موضوع الغلاف

كشف الشبكة الارهابية المتعاملة مع العدو انجاز نوعي

مديرية المخابرات أحالت الملف إلى القضاء العسكري ومجلس الوزراء قرر تقديم شكوى إلى مجلس الأمن
وزير الدفاع: الجيش يعمل 24/24 بأربعة أضعاف طاقته وارهاب اسرائيل الجوي مخيف وخطر


وضعت مديرية المخابرات في الجيش يدها على شبكة ارهابية تعمل لصالح المخابرات الاسرائيلية، حيث أوقفت بعض أفرادها الأساسيين وأحالت الملف إلى القضاء العسكري، بعد تحقيقات كشفت معلومات عن البنية اللوجستية للشبكة واعتراف الموقوف محمود رافع بتنفيذ عملية اغتيال الأخوين مجذوب في صيدا واغتيالات أخرى.
وقد قرر مجلس الوزراء تقديم شكوى على اسرائيل إلى مجلس الأمن بعد أن تبلغ رسمياً من نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الياس المر معلومات تفيد ان ثمة احتمال كبير أن تكون عملية اغتيال الأخوين مجذوب تمت بواسطة طائرة كانت على اتصال بكل ما يجري على الأرض. امّا قضائياً فقد أصدر قاضي التحقيق العسكري مذكرة توقيف وجاهية في حق الموقوف محمود رافع وثلاث مذكرات توقيف غيابية بينها واحدة في حق الفلسطيني حسين خطاب.
في غضون ذلك، صدرت عن القيادات السياسية والروحية في البلاد مواقف ثمّنت دور الجيش اللبناني وأشادت بالانجاز الذي حققته مديرية المخابرات، واحتل الحدث مساحات بارزة في وسائل الاعلام.

 

توقيف رافع وكشف البنية اللوجستية المتطورة للشبكة

في تفاصيل الخبر، ان مديرية المخابرات في الجيش تمكنت نتيجة للمتابعة وأعمال التقصي التي قامت بها اثر اغتيال الأخوين محمود ونضال مجذوب في صيدا (26 أيار المنصرم)، من توقيف أحد الضالعين الأساسيين في العملية، وضبطت بحوزته وثائق ومعدات مرتبطة بالجريمة، فبوشر التحقيق معه حسب ما جاء في بيان قيادة الجيش - مديرية التوجيه في 10/6/2006، وقد أوضح البيان نفسه ان للموقوف علاقة بالعدو الاسرائيلي، وان التحقيق معه جارٍ لمعرفة ملابسات الجريمة كافة، ولمعرفة علاقته بأعمال تخريبية اخرى.
وفي 13/6/2006. أصدرت مديرية التوجيه بياناً آخر كشفت فيه ان الشبكة الارهابية التي تعمل لصالح العدو الاسرائيلي، ووفقاً لاعترافات الموقوف محمود رافع، نفذت اضافة إلى عملية اغتيال الاخوين مجذوب عدة اغتيالات، وانها ترتبط بجهاز الموساد الاسرائيلي، وقد خضع أفرادها لتدريبات داخل اسرائيل وخارجها. كما كشف البيان عن ضبط معدات متطورة جداً في حوزة الشبكة. وفي ما يلي نصه:
«إلحاقاً لبيانها السابق حول اكتشاف شبكة إرهابية تعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية،  وتوقيف بعض أفرادها الأساسيين، وبمتابعة التحقيقات معهم، توصلت مديرية المخابرات إلى كشف المتورطين في جريمة اغتيال الأخوين مجذوب في صيدا، والتي حصلت بتاريخ 265/2006، وأبرزهم المدعو محمود رافع الذي اعترف بعملية الاغتيال وبعمليات سابقة أخرى هي:
- اغتيال المسؤول في حزب الله علي صالح في محلة الكفاءات في الضاحية الجنوبية بعبوة ناسفة بتاريخ 2/8/2003.
- اغتيال جهاد احمد جبريل في بيروت بعبوة ناسفة استهدفت سيارته بتاريخ 20/5/2002.
- وضع عبوة متطورة جداً على طريق عام الزهراني بتاريخ 18/1/2005، وقد تم اكتشافها وتفكيكها من قبل الجيش قبل تفجيرها.
- وضع وتفجير عبوة ناسفة لاستهداف مسؤولين فلسطينيين عند مفرق جسر الناعمة بتاريخ 22/8/1999، من دون أن تسفر عن إصابات.
وتبين من التحقيقات التي أجرتها مديرية المخابرات، أن الشبكة المكتشفة ترتبط بجهاز الموساد الإسرائيلي منذ عدة سنوات، وقد خضع أفرادها لدورات تدريبية داخل إسرائيل وخارجها، وقد كلفت الشبكة من قبل الجهاز المذكور بتنفيذ تلك العمليات، وزودت لهذه الغاية أجهزة اتصال ومراقبة سرية ومتطورة، كما زودت خرائط دقيقة للأماكن المستهدفة ولأماكن أخرى من لبنان، ومستندات مزورة وحقائب تحوي مخابئ سرية، وشبكات مرمزة.
وفي العملية الأخيرة التي استهدفت الشهيدين مجذوب، استقدمت الشبكة باب السيارة مجهزاً ومفخخاً من إسرائيل، ومزوداً أجهزة التقاط وبث لتأكيد خروج الشهيدين من المبنى.
وبدهم الأماكن التي تخص أفراد الشبكة، عثر على مضبوطات وأجهزة سرية متطورة. ولا تزال التحقيقات جارية لتوقيف باقي أعضاء الشبكة وكشف عمليات تخريبية أخرى، وسيصار إلى إحالة الموقوفين الى القضاء المختص.
وفي ما يلي لائحة بالمضبوطات المستخدمة من قبل الشبكة في التفجيرات الارهابية:
- أجهزة كمبيوتر عادية منها كمبيوتر محمول مصدره إسرائيل.
- معدات تصوير مصدرها إسرائيل بينها كاميرا متطورة لتصوير الطرقات تستعمل من داخل حقيبة.
- مناظير للمراقبة.
- ألبسة عسكرية استعملت لتنفيذ عمليات سابقة منها بزة عليها رتبة ملازم أول.
- ذخائر حربية.
- آلات طابعة للصور الرقمية.
- أجهزة اتصال خلوية على خطوط دولية ومنها الجهاز الذي استعمل في اغتيال الشهيدين مجذوب، وساعة يد.
- مكيف هواء مموه يستعمل لإخفاء المواد المتفجرة وتوابعها مع أسلحة العناصر المشاركين بالتفجير، ويفتح بطريقة مموهة.
- مضخم صوت مموه بداخله حقيبة تحتوي على لوازم التفجير والاتصال كافة وقد عثر عليها في مرأب منزل العميل رافع في حاصبيا.
واستخدم المكيف ومضخم الصوت لنقل المواد المتفجرة في عملية تفجير صيدا.
- طاولة تلفزيون في داخلها مخبأ سري يحتوي على جهاز شيفرة «إرسال واستقبال» ومفتاح سيارة المرسيدس التي استعملت في عملية التفجير التي استهدفت الأخوين مجذوب، وقد عثر على هذه الطاولة في منزل العميل رافع في حاصبيا.
- طاولة تحتوي على مخبأ سري بداخله جهاز شيفرة آخر «إرسال واستقبال» ولوائح شيفرة عثر عليها في الشاليه العائدة له في إحدى المناطق اللبنانية.
- جهاز تلفزيون يتم ربطه بجهاز الشيفرة الموجود في المنزل لقراءة الرسائل على الشاشة.
- مفتاح المخابئ السرية الموجودة في الطاولات التي عثر عليها وتظهر طريقة استعماله.
- طاولة ثالثة بداخلها مخبأ سري وتعود إلى أحد عناصر الشبكة الفارين وقد عثر عليها في منزل العميل رافع في حاصبيا.
- رخص سوق وإخراجات قيد مزورة كان يستعملها العميل رافع في نشاطاته كافة، وقد حصل عليها من إسرائيل وبأسماء مستعارة، وتظهر أيضاً اخراجات قيد مزورة بأسماء وهمية لزوجة كل شخصية وقد وضعت عليها صور فتيات إسرائيليات.
- حقائب جلدية بألوان مختلفة عدد 3، اثنتان تخصان الموقوف رافع وواحدة تخص أحد الفارين، تحتوي على مخابئ سرية عثر بداخلها على المستندات المزورة وتظهر طريقة فتح إحدى الحقائب.

 

عينه ساهرة ووحداته جاهزة

يعتبر إكتشاف الشبكة التخريبية وتوقيف رئيسها إنجازاً أمنياً يسجل في خانة الجيش ومديرية المخابرات فيه، نظراً الى خطورة هذه الشبكة وحجم الإستهدافات التي قامت بها على الأراضي اللبنانية، كما يدل مستوى تجهيز الشبكة ومخططاتها على سعي العدو الإسرائيلي الدائم والمستمر لإستهداف الساحة اللبنانية، من خلال عمليات الإغتيال والتفجير وزرع الفتن وتخريب الإستقرار الداخلي، وهو ما فتئ يمارسه منذ إحتلاله للأراضي اللبنانية، وقد استمر بذلك بعد تحرير القسم الأكبر من هذه الأراضي، كما دلت التحقيقات مع الشبكة الموقوفة والشبكات التي سبق للجيش أن أوقفها.
وهذه التهديدات المستمرة للبنان فضلاً عن أنها تسعى الى تخريب إستقراره وأمنه، وتستهدف أبناءه والمقيمين على أرضه، فإنها مستمرة أيضاً من خلال الإحتلال المقنّع والمتمثل بحقول الألغام التي زرعها العدو قبل إنسحابه، وفي الإنتهاكات الجوية والبرية والبحرية للسيادة اللبنانية. وإذا كان الصراع مع هذا العدو ما زال قائماً لتحرير ما تبقى من أرض محتلة، ولوقف إنتهاكاته اليومية، فإن عين الجيش ستبقى ساهرة لكشف وتوقيف الأصابع الإسرائيلية التي تسعى للنيل من وحدة اللبنانيين وأمنهم، وستبقى وحدات الجيش جاهزة للتصدي للإنتهاكات المعادية، محصنة بوحدة اللبنانيين والتفافهم حول مؤسستهم الوطنية وثقتهم بها.

 

المر: مخابرات الجيش وحدها كشفت الشبكة

عقد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الياس المر مؤتمراً صحافياً في مكتبه في وزارة الدفاع، قال فيه ان مخابرات الجيش كشفت وحدها الشبكة ومن دون أي تعاون مع أي من الأحزاب. كما كشف ان التفجير حصل من طائرة وان لا رابط بين عملية اغتيال الأخوين مجذوب في صيدا، والعمليات الاخرى التي استهدفت الوزير مروان حماده ومن ثم الرئيس رفيق الحريري وما تلاهما وصولاً إلى اغتيال النائب جبران تويني.
وعن التحقيقات قال:
«من المفاجئ في حجم التقنيات التي اكتشفها الجيش ومديرية المخابرات ان هناك احتمالاً كبيراً، وفق المعلومات المتوافرة، ان يكون البث تمّ عبر السيارة المفخخة والفان الذي كان يقف على مسافة بعيدة، ثم من الفان الى طائرة في الجو، وقد جرى التفجير بواسطة هذه الطائرة،  وكانت هناك كاميرا تبث من الأرض الى الجو تَحرُّك الشخصين اللذين استشهدا».
ورأى ان «الخروق الاسرائيلية اليومية التي يعيشها لبنان منذ اعوام ليست بجديدة، والأخطر في الموضوع ان الخرق الجوي اليوم أصبح يؤمن عمليات ارهابية على الأراضي اللبنانية، وهذا أمر مخيف وخطر جداً، وهنا أتوجه بتحية اكبار للجيش اللبناني ولمديرية المخابرات، لأننا نعرف ان المخابرات الاسرائيلية قامت بعدد من العمليات في البلد منذ نحو 03 عاماً، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تكشف عملية بهذا الحجم وبهذه النوعية من المنفذين وبالمستوى التقني العالي».
وسئل: هل محمود رافع كان جوالاً في المناطق في نهاية ربيع 2005، ويمكن ان يكون مرتبطاً بعمليات تفجير؟
أجاب: «هناك معلومات عن ان هذا الشخص تسلم حقائب متفجرات عبر الكومندوس الاسرائيلي الآتي من البحر، في فترات سابقة. ولكن ليس هناك ما يؤكد حتى الآن، ان هناك ترابطاً بين الموقوف في هذه العملية والتفجيرات التي حدثت في ضواحي بيروت الشرقية. لهذا السبب، فإن ربط الأمور ببعضها يضيع التحقيق في كل الجرائم الارهابية ولا نريد ان ندخل أي عملية بعملية اخرى. ان الاعترافات في هذه العملية هي التي صدرت في الاعلام وهي معلومات مخابرات الجيش اللبناني، أما العمليات التي استهدفت الوزير مروان حماده والرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولاً الى الشهيد جبران تويني والتفجيرات في الاحياء السكنية، فلا نستطيع ان نربطها بعملية صيدا، كما اننا لا نستطيع ان نبرئ في الوقت نفسه أي شخص قبل حصولنا على المعلومات الكاملة... «انا لا أبرئ احداً ولا أتهمه، ونحن نعطي كل عملية حجمها الأمني بتقنياتها ومعلوماتها التي لدينا. وما لدينا من معلومات يقول ان تلك التي استعملت ضدنا مختلفة عن التقنيات التي استخدمت في التفجير لاغتيال الاشخاص الذين اعترف الموقوف باغتيالهم».
وفي معرض إجابته على سؤال آخر قال الوزير المر: «نحن متفقون مع قائد الجيش على أن التعليمات التي اعطيت لمدير المخابرات والضباط عن هذه الجريمة، وضعت المخابرات على سكة ممتازة وجدية لتفعيل العمل».
ورداً على سؤال عن امكان وجود شبكة ارهابية ثانية، قال المر ان «الجيش ومخابراته يقومان بعملهما في هذا الموضوع، والمطلوب من الاعلام التعاون لكتم المعلومات المتوافرة لدى المخابرات لتتمكن من الاستمرار في عملها وتحقق الانجازات... والجيش مستنفر 24 ساعة على 24 ويستنفد طاقته بنسبة مئة في المئة، كما انه يعمل ثلاث مرات أو أربعاً اكثر من طاقته. والضباط والعسكريون وفي مقدمهم القيادة، يخدمون وطنهم، لذلك لن نقصر ابداً في القيام بواجبنا وكشف الشبكات».

 

مواقف

أجمعت مواقف كبار المسؤولين والقياديين السياسيين والروحيين على أهمية الانجاز النوعي الذي حققته مديرية المخابرات في كشفها الشبكة الارهابية المتعاملة مع اسرائيل، وأشادوا بسهر الجيش وتضحياته واندفاعه في أداء واجبه على الرغم من تواضع امكانياته.
رئيس الجمهورية العماد إميل لحود «أثنى على الانجاز الذي حققته مديرية المخابرات في الجيش اللبناني»، و «أكد ان التحقيقات ستستمر لمعرفة كل التفاصيل والخلفيات المتعلقة بالشبكة، وصولاً الى تقديم أفرادها الى المحاكمة ليلقوا جزاء ما اقترفته أيديهم من أعمال قتل وتخطيط وتخريب استهدفت لبنان بأمنه واستقراره».
وأشاد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بمخابرات الجيش التي كشفت الشبكة التخريبية، وقال «ان ذلك يعتبر من الانجازات المهمة للأجهزة الأمنية اللبنانية وهي تستحق التهنئة عليه والتشجيع على الاستمرار في أداء دورها في حماية الأمن الوطني».
كذلك أجمعت مواقف رؤساء الكتل النيابية والوزراء والنواب والمرجعيات السياسية والروحية والحزبية والعديد من الروابط والهيئات المدنية، على تثمين دور الجيش وتقدير الانجاز النوعي الذي حققته مديرية المخابرات.
وركزت هذه المواقف على وجوب تضافر كل الجهود في سبيل حماية لبنان من الخروقات الاسرائيلية، أمنية كانت أم غير أمنية، وعلى أن اكتشاف الشبكة الاسرائيلية يؤكّد أن العدو الاسرائيلي ما زال يشكل الخطر الذي يستهدف الأمن والاستقرار في لبنان. كما أشارت المواقف الى ان اسرائيل كانت وما زالت تعتبر لبنان ساحة للاعتداءات، ما يوجب قيام استراتيجية دفاعية تحمي الوطن.
الى ذلك، أكدت التصريحات التي أدلى بها العديد من المسؤولين والنواب الثقة بمخابرات الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية، وبقدرتها على كشف الجرائم إذا أُعطيت المجال والوقت الكافيين.
بدورها حيّت الصحافة ووسائل الاعلام المختلفة الجيش وقدرت سهره على الأمن مخصصة عناوينها الأساسية وافتتاحياتها لموضوع كشف الشبكة الارهابية، وأهميته ودلالاته وما يتعلق به من تفاصيل.