- En
- Fr
- عربي
إقتصاد ومال
خطوة تاريخية يُعوّل عليها لتحرير الاقتصاد الوطني
في 15 كانون الأول 2017، دخل لبنان إلى نادي الدول المنتجة للنفط في خطوة تاريخية خطاها مجلس الوزراء، من شأنها تعزيز اقتصاده الوطني وتحريره من القيود الخارجية وإيجاد فرص عمل.
تمثّلت هذه الخطوة بمنح رخصة بترولية لائتلاف شركات «توتال» Total الفرنسية، «أيني» Eni الإيطالية و«ونوفاتيك» Novatek الروسية، في الرقعتين 4 و9 من المياه البحرية اللبنانية. جرى ذلك بعدما اتبعت الإجراءات المحدّدة في دفتر الشروط، حيث رفعت هيئة إدارة قطاع البترول نتائج تقويم العرضين المقدّمين إلى وزير الطاقة والمياه الذي فاوض بدوره على الشق التقني من العروض. سبق ذلك إقرار المجلس النيابي في 19 أيلول 2017 قانون الأحكام الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية، والمؤلّف من 26 مادة أضيفت إليها مادة وحيدة تُلزِم وزارة الطاقة بتقديم تقرير إلى مجلس النواب كل أربعة أشهر.
الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني أوضح في حديث لمجلة «الجيش» أهمية هذه الخطوة التي خطاها لبنان.
ملف التلزيم
• كيف تقرأ الإنجاز الذي حقّقه مجلس الوزراء اللبناني بإقرار رخصتين في ملف تلزيم النفط؟
- تُعتَبر خطوة مجلس الوزراء بإقرار ملف تلزيم النفط تاريخية، ومنح رخصتين للتنقيب وإنتاج الموارد البترولية في البلوكيــن 4 و9، خطوة تمهيدية مهمة، ويرتقب أن تكون لها نتائج اقتصادية واجتماعية، على النحو الآتي:
أولًا: إدخال لبنان إلى نادي الدول المنتجة للنفط بحيث يكوّن بيئة مشجعة للاستثمار وجاذبة لكبار الشركات العالمية، ما يُسهم في: تحسّن معدلات النمو الاقتصادي، زيادة التدفقات المالية، معالجة مشكلة العجز في المالية العامة، الحدّ من تنامي الدين العام، خفض عجز الميزان التجاري، تحسّن ميزان المدفوعات، تقلّص معدّلات البطالة، ازدياد فرص العمل وتحسّن التصنيف السيادي من قبل وكالات التصنيف الدولية.
ثانيًا: تحرير الاقتصاد الوطني من ارتباطاته الخارجية وارتهان عناصر نموّه إلى الخارج. لا سيّما أنّ تبعات هذا الارتهان قد ظهرت بوضوح وعلى عدّة أصعدة كالصادرات، الحركة السياحية وحركة الاستثمارات المالية...
ثالثًا: طمأنة اليد العاملة اللبنانية في الخارج والمهدّدة دومًا بالترحيل، إذ يُسهم استكشاف النفط في تطوير الاقتصاد الوطني وتحديثه وتحويله من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد مُنتج لآلاف فرص العمل، من اقتصاد مُصدّر للطاقات الشبابية والعائلات إلى اقتصاد مستورد لها.
عملية التنقيب
• متى ستبدأ عملية التنقيب عن النفط في لبنان، وكيف تقدّر العائدات؟
- ستبدأ عملية الحفر في العام 2019. وقد حدّدت فترة الاستكشاف الأولى بثلاث سنوات والفترة الثانية بسنتين، وهي قابلة للتجديد، ما يشير الى أن فترة الاستكشاف وفق المعطيات المتوافرة ستمتدُ بين 5 و7 سنوات، أمّا فترة الانتاج فتراوح بين 25 و30 سنة.
وأوضح وزني أنه من الصعب جدًا إعطاء تقديرات حول العائدات بسبب صعوبة، لا بل استحالة المعرفة الدقيقة والصحيحة للمخزون النفطي والغازي في هذه الحقول، قبل بدء عمليات التنقيب. وقال إن العائدات النفطية تظهر في فترة تراوح بين 8 و10 سنوات وتقدّرها المؤسـسات المالية الدولية سنويًا بما بين 4 و8 في المئة من الناتج المحلي، وهي تتألف من:
- الأتاوات: 4 في المئة من الغاز المنتج وبين 5 و12 في المئة حسب مستوى النفط المنتج. تُعتَبر هذه المعدّلات متدنّية بالنسبة إلى المعايير الدولية، ولكنّ الدولة اعتمدتها لجذب الشركات النفطية العالمية.
- الأرباح المحقّقة من الغاز والنفط: المعدلات تصاعدية وفق مستوى الانتاج، ويحدّد المرسوم حصة الدولة من الربح بـ 30 في المئة كحدٍّ أدنى. تقدّر الأرقام الأولية للاحتياطي بحوالى 15.2 تريليون قدم مكعب من الغاز و395 مليون برميل بترول. هذا يعني أن التقديرات الأولية لمجموع مخزون البلوكين 4 و9 تقارب 28.2 تريليون قدم مكعب من الغاز و280 مليون برميل من النفط، لكنها تقديرات غير نهائية.
- الضريبة على أرباح الشركات النفطية: حدّدت النسبة 20 في المئة وتُعتبر متدنّية مقارنة مع المعدلات الدولية، إذ كان يفترض رفعها الى 25 في المئة.
وأضاف وزني: أُعلن أن حصة الدولة الكاملة في البلوك 4 تراوح بين 65 و71 في المئة وفي البلوك 9 بين 55 و63 في المئة. وثمّة تقديرات أخرى تشير إلى أن هذه الحصّة تراوح بين 55 في المئة و65 في المئة. في أي حال من الصعب إعطاء تقديرات بشكل دقيق لحصة الدولة من الموارد البترولية بسبب صعوبة معرفة حجم المخزون قبل عمليات التنقيب.
• لماذا اقتصر تلزيم ملف النفط على مجمّع شركات واحد؟
- إن قرار مجلس الوزراء بمنح رخصتين للتنقيب وإنتاج الموارد البترولية في البلوكيــن 4 و9 لائتلاف الشركات الذي سبق ذكره عائد لعدة أسباب:
1- انخفاض أسعار النفط عالميًا إلى أكثر من 50 في المئة في السنوات الأخيرة (منذ 2014).
2- الكلفة المرتفعة لعمليات الاستثمار وجدواها الاقتصادية.
3- المخزون الكبير للمواد البترولية في عدة دول منافسة في المنطقة (مصر، إسرائيل، قبرص واليونان...).
4- انتقال بعض الشركات النفطية العالمية إلى مناطق أخرى في العالم.
مع ذلك، استطاع لبنان التوقيع مع ائتلاف من الشركات العالمية، في حين عجزت دول قريبة مثل قبرص واسرائيل عن تلزيم بلوكاتها النفطية لشركات عالمية. فقد تراجع الاهتمام بالمنطقة منذ نحو السنتين، على اعتبار أن المخزون النفطي فيها هو غاز (80 في المئة) ونفط (20 في المئة).
الصندوق السيادي
• ما هو تعليقكم حول ضرورة إنشاء الصندوق السيادي في أسرع وقت ممكن؟
- يجب أن يُستكمل وبسرعة قرار مجلس الوزراء بإنشاء صندوق سيادي مستقلّ بإدارته للاستثمار. فهذا الصندوق يؤمّن الشفافية والوضوح والحوكمة الرشيدة، ويتيح في المرحلة المقبلة الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي، أي المساهمة في تطوير الاقتصاد الوطني وتحديثه، وفي إصلاح البنية التحتية، وخفــض الدين العام... وقد يُسهم الصنــدوق السيادي في مرحلة ثانية (على اعتباره صندوقًا للإدخار) في حماية حقــوق الأجيال القادمة وحفظها، وبثّ روح الطمأنينة لدى المواطن اللبناني الذي يخشى من سوء استخــدام العائدات النفطية، علمًا أن شروط الصندوق السيادي مُشابهة لشروط أهم صندوق سيادي في العالم في إدارتهـ وتوزيع استثماراته وحوكمته واستقلاليته وشفافيته، وهو الصندوق السيادي النروجي.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّه لدى وزارة المالية حاليًا ما يقارب الـ45 مليون دولار من بيع الدراسات الأوليّة للمنطقة الاقتصادية النفطية الخالصة، وقد يكون هذا المبلغ نقطة انطلاق للصندوق.