معارض فنية

كلود عبيد
إعداد: جان دارك أبي ياغي

في «حبات العقيق»

في صالة جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت عرضت الفنانة التشكيلية كلود عبيد «حبات العقيق». لماذا؟ لأن «في ذاكرتي منذ دراستي الثانوية أخبار «وادي العقيق» حيث كان عمر بن أبي ربيعة يتعبَّد للجمال، إضافة الى ان العقيق بما يحتاجه من صقل يلامس أعمق المشاعر البشرية وما تكتنزه من غموض وحيوية وجمال».

 

67 لوحة (قياس صغير) و7 لوحات (قياس كبير) مفتوحة كما الكون، متنوعة كما الطبيعة، دافقة كما الحياة، دافئة كما المشاعر، أرادتها جميلة كما الأحلام، وواقعية كما الوجود.
هذه اللوحات هي «عالمي ومشاعري ورؤيتي لذاتي وللإنسان تختزن فرح حزني وأحزان فرحي، سعادة آلامي وآلام سعادتي، باختصار هي رسالة فنان لكل متذوق ليشاركه سعادة الحب والخير والجمال، الهدف الأسمى لكل إبداع».
كأنما كان على الفنانة التشكيلية كلود عبيد أن تكثف وتخمر رؤاها التشكيلية ورؤيتها وتتقاطر بها في لوحات صغيرة، ذات كرنفالات لونية وضوئية منوعة ربما كأحجار العقيق أو حباته كما تقول.

وكأن الحب هاجس لوحاتها الكبيرة والصغيرة. فدوافع إبداعها معلومة في ترسيخ قيم الحق والخير والجمال، ففي منمنماتها تدوين مرئي ولوني لهذه القيم، وبحث عن حرية الانسان وعدالته، وعن حرية المرأة وحقوقها... لذلك تسوقها إرادة صياغة الجمال حتى تتماهى في الوصول الى مساواة ما، عن طريق اقتراع الإبداع والجمال معاً بهذه الحساسية الإنسانية الرفيعة، ومراودات الألوان.

ولوحات كلود حافلة بالنعومة والرقة والتموجات والأمواج وزبد الألوان والمرئيات والمرايا والعشاق والكائنات والحب، وكأنها عوالم في عالم، وهي الكون الصغير وقد انطوى فيها العالم الأكبر، لأن هذه المنمنمات في اجتماعها وافتراقها، في صخبها وتجليها، وفي أضوائها وأنوارها، وظلالها وعتماتها، نوافذ على الحرية، حرية الذات والكينونة، وتوق للانعتاق والتعالي عن الظلمات.
وفي تعريفها للفنون التشكيلية، تقول انها تلك الفنون التي تقوم على إبداع عمل فني جديد باستخدام مجموعة من المواد المختلفة التي لم يكن لها معنى قبل أن يستخدمها الفنان، وبتشكيله الخاص لهذه المواد الحيادية في ذاتها، أو المفتقدة للمعنى، يسبغ عليها قيمة مغايرة لم تكن لها، والأهم ان يطبعها بطابعه الانساني...

فالفنون التشكيلية، ببساطة، تستخدم الأخشاب والأقمشة واللوحات والألوان والأحجار والمعادن المختلفة، وكل ما يخطر وما لا يخطر على بالنا من مواد متباينة، لتشكل منها أعمالاً فنية ذات قيمة معينة، ومعنى خاص.

وربما لذلك سميت بالفنون التشكيلية بفعل هذه الخاصة التكوينية التي تجمع بين القماش والخشب والحديد، في كل متناغم ومنسجم ومتناسق لا يعود به القماش مجرد قماش ولا الخشب محض خشب، ولا الحديد حديداً وحسب، وإنما تتحوّل هذه المواد الخرساء ذاتها، الى كيان جديد يتجاوز عناصره المادية الأولية البحتة هذه، فيمتلك القدرة على التحليق بالمتذوق الى سماوات أكثر ارتفاعاً وإلى عوالم أكثر سعة.