الجيش والمجتمع

لقاء المواطنين وجيشهم في ساحة مهرجانات جونيه آلاف لبّوا الدعوة وأمضوا يومًا مع الوطن
إعداد: الرقيب كرستينا عباس

تحوّلت ساحة مهرجانات جونيه الدولية إلى ساحة للوطن يوم ٦ تموز المنصرم، إذ توافد إليها المواطنون طوال النهار ليلتقوا جيشهم ويتعرّفوا إليه أكثر.
الحدث الذي نظّمته جمعية «لبناني وأفتخر» تحت عنوان «يوم مع الوطن»، بدأت نشاطاته في العاشرة صباحًا، واستمرت لغاية الرابعة بعد الظهر، وتولّت قناة الـMTV نقل الوقائع مباشرة على الهواء.

 

تشعر بفخرٍ واعتزاز كونك ترتدي البزة العسكرية وتعرف أنّك مصدر لفرح المواطنين وأمنهم. بهذه الجملة اختصر أحد العسكريين شعوره بينما هو مع مجموعة من الشباب في أحد المشاغل التي أقامتها الأفواج الخاصة في الجيش. نحييه وننتقل إلى مشغل آخر: شابة تحاول القيام بتمارين السواعد متشبّهةً بالعسكر المقاتلين. وعلى بُعد خطوات، طفل يشير إلى سلاحٍ ويقول لأخيه: «هيدي في مِنا بالـcall of duty، بتفجّر». ثم يستوقفنا مشهد طفل آخر يصعد على الدبابة من دون مساعدة رغم صغر حجمه. تقدّمنا إلى الأمام أكثر، لنستكشف سبب تجمع عدد كبير من الناس، فإذ بنا أمام عسكريين يقيمون حفلة شواء، أما المشاوي فبضع أفاعٍ اصطادوها، وهم يأكلونها وحولهم الناس ينظرون بدهشةٍ، وقد تذوق عدد منهم هذه الوجبة: «بعمل كل شي كرمال الجيش» قال أحدهم.

 

في مركب الجيش
لم تقف أشعة الشمس الحارقة حاجزًا أمام محبّي الجيش الذين توافدوا منذ الصباح للمشاركة في اليوم الذي نظّمته جمعية «لبناني وأفتخر» برعاية قائد الجيش العماد جوزاف عون. وقد عبّروا عن سعادتهم من خلال تفاعلهم مع النشاطات وانتقالهم من مكانٍ إلى آخر لرؤية العروض التي قدّمتها الأفواج الخاصة. تعبّر إحدى السيدات عن فرحها وتأثرها: «الجيش يتعب من أجلنا كثيرًا، وها هو يأتي إلينا ويقوم بمجهودٍ كبير لنتعرّف إليه بشكلٍ أفضل». وتقول أخرى: «لم أركب سفينة في حياتي فأنا لا أجيد السباحة وأخاف من البحر، لكن مع الجيش أنا في أمان وسأذهب في مركبه».

 

«بدي صير بالجيش»
«يوم مع الوطن» كان حافلًا بالنشاطات واللقاءات، الزميل طوني بارود الذي تولّى نقل الوقائع طوال النهار استضاف العديد من الشخصيات. رسميون وفنانون وإعلاميون... عبّروا جميعًا عن مشاعرهم نحو جيش بلادهم، وكانت للشاعر نزار فرنسيس قصيدة جميلة في المناسبة.
جذبت المشاغل، التي أقامتها الأفواج الخاصة، المواطنين كبارًا وصغارًا. ففوج المغاوير عَرَضَ سلاحَي «هاون» عيار ٨١ و١٢٠ ملم، ونصب خيمة يدخلها المواطن ليخرج منها مغوارًا: تمويه فتمارين السواعد، وإذا نجح التحدي حصل على سترة لفوج المغاوير. بفضل التمويه ترى معظم الناس وكأنّهم كلّهم جيش. الأطفال عبّروا عن رغبتهم في الانضمام إلى صفوف الجيش، ولم يقتصر الأمر على الصبيان، البنات أيضًا عبّرن عن الرغبة ذاتها. «بس أكبر بدي صير بالجيش» تقول طفلة.
من جهته، عرض الفوج المجوقل ٣ أنواع من الآليات: برادلي M2A2- ODS، حاملة المدرعات الثقيلة، وعربة النجدة M88 A2 التي تُستخدم في حال إصابة آلية ما. كما عرض الفوج عربة الـUTV المخصصة للانتقال السريع بهدف تأمين الحماية لعناصر المشاة، بالإضافة إلى مختلف أنواع الأسلحة التي يتمّ حملها في هذه الآليات.
عبّر الموجودون عن فرحهم إذ اكتشفوا أنّ المعدات التي يمتلكها جيشنا ليست قديمة كما كانوا يعتقدون. وقال شاب: «فُوجئت بالمعدات المتطورة، جيشنا محترف، لم أكن أعلم ذلك».
كذلك، عرض فوج مغاوير البحر معداته البرية والبحرية، وتعرّف الحاضرون إلى مهماته: سرية الاستطلاع، ومهمتها جمع المعلومات التي تساعد المقاتلين والقوات الصديقة، والقنص. غطاسو القتال، ومهمتهم التوجه من البحر إلى الشاطئ لتأمين جسر العبور للقوات الصديقة، أما المجموعة المزورقة فتقوم بمداهمة السفن والهجوم من البحر ونقل الأسلحة.
أما القوات البحرية، فقد عرضت المعدات التي تُستخدم لإنتاج الخرائط البحرية وتوييمها لتفادي المشكلات والحوادث التي تؤدي إلى خسائر مادية ومعنوية. كما عرضوا معدات وعتادًا وألبسة قديمة لإبراز التطور في تجهيزات الفوج. وأمام مشغل الفوج، عبّر الناس عن إعجابهم بما يرون خصوصًا أنّهم كانوا يعاينون للمرة الأولى معدات الغطس والإنزال والهبوط السريع.
وعرضت القوات الجوية ضمن مشغلها طوافتين: الأولى من نوع Gazelle والثانية من نوع Puma كانت قد استُخدمت في معركة نهر البارد، بعدما أضاف إليها تقنيّو الجيش تعديلات لتصبح قادرة على إطلاق الصواريخ.

 

مناورات
تخلّلت هذا اليوم مناورات مختلفة للأفواج الثلاثة المشاركة، فشاهد المواطنون كيف يُداهم الجيش مثلًا مبنى يتحصن فيه إرهابيون، واطّلعوا على كيفية تنفيذ عمليات تشارك فيها وحدات مختلفة (برية، بحرية، وجوية). أمام المناورات التي شاهدوها، قال بعض الموجودين إنّهم تعرّفوا بشكلٍ أفضل إلى طبيعة الحياة العسكرية، والخطر الذي يواجهه العسكريون في المهمات القتالية التي رأوا صورة مختصرة عنها. فإنزال الغطاسين وزرع العبوات في الماء عمليات يشاهدونها للمرّة الأولى والقفز من الطوافة وإنزال الحبل السريع من طوافة ومن ونش...
في نهاية هذا النهار الطويل الذي لم ينقطع خلاله توافد المواطنين إلى الساحة التي حضر إليها الجيش ليكون قريبًا منهم، عبّر كثيرون عن رغبتهم في الالتحاق بالجيش وعن فخرهم وتأثرهم بما شاهدوه وسمعوه... أما الكلمة الأخيرة فكانت لسيدةٍ معها ثلاثة أولاد صغار، إذ سألناها: ألم يكن أمرًا متعبًا اصطحاب الصغار في هذا اليوم الحار؟ فقالت: الجيش يتعب من أجلنا كل أيام السنة، هل من الكثير أن نكون إلى جانبه ليومٍ، وإن كان حارًا؟!

 

ألف وردة ووردة من الطفلة كنده
لم تكتفِ الطفلة كنده حمدان بالمشاركة في يوم مع الوطن، فهي أتت إلى الساحة مع والدها حاملة ألف وردة ووردة قدمتها للعسكريين.
الطفلة التي لا يتجاوز عمرها الست سنوات، تشرّبت حب الجيش في عائلتها منذ ولدت، وأرادت أن تعبّر عنه بالورود البيضاء.
ألف قبلة وقبلة على جبينك يا كنده.

 

تصوير: ميشال الإسطا