في ذاكرة الوطن

قيادة الجيش: معًا في السراء والضراء
إعداد: ندين البلعة

العديسة تكرّم الشهداء وتؤكّد من جديد التمسّك بالمعادلة التي هزمت العدو

تلاحم الجيش مع شعبه ومقاومته وسام يعلّق على صدر كل عسكريّ

«إنّ أي تطاول على شعبنا وأرضنا لن يمرّ من دون ثمن»...
«معركة العديسة هي مدعاة فخر واعتزاز لكل لبنان»...
لافتات تحمل كلمات وعبارات لقائد الجيش، ارتفعت في بلدة العديسة التي أحيت عيد المقاومة والتحرير برعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي. والبلدة التي شهدت أرضها تجسيدًا جديدًا لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة العام 2010، أعادت العام 2012 تأكيد المعادلة في احتفال تخلّلته إلى كلمة راعي الإحتفال، كلمة لوزير الصحة علي حسن خليل، وأخرى للنائب علي فياض، بالإضافة إلى كلمة رئيس البلدية، واختتم بإزاحة الستار عن نصب الشهداء.
شدّدت الكلمات على دعم الجيش وندّدت بالحملات المغرضة التي يشنّها بعض الأطراف على المؤسسة العسكرية وقائدها...

 

وقائع الإحتفال
حضر الإحتفال رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان ممثلاً العماد قائد الجيش، ووزراء ونواب، وهيئات رسمية وأمنية، وعدد من كبار ضباط القيادة وقادة الألوية المنتشرة في المنطقة، ورؤساء اتحادات وبلديات ومخاتير المنطقة وفاعلياتها إلى الأهالي، وعائلات كل من الرقيبَين الشهيدَين روبير العشّي وعبدالـله طفيلي، والصحافي الشهيد عسّاف بو رحّال الذين استشهدوا في معركة العديسة في 3/8/2010، والصحافي علي شعيب الذي أصيب في المعركة نفسها.
النشيد الوطني اللبناني افتتاحًا، عزفته فرقة من موسيقى الجيش بقيادة الملازم الموسيقي أنطون عون، ثم وقف الحضور دقيقة صمت وفاءً لأرواح الشهداء. واستهلّ عريف الحفل الحاج عبّاس فتوني، الكلمات بالترحيب بالحضور وتوجيه «تحية إجلال وإكبار إلى الثلاثي حصانة الوطن ودعامته: الجيش والشعب والمقاومة...».
ثم ترك الكلام لرئيس البلدية الذي تحدّث عن العديسة البلدة التي كانت منذ مطلع القرن العشرين مسرحًا لمقاومة الإحتلال الإسرائيلي، والتي دفعت ضريبة الوطنية شهداء رووا أرضها بدمائهم الطاهرة. وشدّد على قوة الجيش والشعب والمقاومة في التصدّي معًا للعدو مستذكرًا حادثة العديسة وشهدائها، مهديًا النصب التذكاري رمزًا متواضعًا لتخليد ذكراهم.

 

فيّاض: نؤكّد تمسّكنا بجيشنا
أكّد النائب علي فيّاض في كلمته «ضرورة التمسّك بجيشنا عماد الأمن الوطني وركيزة السيادة الوطنية، في هذه الأيام العصيبة التي يتعرّض فيها الجيش، وبالتالي الوطن، للتهديد والتجرّؤ...»، ودعا الجميع إلى الالتفاف حوله لكي يبقى عالي الجبين ومحلّ ثقة المواطنين. كما شدّد على «معادلة التكامل بين الجيش والشعب والمقاومة في معركة سيادتنا الوطنية التي لم تنتهِ بعد».
وحذّر النائب فيّاض من التصعيد والتحريض واللغة الطائفية مؤكّدًا «تمسّكنا بالوحدة الوطنية رافضين الإنزلاق في المواقف الطائفية والعنف ودرء الفتنة ليبقى الوطن الذي لا سيادة له إلاّ بجيشه الوطني الثابت والقوي وتكامله مع المقاومة...».

 

خليل: خصوصية المكان والزمان
الوزير علي حسن خليل تكلّم عن خصوصيّة البلدة - نقطة انطلاق المواجهة والانتصار في وجه العدو الإسرائيلي - حيث تعمّدت أرضها بدماء جيشنا البطل الذي يدافع عن الحدود متمسكًا بعقيدته الصلبة منفّذًا «أمر اليوم»: «توجّهوا جنوبًا باتجاه الحدود، دافعوا واسقطوا شهداء فبكم ينتصر لبنان ويبقى منيعًا صامدًا...».
وتابع: «خصوصية هذا المكان هي بالتلاحم بين الجيش والشعب والمقاومة والإعلام...»، لافتًا إلى أنّ الشهيد الصحافي عسّاف أبي رحّال كان «العين التي رصدت أي محاولة للتسلّل ورفع صورة المقاوم القابض على الزناد يدافع عن الوطن...».
وشدّد على خصوصية الزمان (25 أيار) «يوم انتصارنا على الإحتلال، ويوم حرّر الشهداء أرض الوطن... مقاومون من كل الإنتماءات والاتجاهات يتلاحمون بصدق وإخلاص يصوّبون إلى قضيّة التحرير... فكان انتصار كل اللبنانيين». ورفض الوزير خليل تسييس هذا الانتصار و«صرفه إلاّ مناعةً وقوّةً ومزيدًا من التلاحم لكل أبناء الوطن في وجه الآلة الإسرائيليّة التي هُزِمَت بفعل إرادتكم وقوّتكم وفعلكم المقاوم...».
وأعاد تأكيد «التمسّك بالوحدة الوطنية، وأساس قوة الوطن، الجيش اللبناني البطل الذي يحمي الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي. ونحن في موقع الدفاع عن الجيش وتبنّي مواقفه رافضين أي تشكيك بدوره وإخلاصه لكل اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم، وهو لم يبخل يومًا في الدفاع عن مواقعنا جميعًا». وجدّد الثقة والإلتزام بقيادة الجيش وعلى رأسها العماد قهوجي، ودعا إلى «الانتقال من الدعم الكلامي إلى الدعم الفعلي لتجهيز هذا الجيش وتسليحه وتأمين المقومات الضروريّة لصموده في وجه مزاجية القرارات السياسيّة، فالمسّ بهيبته هو مسّ بهيبة الوطن...».


قائد الجيش: التزام الثوابت والمسلّمات
اللواء الركن سلمان ألقى كلمة قائد الجيش التي استهلّها بالقول:
«كلّ شبر من تراب الوطن غالٍ على القلوب، لكن الأغلى والأسمى هو التراب المجبول بدم الشهادة، حيث تسطّر الصفحات المجيدة من التاريخ، وتفتح أمام الأجيال دروب الحرية والعزّة والكرامة. فمن هنا، من أرض جنوبنا الحبيب، التي ارتوت طويلاً طويلاً من دماء الشهداء، والتي طالما ارتجلت الأبطال الميامين، تمامًا كما ترتجل سفوحها وتلالها الجداول والزهور، كانت أعظم ملاحم الصمود والتحدي في مواجهة العدو الإسرائيلي الغاضب الذي لا يعرف إلاّ لغة الغدر والغطرسة والقوة.
هكذا شاء هذا العدو أن يعبر بجحافله ومؤامراته وأطماعه إلى داخل الوطن، مرّة العام 1978 ومرّة العام 1982، وأخرى العام 2006، لكنه عاد مدحورًا خائبًا من حيث أتى، يلملم أذيال هزيمته العام 2000 ثم العام 2006، وبذلك تحقّق انتصارنا الأكيد».
وتابع قائلاً: «إن بادرتكم إلى تكريم كوكبة من الشهداء العسكريين والمدنيين، الذين سقطوا في هذا المكان بالتحديد، خلال مواجهة العدو العام 2010، تمثّل صورة ناصعة عن تلاحم الجيش مع شعبه ومقاومته، وتعتبر بمنزلة وسام يعلّق على صدر كل عسكريّ، وهي قبل ذلك كلّه، تأكيد منكم للثقة بنهج المؤسسة العسكرية ودورها الوطني. فمواجهة العديسة بظروفها وحيثياتها المعروفة، لم تكن إلاّ تجسيدًا لقرار الجيش الحاسم والثابت منذ انتشاره على الحدود العام 2006، والقاضي بحماية إنجاز التحرير والدفاع عن لبنان، بكلّ الإمكانات ومهما بلغت التضحيات. إن هذا القرار في عقيدتنا العسكرية هو مزيج من الواجب والايمان والإرادة، ومن القناعة التامة بحتمية انتصار قوة الحق على حق القوة في نهاية المطاف».
وأضاف: «في أجواء عيد المقاومة والتحرير وفي حضرة شهدائنا الأبرار الذين خضّبوا بدمائهم الزكية تراب هذه الأرض الطاهرة، تعاهدكم قيادة الجيش مجددًا التزامها الثوابت والمسلّمات الآتية:
-لا تفريط بذرّة واحدة من ترابنا الوطني، أو قطرة من مياهنا وثرواتنا الطبيعيّة، فسيادة الوطن خط أحمر، وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء.
-لا تنازل على الإطلاق عن حق لبنان المشروع في توظيف مختلف طاقاته الوطنية لمواجهة العدو الإسرائيلي، حتى استرجاع كامل حقوقنا المشروعة، لا سيما تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر.
- لا تهاون مع العابثين باستقرار الجنوب وأمن أبنائه، الساعين بين الحين والآخر إلى تصعيد الموقف وخلط الأوراق، وبالتالي زجّ لبنان في صراعات خارج التوقيت الوطني، بما يؤدّي إلى تقديم خدمة مجانية للعدو، وإلحاق الضرر بالمصلحة العليا للوطن.
- من غير المسموح في أي حال من الأحوال، أن يعود الجنوب مرّة أخرى، مدخلاً لإحياء مشاريع التفتيت والتناحر بين أبناء مجتمعنا الواحد.
- بقاء الجيش إلى جانب أهله في السراء والضرّاء، وحرصه على إقامة أفضل علاقات التعاون والتنسيق مع القوات الدولية وتعزيز الروابط بين الجميع، لأنّ في ذلك دعمًا للاستقرار، وتعرية لخروقات العدو واستفزازاته أمام العالم.
ختامًا، باسم قائد الجيش العماد جان قهوجي، أتوجّه إليكم ومن خلالكم إلى أهلنا في الجنوب، بخالص التهنئة بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، كما بالشكر والتقدير على إقامتكم هذا الحفل النابض بروح الإخلاص والوفاء. وفّقكم اللـه وبارك جهودكم الخيّرة».
في ختام الإحتفال أزاح اللواء الركن سلمان إلى جانب رئيس البلدية الستار عن نصب شهداء الجيش والشعب والمقاومة التذكاري، حيث تمّ إطلاق البالونات الملوّنة بألوان المقاومة والعلم اللبناني.
وعلى وقع معزوفة الشهداء وضعا إكليلاً من الزهر على النصب وتمّ تبادل الدروع بينهما. ثم تسلّم كل من عائلات الشهداء والصحافي علي شعيب دروعًا تقديريّة من قيادة الجيش وبلدية العديسة.