في ثكناتنا

لبنان على قائمة أكثر الدول تقدّمًا!
إعداد: ندين البلعة خيرالله

أُدرج لبنان على قائمة أكثر الدول تقدّمًا، بفضل جيشه الذي يسعى دائمًا إلى اكتساب القدرات الاستثنائية لخدمة المصلحة العامة. فقد تابع ضباط من فوج الأشغال المستقل ورشة عمل في مجال «حماية الممتلكات الثقافية»، من تنظيم جمعية «بلادي» للتراث وإشرافها وتنفيذ منظمة بلو شيلد الدولية «Blue Shield International) «BSI) بالتعاون مع المديرية العامة للآثار.


هدفت هذه الورشة إلى تطوير قدرات الجيش في مجال الحفاظ على المواقع الأثرية والممتلكات الثقافية، في حالة النزاع المسلح أو عقب كارثة طبيعية أو مُفتعلة. هذا الأمر يجعل الجيش اللبناني الوحيد بين جيوش المنطقة الذي يمتلك هذه المهارات، ويأتي بعد النمسا وفرنسا وإنكلترا وإنكلترا والولايات المتحدة الأميركية عالميًا في التدرّب مع الـBSI في هذا المجال.
 

اتفاقية لاهاي
يأتي إنشاء هذه القدرات في الجيش اللبناني تماشيًا مع اتفاقية لاهاي ١٩٥٤ التي صدرت بهدف تعزيز الحماية الدولية للتراث الثقافي لا سيما في حالة النزاع المسلح، والتي وقّع عليها لبنان في ٥/٢/١٩٦٠. ولكن تعرّضت قواعدها للكثير من الانتهاكات فتم إضافة البروتوكول الثاني في العام ١٩٩٩ بنصوصٍ جديدة، وقد انضم لبنان إلى هذا البروتوكول في ٢٨/٨/٢٠١٩.

 

الجيش والإرث الثقافي
في موازاة ذلك، لطالما تعاون الجيش اللبناني مع المديرية العامة للآثار في مجال الحفاظ على الممتلكات الثقافية والمواقع الأثرية والإرث التاريخي للبنان. كان آخر هذه النشاطات، عقب انفجار الرابع من آب ٢٠٢٠، مهمة تأمين إخلاء ملفات وزارة الخارجية والمغتربين والحفاظ على مبناها الأثري وتدعيم سقفه وجدرانه للمحافظة على إرثه التاريخي الذي تصدّع من جراء الانفجار.
نفّذ فوج الأشغال المستقل المهمة المُشار إليها (بالإضافة إلى الحفاظ على شوارع بيروت الأثرية)، وتزامن هذا العمل مع ورشة تدريبية بالتعاون مع جمعية «بلادي» وبإشراف الـ BSI التي تُعنى بحماية التراث الثقافي حول العالم.


Blue Shield International
بدأ عمل المنظمة في لبنان في العام ٢٠١٣، بدوراتٍ تدريبية لوحدات اليونيفيل. تبلور هذا التعاون عقب انفجار مرفأ بيروت، مع الشريك الطبيعي في هذه المهمة، ألا وهو الجيش اللبناني وتحديدًا فوج الأشغال المستقل الذي ينفّذ مهمات على كامل الأراض اللبنانية، وهو الذي يُعنى بتنفيذ الأشغال (حفر، ردم، تحصين، بناء،...).
وبفضل هذا التعاون، بات الفوج يضم حوالى ٤٠ ضابطًا وعنصرًا يملكون المهارات اللازمة لتمييز الممتلكات الثقافية، والتخطيط لإخلائها في حال وقوع كارثة، انطلاقًا من تعريبها وفرزها وصولًا إلى كيفية توضيبها ونقلها.
ستُستكمل هذه التدريبات بأخرى متقدمة، يطمح المنظمون المحليون بالتعاون مع مؤسسات دولية إلى تنفيذها مع الجيش، ليصبح لديه عناصر مخوّلين ليكونوا مدربين دوليين في هذا المجال، نظرًا لمؤهلاتهم وما أبدوه من اندفاع والتزام.


علامة فارقة في الفوج
يلفت قائد فوج الأشغال المستقل العقيد الركن يوسف حيدر إلى أنّ نجاح التجربة في وزارة الخارجية، بالتعاون مع جمعية «بلادي» والمديرية العامة للآثار وبإشراف الـBSI، أدى إلى التفكير في تطوير هذا التعاون بشكلٍ أكثر مهنية واحترافًا. ويقول: «هدفنا الأساس هو خلق قدرة Capability ضمن الفوج، لحماية إرثنا الثقافي خلال الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية.
العناصر المتدربون في هذا المجال يعملون ضمن وحداتهم، يتدخّلون عندما يتطلب الأمر مثل هذه المهارات، ونكون قادرين على تشكيل Task Force تصب جهودها على التدخل السريع للمعالجة، بالتنسيق مع الإدارات المعنية، في حال وقوع كارثة. مع الإشارة إلى أنّ الفوج يملك حوالى ٨٠٪ من المواد والمعدات التي تُستخدم لحماية الآثار والحفاظ عليها، وكان بحاجةٍ للتدريب التقني فقط للاستفادة منها.
«خبراء الآثار» هي علامة فارقة ستميّز الفوج، وهي قيمة مضافة للجيش الذي يُعنى بحماية وطننا بشرًا وحجرًا»!
 

انطباعات مُشرِّفة
«الجيش» التقت منظّمي الدورة الذين استقبلهم فوج الأشغال المستقل في ثكنته، وقاموا بجولةٍ في أرجائها وعلى أبرز المشاغل فيها، واطلعوا على القدرات التي يمتلكها والتي تؤمّن اكتفاءً ذاتيًا للجيش. وفي ما يأتي عينة عن أبرز الانطباعات.

 

مؤسس منظمة BSI ورئيسها السابق السيد Karl Von Habsburg: من بيروت دروس وعبر
أتى السيد Habsburg إلى لبنان خصيصًا للمشاركة في اختتام هذه الدورة التدريبية، ويقول: «دُعيت قبل مجيئي إلى لبنان لتقديم الاستشارة في عاصمة جمهورية إستونيا مدينة تالين، إذ ترغب السلطات هناك بتعلّم كيفية التصرف في حال وقوع كارثة لحماية الإرث الثقافي. لذا أعتقد أنّه يمكننا جميعًا استقاء الدروس والعبر مما حصل هنا، ومن نتائج الكارثة التي ألمّت بكم في آب ٢٠٢٠ وتداعياتها لحماية الممتلكات الثقافية».
 

رئيس المنظمة الحالي البروفسور Peter G. Stone: المؤسسة الوحيدة التي يثق بها الجميع!
هناك فوارق ملحوظة بين الجيش اللبناني وجيوش الدول الأخرى التي نعمل إلى جانبها، فجيشكم قد يكون المؤسسة الوحيدة التي يثق بها الجميع في لبنان والتي تعمل لمصلحة الوطن فقط، وبالتالي لديه القدرة على مساعدة الجميع. وهذا من أكثر الأمور إيجابية لعملنا في لبنان، ففي دول كثيرة تأتي الجيوش على رأس قائمة الفساد ولا تكون مصدر ثقة للشعب.
أمر إيجابي آخر هو أنّنا قابلنا أشخاصًا يفهمون طبيعة عملنا والهدف منه من وجهة نظر عسكرية، ويدركون أهمية حماية الإرث الثقافي.

 

الأستاذ المحاضر في المنظمة المقدم الأميركي Michael Alejandro De La Cruz: التفكير النقدي والخبرة العملانية
لقد تأثّرت بأمرَين أساسيَّين في خبرتي هذه مع الجيش اللبناني: الأمر الأول هو المستوى العالي من مهارات التفكير النقدي، والثاني هو الخبرة العملانية الحقيقية التي تفوق خبرات معظم الشركاء الذين نعمل إلى جانبهم. وهذا التدريب له قيمة مضافة للجيش اللبناني في التنسيق بين البعدَين الثقافي والعملاني.
رئيسة Blue Shield Lebanon الدكتور رندا الشدياق: أكبر رمز وطني
إنّ التعاون الذي شهدناه في مبنى وزارة الخارجية هو أكبر دليل على أهمية العمل مع الجيش الذي يشكّل أكبر رمز وطني. إنّنا نعمل مع مؤسسة نحترمها ونقدّرها، ونثق بأنّ وجودها إلى جانبنا على الأرض هو دعم معنوي وفعلي لنا.

 

رئيسة Lebanon Shield Blue الدكتور رندا الشدياق: أكبر رمز وطني
إن التعاون الذي شهدناه في مبنى وزارة الخارجية هو أكبر دليل على أهمية العمل مع الجيش الذي يشكّل أكبر رمز وطني. إننا نعمل مع مؤسسة نحترمها ونقد ّ رها، ونثق بأن وجودها إلى جانبنا على األرض هو دعم معنوي وفعلي لن

 

مدير عام الآثار الأستاذ سركيس خوري: جيشنا مثقّف ومتطوّر
التعاون بين المديرية العامة للآثار والجيش بهدف خدمة المصلحة العامة ليس جديدًا. ولكن ما يميّز هذا النشاط هو طابعه الدولي، ونحن نعتز بجيشنا وبقدراته الفكرية، فهو على الرغـم من تواضـع إمكاناتـه اللوجستيـة والماديـة، جيـش مثقّـف ومتطـوّر ويضاهـي الجيوش الكبيـرة، خصوصًـا في مجـال حمايـة الممتلكـات الثقافيـة.

 

رئيسة جمعية «بلادي» السيدة جوان فرشخ بجّالي: التلميذ الذي يسبق أستاذه!
تختص جمعية «بلادي» بحماية الآثار والتعليم في هذا المجال. وتقول رئيسة الجمعية: «عملنا مع الجيش أمر طبيعي لأنّه المؤسسة الوحيدة التي نثق بها في هذا البلد، وعناصرها يطبّقون شعارهم «شرف تضحية وفاء» في حياتهم اليومية. كما أنّ تجربتنا معهم كانت تحدّيًا صعبًا، لأنّهم كالتلميذ الذي يسبق أستاذه متدرّبين ومثقّفين، يتشرّبون كل جديد بسرعةٍ «كان عنّا مشكلة نلحّقلُن»!

 

المهندسة المعمارية أوسامة كلّاب: كانوا مجانين!
خبرتي إلى جانب العسكريين في مبنى وزارة الخارجية وشوارع بيروت حفرت في ذاكرتي شجاعة لا تُنسى، خصوصًا حين تسلقوا إلى السقف وخاطروا لتأمينه... كانوا مجانين! ولكن منضبطين ومندفعين لحماية الوطن وثقافته.

 

مديرة متحف «ميم» السيدة سوزي حكيميان: من سينقذنا غير الجيش؟
المؤسسة العسكرية بالنسبة لنا هي الركيزة التي نعتمد عليها، فإن تعرّض المتحف للمخاطر، حتى ولو وضعنا خطة طوارئ، من سينقذنا غير الجيش؟ هو مرجعيتنا الأولى والوحيدة في وقت الخطر، فكلنا ثقة بقدراتهم ومهاراتهم والتزامهم.