من هنا وهناك

لبنان: جدلية الاسم والكيان عبر 4000 سنة
إعداد: جان دارك أبي ياغي

عقد «مركز التراث اللبناني» في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU محاضرته الثانية لهذا الموسم حول موضوع «لبنان: جدلية الاسم والكيان عبر 4000 سنة» مع المؤرخ الدكتور أنطوان الخوري حرب. حضر اللقاء المدير العام في مجلس النواب رياض غنام ممثلًا رئيس مجلس النواب نبيه بري، المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة ممثلًا رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، المقدم الياس طوق ممثلًا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، جمانة كبريت ممثلة وزير السياحة فادي عبود، إلى رئيس الجامعة الدكتور جوزف جبرا، وعدد كبير من المثقفين والمهتمين.
إفتتح اللقاء مدير المركز الشاعر هنري زغيب بكلمة عن «الجدلية القائمة حول الكيان اللبناني بين القائلين به أمة متكاملة، والمشوهين تاريخه جزءًا من كيانات أكبر».
وقال إن «لبنان لا يقاس بالجغرافيا ولا بالديموغرافيا بل «بالإبداعوغرافيا» لأن أبناءه المنتشرين في العالم يجعلون منه «مساحة روحية» (كما سمّاها فؤاد حداد) ويجعلونه «وطن رسالة» (كما سمّاه البابا يوحنا بولس الثاني).
المؤرّخ الدكتور أنطوان الخوري حرب تناول إسم لبنان قائلًا: «إن معظم شعوب العالم أعطت أسماءها لبلدانها فتسمّت البلدان باسم شعوبها، إلا الشعب اللبناني يحمل إسم أرضه لبنان وينتسب إليها». وقال إن «تسمية لبنان ظهرت منذ الألف الرابع على السلسلة الشرقية أولًا فعرف لبنان بالجبل الأبيض وسط العالم القديم»، وأضاف أن «حضارتنا هي حضارة شعوب لا حضارة ملوك»، واستشهد المحاضر بعبارة لامارتين: «جئت إلى مصر فوجدت رجلًا (يقصد محمد علي باشا) وجئت إلى لبنان فوجدت شعبًا (حاكمه تلك الفترة كان المير بشير)».
من هنا، إن «إسم لبنان يرتبط بمعطيات جغرافية ثابتة تاريخيًا، بينما أسماء معظم بلدان العالم تغلب عليها مدلولات تاريخية مرتبطة بأعراق أو عناصر أو سلالات. وهذا ما يدل على أن لإسم لبنان خصوصية هي التي كانت في أساس الكيان اللبناني الذي اكتسب شرعيته الدولية، كدولة لا كإسم، منذ إعلان دولة لبنان الكبير في الأول من أيلول 1920. من هنا، ان لبنان كيان حقيقي ثابت مستقل يشهد إسمه على هويته الثابتة التي تستمد عناصرها وخصوصياتها من جوهر وجوده. فإسم لبنان لا يرتبط بتحديد إداري أو سياسي بل بمداه الجغرافي على مساحته الحالية، وأحيانًا كان يتعداها في حقبات معينة من التاريخ. وفيما اضمحلت أسماء أخرى أعطيت للبنان عبر العصور (كنعان، آرام، فينيقيا)، استمر لبنان مذكورًا بهذا الإسم منذ 4000 سنة إلى اليوم... وغالبًا ما كان يرد اسمه مترادفًا مع الأرز لأن خشب الأرز كان بترول العالم القديم، وفيه أجود أنواع الخشب، وكثيرًا ما كان الملوك يجلبونه إلى بلدانهم لإقامة الصروح والمعابد والهياكل».
وعن معنى الاسم قال إن «اسم لبنان في جميع اللغات السامية جاء من جذر ثلاثي مشترك «ل ب ن» ومعناه الأبيض، ما يعني أن اللبنانيين شعب أبيض بإزاء ما عرفت البشرية من عرق أصفر أو أحمر أو أسود»، وذكر المحاضر أن «اسم ليبانوس» في اليونانية يعني البخور، أو جبل الطيوب، وذلك نسبة إلى شجرة ينسغ منها صمغ يستعمل مثل البخور، زهرته بيضاء ذات رائحة بخورية، من هنا اتحدت المعاني على كون لبنان يعني الأبيض النقي».
وختم المحاضر كلامه مستشهدًا بذكر لبنان في الكتب القديمة.