نوافذ مفتوحة

كمبوديا
إعداد: باسكال معوض بو مارون

في تقليد عمره قرون كمبوديا تواصل احتفالها بمهرجان المياه

تحيي كمبوديا سنويًا مهرجان المياه (Bon Om Tuk) الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام، ويبدأ بإضاءة شعلة تبقى متّقدة على مدار أيامه؛ وهو يشكّل سباقًا تقليديًا بالمراكب الطويلة على طول نهر تونل ساب الذي يجري عبر العاصمة.

 

تعود قصة المهرجان إلى أيام ملك حضارة الخمير التي استوطنت المنطقة خلال عدة قرون، حيث كان يقام هذا المهرجان في إطار تدريب الجيش، لأن معاركهم ضد الأعداء كانت تجري دومًا في البحر.
كان الملك يعدّ هذا الحفل كل عام لاختيار بطل للمعركة، كما تشرح الرسومات في معابد بايون وباتيشمار، وهنالك الكثير من التماثيل حول معارك الإبحار تحت قيادة جايفارمان السابع.
لذا وفي تشرين الثاني من كل عام، يحتفل الكمبوديون بذكرى انتصار القوات البحرية بقيادة الملك جايفرمان السابع في القرن الثاني عشر من عهد أنكور عاصمة الإمبراطورية آنذاك.
وهذا الحفل أيضًا هو ذكريات التدريبات العسكرية والقوة البحرية في الإمبراطورية، وتعبير عن الشكر لآلهة الزراعة والسعادة والأمطار في الحضارة البوذية.
ويتدفق على العاصمة الكمبودية بنوم بنه حوالى مليوني شخص لحضور فعاليات المهرجان الذي يؤذن بانتهاء فصل الرياح الموسمية وتحوّل اتجاه تدفق مياه نهر تونل ساب، وهو ربما النهر الكبير الوحيد في العالم الذي يغير اتجاهاته بتغيّر الفصول، حيث تفيض المياه الناجمة عن الرياح الموسمية عن البحيرة الداخلية وتسير مع مجرى النهر لتصب في البحر.
في بداية المهرجان يخرج القرويون البوذيون إلى السّوق المحليّة حيث تعرض المحلات الصغيرة منتجاتها ويكون الشّراء والبيع وفيرًا في هذا الوقت، مع التخلص من الخردوات والأشياء العديمة النفع فى المنزل. ويبدأ اليوم الثالث للمهرجان بارتداء المحتفلين أفخم الثياب والذّهاب إلى المعابد البوذيّة والاستماع للكاهن وهو يقرأ بعض تعاليم بوذا.
يتضمن المهرجان أربعة احتفالات، هي العوامات المضيئة، والتحيات للقمر، وتناول الطعام من مدقّة الأرز الخاصة الجديدة مع عصير الموز أو جوز الهند، والسباق الرسمي للقوارب الذي يشمل الزوارق الخشبية وقوارب التجديف، التي يضم كل منها حوالى 40 شخصًا يرقص أحدهم (سيدة أو رجل) على إيقاع الطبول تشجيعًا للمتبارين على التجديف بسرعة أكبر؛ وتتم مكافأة الفائزين بعدة جوائز كالشراب، والمال والملابس والأرز والسجائر.
وفي المساء يتلألأ النهر بواسطة القوارب المضاءة بآلاف الألوان والأشكال المبهرجة والملونة التي تحمل شعارات مختلف مؤسسات الدولة من وزارات وإدارات رسمية. بعدها تنفجر في سماء العاصمة نجوم الألعاب النارية، ويبدأ الحضور بإصدار أصوات صاخبة مصفقين مهللين لهذا المهرجان المفرح الذي يدخل البهجة والسرور إلى أنفس الكمبوديين.
هذا المهرجان هو عيد كبير للشعب الكمبودي يحتفل به كل سنة في تشرين الثاني بنزهات على الأقدام في الطبيعة، تشيع جوًا إحتفاليًا بعيدًا عن أجواء الضغط النفسي والتوتر اليومي.