نحن والآخرون

لماذا نقلّد أحيانًا حركات الآخرين ووضعيّات أجسادهم؟
إعداد: ليال صقر الفحل

تقوم أجسادنا أحيانًا بردود فعلٍ خارجة عن سيطرتنا حتى لو تعمّدنا التمثيل واحترفناه؛ ردود الفعل هذه تمثلها حركات وإشارات ووضعيّات معيّنة، «والتطابق» هو من الوضعيّات التي تفصح عن مشاعرنا الإيجابيّة حيال شخص ما...
في لقاءاتنا السابقة مع الخبير في لغة الجسد حبيب الخوري، اكتشفنا دلالات إشارات عديدة تطلقها أجسادنا بطريقة لاشعوريّة تفضح مشاعرنا أمام الآخرين وتفصح عمّا لا نريد كشفه. وفي ما يلي نتعرّف إلى ما يعرف في لغة الجسد بوضعيّة «التطابق» (Mirroring)، التي تعكس الارتياح والمشاعر الإيجابيّة بين شخصين.


ما هي وضعيّة التطابق؟
نصف شخصين بأنّهما في وضعيّة تطابق عندما تتطابق حركاتهما وإشاراتهما والإيماءات التي يطلقانها في مواقف معيّنة. يلاحظ التطابق في الحالات التي يسود فيها الاتفاق والودّ المتبادلان. فأحيانًا نلاحظ أنّ أحد الزوجين يقلّد حركات شريكه، وهذا ما يعكس انسجامهما، والأمر نفسه يحصل أيضًا في مقابلات العمل والاجتماعات حين يسودها الاتفاق والتطابق في وجهات النظر، والتواصل الايجابي عمومًا.
من أكثر الإيماءات التي تدلّ على التطابق تداولاً، وضع اليد تحت الذقن، رفع اليدين بحيث تكون أجساد الأشخاص في الاتجاه نفسه، الجلوس في وضعيّة واتجاه متشابهَين، ويصل التطابق أحيانًا بين الزوجين إلى حد ارتداء ثياب متشابهة، ممّا يعكس الاتفاق الذي يسود علاقتهما ويفصح عن المشاعر العميقة التي يكنّها كلٌّ منهما للآخر.
ويوضح الخوري أن من يشاركون في محاضرة يجلسون أحيانًا بوضعيّة تكون فيها أجسادهم مندفعة إلى الأمام، بينما تكون أيديهم تحت ذقونهم. وهذه الوضعية التي يفرضها لاوعيهم عليهم تفسِّر الايجابيّة التي يحلّلون من خلالها ما يتلقّونه، كما تدلّ على استحسانهم الموضوع المُثار أو وجهة النظر التي يسمعونها. نشهد هذه الحركة كثيرًا عند الأشخاص الذين يجلسون في المقاعد الأماميّة في قاعات المحاضرات.
ويشير الخوري في الإطار عينه إلى أنّه من خلال تحليل وضعيّة جلوس ثنائي ما في أوّل لقاء يجمع بينهما، نستطيع أن نكشف ما إذا كان مقدّرًا للعلاقة المحتملة بينهما أن تستمرّ أم لا، لأنّه كما سبق وذكرنا فإنّ الانطباعات الايجابيّة التي يكوّنها كلّ منهما تجاه الآخر سوف تنعكس على أجسادهم بالحركات والايماءات عينها.
في المقابـل، وفي ما يخصّ الاختـلاف في وجهات النظر، يقول الخوري أنّه في الحالات التي ينتقل فيها الحوار إلى حالة من الدفاع عن النفس وعدم تقبّل وجهــة النظر الأخرى، يبادر طرفا الحوار او الاتصال إلى تكتيف أيديهم، او لمس خاتم زواجهم بصورة مستمرّة، او لفّ قدميهم في اتجاهين متعاكسين... وكلّها ايماءات تجسِّد المشاعر السلبيّة التي تحوطهم، والتي تدلّ في الوقت عينه على التوتّر الذي يرافق تفاعلهم الاجتماعي.