خلف كل بطل... أبطال

كما الأرز والسنديان

أبطال طوعوا الحزن احتراماً لقدسية الشهادة.


كما جذور الأرز والسنديان في ارتباطها بالأرض، ارتباطهم بالوطن الذي قدموا له فلذات أكبادهم وأحب أحبائهم.
خلف كل شهيد بطل من شهدائنا الأبرار، أُم بطلة، زوجة بطلة، أب بطل، أخوات وأخوة، أبناء وبنات، أبطال.
في حمأة المعارك كانوا يمدّونهم بالدعم والدعاء والرضى والبركة، يشاركونهم الواجب وما يقتضيه من قدسية الإلتزام.
عائلـة تلو عائلة استقبلت أبناءها وأحباءها شهداء. امتد الحزن في البيوت والحارات والقرى والمدن. امتد الغضب، وامتد الفخر والعنفوان.
كانوا أقوى من الحزن وأصلب من صخور لبنان. حملوا حزن قلوبهم وصرخوا: فداك يا لبنان. رافقت صلواتهم خطوات رفاق أبنائهم في ساحة المعركة وفي ساحة النصر. التفوا حول جيشهم، وبكبرياء شهروا ألمهم صرخة إصرار وعزم توازي صرخة الاستشهاد: كلنا للجيش وللبنان.
انتهت المعركة وأتى النصر، ارتفعت الرايات تحية لمن لونوها بدمائهم ورفعوها بتضحياتهم. الساحات، البيوت، القلوب وصدور الرفاق، حملت صورهم وبشائر نصرهم. وحمل الأهل أوجاعهم ودموعهم وأتوا الى ساحة النصر مجلّلين بالعزة والعنفوان. ما ذهب هدراً دم الشهداء، هذا الدم حمى لبنان وافتدى اللبنانيين جميعاً. فأي فخر أعظم وأي مجد بعد يبتغيه إنسان: في حزنهم كما في فخرهم كانوا كباراً وأعزاء، كانوا أبطالاً وشركاء في صنع النصر.
في بيوتهم سوف تبقى الذكرى العطرة لشباب غابوا في عزّ الشباب، ليبقى الوطن. سوف تبقى هاماتهم ووجوههم تجوب البال والأمكنة. وسوف يبقى الألم. لكن أيضاً سيبقى الفخر ما بقي الوطن. سيبقى الفخر شاهداً لشهادتهم. وسيكبر، مع أبناء لم يكبروا في أحضانهم، مع كل حكاية بطولة ترويها أم لطفل قبل أن ينام، ومع كل إطلالة شمس وزقزقة عصفور.

إ. ن. ت