تربية وطفولة

كيف تجعلين طفلك سعيدًا؟
إعداد: ماري الأشقر
اختصاصية في علم النفس

ترغب كل أم في تحقيق سعادة طفلها، وتطمح إلى رؤيته مبتسمًا، مشرق الوجه، ولكن كيف تساعدين طفلك ليكون سعيدًا؟
لكي تمنحي طفلك السعادة، عليك قبل كل شيء أن تتعاملي بإيجابية مع حماسته ورغباته، فهذا يساعده على مواجهة التحديات اليومية التي تعترضه وفهمها جيدًا. ويُستحسن أن تخاطبيه بتعابير تؤكد ثقتك بقدراته وتفادي التشكيك فيها.


في عمق الحماسة، هناك قدرة تساعدنا على التعبير عن إحساسنا، وما يهمنا، ونرغب فيه بشدّة.
فإذا عجز الطفل عن التعبير بانفتاحٍ مطلق عن الفرح الذي يشعر به أو الخوف الذي يعتريه، سيفقد الحوافز التي تشجّعه على المثابرة.
الحوار معه يشجّعه على التعبير، فلا تهملي هذا الأمر، ومهما كنتِ منشغلة خصِّصي وقتًا للحديث معه.
 

لا لليأس!
امنعيه من الاستسلام والتفكير بطريقةٍ سلبية. فعندما يقول لك مثلًا: «ينقصني الحظ»، «أتحمل أخطاء غيري»، اشرحي له كيف أنّه هو وحده سيّد أفعاله، ومسؤول عن نفسه وتصرفاته، ويستطيع التحكم بمصيره، ولا أحد يستطيع أن يؤثّر على مجريات حياته بقدر ما يستطيع هو ذلك، فهذا يساعده في تطوير عقلية إيجابية. أكثر من ذلك، عَلِّمِيه أن يفكر بإيجابية: «عندما تخطر لك فكرة، تساءَلْ ما إذا كانت تقودك للنجاح أو الفشل، وفي حال كانت تؤدي إلى الفشل انزعْها من رأسكَ فورًا».
يرتكز التفكير الإيجابي على رؤية بنّاءة للذات، وواقعية للعالم، وموضوعية للمستقبل، وله دور كبير في علاج مشاكل السلوك والإدراك.
عندما يفشل طفلك في ما يقوم به أو يرسب في المدرسة، ساعديه في إيجاد الحل وبذل المجهود الكافي ليتوصل بنفسه إلى تخطي المشكلة، وهنّئيه عندما يأخذ المبادرة، فهذا يقوده إلى تحمل المسؤوليات متى وجب ذلك. قولي له «عليك» وليس «علينا»، «أنت فعلًا موهوب وتتمتع بقدراتٍ عالية» ولا تقولي له «سنتمكن من النجاح، بل ستتمكن من النجاح».
يحتاج الطفل إلى أن يعرف أنّ حياته تخصّه ليؤمن بنفسه وبقدراته. أفسحي له مجال تحمّل المسؤولية وأخذ المبادرة والتجربة وإعطاء الأوامر. قيّمي تصرفاته ورافقيه في أعماله وشجّعيه على المتابعة. لكن في الأحوال كلها، تفادي الجمل السلبية، مثل «مستقبلك سيكون متعبًا». اليوم ليس كما البارحة... وإذا فشل في أمر ما قولي له: «بالعمل الدؤوب والمثابرة ستتمكن منه ولو طال الوقت».
علّميه أن يتغلب على الخسارة والرسوب وألّا يقف عندهما، ولا تُشعريه بالذنب، بل شجّعيه على المقاومة وتحليل الأخطاء، واسأليه: «أي جزء من المسؤولية تتحمل؟» «ماذا تعلمت من هذه التجربة؟» «أيمكنك أن تقترح علي الحل؟».
اهتمّي لمشاريعه الحالية والمستقبلية، واستمعي له وانصحيه واشرحي له كيف سيكون مستقبله واعدًا ومشرقًا ومفعمًا بالأمل. علّميه كيف يستفيد من كل لحظة يعيشها ودَعِيه يعبّر عن إحساسه بعفوية، ويُطلق العنان لقدراته على الابتكار. في القول المأثور: «إضحك تضحك لك الدنيا»، وهذا ينطبق تمامًا على الأطفال، علّميه أن يبقى فرحًا متمتعًا بروح المرح لتكون حياته ملوّنة. فالطفل السعيد يستطيع قبل كل شيء التعبير عن نفسه بطريقةٍ إيجابية، ويبتسم للحياة، مما يجعله منفتحًا على الآخرين، إيجابيًا، متفائلًا وقادرًا على تحمّل المسؤولية. ولكي تنقلي الروح المرحة لطفلك يجب أن تعلّميه، قبل كل شيء «فن الابتسام» كمواجهةٍ إيجابية لأي قلق أو حزن يعترضه.
استعملي الدعابة كوسيلةٍ للتواصل. فللفكاهة أربع فوائد تربوية: تعلّم الطفل على الكوميديا وعدم حب الدراما في المواقف، وتعلّمه كيف يأخذ فسحة للراحة في الحياة، وتساعده أيضًا على اعتماد الحوار كلعبةٍ، وأخيرًا تجعله يلاحظ أنّ أهله ليسوا قساة وذوي سلطة لا تقبل المزاح.
شجّعيه على عدم رسم ملامح قاسية على وجهه، وإذا أصرّ خذيه إلى المرآة وقولي له: «تبدو أجمل بكثيرٍ عندما تبتسم عوضًا عما تفعله»!
احترمي حاجته للراحة والاسترخاء، ولا تلاحقيه طوال الوقت، فهو يحتاج إلى الاختلاء ليلتقط أنفاسه، فلا تخنقيه.
تُحبِطه المدرسة أحيانًا وتُحزِنه، ساعديه على سلوك الطريق السليم في الدراسة، واكتشفي نقاط الضعف لديه، وضعي له برنامج عمل متكاملًا بالتنسيق مع المدرسة. قد يحزن بسبب ترك أحد أصدقائه المدرسة، شجّعيه على مضاعفة نشاطاته الاجتماعية خارجها ليشعر أنّه طفل قبل أن يكون تلميذًا. في حال حصول سوء تفاهم مع المعلمة أو وجود شكوى، اذهبي إلى المدرسة، قابلي المعلمات واستمعي إلى نصائحهن، واشرحي مخاوفك أيضًا، وما ترينه مناسبًا أو غير مناسب.
أخيرًا، من المهم أن تشرحي له أنّه لا يذهب إلى المدرسة ليُسدي إليك خدمة. بل لأجله هو، ليُغني معلوماته الشخصية وليتعلــم ويصبــح ناجحًــا ويحقّــق مــا يحلــم بــه.