معرض

لبنان يولد من جديد موطناً للحضارات والتاريخ والمواهب
إعداد: ريما سليم ضومط

بعد حرب تموز الدامية التي مزّقت لبنان وقطعت أوصاله، شهد الوطن المنكوب «ولادة جديدة» في لندن على ايدي فنانين لبنانيين إستوحوا  المأساة التي عاشوها خلال حرب تموز مادة للإبداع، فنقلوا بالريشة والقلم والكاميرا صورة لبنان «الحضارة والتاريخ والموهبة»، في محاولة لإبطال صورة الوطن الممزّق التي تنقلها وسائل الإعلام يومياً الى العالم.
تمّت الولادة الجديدة في كاليري «Dazed and Confused» في لندن، عبر معرض «Rebirth Lebanon» الذي نظّمته الفنانة اللبنانية الشابة لارا منصور ما بين الخامس عشر من كانون الأول 2006 والعاشر من كانون الثاني 2007، بمشاركة فنانين وأدباء لبنانيين،إضافة الى «Beirut DC» التي تضم مجموعة من المحترفين في المجال السينمائي، و«The Lebanon Chronicle» التي تضم جميع اللبنانيين وغير اللبنانيين ممن قاموا بطبع شعار «I LOVE BEIRUT» أو توزيعه طوال فترة حرب تموز.

 

ولادة الفكرة
ولدت فكرة المعرض إثر أحداث تموز 2006، كرد فعل عفوي تجاه الحرب، كما تؤكد الفنانة منصور التي توضح أنه في خضم الكارثة، أضحى الحزن والخوف حافزين للوحدة التي تتحدى الحواجز السياسية، والدينية. وتضيف أن المعرض هو استجابة لهذه الوحدة ولروح التضامن التي تحلّى بها اللبنانيون خلال الفترة المذكورة، وهو يسعى الى تعزيز هذه المشاعر والحفاظ عليها من خلال الفن.
يهدف المعرض، بحسب منظّمته، الى تمثيل لبنان الحضاري والترويج له، إضافة الى إبطال الآراء المقولبة عن لبنان، ولا سيما تلك التي تروجها وسائل الاعلام، والتي تظهره كبلد مزّقته الحرب. وتضيف منصور ان المرض يعرّف لندن الى لبنان المفعم بالحياة، والغني بالحضارات والتاريخ والمواهب.

 

مَن هم المشاركون؟
ضم معرض «Rebirth Lebanon» أعمالاً لفنانين يعرض معظمهم للمرة الاولى في لندن، وشمل مزيجاً من الفنون المتجانسة من بينها الرسم التوضيحي والفن الفوتوغرافي والافلام المصورة وتصميم الازياء. وقد نقل كل من هذه الاعمال تجربة الفنان الشخصية خلال حرب تموز، حيث انعكست اهوال الحرب وأخطارها خلقاً وإبداعاً في كل عمل فردي، في حين عكست الاعمال مجتمعة روح التجدد والنشاط التي يتحلى بها المجتمع اللبناني والتي منحت لبنان القدرة على الولادة من جديد.
على الرغم من أن الأعمال المعروضة استلهمت من مصدر واحد هو حرب تموز، إلا أن وسيلة التعبير اختلفت بين فنان وآخر. فمصممة الازياء المبدعة كارين كرم هربت من ذكريات الحرب الأليمة لتبتكر من خلال مجموعتهها عالم الأحلام الخاص بها. أما الفنان مازن كرباج فقد عرض عبر رسوماته وتعليقاته الساخرة صورة صادقة عن حرب تموز. لور غريّب وإليز تابت اعتمدتا ايضاً لغة الرسم التوضيحي، فاستخدمت غريّب رسوماتها لتأريخ حرب تموز وجعلت منها شاهداً على الظلم الذي تعرّض له اللبنانيون، والمآثر التي حققها هذا الشعب، في حين عرضت إليز من خلال رسوماتها سيناريوهات مختلفة للحرب التي كانت تقض مضجعها باستمرار.
من جهة أخرى، وجّهت «بيروت دي - سي» رسالة  الى «جميع الذين يحبون لبنان» عبر فيلم فيديو، تؤكد فيها أن لبنان ما زال يقاوم على الرغم من كل شيء، وهو ما زال قادراً على الحب ايضاً.
زينة الخليل نقلت عبر الكلمة يوميات حرب تموز بقلم المواطن الصادق بعيداً عن تصريحات السياسيين وأخبار وسائل الاعلام، فلاقت جمهوراً كبيراً مرحباً. أما راشيل تابت فقد نقلت الفرح والتفاؤل من خلال صور فوتوغرافية لأطفال مهجرين، مؤكدة ان الضحك واللعب هما عاملان أساسيان للصمود والبقاء.

 

ِشمعة أمل تضيء الظلمة
مجموعة «The Lebanon Chronicle» أظهرت للعالم مدى حبها لبيروت من خلال ملصقات «I LOVE BEIRUT» التي تم توزيعها في مختلف ارجاء العالم.
المبادرة التي أطلقتها لارا منصور من خلال «Rebirth Lebanon» هي شمعة أمل تضاء في الظلمة التي يتخبط فيها لبنان، والفنانون اللبنانيون الذين شاركوا في تحقيق «الولادة الجديدة للبنان» هم صورة لبنان الذي نريد، هم ابناء الجيل الواعد الذين يبقون شعلة الأمل متأججة في صدورنا بحفاظهم على إيمانهم بوطننا الصغير في زمن كل ما فيه يدعو الى اليأس والإستسلام.
لارا منصور، حاولت مع قلة من الصامدين تغيير صورة لبنان المقولبة، وتعريف العالم على لبنان المفعم بالحياة والغني بالحضارة والتاريخ والموهبة، إلا أن هذه المحاولة تبقى غير كافية ما لم تتضافر جهود جميع اللبنانيين كما تؤكد الفنانة الشابة، «فنحن بحاجة الى وحدة جميع اللبنانيين لكي نمتلك القدرة الفعلية على التغيير».