تحت الضوء

لمياء مبيض في الأمم المتحدة: شمعة أمل
إعداد: ريما سليم ضومط

في عتمة الأزمة الاقتصادية التي يتخبط بها لبنان والمتلازمة مع أزمة صحية خلّفها وباء كورونا، برز خبر تعيين رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، لمياء مبيّض نائبًا لرئيسة لجنة الأمم المتحدة للخدمة العامة في نيويورك جيرالدين موليكاتي، كشمعةٍ تشعل بصيص أمل في وطن أحوج ما يكون أبناؤه إلى مساحة من التفاؤل. خبر من الأخبار البيضاء التي تطمئن اللبنانيين إلى أنّ نبض الحياة في وطنهم لم يتوقف بعد، وصدره ما يزال يتسع لمزيدٍ من الأوسمة التي يزينه بها نجاح أبنائه وتفوقهم في الميادين شتى. وقد جاء تعيين مبيّض بعد أربع سنوات على مشاركتها في اللجنة بصفة عضو، تميزت خلالها بمهنيةٍ ومناقبية، ونقلت رؤية واضحة وخبرة وكفاءة في معالجة الملفات المطروحة.

لجنة الأمم المتحدة للخدمة العامة هي جهاز تطوعي أنشأه المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة في الأربعينيات، وهي تتألف من ٢٤ عضوًا من خبراء ينتقيهم الأمين العام للأمم المتحدة لخبرتهم ومعرفتهم بمواضيع الحوكمة والتحديات التي تواجهها بلدان منطقتهم. وهؤلاء يدعمون عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي من خلال دراسة إشكاليات ومسائل شائكة تخص تعزيز الحوكمة والإدارة العامة في العالم، فيناقشون أوراق العمل المطروحة ويختصرونها في توصيات عملية يفرضها المجلس على الدول الأعضاء. من بين هذه المواضيع ما يتعلق بالرقمنة وتحدياتها، والفساد ومكافحته، ومنها ما يتناول تعزيز الإدارة المالية في مؤسسات الدولة. وتوضح السيدة مبيّض أنّه من أبرز مسؤوليات اللجنة البحث في التطورات الدولية وتأثيرها في تقدّم أجندة التنمية المستدامة للعام ٢٠٣٠، لا سيما الهدف السادس عشر المتمثل في السلام والعدل والمؤسسات القوية.

 

مكسب للبنان ولمؤسساته

على الرغم من أنّ أعضاء لجنة الأمم المتحدة للخدمة العامة ليسوا ممثلين رسميين لأوطانهم، إلا أنّ مبيّض تعد أنّ تعيينها كنائب لرئيسة اللجنة هو مكسب للبنان كونه يعزّز موقعه في هذا المحفل الدولي، لا سيما من خلال الحضور الفعال الذي يتكلم لغة العالم ويقدّم أفكارًا وطروحات جديدة. وتشير في هذا السياق إلى أنّ موقعها يسمح لها بإبداء الرأي في اختيار التجارب الناجحة التي تنتقيها الأمم المتحدة سنويًا وتدعو أصحابها لطرح أفكارهم الجيدة، مؤكدة أنّ هناك بعض المؤسسات اللبنانية التي تستحق أن تنقل تجربتها، وعرض وجهة نظرها للمناقشة في الأمم المتحدة.

من جهة أخرى، توضح مبيّض أنّ موقعها الحالي يزودها خبرات مهمة على صعيد التنمية المستدامة، وهي تشير إلى أنّ المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في لبنان يجب أن تعمل ضمن رؤية موحدة وخطة واضحة ومتناسقة مع السياق العالمي لتحقيق أهداف تنموية طويلة الأمد هدفها الأساسي الحماية الاجتماعية للجميع، مبدية أملها بإعادة مسك ملف التنمية المستدامة. وتضيف أنّ الحكومة في لبنان يجب أن تتولى عشرات المسارات الإصلاحية، والأهم أن يكون هناك أشخاص في الإدارات العامة يتحلّون بالمهنية الكافية والمناقبية كي تتحقق المسارات المطلوبة، لا سيما على صعيد الرعاية الاجتماعية الشاملة، والتعليم للجميع. على صعيد آخر، هناك مسألة تحديث الموازنة والمحاسبة العامة، وإعادة النظر في قانون ضرائبي يساند النهوض الاقتصادي، إلى جانب إعادة هيكلة الدَّين والقطاع المصرفي، وهي مواضيع تقنية مهمة من الضروري أن يتدخل فيها صندوق النقد الدولي كي يكون لبنان قادرًا على استقطاب الأموال اللازمة، لأنّه من دون المسار الإصلاحي لن يتحقق أي تقدّم.

أخيرًا، إلى جانب طموحاتها بتحقيق التنمية المستدامة على المستوى العالمي، فإنّ مبيّض تحلم كسائر اللبنانيين بعودة الوطن إلى سابق عزّه، وهي تأمل أن تتضافر الجهود لخلق دينامية إيجابية للبلد من خلال العمل بجديةٍ بغية استعادة الوطن الذي نعتز أن نحمل جنسيته، ولا يضطر أولادنا للهجرة منه بسبب عدم وجود فرص عمل.