- En
- Fr
- عربي
ملف العدد وقائع وخلفيات
العماد قهوجي: ما قام به الجيش أكبر من إنجاز وانتصار...
لو انهزمنا لكانوا دخلوا عكار وأعلنوا دولتهم
ما حصل في عرسال في الثاني من آب وفي الأيام التي أعقبته كان أكبر من مواجهة مع الإرهاب، وما حققه العسكريون كان أكبر من إنجاز وانتصار. فالمواجهات البطولية التي خاضها الجيش والدماء الزكية التي سالت على تراب تلك الجرود القاسية، منعت تنفيذ خطة الإرهابيين التكفيريين الهادفة إلى «تغيير وجه لبنان، بل ربما محوه من الخريطة كدولة».
معطيات ووقائع
هذا ما اكّدته المعطيات الخطيرة التي كشفها التحقيق مع الإرهابي الموقوف عماد أحمد جمعة والوقائع الميدانية، وهذا ما دفع قيادة الجيش إلى القول: «ما حصل كان أخطر ما تعرّض له لبنان واللبنانيون».
وفي حين أعلن أحد بيانات القيادة منذ اليوم الأول لاستهداف الجيش أن هجوم المسلّحين الإرهابيين على المراكز العسكرية كان مخططًـا له ومدروسًا... عقد قائد الجيش العماد جان قهوجي في اليوم التالي مؤتمرًا صحافيًا، كشف فيه بمزيد من الوضوح خطورة ما حصل.
المؤتمر الصحافي
في مستهل حديثه قال العماد قهوجي: «نعقد هذا المؤتمر من أجل الشهداء الذين سقطوا من الجيش والمواطنين، ومن أجل الجرحى والمفقودين والمخطوفين من العسكريين». ومن ثم تطرّق إلى الوضع الميداني، فقال:
«قبض الجيش اللبناني صباح أمس على أحد أخطر المطلوبين وهو المدعو عماد أحمد جمعة. وفجأة بدأت تجمعات لأعداد كبيرة وضخمة من المسلّحين الذين شنّوا هجومًا واسعًا على المراكز العسكرية الأمنية المتقدمة كلّها. كان الهجوم محضّرًا بدقّة لأن المسلّحين حاولوا تطويق المراكز كلّها من جميع الجهات، وبأعداد كبيرة، لكنّ الجيش قام بردّ سريع ومباشر ونفّذ عملية هجومية لفكّ الطوق عن المراكز، نجحنا في حماية موقعي المصيدة ووادي حميّد، وللأسف سقط لنا مركز وادي الحصن.
اليوم العمليات مستمرة لاسترداد الموقع، ومحاربة الإرهابيين المنتشرين في المنطقة، والجيش يستخدم المدفعية والراجمات وسلاح الطيران...».
وفي حين اشار إلى سقوط شهداء وجرحى للجيش وفقدان عدد من العسكريين قد يكونون أسرى لدى التنظيمات الإرهابية، أردف قائلًا:
«نحن نقول هذا الكلام اليوم لتأكيد أن ما حصل أخطر بكثير ممّا يعتقده البعض. لقد اعترف الموقوف جمعة أنه كان يخطّط لتنفيذ عملية واسعة على المراكز والمواقع التابعة للجيش. وأنه كان يقوم بجولة لوضع اللمسات الأخيرة على العملية. وليس صحيحًا أن العملية بدأت لأن الجيش أوقف هذا المطلوب.
هذه الهجمة الإرهابية التي حصلت بالأمس لم تكن هجمة بالصدفة، أو «بنت ساعتها». بل كانت محضّرة سلفًا وعلى ما يبدو منذ وقت طويل، في انتظار التوقيت المناسب. وهذا ما ظهر من خلال سرعة تحرّك الإرهابيين لتطويق المراكز والإنقضاض على المواقع واحتلالها وخطف العسكريين.
إن العناصر المسلّحة عناصر تكفيرية غريبة عن لبنان وتضم جنسيات مختلفة، وهي آتية من خارج الحدود اللبنانية وبالتنسيق مع أناس مزروعين داخل مخيمات النازحين. ونذكّر الجميع أن الجيش كان أول من نادى منذ أكثر من ثلاث سنوات بضـرورة معالجــة الوضــع الأمنــي للنازحيــن الســوريين».
خطر يهدد كيان لبنان ووحدته ووجوده
وأضاف القائد قائلًا: «أمام هذا الخطر الكبير الذي يهدّد الوطن بكيانه واستقلاله ووحدته ووجوده، والذي يحاول البعض أن يقلّل من أهميته، نؤكّد أننا جاهزون لمواجهة كل الحركات التكفيرية التي قد تستفيد ممّا يجري في منطقة عرسال وتقوم بأمر مماثل في أي منطقة أخرى. الخوف أن يحاول البعض نقل السيناريو الذي حصل على الحدود العراقية السورية ويدخل لبنان في الحرب السورية بشكل مباشر. فالخوف الكبير الذي لا يتنبّه له الجميع اليوم، هو أن ينتقل عنصر المباغتة من مكان إلى آخر، وعندها ستكون تداعياته أكثر خطورة ومصير البلد سيكون حينها على المحك، لكن الجيش لن يسمح بذلك».
وإذ شدّد على ضرورة معالجة وضع النازحين والمراكز التي ينتشرون فيها على جميع الأراضي اللبنانية كي لا تكون أيضًا بؤرة للإرهاب، قال:
«ندعو جميع المسؤولين السياسيين والروحيين إلى التنبّه ممّا يرسم للبنان ومن الآتي علينا، لأنّ أي تفلّت في أي منطقة، والجميع يعرف كيف تتداخل المناطق والبلديات، ينذر بخطورة كبيرة، فالتفلّت قد يصبح عرضة للانتشار، وبالتالي لن تكون كل الجغرافيا اللبنانية بعيدة عن الخطر. فما حصل خلال الأربع والعشرين ساعة ولا يزال يحصل ضد الجيش في منطقة عرسال، سيطال جميع اللبنانيين وجميع المناطق».
وفي الختام، أكّد العماد قهوجي أن الجيش مستمرّ ببذل كل الجهود العسكرية للحفاظ على أمن جميع المواطنين وسلامتهم وعلى وحدة البلد واستقلاله وسيادته. وقال: عرسال بلدة لبنانية عزيزة لا نتمنى لها إلّا الخير، ونريد أن نحافظ عليها.
أكبر من إنجاز وانتصار
بعد أيام تحدّث قائد الجيش مضفيًا على ما قاله مزيدًا من الوضوح عبر كشف وقائع اضافية. ففي حديث إلى إحدى الصحف، أوضح أن خطة الإرهابيين كانت تقضي بمهاجمة مراكز الجيش في عرسال وبتوجّه مجموعات منهم إلى بعض القرى الشيعية القريبة، مع إمكان أن يترافق ذلك مع تحركات مشابهة في مناطق أخرى.
وكشف العماد قهوجي أنه أبلغ رئيس الحكومة ومجلس الوزراء، بأنه لو انهزم الجيش في عرسال، لكانت الفتنة السنية - الشيعية قد اشتعلت في لبنان. ولكان المسلّحون وصلوا إلى اللبوة وفرضوا خط تماس جديدًا ولارتكبوا المجازر فيها لو تمكنوا من الدخول إليها. ولو أن الجيش انهزم، لكانوا دخلوا إلى عكار ومنها وصلوا إلى البحر وأعلنوا دولتهم.
لقد حمى الجيش لبنان بهذه المعركة...جهود العسكريين واستبسالهم قطعا الطريق على محاولة تغيير وجه لبنان، بل ربما محوه من الخريطة كدولة...
ما قام به الجيش أكبر من إنجاز وانتصار... لكن الخطر لم ينته طالما أن الأزمة مستمرة في سوريا، وطالما أن هؤلاء الإرهابيين لا يزالون في الجرد، لذلك حربنا على الإرهاب مستمرة.