عبارة

لن ننكسر

الأول من آب ذكرى حُفِرت في سجلات تاريخ بلدنا وتكرّست على مدى سنوات طويلة منذ العام 1945. وإذا كانت تلك الانطلاقة المشرقة هي أولى خطوات الجيش اللبناني في مسيرة الشرف والتضحية والوفاء، فهي اقترنت أيضًا ببداية لبنان الكيان والدولة والوطن النهائي لجميع أبنائه على اختلاف طوائفهم. هكذا نشأ الجيش من رحم وحدة اللبنانيين وتكاتفهم، وإصرارهم على بناء مستقبل لهم ولأولادهم، وتحقيق الاستقلال الكامل المستند إلى مؤسسة عسكرية وطنية ضامنة للأمن والسلم الأهلي.

مرت مراحل عديدة منذ ذلك الحين، متضمنةً تحديات وإنجازات، وأيضًا صعوبات ومِحَنًا قاسية. غير أن وطننا عاد إلى النهوض في كل مرة، مرتكِزًا دائمًا إلى جيشه الصلب الذي لم يدع عقبة تمنعه من متابعة مسيرته والعمل بقسَمه.

على هذا الأساس، جاءت كل ذكرى لعيد الجيش عامًا بعد عام حاملة طابع المرحلة القائمة التي قابلتها قيادة الجيش برسالةٍ توجهت بها إلى العسكريين بالدرجة الأولى وسائر المواطنين بالدرجة الثانية. لذا شكّل شعار «77... وما مننكسر» فحوى رسالة المؤسسة العسكرية هذه السنة التي برزت كواحدةٍ من أقسى السنوات وأشدها في تاريخنا.

لن ننكسر كجيشٍ لأننا مؤمنون بوطننا، متمسكون بعقيدتنا، ثابتون في وجه الأعداء والمخلين بالأمن، مقدّرون غاية التقدير ثقة اللبنانيين بنا. ولن ننكسر كبلدٍ لأننا تجاوزنا في السابق حروبًا وانقسامات وأخطارًا متنوعة، وأصبحنا أكثر قوة وعزيمة على المضي قُدُمًا، شرط أن يدرك المواطنون دقة الظروف ويلتفّوا حول المصلحة الوطنية ويخرجوا من المصالح الضيقة ولا ينجرّوا وراء العصبيات العمياء.

ما سبق لا يلغي صعوبة الأزمة ووطأتها الثقيلة علينا جميعًا، لكن كل واحد من عناصر المؤسسة يعي في قرارة نفسه أن ضعفه سوف يودي إلى ما هو أسوأ من الضائقة الاقتصادية، وأن صموده هو إنقاذ للبنان. وسوف تأتي مناسبات عيد الجيش في السنوات القادمة لتشهد أنه شكَّل أحد أهم مقوّمات تعافي بلدنا من كبوته، وأن عناصره هم خير من يحمي الديار وأهلها.


العميد الركن جوزف عيد
مسيّر أعمال مديرية التوجيه