نجح فؤاد شهاب في التوفيق بين الوطنية اللبنانية والانتماء للعروبة، مع ما يفرض هذا الانتماء من تضامن وتكاتف، سواء داخل الجامعة العربية أو خارجها، فلم تتأثر علاقاته الحميمة مع الجمهورية المصرية بانفصال الاتحاد بين مصر وسوريا لأن تلك العلاقات، إذ كانت تقضي بعدم مناهضة مصر في سياستها العربية وعدم الانتماء إلى محاور ضدها، لم تكن تفرض على لبنان مجاراتها في ما ترتئيه من التزامات وتحالفات مع العالم الخارجي.
كما أن الرئيس شهاب حافظ على صداقات لبنان في الخارج من غير أن ينحاز إلى أي من الكتلتين اللتين كانتا تتنازعان السيطرة على العالم عبر الحرب الباردة، وقد كان رئيس الحكومة الأستاذ صائب سلام، في مؤتمر عدم الانحياز المنعقد في أيلول 1961، عبّر خير تعبير عن سياسة لبنان تلك.

وأخيراً وبالعودة إلى الحقل الداخلي، فإن اضطلاعي بمهام وزارة العدل الذي أفسح لي في المجال للتعاون عن كثب مع الرئيس شهاب، كان تجربة ممتعة بالنسبة لي، أنتقي منها بعض أحداث تعبّر خير تعبير عن سمو خلق هذا الرئيس العملاق وإيمانه باستقلال القضاء والاستنكاف عن التدخل فيه وكذلك احترامه لقاعدة فصل السلطات، وإليكم بعض النماذج:
بعد محاولة الانقلاب التي حصلت في كانون الأول 1961، عمّ الشعور بالحرج أهل السلطة بوجه عام، بيد أن الرئيس شهاب تغلّب على أي انفعال وظلّ متمسكاً بمبادئه وأسلوبه، فلم يبادر إلى إصدار تشريع استثنائي تاركاً للتحقيق القضائي أن يأخذ مجراه القانوني.

أول ما يلفت الانتباه أن مدعي عام التمييز، بالرغم من دقة الظروف، لم يقم بزيارة القصر الجمهوري إلا مرة واحدة على مدى ولاية الرئيس شهاب يوم أدّى اليمين القانونية، كما أن الرئيس لم يعتد على استقبال القضاة، حاصراً علاقته بوزير العدل.
في أحد الأيام، جاءني مدعي عام التمييز وأخبرني - وهو متضايق - بأنه تلقّى اتصالاً من غرفة الرئاسة في القصر الجمهوري لمطالبته بأمر يتعلق بتحقيق جارٍ، وإذ لمست إنزعاجه، نصحته بأن ينسى الأمر.
وبادرت من جهتي إلى مقابلة الرئيس شهاب في اليوم التالي، وأثناء المقابلة، وبعد أن تطرقنا إلى عديد من الشؤون، أخبرته بما حصل مع النائب العام، معقباً بأنه من المناسب تحاشي الاتصال بالقضاة وإن كانوا من قضاة النيابة.

وعلى الفور وبحضوري، استدعى مدير عام غرفة الرئاسة وطلب منه أن يتقيّد وباقي أعضاء الغرفة بتعليماته وهي تقضي بألا يُجروا أي اتصال بأي قاضٍ وإن كان من قضاة النيابة ولأي سبب كان؛ وقد أضاف أنه في الحالات الاستثنائية التي قد تستدعي تحركاً ما، ينبغي مراجعة وزير العدل الذي يُقدر جدية الموضوع وما إذا كان يبرر أي إجراء ضمن إطار القانون باعتبار أن الوزير هو الرئيس التسلسلي للنيابات العامة.
وقد بقيت هذه التعليمات مرعية الإجراء حتى آخر عهد الرئيس شهاب.

وفضلاً عما تقدم، لم يتصدّ الرئيس شهاب لأي إجراء قانوني اتخذته في سياق عمليات التحقيق أو المحاكمة، لا سيما في محاولة الانقلاب التي أُحيلت أمام القضاء العسكري وإن كان بعض الإجراءات أدى إلى نوع من التشنج لدى الضباط في القضاء العسكري. وجلّ ما في الأمر أنه كان من وقت لآخر وعند تأزم الأمور، يطلب مني بعض المعلومات ويستمع إلى وجهة نظري.
ويشهد الله أنه لم يضغط عليّ يوماً بالنسبة لأي شخص أو أي شأن قضائي.


وقد تجلى ترفعه هذا إلى أبعد الحدود يوم كان عليّ أن أعيّن رئيساً بديلاً لمحكمة التمييز العسكرية ليحلّ محل الرئيس الأصيل الذي تنحى في الدعوى المذكورة، وقد عزمت على اختيار القاضي اميل أبو خير لثقتي المطلقة بعلمه ونزاهته وأخلاقه، وذلك على الرغم من أنه كان ثمة لدي شك عن مدى الانسجام بين ذهنيته وذهنية العسكريين أعضاء المحكمة، لا سيما في معرض النظر بجناية تتصل بشكل أو بآخر بالشأن السياسي. ولما سألني الرئيس من سأختار لرئاسة المحكمة، أجبته بأني أرى أن أختار أبو خير وهو قاضٍ ممتاز علماً وأخلاقاً واستقلالاً، من دون أن أخفي عليه تساؤلي حول إمكانية انسجامه مع الأعضاء العسكريين. وبعد أن دار نقاش بيني وبينه وفي ضوء ما أبديته من حجج بصراحة تامة، ختم الحوار قائلاً: «إني أثق بك وبتقديرك فتصرف وفقاً للقانون ولوجدانك». ويوم انتهت المحاكمة بقرار قضى بالإعدام بالأكثرية - كون رئيس المحكمة أبدى مخالفة معللة - لم يوافق الرئيس شهاب على تنفيذ الإعدام وبقي الأمر معلقاً إلى أن صدر في ما بعد، مرسوم بالعفو من الإعدام وإبدال هذه العقوبة بالسجن.
وفي ختام هذه المداخلة أرى أن أفضي إليكم بما كان ينتابني من شعور أثناء ولاية الرئيس شهاب حيال موقف بعض الرأي العام وفئة من السياسيين من الرئيس شهاب ونهجه.
كان يحزّ في قلبي أن تقف فئة من اللبنانيين وبعض أهل السياسة موقفاً مناوئاً لسياسة فؤاد شهاب فلا ينصفونه ولا يعترفون بإنجازاته وذلك لسبب أو لآخر عن جهل أو عن قصد، غير أن هذا الشعور قد تبدّل اليوم إذ أشعر بالعزاء حيال ما لمسته من انقلاب في شرائح من الرأي العام بالنسبة لهذا الرجل الكبير، لا سيما وأن هذه اليقظة تشمل أكثر من شخصية سياسية ذات شعبية سبق أن تنكرت للرئيس شهاب وكانت ظالمة في حكمها عليه أثناء رئاسته. وقد تكون التجربة المأساة التي يعيشها لبنان منذ نيف وربع قرن ساعدت على هذا التطور.
وفي أي حال يعود للتاريخ أن يصدر حكمه في الرئيس شهاب وفي سياسته وإني علي يقين بأنه سيكون منصفاً وعادلاً.


المعرض:
«عودة الى الماضي المجيد»

في ختام الاحتفال توجه الحضور الى مقصف وزارة الدفاع، حيث أقيم معرض ضمّ صوراً ولوحات تحكي سيرة إنسان عظيم ترك بصمات مجيدة مشرقة مزهرة في تاريخ لبنان، منذ توليه قيادة الجيش الذي أسسه الى رئاسة الجمهورية اللبنانية.
وقد ضم المعرض بعضاً من ملابسه الخاصة ومقتنياته، كما عرضت بعض الكتب التي تحكي عن سيرته، مثل «فؤاد شهاب ذلك المجهول» للكاتب باسم الجسر، «فؤاد شهاب القائد الرئيس» للكاتب واكيم بو لحدو...
كما عرض مجسّم هندسي لكلية القيادة والأركان مستقبلاً.

وبعد أن جال الجميع على المعرض برفقة العماد سليمان، شربوا نخب المناسبة في حفل كوكتيل أقيم على شرف المدعوين.

 

الكلية وتسميتها

تتمركز كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان حالياً في الريحانية، ويتلقى فيها الضباط اللبنانيون وعدد من الضباط الأشقاء العرب، التعليم العسكري العالي.
وقد باشرت قيادة الجيش منذ فترة بتشييد مبنى نموذجي جديد بالقرب من مستشفى السان شارل في الريحانية أيضاً، يتناسب مع التقدم العلمي، ومع تطور الفكر العسكري، ويستوعب عدداً أكبر من المتدربين، ولقد تمّ انجاز أقسام رئيسية من المباني التي جُهّز بعض منها بالمشبه التكتي Janus، الذي بواسطته تدار لعبة الحرب بين طرفين يمثلان العدو  والصديق، على شكل مناورة مماثلة، كما لو كانت تتم في مسرح العمليات الحقيقي.

خلال فترة الانتداب الفرنسي، وقّع الكومندان فؤاد شهاب مع عدد من رفاقه الضباط، الوثيقة التاريخية التي جاء فيها:  
نحن نخبة الضباط اللبنانيين، نقسم بشرفنا أننا لن نقبل الخدمة إلاّ في سبيل لبنان،  وتحت علمه. وكل من يختار منا سبيلاً آخر، يعتبر خائناً ويعامل على هذا الأساس.
ولكي نبقى أوفياء لهذا القسم، ولكل من ترك مآثر وطنية، وبنى صروحاً شامخة نعتز بها ونبني عليها، قررت قيادة الجيش، في أجواء عيد الاستقلال سنوياً، تكريم أحد رجالات لبنان.
ومن أولى من الرئيس اللواء فؤاد شهاب أن يكون باكورة هذا التكريم، سيّما وانه مؤسس الجيش وراعي استقلال البلاد.
وفي هذه المناسبة قررت قيادة الجيش إطلاق اسم الرئيس اللواء فؤاد شهاب على كلية القيادة والأركان، فأصبحت: «كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان»، وذلك بموجب التعميم رقم 25885/ع د/ تقني/ ت.
الموقّع من العماد ميشال سليمان قائد الجيش في 25 /10 /2005 في اليرزة.

 


قال وقالوا عنه

زيّنت جدران مقصف وزارة الدفاع بعبارات قالها الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب وبأخرى قيلت فيه:

* أقوال من فؤاد شهاب:

إن بناء المجتمع لا يقوم إلا ببناء الوحدة الوطنية، وبناء الوحدة الوطنية لا يتمّ إلا ببناء المجتمع.

22 تشرين الأول 1961
ميثاقنا الوطني هو الذي يجمعنا على الإيمان بلبنان وطناً عزيزاً مستقلا حراً ومتعاوناً بإخلاص وصدق مع شقيقاته الدول العربية الى أقصى حدود التعاون لما فيه خيره وخيرها جميعاً.

23 أيلول 1958
إن الإستقلال الحق لا يؤخذ ولا يعطى، إنه يبنى.


لمناسبة الاستقلال
1960
جيشنا مدرسة الوحدة الوطنية بالتفكير، والممارسة.


بيد أن الديمقراطية في لبنان شرط من شروط بقائه.
14أيلول 1964

 

*أقوال في فؤاد شهاب:

من الرجال القلائل الذين اتصفوا بصفات رجل دولة.لقد جمع بين العلم الغربي والنزعة التنظيمية والشهامة الطبيعية والبساطة العفوية.كمال جنبلاط

الموت ينهي الخلافات... وأشهد الآن انه أمتلك صفات رئيس الدولة ومزايا القائد المدني والعسكري.
ريمون اده

خسرت برحيله أباً سأظل أعمل وفقاً لتعاليمه وخطاه.الياس سركيس
 
فقد لبنان الرجل الكبير الذي فقد حياته من أجل كرامة وطنه وشعبه، وكان أباً للجيش منذ نشأته.أما في رئاسة الجمهورية، فقد عمل على بناء دولة الإستقلال وأرثى قواعدها على أسس قوية.
رشيد كرامي

لقد كان أقرب الى أصحاب الرسالات منه الى أصحاب القيادة والزعامة والجاه العريض.سعيد فريحة


 خسر لبنان رجلاً من أهم رجالاته ومن الصعب جداً التعويض عن هذه الخسارة.
شارل مالك
 
عرف فؤاد شهاب أن الدولة ليست أشخاصاً بقدر ما هي مؤسسات، ولهذا عمل على إنتشال الإدارة من أيدي السياسيين لوضعها في إطار القانون.شارل حلو


كلما بحثت عن مشروع انمائي لمستقبل لبنان في أدراج الحكم، وجدت إسماً واحداً ينتصب باعتزاز في وجه التاريخ المعاصر وهو اسم الرئيس فؤاد شهاب.


رفيق الحريري