ظواهر طبيعية

لماذا يحصل الإنفجار الشمسي وما هي آثاره؟
إعداد: ريما سليم ضوميط

بعد الإنفجار الشمسي الضخم الذي ضرب الأرض في آذار الماضي، تمّ طرح الكثير من الأسئلة حول أسباب الإنفجارات والعواصف الشمسية وتأثيراتها على الأرض. في ما يأتي بعض الأجوبة والإيضاحات.


دورة نشاط الشمس
للشمس دورة نشاط شبه منتظمة تبلغ ذروتها كل 11 سنة، فتطلق كمية من الطاقة المغنطيسية المخزّنة في غلافها الجوي، والتي تشمل أشعة إكس والأشعة ما فوق البنفسجية ذات الطاقة العالية، وأشعة غاما، والأشعة ما تحت الحمراء، والأشعة المرئية وغيرها. إطلاق هذه الطاقة هو ما يعرف بالإنفجار الشمسي، وهو يعادل إنفجار عشرات الملايين من القنابل الهيدروجينية، وتبلغ مساحته على قرص الشمس أكثر من مليون كيلومتر مربع.
ولمّا كانت ذروة الدورة الحالية للشمس متوقّعة العام 2013، فقد كان من الطبيعي أن يزداد نشاطها، وهذا ما أدى الى الإنفجار الشمسي في آذار الماضي الذي صنّف على مقياس الانفجارات الشمسيّة بقوّة «إكس 5.4»، وأدّى إلى بعث صدمة إلكترونية محمّلة بشحنات بسرعة تفوق 4 ملايين كلم في الساعة.

 

التأثير على الأرض
يؤكّد الفلكيون أنه لا خطر على البشر من الإنفجار الشمسي. وهم يوضحون أن مفاعيل الإنفجار تصل إلى الأرض بأوقات متفاوتة ولها تأثيرات مختلفة عن بعضها البعض. فأوّل ما يصلنا عند حدوث انفجار هو ازدياد في الطيف الكهرومغنطيسي للشمس، الذي يشمل الأشعة الراديوية وتحت الحمراء والمرئية وفوق البنفسجية وأشعة إكس وأشعة غاما. وينتج عن أشعة إكس التي تصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق فقط، زيادة مفاجئة لنسبة الأيونات في طبقات الجو العليا من طبقة الأيونوسفير (والتي يراوح ارتفاعها ما بين 85 و 700كلم) ما يؤدي إلى حدوث اضطرابات في البث والإتصالات، إضافة الى التشويش في الإتصالات الراديوية ذات الموجات القصيرة المستخدمة في بعض مجالات الملاحة. فإذا كانت العاصفة شديدة، قد تفقد الطائرات والبواخر التي تستخدم هذه الموجات الاتصال لعدّة ساعات.
ومن آثار الانفجار الحاصل على الشمس، تسخين الجزئيات بما فيها البروتونات والإلكترونات والنوى الثقيلة، وتسارعها في الغلاف الجوّي للشمس بحيث تصبح ذات طاقة عالية جدًا تفوق عشر مرّات الطاقة المنبعثة من بركان متفجّر. تصل هذه الجزئيات إلى الأرض بعد حوالى ساعة إلى ساعتين من الانفجار ويستمر تدفقّها لعدة ساعات. وبسبب طاقتها العالية فهي تصل إلى الأقمار الإصطناعية، ما يؤدي إلى إحداث شحن كهربائي ثنائي الأقطاب، يقصّر العمر الافتراضي للمكونات الإلكترونية الداخلية للقمر الإصطناعي.
وهناك مخاطر أخرى لأشعة إكس والأشعة ما فوق البنفسجية على الأقمار الإصطناعية المنخفضة الارتفاع فوق سطح الأرض، إذ تؤدّي إلى حدوث تغيير في كثافة حرارة طبقات الجو العليا، ما يؤثّر على مدارات هذه الأقمار ويؤدي في النهاية إلى خروجها عن مداراتها الأساسية وسقوطها على الأرض بفعل الجاذبية، كما حدث للقمر الفضائي «سكاي لاب» العام 1989.
وتظهر الآثار الأخيرة للإنفجار الشمسي بعد يوم أو يومين من حدوثه، حيث تقذف الشمس كمية هائلة من مادتها هي عبارة عن غاز مؤيّن يحتوي على مجالات مغنطيسية. وعندما تصطدم هذه الكتلة بالأرض، تسبب اضطرابًا في المجال المغنطيسي الأرضي، تطال آثاره البوصلة والشبكة الكهربائية، حيث تتكوّن تيارات كهربائية عالية في خطوط التوتّر العالي، قد تزيد الضغط الكهربائي على الشبكة وتؤدي إلى انقطاع التيار، كما يمكن أن تسبّب احتراق المحوّل الرئيس للشبكة. إلا أن هذه المخاطر الرئيسة محصورة في المناطق القريبة من الأقطاب، مثل شمال أوروبا وشمال آسيا وشمال أميركا. والمثل على ذلك، الإنفجار الذي حصل العام 1989، وكان أقوى خمس مرات من الانفجار الحالي حيث أدّى الى قطع الكهرباء لمدة 7 ساعات في كندا.

 

التأثير في الفضاء
يوضح الخبراء أن لا علاقة بين الانفجارات الشمسية ودرجة الحرارة على سطح الأرض، فهذه الإنفجارات لا تؤدي إلى ازدياد في درجة الحرارة. أما خطر تأثيرها المباشر فيهدّد روّاد الفضاء ومعداتهم، في أثناء سفرهم في الفضاء الخارجي، وذلك أن قذف البروتونات بطاقة وسرعة عاليتين، يترك آثارًا سلبيّة على صحّة الانسان تؤدّي الى الهلاك.

 

الشفق القطبي
في مقابل الآثار السلبية، يسجّل الفلكيون ناحية إيجابية للإنفجار الشمسي، وهي فرصة رؤية الظاهرة الفلكية المعروفة بالشفق القطبي. فالشحنات المنبعثة من الشمس تتدفّق أمام غلاف الأرض المغنطيسي، وتتفاعل مع الحقل الجيومغنطيسي فتعمل كمولّد كوني ينتج ملايين الأمبيرات من التيار الكهربائي، يصبّ جزء منه في الغلاف الجوي العلوي للأرض الذي يضيء مثل إنبوب نيون لخلق توهّج في الشفق القطبي، فتظهر تشكيلات لونية رائعة جدًا. ولا يمكن رصد هذه الظاهرة سوى في قطبي الأرض الجنوبي والشمالي.

 

حوادث وأضرار
خلّفت الانفجارات الشمسية والعواصف المغنطيسية في العقود السابقة أضرارًا تمّ رصدها من قبل الخبراء والفلكيين، ومن بينها تعطيل هواتف وشبكات كهربائية وكابلات التلغراف في الولايات المتحدة وكندا في آذار 1940، وشباط 1958. إضافة إلى انقطاع الاتصال بالقمر الإصطناعي GOES-4 الأميركي (والذي كان يقوم برصد السحب بالأشعة المرئية وتحت الحمراء) لمدة 45 دقيقة، بعد حدوث انفجار عنيف من النوع البروتوني في تشرين الثاني 1982. أما الضرر الأكبر فوقع في آذار 1989 حين أدّت عاصفة مغنطيسية قاسية إلى فقدان عشرين ألف ميغاوات كهرباء في الشبكة الكهربائية في ولاية كيبك وانقطاع الكهرباء عن ملايين السكان.
كما تأثر قمر إصطناعي ياباني بهذه العاصفة، وسقط آخر أميركي لوكالة الفضاء NASA على مسافة ثلاثة أميال عن مداره نتيجة زيادة قوة الإعاقة المفاجئة للغلاف الجوّي.

 

أوّل إنفجار شمسي
شوهد الإنفجار الشمسي لأول مرّة العام 1851، بينما كان رائد الفضاء ريتشارد كارينغتون يراقب البقع الشمسية من الأرض، إذ فوجىء بظهور انبعاثات ضوئية قويّة من الشمس لم يسبق له أن رآها خلال مراقبته المستمرة لها، فكانت ملاحظاته، النواة التي انطلق منها الفلكيون لدراسة الإنفجارات الشمسية.  

 

تصنيف الإنفجارات الشمسية
تصنّف الإنفجارات الشمسية وفق الدرجة التي يبلغها التدفّق في ذروته، وهي تقاس بالواط لكل متر مربع، حيث تراوح الذروة ما بين 100 و800 بيكومتر (واط/متر مربّع).
يتألّف التصنيف العالمي للعواصف الشمسية من خمس درجات أخطرها «إكس».