كتاب في ندوة

لقاء حميم حول «المزراب» في نادي عمشيت

«المزراب» للعميد أسعد مخول كان محور لقاء حميم في نادي عمشيت أمسية العاشر من آذار المنصرم. ففي صالة النادي اجتمع مهتمون بالأدب والثقافة والتربية حيث عقدت ندوة حول الكتاب بحضور العميد سركيس نعوم ممثلاً العماد ميشال سليمان قائد الجيش.
الدكتورة سلوى الخليل الأمين، الشاعر جوزف ابي ضاهر، والشاعر والناقد خليل سمعان، ثلاثة منتدين تعاقبوا على الكلام قارئين في صفحات الكتاب، مصغين بانتباه إلى صوت «المزراب» وصرخاته، ووشوشاته.

 

تحية وفاء

افتتحت الندوة بكلمة أمين السر العام في النادي ميشال كرم، ومما قاله:
الثقافة في نادي عمشيت شريان من شرايينه، ومزرابه لا ينضب. ونحن لا نحيا من دون التواصل مع شرائح المجتمع، والتعاون مع المرافق العامة والخاصة، مقدرين الذين يواكبوننا في مسيرتنا «النادوية».
 

واضاف:
نحيي العماد ميشال سليمان قائد الجيش الذي لم يبخل علينا يوماً بالتشجيع والعطاء. إن مؤسسة الجيش هي عنوان الشرف والتضحية والوفاء، وفي صفوفها اشخاص يزيدون مزراباً من الأدب والثقافة والإبداع.
بعد كلمة كرم تعاقب المنتدون على الكلام وتولى ارنست سليمان تقديمهم والتعريف بهم.

 

سلوى الأمين: إخترق عقولنا وأحاسيسنا

المداخلة الأولى كانت للدكتورة سلوى الخليل الأمين التي قالت:
في لجة الدروب الآمنة.. انت معه.. تخلع نعاسك.. ترميه خلف الزمان المرّ، لتعود إلى الحقول البكر إلى دفق الذاكرة، تستلطف وجع الأرض الطهور متحداً مع ذكريات عبرت قبل مجيء الليل، لتحط على مساكب سطوحه غيث السماء المنسكب من ثقوب مزرابه، لواعج حنين، وشغف للعودة الى الحياة الملأى ببراءة الخطوط المتوازنة، وعفوية اللقاءات المنسرحة الى سحر الطبيعة، المتآلفة مع اسرار الوجود...
نورانية الكاتب في مزرابه، تتهادى على عقلنا حاملة تلاويح الفجر المندى بأبعاد الحقيقة، التي ترسم خطوط المسارات العفوية، المستقرة في ذواتنا، ثابتة فوق ثنيات النفس المطمئنة، بعافية صباحاتها ومساءاتها، التي تتفاعل مع حركة الفصول وتلاوينها...
كتاب «المزراب»، أعادني الى صحوة العقل والضمير المتبرج ببراءة اللحظات الهنية التي أعاقت مسيرتها الطبيعية المدنية المزيفة، والتي رسمها الكاتب بيراعه وقلبه، بيانات متينة السبك، داعياً الى امتلاك بساطة الأشياء بجوهرها اليقين.
...النبضات التي تسكن في ذاكرة المؤلف اسعد مخول غير مبارحة ولا مفارقة، تصلنا مصفّاة من مزرابه، متجلببة بأردية السماء، التي منحته هذا الكم من الانجذاب نحو عفوية الحياة وبراءتها، وصدق تفاصيلها...
لقد لامس اسعد مخول في كتابه «المزراب» الصور المتحركة في الحياة، محاولاً طرحها على القارئ، عبر تجليات عقله المستنير المزهر، المزهو بسرد سلس لطيف، اخترق عقولنا وأحاسيسنا...

 

جوزف أبي ضاهر: «المزراب» حبرو أخضر

مداخلة الشاعر والفنان جوزف ابي ضاهر كانت بالمحكية. ومما قاله:
«المزراب» كنت اسمعو عم يغنّي، ولا مرّة اتطلّعت بإيديه كيف فاتحن، ولمّن صرت أكبر شوي، شفت المي اللي نازلي منّو حبر أخضر عم يكتب شعر فوق التراب، ومرّات بيفوت ع البيوت.
من أيام قليلي، والشتي ع آخر، شفت «المزراب» كتاب ع ايديي المفتوحتين، عم يسكب فيُن حكي وخبار فيا ريحة التراب بعد أول شتوي. وشفت صور عم ترسم حالا قدام عينيي وتاخدني من قلبي ع المطارح اللي بحبّا...
فتحت الكتاب ع مهل، ما بدي نقّز الكلمات بحقل الورق، يمكن يصيرو عصافير، يطيرو، وما بيعود فيي الحقن.
... الكاتب ما بقي ب الضيعا، قطع المسافي بينها وبين المديني ع حصان القلق... فات ع المديني وبعدو فاتح صدرو للشمس، صدرو الأوضا اللي بتنام فيا الشمس، وما بتسكّر بابا مثل بواب المديني...

 

خليل سمعان: الضيعة مملكة

الشاعر والناقد خليل سمعان، قال:
... لقد لفتني في هذا الكتاب عدة أمور عالجها الكاتب الصديق بحب وشغف، وهي:
- الأصالة المعبّرة عن استمرار الماضي في الحاضر، انه يكتب عن الضيعة بحبر الأصالة متوجهاً نحو الأعماق والجذور...
- التراث المعشش في نسجه وهو قناعة عيش وسلوك حياة، وحالة داخلية انعكست في بعض كتابه.
البيئة والطبيعة، أقنوم مقدس يدافع عنه بقوة الايمان، ويرفض الاعتداء عليه او تشويهه...
والامور الثلاثة هذه يؤسس عليها اسعد مخول ليؤكد لنا في غير موقع ومكان، انّه يرفض العيش في المدينة على حراب الجفاف والانانيات والتلوث...
الضيعة بالنسبة الى أسعد مخول مملكة والمدينة سجن مؤبّد... الشفافية في التصرف والتفكير تدفع به الى احضان الطبيعة البكر، شأنه في ذلك شأن جميع الرومنسيين من الكتاب والأدباء والشعراء ... يغسل يديه بالنرجس والقصعين وبخور مريم هروباً من لهثات المدينة المتثائبة من الطمع والشطارة والمساحيق والوجوه العابسة...

 

أسعد مخّول: إحتجاجاً على واقع

ختاماً كانت كلمة المؤلف وقد جاء فيها:
... كان المزراب في قرانا الناطق الرسمي باسم السطوح في شهور المطر... وكانت للسطوح في ما مضى حرمة شبه مطلقة. لا يصعد الى السطح إلاّ صاحبه، وبعض اصحاب صاحبه من الطيور الجميلة، العصافير...
لم يكن قصدي من الكتاب الترجمة او التأريخ لأصول القرية وعاداتها وتقاليدها. لقد سبقني الى ذلك كثيرون، وأجادوا. إنّما كان دأبي ان استعين بروح تلك القرية ورموزها ومعانيها لكي أعبّر عن رأي أو فكرة او مطلب، ولكي احتجّ على واقع أو أرفض خطأ... وكان من ذلك: ساعة عمتي، وجمهورية جدتي، وتنّور جارتي.
انا لست ضد المدينة، هناك حضارة قروية وهناك حضارة مدنية. والاثنتان مهددتان، لا بل ان الأولى قد زالت وامّحت. أمّا المدينة فقد تخلت هي الأخرى عن حضارتها، موسيقاها الأصيلة، شوارعها المرصوفة، بواباتها التاريخية، ساحاتها، صنوبراتها، وامتدّ انحراف المدنية ليصيب القرية في عقر دارها...
وتوجه العميد مخول بالشكر الى الحضور محيياً قيادة الجيش وعلى رأسها العماد ميشال سليمان، كما شكر نادي عمشيت والفنان سمير ابي راشد الذي رسم لوحات الكتاب، واصدقاء جعلوا طباعة «المزراب» في بعدٍ تام عن لعبة المال».
وبكياسته المعهودة شكر المنتدين بالقول: لا أعبّر عن الشكر فقط، بل عن البهجة والفرح والسرور... سأبقى أقول على المدى إن الثلاثة قد شجعوني وتكلموا عني بالخير، وصدقوني، إن الثلاثة هؤلاء لو جلسوا هنا وقالوا لي مساء الخير من دون غيرها، لاكتفيت ورضيت، فما بالي إن قالوا ما قالوا؟... وتصبحون على خير.