سلامتكم تهمنا

كيف نحمي أطفالنا من ثورة الاتصالات والمعلوماتية؟
إعداد: الدكتور الياس الشويري

رئيس الجمعية اللبنانية للسلامة العامة وممثل منظمة السلامة العالمية لدى الأمم المتحدة
منذ «اندلاع» الثورة المعلوماتية دار جدل ونقاش حول كيفية تحقيق أعلى استفادة من معطياتها، وتقليل ما يمكن تسميته بالأعراض الجانبية المصاحبة لها إلى أدنى حد ممكن! ولعل «اقتحام» الانترنت إلى المنازل بدون استئذان وتأثير محتوياته على الأسرة والطفل كان من أبرز المحاور التي حظيت بالبحث والاهتمام من جميع المعنيين في هذا المجال. وقد أشارت التقارير التي نشرها موقع فيريس (www.Ferris.com) إلى ان أكثر من 54% من رسائل البريد الالكتروني ما هي إلا رسائل دعائية (Spam) يتم ارسالها إلى مستخدمي البريد الالكتروني حول العالم بدون أي استئذان، وتتسبّب هذه الرسائل - حسب الموقع - بخسائر سنوية بمئات الملايين من الدولارات، رغم كافة المحاولات للتصدّي لها ووضع العقبات في طريق وصولها إلى صناديق البريد. والمشكلة الأبرز والأخطر هي أن تلك الرسائل تصل أيضاً الى الأطفال، والكثير منها يحتوي على مواضيع يمكن أن نسمّيها مضرّة بالأطفال وحتى باليافعين.

 

البريد الدعائي

قامت شركـة «سيمانتـك» (Symantec) العاملة في مجال حماية البيانات، بإجراء استطلاع للرأي بغية التعرّف على مدى الأخطار التي تشكّلها تلك الرسائل على الأطفال، وموقفهم منها، وكيف يتم التعامل معها. وقد أظهر هذا الاستطلاع أن نسبة 08% من الأطفال الذين يستخدمون البريد الالكتروني يستقبلون رسائل دعائية كل يوم تقريباً، خصوصاً أثناء العطلة، حيث يقضون الكثير من الوقت في تصفّح الانترنت، وأن بعض تلك الرسائل يتضمن محتوى لا ينبغي أن يطّلع عليه الأطفال! وقد شمل الاستطلاع 0001 شخص تتراوح أعمارهم ما بين 7 و18 عاماً، وتطرّق لبعض المواضيع التي تتعلق بتجارب الأطفال مع الرسائل الدعائية وموقفهم منها.
عندما سئل من شملهم الاستطلاع عن طبيعة الرسائل التي تصلهم، أشار 08% منهم إلى أنهم يستقبلون رسائل تدعو للمشاركة بمسابقات وسحوبات مغرية، مثل «اربح وحدة بلاي ستيشن 2» أو «اربح رحلة إلى هاواي مدفوعة التكاليف كاملة»... و26% منهم يتلقون رسائل تتعلق ببناء علاقات الصداقة والدردشة عبر الانترنت، أما 16% منهم فأشاروا إلى تلقيهم رسائل تروّج لبعض البضائع التجارية، و55% تلقوا رسائل دعائية لمنتوجات الريجيم والنحافة، و15% أيضاً تلقوا رسائل تروّج لمنتوجـــــــات ومستحضـــرات تجميل، و74% تلقوا رسائل تحمل وصلات إلى مواقع إباحية تضم صوراً وأفلاماً لا يجب أن يطّلع عليها الأطفال في مطلق الأحوال.
والمشكلة تكمن في أن غالبية الأطفال لا يتجاهلون تلك الرسائل، بل يقومون بفتحها مدفوعين بالفضول الذي تحركه لديهم العناوين الرنانة لتلك الرسائل. فاستناداً للاستطلاع، فإن طفلاً واحداً من كل خمسة أطفال (ما يقارب 12%) يقوم بفتح تلك الرسائل وقراءتها.

 

رسائل مزعجة

الكثير من هؤلاء الأطفال ينزعجون من تلك الرسائل، ولا يناقشون الأمر مع أهلهم، وقد أشار 15% إلى أن هذه الرسائل تزعجهم حقاً! إلا أن 31% منهم أشاروا إلى أنها تثير فضولهم ويطّلعون عليها ولا يعلمون أهلهم بذلك!
من ناحية أخرى، أشار الاستطلاع المذكور إلى أن الكثير من الأطفال ليس لديهم فكرة واضحة وشاملة عن ماهية تلك الرسائل أو الغاية الفعلية منها، كما أن واحداً من كل ثلاثة لا يعلمون ما إذا كانت تلك الرسائل مفيدة لهم أم لا! وما إذا كان ينبغي عليهم الاطلاع عليها أم تجاهلها. إضافة لذلك، فإن هناك 22% من المشاركين في الاستطلاع أشاروا إلى أن أهاليهم لم يناقشوا معهم أبداً مسألة البريد الالكتروني، أو أي تعليمات مرتبطة بطريقة التعامل مع هذا الموضوع!
 

الأطفال والبريد الالكتروني

لقد أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن معظم الأطفال يملكون عناوين بريد الكتروني خاصة بهم. كما أن أكثر من 05% منهم يتفقدون بريدهم الالكتروني باستمرار بدون أي رقابة من أهاليهم، حتى أن 67% من هؤلاء يملكون أكثر من عنوان بريد التكروني واحد. وعندما سئل الأطفـال الذين شاركـوا في الاستطلاع عن عدد المرات التي يتفقدون فيها بريدهم، أشار 27% منهم إلى أنهم يتفقدونه عدة مرات كل يوم. وعندما سئلوا عما إذا كانوا يتفقدونه بحضور أحد الوالدين، أشار أكثر من 03% منهم إلى أنهم لا يولون ذلك أي اهتمام، كما أن 16% منهم أعربوا عن عدم رغبتهم في اطلاع أهلهم على الرسائل «الخاصة بهم» التي تصل إلى بريدهم الالكتروني. ولما سئلوا عما إذا كانوا يستأذنون أهلهم عندما يريدون إعطاء عنوان بريدهم الالكتروني لأحد الأصدقاء مثلاً أو أحد مواقع الانترنت أجاب 64% منهم بـ«لا».
الدراسة التي أجرتها «سيمانتك» أظهـرت أن الأطفـال يدخلون إلى عالم الانترنت بكثافة أكبر خلال أشهر الصيف بعد أن تُغلق المدارس أبوابها. وعندما تم سؤالهم عن عدد الساعات التي يقضونها في تصفّح الانترنت، أشار 44% منهم إلى أنهم يستخدمون الانترنت لمدة ساعتين تقريباً كل يوم، أما الذين يستخدمون الانترنت لأكثر من ساعتين في اليوم فقد وصلت نسبتهم إلى 32%. وقد أشار 57% من الذين يقضون أكثر من ساعتين في اليوم في استخدام الانترنت إلى أنهم يقضون معظم هذا الوقت في قراءة وإرسال البريد الالكتـروني!
 

نصائح وتوصيات

لما كانت شبكة الانترنـت تدخل كل بيت فيه كمبيوتر تقريباً، فقد بات من الواجب على الأهالي أن يتخذوا اجراءات صارمة للحد من تعرّض الأسرة لاستقـبال تلـك الرسائل.
وفي هذا الإطار، فإن هناك بعض الأمور التي يجب تطبيقها من قبل الأهـل لحـماية أبنائهـم من الوصول إلى تلك الرسائل والاطـلاع علـى فـحواها، مثـل:
{ تعزيز الحوار الودّي بين الآباء والأبناء، ورفع مستوى الوعي والإدراك لدى الأطفال تجاه ما يمكن أن يصلهم من محتوى وصور إباحية ومشاهد مروعة... وتشجيع هؤلاء الأطفال لمراجعة أهلهم فور تلقّيهم مثل هذه الرسائل.
{ توعية الأطفال بأهمية عدم ذكر أي معلومات شخصية تُطلب منهم عبر الرسائل الدعائية، سيما وأن الكثير يستغل الأطفال للحصول على معلومات شخصية عنهم وعن أهلهم أيضاً.
{ تدعيم الثقة المتبادلة بين جميع أفراد العائلة، والتأكد من تفهّم الأطفال للهدف من وراء حمايتهم من تلك الرسائل ومناقشة محتواها بكل شفافية ووضوح معهم.
{ اطـلاع الأهـل ومعرفتهم بنوعية الأصدقاء الذين يقضي الأبـناء معـظم أوقاتهـم معـهم، فربما تسهل المهمة إذا كان الطـفل يتصفح الانترنت في المنزل.
ولكن، ماذا لو كان الطـفل يقضي ساعات أمام شاشة الكمبيـوتر عند أحد أصدقائـه بدون رقابة من الأهل؟ كما ينبغي على الأهل الاتصال الدائم بأهالي أصدقـاء أبنائهـم والتأكد من التزامهم أيضاً بتوفيـر البيئة الآمنـة لأبنـائهـم داخـل المنزل وخارجـه أيضاً.