كلمات ليست كالكلمات

لماذا... الوحدات الخاصة؟
إعداد: العميد الركن الياس فرحات مدير التوجيه

تشـدد القيادة على إنشاء وتجهيز الوحدات الخاصة, وهي وحدات تقوم بتدريبـات تتطلب لياقـة بدنيـة عالية, وقدرة على تحمل المشقات, وكفـاءة ذهنية مميزة, وتنمية لردود الفعل السريعة الغريزية في مواجهة كل طارئ, إضافة الى مهارات في استعمال السلاح والرماية.

هذا التشديد ينطلق من واقع أن الوحدات الخاصة في العالم تأخذ حيـزاً كبيراً من إهتمـام قيادات الجيـوش. لكن مهما بلغ التقـدم التكنولوجـي في الأسلحة ووسائل الإطلاق والتوجيه والقدرات التقنية, فإنه لا تزال هناك حاجة ملحّة للفرد ومهاراته من أجل مواجهة تهديدات ليس أقلّها أعمال الإرهاب التي تنفذها مجموعات صغيرة تحتجز الرهائن, أو تخطف الطائرات, أو تتسلل للإعتداء على شخصيات هامة, إضافـة الى إنقاذ أشخـاص في ظروف طبيعية قاسية, أو إخلاء جرحى ومصابـين من أماكن يتعذر على العناصر العاديين العمل فيها لأنها تتطلب إمكانات خاصة.
كل هذا لا يلغي دور الوحدات العسكرية التقليدية والتي هي عظيم قوى الجيش, ومن الواجب أن تتمتع بكفاءة عالية, وأن تتبع تدريباً دائماً, وأن تبقى في حالة من الجهوزية الكاملة. وفي مطلق الأحوال فإن تلك الوحدات لا تتلكأ في تنفيذ المهمات بالإتكال على الوحدات الخاصة, التي يبقى التدخل محصوراً بها في حالات خاصة.
في جيشنا, للوحدات الخاصة مآثر لا تحصى في تنفيذ مهمات المداهمات وإلقاء القبض على المطلوبين, وكان دورها لافتاً خلال الأعمال الحربية من خلال تنفيذ مهمات في مناطق حساسة. وقد توسع دور الوحدات الخاصة ليشمل الأعمال الإنمائية, حيث تولى أفراد هذه الوحدات تنظيف وتأهيل المناطق السياحية, لا سيما قلعة بعلبك وسائر القلاع, فكان الجنود يتسلقون أعمدة الهياكل بواسطة الحبال, وينظفون ويؤهلون التيجان والسقوف. ولا ننسى كيف نظّف جنود الوحدات الخاصة منطقة الروشة وهم يتسلقون الحبال على منحدرها السحيق.
في أعمال الإنقاذ, كان دور الوحدات الخاصة بارزاً ومميزاً, خصوصاً وحدات القتال في الجبال التي أنقذت غير مرة مواطنين محاصرين في الأعالي ووسط الثلوج المتراكمة. كما أن وحدات مغاوير البحر قامت بإنقاذ المراكب البحرية في أثناء الطقس العاصف.
إذا كان بعض الدول يتباهى بوحداته الخاصة, فإنه يحق لنا في لبنان المباهاة بأن جيشنا هو الآخر يضم في صفوفه وحدات خاصة مميزة.
تحدثنا عن كفاءة أفراد هذه الوحدات وقدراتهم الجسدية والذهنية, لكن هناك صفة عامة تطبعهم وهي الإنضباط الشديد. فبالاضافة الى حس الإنضباط وواجب الإلتزام بالقوانين لدى كل العسكريين, نرى في وحداتنا الخاصة شدة في الإنضباط والسلوك العسكري وإحترام الرؤساء والإلتزام بأوامرهم, لأن عمل هذه الوحدات لا يتحمل أي إشكال أو تشكيك, ولا مكان لديها لأية صيغة رمادية, بل يسود وضوح تام بين الرؤساء والمرؤوسين.
الروح المعنوية أساسية لدى الجنود في الوحدات الخاصة. ينبغي أن تبقى المعنويات مرتفعة تماماً, وشعور الرفعة والسمو سائداً بين الجميع. مصدر الروح المعنوية هو الثقة بالنفس التي ينميها التدريب المتواصل والثقة بالقيادة وأوامرها والثقة بالرؤساء. والروح المعنوية هي أيضاً الأساس في تحقيق الجهوزية العالية لتلك الوحدات التي يجب أن تبقى جاهزة على الدوام وفي مختلف الظروف والأوقات, إذ أن عامل الوقت حاسم جداً في نجاح مهماتها كافة.
الوحدات الخاصة نخب من شباب الوطن اختاروا الجندية, ونذروا النفس للدفاع عن الأرض وحماية إستقرار الشعب.
بعد اليوم لن نسأل: لماذا... الوحدات الخاصة؟ فالجواب نلمسه عند أي طارئ وفي أيام الشدة والملمات