أسماء لامعة

كارمن لبّس التمثيل حياة وأكثر...
إعداد: تريز منصور

شخصية فذّة ومحبّبة، يذهلك ذكاؤها الخارق وسرعة بديهتها.

إطلالة جميلة ورصيد فني كبير.
على الشاشة الصغيرة كما في السينما وعلى خشبة المسرح، يفيض إحساسها الصادق على الأدوار التي تؤديها، وكل دور بالنسبة اليها حياة.
إنها الممثلة النجمة كارمن لبّس، التي بلغت مستوى راقياً من الإحتراف، ونجحت في جعل المشاهدين يتساءلون: أتمثيل هذا أم حقيقة؟


بدايات صعبة
جذور عائلتها في دير القمر، أما هي فقد ولدت في بيروت، من أبوين فاضلين الياس وعيدا لبّس، وترعرعت في حنايا مدينة الإبداع والثقافة التي أغنتها بغناها، وزرعت في نفسها أحلام الرقص والتمثيل.

حاولت الدخول الى عالم الرقص وهي في الثامنة من عمرها، لكن والدها تصدّى لهذا الحلم بقسوة كبيرة. ظل الحلم ينبض في خيال الفتاة الصغيرة، وعندما بلغت الرابعة عشرة ظنت أنها على مشارف تحقيقه. فقد هربت من منزل والديها وتزوجت، على أمل أن يمنحها الزواج فسحة حرية تتيح لها تحقيق أحلامها.

لم يمضِ وقت طويل حتى اكتشفت أنها دخلت بإرادتها، سجناً أشد قسوة. والخيار هذه المرة كان الطلاق والعودة الى بيروت مع طفلها وهو في عامه الأول.

بدأت كارمن إبنة السادسة عشرة تخطو خطواتها الأولى نحو تحقيق الحلم والشهرة. انتسبت الى معهد الفنون الجميلة لدراسة التمثيل ولكنها لم تتابع دراستها.

التقت بالفنان الموسيقار زياد الرحباني، الذي اكتسبت منه العفوية والطبيعية في التمثيل خلال عملها معه، ولقّنها أستاذها يعقوب الشدراوي أسس التمثيل، ومن ثم أصبح مرجعها الوحيد الأستاذ المسرحي الروسي ستانلافسكيز.

في نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم، غادرت الى فرنسا مع إبنها، لمتابعة دراستها في عالم التصوير السينمائي والمسرحي، فالتحقت بأكاديمية الفنون الجميلة في بو العام 1989. والعام 1990 درست في جامعة أوكسفورد، كما درست في فرنسا العام 2003 في مدرسة السينما والمسرح، وكانت في الوقت عينه تعمل في مجال التمثيل السينمائي، حيث أبدعت في أداء أدوارها. لكن برودة الطقس كما برودة العلاقات في فرنسا، كانت دافعها للعودة الى لبنان لمتابعة مسيرتها الفنية.

 

التمثيل حياة
التمثيل بالنسبة للفنانة كارمن لبّس حياة كاملة، أو إنه بالأحرى العيش مجموعة من «الحياتات» المختلفة بأنواعها وأشكالها، تساعدها على التعبير بسهولة عن مشاعرها المختلفة التي يصعب التعبير عنها في الحياة العادية.
بالنسبة اليها الصدق مع النفس والصدق في تجسيد الشخصية التي تؤديها، شرطان لإيصال الرسالة الى المشاهد وإرساء أرضية للتفاعل بينه وبينها.

في بداية أعمالها تقول لبّس، «واجهت الصعوبات في التعبير عن نفسي أو في لعب دور البطولة المطلقة، لأن الوقوف أمام الكاميرا صعب وحساس. ولكن تجربتي القاسية مع الحياة، وتحمّلي مسؤوليات كبيرة في سن مبكرة، زوّدتني بالمخزون الكبير، الذي ساعدني في تقمّص كل الأدوار. عادة أحاول أن أعيش كل التجارب، فمثلاً تعرفت مرة على أحد مصابي الحرب، كي أفهم معنى هذا النوع من الألم».

تشاهد الفنانة لبّس نفسها بعد نهاية كل عمل، وتعتبره كالطفل المنتظر، الذي لا تعرف الأم ماذا سيكون في المستقبل، وتقوم باستمرار بعملية نقد ذاتي لمستوى أدائها.

ترى أن الممثل عندما يعمل على شخصية، يبحث عن الأحاسيس التي يكون الكاتب وضعها فيها، ولكن هذه الأحاسيس تبقى من دون روح، الممثل هو من يبعث الروح في الشخصية.

كارمن لبّس الممثلة لا تنسى كارمن لبّس الإنسانة عندما تؤدي دوراً ما. وردود الفعل التي تصدر عن الشخصية التي تؤديها، فيها الكثير من عفويتها وطبيعتها. وتستشهد بتجربتها في «إبنة المعلم» فتقول: «ما كتبته الكاتبة منى طايع في الشخصية تضمّن الكثير من الإنسانية، وامتزج مع الروح الذي وضعته فيها، لذلك أحب الناس مي سلامة».

 

أدوار وشخصيات
من الأعمال التي تأثرت بها كارمن لبّس، دور زينة في مسلسل «مالح يا بحر»، الذي تمّ تصويره في مواقع جميلة في لبنان لا يعرفها الشباب.

في دور إبنة البحر، التي لم تكمل علومها، واجهت تحديات كثيرة: إختيار اللكنة المناسبة، حركة الجسم التي يجب أن تتناسق مع القوة الجسدية لزينة. أكثر من ذلك، «علاقتي مع الأسماك سيئة، ولا أحب رائحتها، لذا لم يكن تحملها سهلاً».
وتضيف، عرفت في هذا المسلسل المعنى الحقيقي لمعاناة الفقير...

تجربتها في مسلسل «بين بيروت ودبي» لم تكن راضية عنها مئة في المئة، «النص جيد، ولكن تشوبه بعض الثغرات، فهو لم ينجح في جعل المشاهدين يتعاطفون مع وليد وأمل في الوقت عينه، كما وأن أحداث الحلقات الأخيرة كانت سريعة جداً».

على نقيض الدور الذي جسدته في «بين بيروت ودبي»، لا مكان للانتقام، في حياتها وسلوكها، وهي إذ تعتبر أن لا ديمومة لسلطة أو لمال «تتمنى لو يمارس الإنسان 10 في المئة من إنسانيته، لكانت الحروب الى زوال، وكانت البشرية بألف خير».

ترفض كارمن لبّس تأدية دور المرأة الضعيفة، لكنها تعتقد أن أي إمرأة يمكنها الإنتفاض على واقعها الأليم والضعيف، وعدم الإستسلام. حرية المرأة بالنسبة اليها هي الحرية الفكرية، هي جذب الرجل بالفكر والعقل، وليس بالغريزة، هي قبول الآخر كما هو، والتعبير عن الرأي بصراحة.
 
 

سينما ومسرح وتلفزيون
تجربتها الفنية غنية ومتنوعة بين السينما والمسرح والتلفزيون، حيث لها العديد من الأعمال في كل من المجالات الثلاثة، لكن السينما تستهويها أكثر. تعتبر أن المسرح لغة الجسد المتحرك وهي اعتادت لغة السينما الأقل حركة، أعمال المسرح غير حقيقية برأيها.

إختيرت كارمن لبّس عضواً في لجنة التحكيم السينمائية في العالم العربي، وهي تخوض غمار التجربة في الأعمال التلفزيونية المصرية، وحالياً تعمل في المسلسل التلفزيوني «البوابة الثانية»، الذي سوف يتم عرضه خلال شهر رمضان المقبل. تدور أحداث هذا المسلسل في مصر، وتقوم لبّس بدور البطولة الى جانب الممثلة المصرية نبيلة عبيد. وهي تؤدي دور سيدة فلسطينية تعاني مشاكل تواجه عائلتها. نبيلة عبيد تؤدي دور الجارة التي تساعدها في حل مشاكلها. يسلّط هذا المسلسل الضوء على المعاناة الإجتماعية للشعب الفلسطيني من خلال وجود كارمن لبّس وابنها وابن جارتها في غزة المحاصرة.

ومن الأعمال التي سوف تنجزها قريباً دور بديعة مصابني في مسلسل تدور أحداثه حول حياة الفنان الراحل إسماعيل ياسين، وسوف يبدأ تصويره في شهر نيسان المقبل.
قد تدرس كارمن لبّس الإخراج في عمر معين وتنتقل الى العمل خلف الكاميرا.
في جعبتها أحلام كثيرة منها دخول عالم هوليوود، وبلد تتوافر فيه للإنسان الحرية الفكرية، والحقوق المتساوية.

 

جوائز
- جائزة مهرجان السينما، الإسكندرية عن فيلم «بطل من الجنوب».
- جائزتان من «الموركس دور»، كأفضل ممثلة عن دور «إبنة المعلم» (2001 و2005).
- جائزة تكريمية من ماليزيا (2003).
- جائزة مهرجان الجزائر عن مسلسل «إبنة المعلم» (2007).
- تكريم في مهرجان دبي تقديراً لأعمالها.

 

أعمالها

• مسرح:
- «بخصوص الكرامة والشعب العنيد» لزياد الرحباني (1993).
- «لولا فسحة الأمل» لزياد الرحباني.
- «ثلاث نسوان طوال طوال» (2000).
- «باراڤان» (2004).
- «قول الحقيقة قوة» (2006).
- «شي غيفارا» (2007).

 

• سينما:
- «وست بيروت» (1997).
- «الحضارة» (1999).
- «ساحة القتال» (2003).
- «ليلى دي كا» (2004).
- «زوزو» (2005).
- «وقع عن الأرض» (2006).
- «مهما تريد لولا» (2007).


• تلفزيون:
- «حكايا الناس».
- «إبنة المعلم» (2005).
- «مالح يا بحر» (2007).
- «بين بيروت ودبي» (2007 - 2008).