سياحة في الوطن

لبنـان القديم الجميـل اختصرته دومـا في بلـدة صغيـــرة مزدانة بألوان الطبيعة
إعداد: باسكال معوض

أميرة مسترخية في سريرها المنحوت في الطبيعة

أميرة مستلقية مسترخية في سريرها الذي نحتته لها يد أمها الطبيعة, فجاء محاطاً بالجبال تمنع عنها برد الليل وحر النهار, ومزداناً بألوان الطبيعة العذراء... أما والد الأميرة فقد أهداها تاجاً وفستاناً من الياقوت الأحمر, تقول الحكايا أنها لم تعد تخلعهما لشدة ولعها بهذا اللون, ولم يعـد يستهويـها سوى الإستلقـاء لشـــدة ولههــا بالسرير ­ الهدية.
بلدة القرميد الأحمر والتراث العتيق والسفوح الخضراء, دوما المتوجة بالجمال زرناها فأيقظناها من نومها, إلا أنها رحّبت أيما ترحيب بنا على عادتها مع جميع ضيوفها... وفي هذه السطور ربما تأتي شهادتنا مجروحة بدوما الجميلة, لكثرة ما أغرمنا بها وشعرنا في رحابها أننا من أهل البيت...

 

أصل التسمية والموقع

قد يكون إسم دوما فينيقياً ويعني السكون والهدوء والراحة؛ ويرجّح الخوري قسطنطين المخلّصي أن يكون الإسم يونانياً بمعنى المنزل أو القصر.
وهـنالك مراجع أخرى تعيـد الإسـم لأصـل لاتيني على أنه إسم ملكـة من ملكـات الروم اشتهرت بجمالها وهي Julia Domna والتي ولدت في مدينة حمص سنة 170 ب. م, وكان والدها كاهناً لإله الشمس معبود أهل حمص آنذاك؛ وقد تزوجت Domna بالقيصر الروماني سبتموس ساويروس, ويقال أنه أقام لها قصراً صيفياً في البلدة.
وقد ورد إسم دوما كإسم علم “دومة” وهو أحد أبناء إسماعيل (سفر التكوين 25: 14­ والأخبار الأول 30:1) “... نبايوت بكر إسماعيل وقيدار وأدبئيل ومبسام ومشماع ودومة ومسّا...”.
تقـع دوما في وسـط جبـل لبنـان الشمالي في قضاء البترون, وترتفع عن سطح البحر ما بين 800 و1450 م, وتبعد حوالى 80 كلم عن بيروت بمساحة 7.9 كلـم. وتشتهـر دومـا بمناخها الصحي بسبـب موقعها الجغرافي, فهي محاطـة بالجبال من ثـلاث جهـات ما يقيها الرطوبـة الزائـدة ويخفّـض فروقات الحرارة بين اللـيل والنهار وبين الصيف والشتاء, ناهيك عما يحملـه الهواء من النقاوة والعـطر بمـروره بهـذه الجبال الخضراء الندية.

 

البيوت التراثية

عندما هاجر ابن دوما, جمع ماله وارسله الى أرض الوطن, حيث راح البناؤون يبنون بيوتاً بالحجر الطبيعي والقرميد الأحمر بلغ عددها 300 بيت حجري قديم, كانت حصيلة 30 سنة من الهجرة الدومانية. وقد بنيت معظم البيوت التراثية ما بين العامين 1870 و1910. وقد بدأت الهجرة الدومانية الى القارة الأميركية من الشمال الى الجنوب, من الولايات المتحدة الى المكسيك والأرجنتين. ثم كانت الهجرة الى أفريقيا وأوروبا ومن بعدها الى أوستراليا بعد الحرب العالمية الثانية.
ولبناء بيوتهم الجميلة, أحضر أهالي دوما معلمين متخصصين في بناء البيت ذي البهو الوسطي, من قريتي الشوير والخنشارة الواقعتين في قضاء المتن الشمالي, والتي قد شيّد فيها وبشكل مميز هذا النوع من البيوت.
إن بناء هذا النوع من البيوت تحديداً في دوما يعود الى أن للكثير من العائلات الثرية الدومانية علاقات إجتماعية تجارية وسياسية خارج نطاق البلدة والمحيط, ولا سيما في مدينة بيروت التي مما لا شك فيه بهرتهم بعماراتها ذات البهو الوسطي المكلل بالقرميد الأحمر والقناطر الثلاثة البارزة على واجهاتها الرئيسية, والتي على ما يبدو حاولوا تقليدها لمواكبة العصر أو لمجاراة أثريائها الذين كانوا في نمط حياتهم الرغيدة محط أنظار الجميع.
تشكل بيوت دوما التراثية 68% من النسيج العمراني, وهي على أنواع ثلاثة: الأول, البيت التقليدي وهو بناء مستطيل ذو سطح من الخشب والتراب الذي يحدل في فصل الشتاء. أما النوع الثاني فهو البيت المحتوي على ليوان وهو مؤلف عادة من غرفتين تتوسطهما قاعة مربعة مفتوحة بعض الشيء على الخارج. والبيت ذو البهو الوسطي هو النوع الثالث, وتتوسط واجهته الرئيسية ثلاث قناطر من الحجر المقصوب يتكلل سطحه غالباً بالقرميد الأحمر وهو الأكثر إنتشاراً في بلدة دوما.

 

السوق العتيق

سوق دوما كان ركيزة الإزدهار الإقتصادي ورغد العيش الذي عرفه هذا البندر القاطن في أعالي الجبال. وتعود نشأة السوق الى أواخر القرن الثامن عشر قرب البلدة القديمة حيث كان أساساً يضم منازل الحرفيين, إضافة الى نصبات الحدادة, التي كانت تصنع فيها النضوات والنعال للخيل والدواب, والمسامير للبيطرة وآلات الفلاحة والبناء, وقلع الحجارة وشفرات البولاد.
ونشأت في السوق القديم محلات للحياكة ولصياغة الحرير وغزل القطن والألبسة وصناعة العرق, وصناعة الصابون, وخصوصاً تصنيع راحة الحلقوم والبوظة والتي اشتهرت بها دوما ولا تزال. ومن الحرف المعروفة آنذاك صناعة الأسلحة والحفر عليها, وأخرى بقيت حتى اليوم وهي النجارة والحفر على الخشب وصناعة الموبيليا.
لم يلعب السوق في دوما دوراً إقتصادياً فحسب, بل كان له أيضاً دور إداري وثقافي وترفيهي إذ ضمّ إضافة الى سوق الحدادين, سوقاً للنجارين وسوقاً للكندرجية وآخر للقردحجية, ومسرحاً تأسس مع المسكوب عام 1895, كما ضمّ داراً للسينما ومكتبة عامة منذ الثلاثينات وصيدلية منذ العام 1860.
وفي السوق أيضاً دوائر حكومية من دار المحكمة والكراكون والسجن الكبير الى دار المديرية ومبنى البريد. كما انتشرت في السوق أماكن التسلية مثل المقاهي واللوكندات التي تعجّ بالرواد والسياسيين المنفيين, حيث كان لكل تيار سياسي مقهاه المفضل. واختلطت في السوق الطبقات والحضارات, وبذلك أصبحت دوما حلقة وصل تجارية بين المدن الساحلية والداخل السوري.
وفي عام 1900 تم وصل دوما وبلاد البترون العليا بأميون عبر طريق للعربات يمتد على طول 30 كلم وذلك بتمويل من المجلس البلدي في دوما. وقد افتتح هذا الطريق المسيو ليشين قنصل روسيا العام في بيروت.
وفي العشرينات والثلاثينات من هذا القرن نفت فرنسا الى دوما شخصيات سورية ولبنانية كبيرة (عمر حسن بيهم, فارس الخوري, سليم علي سلام, ميشال زكور, أديب الصفدي, فوزي الغزي, سعدالله الجابري وحسني البازي), فهي كانت المنفى الأمثل لبعدها عن المركز السياسي والإداري للبلاد وبسبب الوجود الكثيف لأجهزة الدولة فيها. وبذلك تحولت دوما بندراً يعج بحركة القوافل, حيث صار الناس يقصدونها من كل حدب وصوب حتى راج القول الشائع “متل لعاوز مشوار عا دوما”. وهو يقال لمن كان بحاجة الى شيء مهما كان زهيداً.

 

بين الماضي والحاضر والمستقبل

عن دوما وعن تاريخها ومستقبلها البلدي, وواقعها الحالي, حدّثنا رئيس بلديتها السيد حنا نقولا أيوب, الذي قال أنه “بتاريخ 1880 صدر عن متصرف جبل لبنان رستم باشا مرسوم بإنشاء مجلس بلدي في دوما في زمن لم يكن هناك سوى 6 بلديات في القرى والبلدات, وهي زحلة ودير القمر والشويفات وبعقلين وغزير وبشري, وكان يطلق على البلدية آنذاك اسم “القومسيون”.
في العام 1900 اضطرت البلدية لبيع مشاعات في البلدة لشق طريق أميون ­ دوما؛ إلا أن الإزدهار الذي شاع في العصور السابقة في دوما تراجع اليوم بشكل ملحوظ, بسبب طرق المواصلات السيئة والوضع الإقتصادي العام في البلاد”.
- ما الذي يميّز دوما عن محيطها؟
­- بحكم موقعها على هضبة بعلو 1100 متر محاطة بسلسلة جبال تعلو 1800 متر, تشكل دوما سداً منيعاً أمام العواصف والرياح العاتية, وهي تحافظ بذلك على حرارة ثابتة نسبياً, ورطوبة أقل وهواء عليل, ما جعلها متقدمة عن محيطها من النواحي كافة. كما تميّزت دوما في مختلف مراحل تاريخها, فقد كانت معقلاً سياسياً هاماً حيث نفي اليها قوميون عرب, حتى تردد أن الدستور السوري كتب في دوما, وقد وجدت إحدى الصفحات بخط يد أبو علي سلام ولطفي الحفّار في المنطقة.
واشتهر أهل دوما بالشجاعة, حيث تطوّع 150 شاباً من آل شلهوب في دوما وهم من الموالين للأمير فخر الدين, للمشاركة في معركة عنجر الشهيرة.
وفي الستينات, أصبحت دوما مسرحاً لتصوير بعض المشاهد من فيلم سفر برلك الشهير للرحابنة. كما صوّر منذ وقت غير بعيد بعض مشاهد فيلم “الفجر” التلفزيوني والذي يروي حكاية الإستقلال, كل ذلك شاهد على الطابع التراثي العريق لدوما والذي يختصر الطابع اللبناني القديم.
وما يجعل دوما مميزة أيضاً هو المحافظة على تراثها وبيئتها خلال المئة سنة الماضية, وقيام مهاجريها بإستثمار الأموال الطائلة في إعمارها, حيث لا تزال بيوت دوما بمعظمها ملكاً لسكانها الذين يرفضون التخلي عنها.
- ماذا عن موسم السياحة في البلدة؟
­- في كل عام, تقام في دوما مهرجانات الصيف, فيعود أبناء البلدة المهاجرين, ما يعيد لدوما بعضاً من إزدهارها القديم؛ فتقام مسيرات في الطرقات وحفلات شعرية وموسيقية وشعبية, ويمتلئ فندق دوما المستدير 360 درجة بغرفه الجميلة, حيث يشرف على الجبال والغابات المحيطة والمناظر الطبيعية الخلابة المشهورة في المنطقة.
وتشتهر دوما اليوم بصناعات حرفية تساعد على تنمية تراثها ومنها صناعة الأحذية, والحديد الفرنجي والموبيليا الذي يصدر الى الساحل, الى شهرتها أيضاً بصناعة البوظة وراحة الحلقوم.
أما الزراعة, فمواسم دوما الصيفية من الفاكهة هي الأعذب ومنها الدراقن والتين والتفاح, كما يشتهر زيتها بسبب جودة أشجار الزيتون الموجودة في أرضها المعطاء, ومعاصرها ومكابسها القديمة والتي تحافظ على “الطعم” المميّز للزيت.
والجدير ذكره أن مياه دوما المعدنية مميّزة جداً لما لها من فوائد طبية معروفة.
- ما هي إنجازات البلدية حتى اليوم, وما هي مشاريعها المستقبلية؟
­- إن أهم مشروع قمنا به هو ترميم القصر البلدي في البلدة حيث أصبح مبنى مميزاً جداً بطابعه التراثي الذي يتماشى مع طابع البلدة العام.
وأولينا إهتماماً مميزاً لقضية النفايات, حيث لا ترمى أية نفايات خارج حدود البلدة, فقد أقيم مركز لتخمير النفايات العضوية وتحويلها لتراب زراعي, أما النفايات الصلبة فيتم تجميعها لإعادة تصنيعها. وهذا المشروع أقيم بالإشتراك مع 6 بلديات مجاورة وهو مشروع رائد وبنّاء.
وهنالـك برنامـج نظافة نظمته البلدية حيث تكنس طرقات البلدة مرة في الأسبـوع, مع وضع سلال مهملات في جميع الأنحاء. ونعمل أيضاً على تأهيل مصادر المياه في شبكة مياه تنورين, الى الإهتمـام بتطـوير وتشجيـع الزراعة وإنشاء طـرق زراعية في أراضي البلدة البعيـدة, وتأهيـل شبـكة الصرف الصـحي.
ونحن الآن بصدد إنهاء مشروع أقمناه بالتعاون مع مؤسسة رينيه معوّض ويقضي بتحضير زيت دوما المميّز لتصديره الى السوق اللبنانية.
كذلك نسعى لإنشاء متحف تراثي يعرّف الأجيال بوسائل العيش التي كانت سائدة في الماضي, وبكل الأعلام والمشاهير الذين صدّرتهم دوما الى العالم.
وأملنا يبقى بتحسين طرق المواصلات مع إنهاء مشروع شبكة الطرق التي توصلنا بشكل مباشر بالساحل اللبناني, الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي على الإقتصاد والسياحة في بلدة دوما.
لبـنان القـديم الجميل إختصرتـه دومـا في بلـدة صغيرة وسوق عتيق وقرميـد أحمـر وبيوت تراثية... ليت تلك الأيام تعود, وتعـيد معها هناءة العـيش الماضيـة!

 

دوما لبنان والعالم

يبلغ عدد سكان دوما حوالى 3700 نسمة وهم من العائلات التالية: شلهوب, معلوف, تبشراني, الباشا, فشفش, الحاج, اسحاق, صوايا, شويري, سميا, بشير.
وكثيرون هم الدومانيـون الذين اشتهـروا في العالـم وأهمهـم المـطران انطـونيوس بشير الذي اشـتهر في الكنيسة الأنـطاكية في أميـركا وقـد أسس حوالى 90 كنيسة, وأسـس مدرسة اللاهـوت في البلمنـد. وهـو كاتب مشهور وترجـم الكثير من الكـتب الدينية والأدبية من الإنكليزية الى العربية, وهو من الأوائل الذين عرّبوا كتب جبران خليل جبران. وتخطـط بلدية دوما لإعادة بناء منزله وتحويله الى متحف يحوي أعماله الأدبية واللاهوتية.
وفي الولايات المتحدة اشتهر سام معـلوف اللبنـاني ­ الدومـاني المولـد والملقـب “همنغواي” الحفر على الخـشب, حيث تعرض أعماله في المتاحف الأميركية وفي البيت الأبيض.
وعلى بعد أمتار من منزل المطران بشير يقع منزل عائلة ماري بشير حاكمة ولاية نيو ساوث وايلز الأسترالية وهو منزل تراثي بني في العام 1893 ولا يزال يحافظ على كامل هندسته وفرشه منذ تلك الآونة, ويقطنه حالياً نسيبها السيد بشير بشير والذي يلعب دور الدليل لزوار المنزل المهتمين بالتراث القديم.

 


توأمة لبنانية ­ فرنسية

في سنة 1984, قام رئيس بلدية "Digne Les Bains" الفرنسية بزيارة دوما, معلناً توأمة البلدتين المتشابهتين مع رئيس بلدية دوما. وتعهد الرئيسان بتنمية روح الأخوّة وتغذية روحية السلام والإزدهار. وتبادلت البلدتان زيارات الشبان والشابات, وساعدت البلدية الفرنسية بشكل دائم في تأمين تعليم بعد الطلاب الدومانيين في فرنسا, وإنشاء مشاريع إنمائية في دوما.

 

الحديد في دوما

عرفت دوما باسم “دوما الحديد” لغنى جبالها وتلك المحيطة بها بهذا المعدن. وكان حديد دوما معروفاً بمزاياه لقابليته للامتداد والإلتحام مع البولاد وغيره من المعادن ولشدة صلابته اذا كان بارداً. وقد اشتهر أهل دوما بالحدادة, وقد راجت هذه الصناعة أثناء حملة إبراهيم باشا المصري واحتلاله لبنان وسوريا, فأصبح العمل لصالح الجيش المصري ضد الأتراك, لصنع حدوات الخيل والمسامير والبنادق والسيوف.
وقد ذكر الرحّالة الألماني سيتزن الذي زار دوما عام 1805, ما شاهده في البلدة من مناجم للحديد ومن المسابك التي كانت تتحوّل الى مسامير وسكاكين وسكك فلاحة, وتصل كمية الحديد المستخرجة يومياً الى ما بين 120 و150 رطلاً.

 

دفاعاً عن الشرف

في حادثة تاريخية من دفاتر دوما القديمة, يروى أن العسكر الشتوي العثماني وصل الى دوما لأخذ مال الميري وعلى رأسه الضابط المسؤول والذي شاهد قرب عين الماء التحتا شمال البلدة, مجموعة من الفتيات عند غياب الشمس, ولفتته من بينهم فتاة جميلة أعجب بها, فاقترب منها وسألها عن ذويها وبيتها وعما إذا كانوا يقبلونه في ضيافتهم. فأجابته الصبية “أهلاً وسهلاً”. فقصد مع أفراد فرقته بيتها, واستقبلهم الوالد الذي قام كالعادة بواجب الضيافة.
وفي اليوم التالي فاتحه الضابط التركي بطلب ابنته للزواج, فلم يستطع الأب الرفض بسبب الهيمنة التركية التي كانت سائدة آنذاك. فأعد الوالد وليمة للعسكر ومعها أعد خطة للإيقاع بهم فأسكرهم ثم انقض عليهم بمساعدة أهالي البلدة فقتلوهم, واستولوا على خيلهم فقطعوا أرجلها ووضعوها في حفر أعدوها لهذا الغرض قرب منطقة الفغرة, وتعرف هذه المنطقة حتى اليوم باسم جور الخيل. وحدث ذلك كله دفاعاً عن العرض والشرف من دون أي مبالاة بسيف السلطان الباطش.
ويقول البعض أن السلطان اكتشف الأمر, فأرسل عسكره وأحرقوا البلدة بكاملها.