صحة ووقاية

كورونا ما زال بيننا فلنواجهه بالوقاية واللقاح

ليال صقر الفحل

 

بينما يشهد العالم جداًل حول ضرورة اعتماد جرعة ثالثة من اللقاحات ضد كورونا، يتمسك البعض بمقوالت غير عقالنية ّ ويتخلفون عن تلقي اللقاح، معرضين أنفسهم ومن هم حولهم للوقوع فريسة الوباء القاتل. جرعتان أم ثالثة؟ دلتا أم ألفا أم ّ أميكرون؟ من أين أتى هذا المتحور أو ذاك؟ المهم واألساسي هو أن نتلقى اللقاح، فكورونا ما زالت تقيم بيننا وتقتل الكثيرين وال سبيل للمواجهة سوى اللقاح والوقاية.

 

توضح الباحثة في علم الفيروسات والأمراض الجرثومية وعضو اللجنة الوطنية للأمراض الانتقالية في وزارة الصحة اللبنانية الدكتور ندى ملحم لموقع Independant أن الإصابات في لبنان لم تتراجع بالنسبة المطلوبة، وهذا يترافق مع الانتشار الجماعي وأنّ اللقاحات ضرورية للسيطرة على الفيروس وحِدَّته للوصول إلى المناعة الجماعية.

 

الجرعة الثالثة

في أواخر تشرين الأول الماضي أعلن وزير الصحة الدكتور فراس أبيض أنّ وزارة الصحة أعطت الإذن بالبدء بإعطاء الجرعة الثالثة المعززة من اللقاحات، على أن تقتصر في الفترة الأولى على من يتجاوز عمرهم ٧٥ عامًا والعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية ومن يعانون أمراضًا مناعية. فبعد دراسة سريرية تجريبية أعدّها عدد كبير من الأطباء وأشرف عليها رئيس اللجنة الوطنية للقاح الدكتور عبد الرحمن البزري نشرت في مجلة العالمية vaccine ، تبين أن من تلقّوا لقاح سينوفارم الصيني لم يكوّنوا مناعة كافية لمواجهة متحورات كورونا على عكس من تلقوا أنواع اللقاحات الأخرى. خيار الجرعة الثالثة الذي بنيت عليه الدراسة كان باعتماد تجربة مزج اللقاحات من دون أن تقتصر على نوع اللقاح نفسه أي أنّ الدراسة اقترحت إعطاء جرعة Pfizer تعزيزية للملقحين بسينوفارم، علمًا أنّ هذه الدراسة من أولى الدراسات التي جمعت بين سينوفارم وفايزر، بينما ولدت فكرة المزج التقليدي مع أسترازينيكا وفايزر. ومع انطلاق اعتماد الجرعة الثالثة أو الجرعة التذكيرية «Booster» في لبنان، ينبغي التزام الإجراءات الوقائية واعتماد الكمامات إلى حين بلوغ مناعة القطيع أو ما يعادل ٨٠٪ من تلقيح الأفراد في المجتمع.

 

الوضع على صعيد الجيش

تلقّت نسبة لا بأس بها من العسكريين اللقاح، لكن قيادة الجيش تشدد على ضرورة حصول الباقين عليه، وفي حين اعتمد في المرحلة الأولى اللقاح الصيني سينوفارم، فقد باتت أربعة أنواعٍ من اللقاحات متوافرة حاليًا للعسكريين وعائلاتهم، وهي: فايزر وأسترازنيكا وسينوفارم وسبوتنك. وفي جولاته على القطع يشدد قائد الجيش العماد جوزاف عون على ضرورة تلقي اللقاح خصوصًا وأنّ المؤسسة فقدت ٢٤ عسكريًا (من مختلف الرتب) بسبب إصابتهم بالفيروس. هؤلاء خسرهم الجيش وخسرتهم عائلاتهم، ولا بد من تعميم اللقاح تلافيًا لمزيد من الخسائر. فالثابت أنّ اللقاح يوفر الحماية بنسبة مرتفعة والذين يتلقونه وإن أصيبوا بالعدوى، فهم لا يعانون أعراضًا شديدة ولا يخسرون حياتهم.

حاليًا، يحوّل المستشفى العسكري المركزي مرضى كورونا الذين تستوجب حالاتهم الصحية التدخل الطبي ودخول المستشفى للعلاج إلى عدد من المستشفيات المدنية للمتابعة، ونظرًا لارتفاع سعر صرف الدولار، يكلف المريض الواحد المؤسسة العسكرية فاتورة باهظة جدًا، وتتضاعف الفاتورة مع كل يوم إضافي، وبحسب الأدوية والأجهزة والأوكسيجين وغير ذلك مما يمكن أن يحتاجه مصاب كورونا، بدءًا من الحالات المتوسطة Mild to moderate وصولًا إلى الحالات الخطيرة severe، وأحيانًا تصل كلفة اليوم الواحد للمريض في المستشفى إلى ألف دولار.

قريبًا ندخل فصل الشتاء وينشط الفيروس، فلماذا لا نقدم جميعًا على تلقي اللقاح؟ هذه الخطوة المسؤولة ستوفر الحماية لنا ولعائلاتنا ورفاقنا، كما أنها ستوفر علينا الشعور بالألم والندم والذنب فيما لو نقلنا العدوى إلى أهلنا وأبنائنا ومرضانا ممّن يعانون السكري والسرطان والضغط وأمراض القلب وغيرها. فإذا لم نكترث لحجم الأعباء والنفقات التي نكلّف بها المؤسسة التي تحتضننا في أصعب الظروف، ألا نكترث أيضًا لحياتنا وحياة من نحب؟

بينما يشهد العالم جدالًا حول ضرورة اعتماد جرعة ثالثة من اللقاحات ضد كورونا، يتمسك البعض بمقولات غير عقلانية ويتخلفون عن تلقي اللقاح، معرّضين أنفسهم ومن هم حولهم للوقوع فريسة الوباء القاتل. جرعتان أم ثلاثة؟ دلتا أم ألفا أم أميكرون؟ من أين أتى هذا المتحوّر أو ذاك؟ المهم والأساسي هو أن نتلقى اللقاح، فكورونا ما زالت تقيم بيننا وتقتل الكثيرين ولا سبيل للمواجهة سوى اللقاح والوقاية.